محمد بودن يُعدّد لـأخبارنا دلالات مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
أخبارنا المغربية ــــ ياسين أوشن
فكّك محمد بون، محلل سياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
وفي هذا الصدد؛ أفاد بودن، وفق تصريح له توصل به موقع "أخبارنا"، أن الخطاب الملكي "يمثل رسالة بناء وتطوير وتطلع نحو المستقبل، حيث تؤكد مضامين الخطاب الملكي السامي التزام الملك محمد السادس بجعل انشغالات المواطنين على رأس أجندة الأولويات الوطنية".
وزاد المحلل السياسي عينه أن خطاب الملك "رسخ حيوية القيم المغربية كعامل حاسم في تشكيل الشخصية والهوية المغربية، ومسيرة النجاح والتطوير والصمود، باعتبار القيم الأساس القوي للتغلب على التحديات التي كان آخرها زلزال الحوز، وبناء توقعات نوعية جديدة في إطار القيم الدينية والروحية للمغاربة والقيم الوطنية للأمة المغربية، القائمة على الملكية وحب الوطن، علاوة على قيم التضامن والتماسك الاجتماعي".
رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية أردف أنه "من منطلق الخطاب الملكي الذي يمثل امتدادا لخطاب الذكرى الـ24 لعيد العرش على مستوى تأكيد القيم؛ فإن القرارات المتخذة في عدة ميادين هي انعكاس للقيم المغربية".
"إن الخطاب الملكي السامي يمثل إعلانا عن مرحلة جديدة من البناء والتمكين، في لحظة تذكر خلالها الملك المواطنين الضحايا والمصابين جراء زلزال الحوز، فضلا عن تأكيد أولوية إعادة إعمار الأطلس الكبير، وإبراز تضحيات القوات المسلحة الملكية والقوات الأمنية والقطاعات الحكومية والإدارة الترابية في التخفيف من تداعيات الزلزال"، يشرح المتحدث ذاته.
بالتالي، يقول بودن، فإن "الإشادة الملكية بالجهد والتضامن يمثل قوة دفع للمزيد من العمل، ووساما على صدر المجتمع والمؤسسات، نظير ما تم تقديمه من تضامن وتعبئة وتآزر".
كما لفت بودن إلى أن "سمة الخطاب الملكي في هذا الموعد الدستوري الهام أنه خطاب ملكي بنفس اجتماعي ومجتمعي، في إطار القيم المشتركة التي تجعل من الأسرة اللبنة الأساسية وحجر الزاوية في المجتمع المغربي، في إطار الزخم الذي خلقته الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة بخصوص إعادة النظر في مدونة الأسرة".
هذا واستطردا أيضا أن "الخطاب الملكي يمثل خارطة طريق لميثاق اجتماعي ومجتمعي جماعي. كما أنه يعكس نضج الأمة المغربية، التي لطالما انتصرت قيمها في مواجهة المحن والتحديات عبر التاريخ، وفتحت آفاقا عززت من مكانة المغرب الدولية، وكرست الموقع الدافئ للأمة المغربية بين الأمم".
"إن تفعيل الدعم الاجتماعي المباشر وفق جدولة زمنية مدققة سيحدث فرقا في حياة المواطنين والأطفال في وضعيات متعددة"، يمضي المحلل السياسي عينه قبل أن يورد أنه كذلك "سيمكن من الرفع من القدرة المعيشية، وتحسين مؤشرات التنمية، والحد من الفقر والهشاشة، فضلا عن تجسيده لقيم التضامن بشكل يعكس بناء منظومة أمان اجتماعي للمواطنين، تقوم على قواعد الكرامة والإنصاف والاستحقاق والاستهداف النوعي".
ولم يفوت بودن الفرصة دون يشير إلى "دلالات مكثفة للخطاب الملكي في بعديه المتعلقين بالأوراش ذات الأسبقية، والقيم الناظمة التي تجمع المغاربة أبرزها: أولا: ترسيخ للالتزام جلالة الملك بأولوية البعد التنموي على مدى يزيد عن عقدين. ثانيا: المواطن أساس كل الأفكار الموجهة في الخطاب الملكي السامي، وغاية مختلف المبادرات والأوراش والإصلاحات".
كما تتجلى الدلالة الثالثة، وفق رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، في "تأكيد الملك على القيم بعد خطاب العرش، الذي عرف بخطاب الجدية؛ إذ يعكس مدى حرص الملك على أن تمثل القيم المغربية انعكاسا للقرارات المتخذة في عدة إصلاحات مجتمعية، فضلا عن بعدها اللامادي الذي يميز المغرب والمغاربة".
أما الدلالة الرابعة؛ فتكمن، حسب محمد بودن، في "تحديد إطار العمل الجماعي، والمسار الذي يحقق الهدف المشترك للمغاربة، مجتمعا وحكومة وبرلمان خدمة للمصالح العليا للمغرب".
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الخطاب الملکی
إقرأ أيضاً:
"محمد خميس".."عكاز" والده الذي تركه وحيدًا يبكي فراقه
غزة- مدلين خلة - صفا "صحينا ملقناش خميس، رحنا نشوف وينه لقيناه نايم على قبر ابنه الوحيد الذي فقده قبل يومين". خبر لم يتهيأ الأب لسماعه يومًا، فهو الذي حاوطه بذراعيه وعينيه ليحميه من نسمة الهواء الباردة التي تلفح وجهه في صباح يوم من أيام نوفمبر الباردة، كرّس حياتُه لأجله، ليكون عكازته على حافة الزمان. كان الأب مكلوم على فراق وحيده، الذي رُزق به بعد سنوات عجاف، يسير جنبًا إلى جنب وثمرة صبره التي ملأت عليه الدنيا، لم يتركه لحظة يمضي في مركب إلا وكان حارسًا له يدفع عنه شرور الطريق، حتى يُوصله إلى بر الأمان. "نزحنا إلى غزة، بعد أوامر جيش الاحتلال بإخلاء المنطقة، خوفًا من (لوح الزينكو) يكون غطاء محمد ويتركنا ويروح". لوعة الفراق وبحرقة قلبه على فراق وحيده، يقول الأب لوكالة "صفا": "كان محمد عن عشرة أولاد، حنون طيب مؤدب خلوق، كان يخاف على أمه من نسمة الهواء الطايرة، ما كان ابنها كان لها الدنيا كلها". يضيف "خلال الحرب ما غاب عن ذهني وذهن أم محمد، شعور بيوم يطلع من البيت وما يرجع على رجليه، فأخذنا قرار بكل طريق يروح عليها يكون واحد منا معه، ليحميه من رصاصة طايشة او صاروخ غادر". تسلل الحزن والدموع على وجنتي الأب، وابتلعت الصدمة لسانه واكتفت تعابير وجهه بالحديث عن ألم استوطن قلبه وأبدل جمال أيامه لسواد ليلٍ لن تبزغ شمسه مجددًا، فقد سكنت عالم آخر انفرد به لنفسه وتركه بدون عكازة يسير وحيدًا دون أنيس. "ذهبت أنا ومحمد لتفقد المنزل، وهو يحكي لي انتبه يابا الكواد كابتر بتطخ في كل مكان، امشي جنبي بلاش يصير شي". ويتابع "بعدما خلصنا وقررنا الرجوع إلى حي النصر كانت أمه تنتظر رجعتنا، واتصلت علينا أكثر من خمس مرات تسأل محمد منيح صار معه شيء، مطولين لترجعوا، وقتها أصر محمد على أن يتفقد سماء الحارة وخُلوها من طائرات الكواد كابتر". "أي الخوفين كان الأشد، خوف الأب على وحيده، أم الابن على والده، هل خانت العكازة صاحبها وتركته بلا رجعه، ليعيش ما تبقى له من حياته أبتر دون عكازته؟". صدمة كبيرة لحظات كانت أحد من سيف غرز في قلب الأب عند سماعه صوت انفجار هزّ مكان تواجده، لم يعي شيئًا سوى ركضه كفهد يبحث عن وحيده يرفض أي فكرة تتسلل لذاكرته، يُقاوم زخات الشظايا التي بدأت تنهار فوق رأسه، لم يكن واعيًا لها وخطورتها، جُل اهتمامه منصبًا على النأي بمحمد بعيدًا عن هذا الركام. الصدمة هنا كبيرة لن يخذل محمد وعده ويترك والده يبكي آخر لحظاته معه، وخوفه عليه. "محمد خميس مستشهد ولكو هاد محمد احملوه يا شباب، ربنا يصبر أبوه ويكون بعون أمه"، صرخات كانت أقرب لأذن الأب منه لوحيده، يُكذب ما تسمعه أذنه، فمحمد لن يتركه ويذهب. هذا محمد بابتسامته المعهودة جمال وجهه ازداد نورًا، حتى ثيابه لم تتغبر بفعل البرميل المتفجر الذي أُلقي على أحد منازل العائلة، والذي حوّل المنطقة إلى كومة رماد ابتلعت معها عدد من الشهداء ونفضت أعداد من المصابين دون أطباء تُعالج جراحهم. جراحٌ سيكتب لها الشفاء مع طول الأمد، أما ذلك الأب الذي جلس بجانب جثمان وحيده يُحاكي نفسه ويلومها على السماح له بالخروج من المنزل، ماذا سيقول لوالدته التي تنتظر عودتهم، كيف سيتحمل رؤية وجهها التي احتضنت الخوف على وحيدهم منذ ست سنوات، دون أن تظفر بشيءٍ من صلبه؟. يصف نجله قائلًا: "طول عمره مهندم ومرتب، ظله كان خفيف على الكل، وين ما تسأل عن محمد خميس راح تلاقي طيب الجواب، عاش خفيف ومات خفيف". "كان محمد يُؤمن بحتمية الرحيل، فكان يقول: والله يبوي حتى لو بحضنك سيأتي يوم وما أكون موجود، عشان هيك بدك تكون قوي وتساند أمي". ذهب محمد وترك خلفه أب وأم وزوجة يبكون طيب الخلق، أبقى خلفه سيرة عطرة يترحم عليه كل من يتذكره.