والي كسلا الأسبق في ذكرى مجزرة 15 اكتوبر يحذّر من نقل الحرب إلى شرق السودان

أحكام الإعدام والسجن التي صدرت في فبراير 2022 بحق عدد من الجنود المشاركين في قتل شهداء (15 اكتوبر 2020) بمدينة كسلا لم تكن إدانة للجنود في أشخاصهم، بل الأهم من ذلك أنها تأكيد على براءة الجماهير التي خرجت يومها سلمية وهي تطالب بحقها في العدالة والمساواة، وفي نفس الوقت كانت الأحكام إدانة للحكومة الانتقالية الحاكمة في ذلك الوقت، ومازلنا نطالب قادة تلك المرحلة بمن فيهم رئيس مجلس السيادة (القائد العام الحالي للقوات المسلحة) ورئيس الوزراء بالاعتذار لأسر الضحايا ومعالجة جذور القضية التي يتحمل وزرها الأكبر القادة العسكريون الذين رعوا خطاب الكراهية والصراعات الاجتماعية بغرض تهيئة الأجواء لانقلاب (25 اكتوبر 2021).

وكنت قد أكدت في مرات كثيرة سابقة على أن صراعات الشرق بعد مايو 2019 صنعها العسكريون وغذوها بالمال والإعلام والحماية من أجل تقويض الدولة المدنية، كما أن هناك أفراداً داخل مؤسسات الدولة انتهزوا المناسبة لتنفيذ أجندة عنصرية تخصهم، وقد فقد السودان جراء ذلك خيرة ابنائه، فضلاً عن خسائر اقتصادية لا حصر لها (ثلاثة مليارات دولار فقط من إغلاق الموانئ والطرق) وكانت نهاية المطاف المنطقية للفشل والمؤامرات في تلك المرحلة وما قبلها من عقود ما نعيشه الآن من انهيار الدولة والانجراف إلى الحرب الأهلية.

ومن حسن الحظ أن صراعات الشرق التي اندلعت في وقتٍ مبكر بعد سقوط نظام البشير استفاد منها أهل الإقليم في إدراك أهمية السلام والتداعي لتنظيم المبادرات الشعبية والتي نجحت في نهاية المطاف في عودة الاستقرار رغم محاولات منسوبي النظام البائد المستميتة والمستمرة في خلق الصراعات.

والآن يجني أهل الشرق ثمار حكمتهم أمناً واستقراراً، إذ تحول الإقليم إلى موقع ينزح إليه أهلهم من مناطق الحروب. أما الذين أشعلوا الفتنة في الشرق وكانوا يديرونها من الخرطوم فقد أصابتهم لعنة الشهداء وسلط الله عليهم من بينهم من أذاقهم الذلة والعذاب وفرقهم بين هارب من مقر قيادته وآخر يبحث عن النجاة، والمخجل أنهم فروا من بعد جميعاً إلى الشرق نفسه!

انحزنا إلى السلم فكان جزاءنا السلام والطمأنينة، أما مدبري الفتن والقتلة فقد سلط الله بعضهم على بعض وبأسهم بينهم شديد، وندعو الله دائماً أن يخرج شعبنا من بينهم سالماً.

وطرحنا السياسي الحالي لأهل الإقليم والمتحاربين والمجتمع الدولي وجيراننا هو “شرق آمن”. فالشرق الآن هو المكان الأنسب لكل باحث عن السلام وهو معبر المساعدات الإنسانية والتجارة والمغادرة للعالم الخارجي ومن مصلحة الجميع الحفاظ على هذا الوضع.

القوات المسلحة المسيطرة على الإقليم ستستفيد من السلام في الشرق إذا تعاملت بمسؤولية، والمسؤولية التي نعنيها هي المحافظة على الأمن وعدم استفزاز قوات الدعم السريع بفتح معسكرات التجنيد وتوزيع السلاح على المدنيين، والذي لن يؤدي قطعاً إلى حماية الشرق بل إلى نشر الفوضى والنزاعات الأهلية فيه، وعلى القوات المسلحة أيضاً رفع يدها عن دعم فلول النظام البائد وضبط مؤسسات الدولة وفتح المجال أمام العمل الإنساني والإغاثي.

ولرفاقنا في الشرق نلتمس مجدداً الاستمساك بجمر السلام والنظر إلى المشهد بلوحته الكبرى الممتدة وبما يضمن قفل الباب أمام التدخلات الإقليمية الضارة والتفكير في المكاسب الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية الكبرى التي سيجنيها الشرق إذا استمرت حالة السلام وهو الذي بدأ يتحول إلى مركز يستقطب العقول والاستثمارات القادمة من الوسط.

ولمن تبقى من أبناء الشرق الذين تصدروا لتنفيذ أجندة العسكريين ولازالوا في نفس المربع، نجدد الرسالة أن حل مشكلة التهميش التي يعاني منها الشرق تكون بوضع اليد مع المهمشين وليس بالتحول إلى أداة من أدوات الذين ينهبون موارد الإقليم ويفرقون بين أهله، ولن يكون هناك حل دون مشاركة كل سكان الإقليم، وأن التعلق بالجنرالات لن يوفر لهم الحماية في الوقت الذي يبحث فيه هؤلاء الجنرالات عن حماية أنفسهم وأسرهم!

ونجدد دعمنا لمبدأ (لا.. للحرب) وندعو أطراف الصراع إلى حقن دماء الشعب السوداني الذي يستحق حياة أفضل من ذلك بكثير.

ونتمنى أن نرتقي كقوى مدنية إلى تطلعات الشعب بالوحدة خلف قيم السلام والحرية والعدالة التي ضحى من أجلها شعبنا وقدم أغلى الأرواح مهراً لها. وتظل غايتنا الأسمى سودان موحد ينعم سكانه بالعدالة والرخاء والكرامة.

رحم الله شهداء (15 اكتوبر 2020) والذين بفضل دمائهم نعيش الآن في سلام بالشرق وستظل ذكراهم ملهمة لأجيال قادمة تذكرهم بأن الحرية تستحق ان تبذل من أجلها الدماء والمجد والخلود لشهداء الثورة السودانية وضحايا الحروب جميعاً.

صالح عمار

15 اكتوبر 2023

الوسومالدعم السريع السلام الفلول القوات المسلحة القوى المدنية بورتسودان شرق السودان شهداء 15 اكتوبر صالح عمار كسلا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السريع السلام الفلول القوات المسلحة القوى المدنية بورتسودان شرق السودان صالح عمار كسلا

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يتلقى اتصالاً من المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تلقى الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج اتصالاً هاتفياً اليوم الخميس من  تور وينسلاند المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، وذلك لتهنئته بتوليه منصبه الجديد.

وقال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، إن الوزير عبد العاطي حرص على التأكيد على الدور الهام الذي تقوم به مؤسسات الأمم المتحدة على المستوى الإنساني لسد الاحتياجات الملحة والطارئة التي فرضتها الحرب على غزة، منوهاً بأهمية استمرار التعاون والتنسيق وتضافر الجهود للضغط على إسرائيل لوقف الحرب والالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن لاسيما رقمي ٢٧٢٠ و٢٧٣٥، فضلاً عن قرارات محكمة العدل الدولية في هذا الشأن.

وأوضح المتحدث الرسمي أن وزير الخارجية تطرق إلى توقف تدفق المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد عبر معبر رفح نتيجة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني، مشيراً إلى أن استئناف عمل المعبر يتوقف على توفر الإرادة الإسرائيلية للانسحاب من المعبر والقبول بعودة السلطة الفلسطينية لإدارته، وكذلك تدشين قواعد لفض الاشتباك لتسهيل عمل المنظمات الأممية وتوفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني. 

وأكد عبد العاطي على ضرورة الضغط على إسرائيل لفتح المزيد من المعابر الإسرائيلية مع القطاع في إطار تحمل مسئولياتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، مشدداً على أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار والالتزام بقرارات الشرعية الدولية واحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مع استمرار الجهود الدولية لدخول أكبر كميات من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة.

كما أكد  وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج على استمرار الجهود المصرية للتوصل لصفقة يتم بمقتضاها وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، منوهاً لأهمية دعم جهود السلطة الفلسطينية، ومحذراً من خطورة الاجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تتخذها في الضفة الغربية من خلال الاستمرار في عمليات التوسع الاستيطاني وزيادة حملات الاعتقالات والاقتحامات الممنهجة للقرى والمدن الفلسطينية.

وأضاف السفير أبو زيد، أن الوزير عبد العاطى حرص على التعرف على نتائج جهود المسئول الأممي خلال الفترة الأخيرة، وجهود الأمم المتحدة لإدارة عمليات الإغاثة في القطاع وما تواجهها من عقبات، وكذلك تقدير المسئول الأممي بشأن فرص تفعيل مسار السلام في الفترة القادمة، حيث أوضح المسئول الأممي أن الجهود الإغاثية الراهنة تعد الأصعب للأمم المتحدة منذ عقود عديدة، مبيناً أن عدم النجاح في تخطي التحديات الراهنة قد يمثل تهديداً كبيراً لحل الدولتين. 

كما قدم  وينسلاند الشكر لمصر على تسهيل دخول فرق منظمة الصحة العالمية لقطاع غزة، معرباً عن تطلعه لزيارة مصر قريباً ولقاء وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج قريبا.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: يجب إسقاط حكومة نتنياهو
  • ذكرى رحيل الفريق محمد العصار.. محطات في حياة رجل المهام الصعبة
  • عبد الله حمدوك: نعول على مصر كثيرًا في المساعدة لحل الأزمة بالسودان
  • تذمر الجيش والرغبة الكيزانية!!
  • سفير مصر الأسبق في إسرائيل: تصريحات نتنياهو كثيرة ومتناقضة لبعضها
  • رئيس وزراء المجر: مهمتمنا الأساسية هي إحلال السلام
  • والي كسلا يشيد بمبادرة المهن الموسيقية في دعم القوات المسلحة
  • السودان: وصول أكثر من «400» أسرة نازحة لولاية كسلا
  • وزير الخارجية يتلقى اتصالاً من المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط
  • جوتيريش يدعو لإحلال السلام في الشرق الأوسط بدءًا من وقف الحرب على غزة