نهى زكريا تكتب: إنسانية ضائعة يا ولاد الحلال
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
لا أُنكر أن الأيام غيَّرت كثيرًا ممَّا بداخلنا، أصبحنا أقوى وأكثر واقعيةً أو أشد قسوةً وبأسًا على بعضنا البعض.
لقد شعرت بهذا التغيير الذى طرأ علينا فجأة؛ عندما قرأت عن حادثة "أطفال" قاموا بالتعدِّى على مريض نفسيًا بالضرب حتى الموت، لم يساورنى حزنٌ على الرجل الذى مات صريعًا على يد صبية صغار لأنه قدره، فالحياة لن تُقدِّم له ما يستحق أن يعيش من أجله، ولكن طاف بمخيلتى عِدَّة أسئلة كنت أبحث لها عن إجابة مُقنعنة تُرضى ضميرى الذى أبى أن يستريح: لماذا فعل هؤلاء الأطفال هذا؟ كيف تم تشكيلهم ليكونوا بهذه الوحشية والجبروت؟ وماذا عن هؤلاء بعد عَقدٍ او عَقدين من الزمن؟
فى الماضى القريب خاصة بالقرى، كنت أُشاهد أطفالًا يلعبون بالقطط والكلاب، وكان المارة من أهل البلدة ينصحونهم بألا يقسوا على الحيوان، أو يُعذِّبوه ويتسبَّبوا فى موته.
اليوم؛ الطلاب الذين دخلوا مدارس ليتعلَّموا، خطؤهم لم يكن فى تعذيب حيوان لن يسألهم أحدٌ عليه، ولكن كانت الضحية إنسانًا، أين اختفت الإنسانية فيما يدرسوه؟ هل نجح التعليم فى قتلها داخل أولادنا.. أعتقد أن الإجابة نعم؛ ففى الماضى كنا ندرس الموسيقى، وهى غذاء الروح، فلا يُمكن أن تُنكر حالتك النفسية الجميلة عندما تستيقظ صباحًا على صوت العصافير.
فى الماضى كنا نلعب ونلهو فى ساحات المدرسة، كانت هناك حصصٌ مُخصصة للألعاب، والتى سرعان ما تحوَّلت فى المدارس الحكومية لأوقاتٍ لتقفيل المناهج.. فى الماضى كانت هناك حصصٌ للرسم، وحتى وإن كانت مثل هذه الحصص موجودة حتى الآن، فهى مجرد مُسميات لا يعرف قيمتها الطالب.
فى الماضى المدرس كان مثل الأب لا تُرد له كلمة، وهذا أمرٌ لو تعلمون عظيم؛ لأن المدرس إذا ما كان أبًا فالعلاقة بينه وبين طلابه تُغلِّفها الثقة ويُحيطها الحب والاحترام، وهذا يؤدى بسهولةٍ لتكوين الشخصية الانسانية.
رحمنى ربى من عذاب ما قرأت وأثار استيائى عن هؤلاء الأطفال وما ارتكبوه من بشاعة بخبرٍ آخر عن سيدة المسرح العربى، السيدة سميحة أيوب بعد أن تضمَّن منهج الصف السادس الابتدائى اسمها، وهذا يعنى إدراك وزارة التربية والتعليم قيمة الفن ورسالته، ووجود اسم سيدة المسرح العربى ليس تقديرًا لها وفقط، ولكن أيضًا بمثابة تعددية ثقافية تصب فى صالح الطلاب وتوسِّع مداركهم، أتمنى من وزارة التربية والتعليم العودة إلى غذاء الروح والاهتمام بالفن والموسيقى والأدب وكل ما له علاقة بالروح، فمعظم ما يدرسه الأطفال من علومٍ يُنسى مع انتهاء الدراسة ولن يبقى إلا ما عشقته أرواح أطفالنا من جمال فنوننا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فى الماضى
إقرأ أيضاً:
نجاة عبد الرحمن تكتب: الملائكة ليسوا وصمة عار
في ظاهرة باتت واضحة الوضوح بين بعض شرائح المجتمع المصري، من تباين في العِلاقة بين الأبناء و ألأباء و بين الآباء و الأبناء نجد أن هناك فجوة إنسانية قد طرأت على المجتمع، و ظهرت في شكل العِلاقة بينهما، و خاصة الآباء الذين رزقوا بأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة.
نجد أن هناك بعض الأسر التي تلجأ لانجاب الطفل الثاني و الثالث و ربما الرابع كنوع من الاحتراز و التعويض عن الابن صاحب الاحتياجات الخاصة، و يكون الاهتمام منصب على الأبناء الأسوياء و يكون الإهمال من نصيب الابن ذوي الإعاقة.
و هناك فجوة كبيرة لدى نسبة ضئيلة من الشريحة المجتمعية التي رزقت بطفل من أصحاب متلازمة داون، نجد الأسرة تشعر ببعض الخزي و التواري و ربما محاولة التنكر للطفل و حبسه بعيدا عن أعين المجتمع المحيط كأنه وصمة عار على جببن الأسرة لمجرد أن ملامحه تظهر عليه الإعاقة.
بالإضافة عن التفضيل في كل شيء و نوع المعاملة كأب و كأم تجاه ذلك الطفل، فنجد أن هذا الطفل يعاني الاضطهاد و الظلم و الحرمان البيئي و الحرمان الإنساني، حتى في نوع الطعام المقدم اليه نجد أن بعض الأسر تتناول أشهى الأطعمة و تترك بواقي الطعام للابن المعاق، بالرغْم أن هذا الطفل يعد أحد أهم أسباب و مصادر الرزق لهم، فتلك الأسر تعمل جاهدة على الحصول على الامتيازات التي منحتها الدولة لأولادنا من ذوي القدرات الخاصة، و في المقابل يتم اقتناص تلك الامتيازات لصالح الأبناء الأسوياء بينما أصحاب الحقوق الأصليين يجدون النكران و الحرمان.
نجد تلك الأسر تشتري أفخم الملابس للأبناء الأسوياء و أحط أنواع الملابس المتهالكة للابن ذوي الإعاقة بالرغم من أنه صاحب الفضل الأول في رزق الأسرة و مصدر سعادتها، و تربحها من جرّاءِ إعاقته فضلا عن الرزق الإلهي.
لذلك أطالب الأزهر الشريف بتكثيف حملات توعية دينية من خلال المنابر المختلفة سواء بخطب الجمعة و المناسبات الرسمية الدينية و المنابر الإعلامية بفضل حسن التعامل مع الأبناء من ذوي القدرات الخاصة و فضل الإحسان إليهم.
و كذلك وزارة العدل و مجلس النواب بضرورة سن قانون يقر عقوبة على الآباء و الأمهات التي تسيء التعامل مع أبنائهم من ذوي القدرات الخاصة.
ويحق لوزارة التموين و التجارة الداخلية بحرمان تلك الأسر من الدعم العيني الذي يحصلون عليه، و كذلك وزارة التضامن الاجتماعي بعمل بحث دوري على الأبناء و متابعتهم و رؤيتهم قبل صرف المعاش الشهري و عمل كشف تحريات حول معاملة الأسرة للابن المستحِقّ للمعاش، حتى نضمن إنه لا يتم الإتجار بهم من قبل أسرهم.
و أذكر أنهم منحة إلهيه و ليست محنة، هم اختبار لقدرة الأسرة و خاصة الأم و الأبُّ على التحمل و المثابرة و حسن الرعاية و الإنفاق، لدخول الجنة دون عناء، على قدر الاهتمام بهم يكون قدر تقربك لله، كلما أنفقتم عليهم يكون متسع الرزق أكبر و أوسع من حيث لا تحتسبوا، و بقدر البخل عليهم يكون ضيق الرزق و المشكلات و العراقيل و الابتلاءات في من فضلتموهم عليهم، بقدر الإحسان يكون مقدار الجزاء من الله.
فلا يعقل أن تكون مصليً و حاجً و تخرج الصدقات و الزكاة و تبخل في أقرب الناس إليك فلذة كبدك لمجرد أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، لن تقبل أعمالك لن يبارك الله لك في رزقك، فإذا أردت البركة و الخير و الرزق أحسن للملاك الذي رزقك الله به و لا تخجل منه أخرج به واجه به المجتمع فهو ليس وصمة عار.
فهنيئاً لمن لديه ملاكا بمنزله يعيش إلي جواره و ينعم بخيراته و بركته.