على الرغم من حرص الدبلوماسيَّة العُمانيَّة على التمسُّك بالحيادِ التَّامِّ في القضايا الدوليَّة والإقليميَّة، وذلك حرصًا على دَوْرها كوسيط يسعى إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار، وصولًا للسَّلام المنشود الذي تراه سلطنة عُمان البوَّابة الرئيسة لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة، إلَّا أنَّ هذا الحياد الإيجابيَّ قائم على عددٍ من الأُسُس التي لا تحيد عَنْها، وأبرزها الالتزام بالقوانين والمواثيق الدوليَّة وشروط العدالة وطُرق تطبيقها.

لذا نجد، رغم الحرص على التقارب مع الأشقَّاء والأصدقاء، موقفًا ثابتًا وراسخًا من القضايا الإنسانيَّة العادلة وعلى رأسها القضيَّة لفلسطينيَّة، التي كانت ولا تزال سلطنة عُمان من أكثر المناصرين لها ولعدالة قضيَّتها، حريصة على السَّعي بكُلِّ ما تملك من مُقوِّمات دبلوماسيَّة على الوصول لحلٍّ عادلٍ وشاملٍ يضْمَن لأشقَّائنا الفلسطينيِّين حقوقهم المشروعة.
ومن هذا المنطلق، جاء تأكيد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ لدى ترؤُّسه اجتماع مجلس الوزراء الأخير تضامنَ سلطنة عُمان مع الشَّعب الفلسطينيِّ الشَّقيق، ودعم كافَّة الجهود الدَّاعية لوقف التصعيد والهجمات على الأطفال والمَدنيِّين الأبرياء وإطلاق سراح السّجناء وفقًا لمبادئ القانون الإنسانيِّ الدوليِّ، وذلك خلال استعراض جلالة السُّلطان التطوُّرات الخطيرة ودوَّامة العنف المريرة التي تشهدها السَّاحة الفلسطينيَّة، وهو موقفٌ عُمانيٌّ ليس بجديد، بل تُعدُّ مناصرةُ القضيَّة الفلسطينيَّة أحَدَ أهمِّ الأُسُس التي تقوم عَلَيْها منطلقات الخارجيَّة العُمانيَّة، حيث تؤمن السَّلطنة بأنَّ الحلَّ الوحيد لمعضلات ومشاكل المنطقة هو إقرار السَّلام القائم على تمكين الشَّعب الفلسطينيِّ من استعادة كافَّة حقوقه المشروعة بإقامة دَولته المستقلَّة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقيَّة وفق مبدأ حلِّ الدولتيْنِ ومبادرة السَّلام العربيَّة وجميع القرارات الأُمميَّة ذات الصِّلة.
إنَّ الرؤية السَّامية لجلالة السُّلطان المُعظَّم، السَّاعية لإحداث السَّلام العادل المنشود في القضيَّة الفلسطينيَّة، تؤمن بضرورة اضطلاع المُجتمع الدوليِّ بمسؤوليَّاته لحماية المَدنيِّين وضمان احتياجاتهم الإنسانيَّة ورفع الحصار غير المشروع عن غزَّة وباقي الأراضي الفلسطينيَّة، وتسعى، عَبْرَ تحشيد الجهود الدبلوماسيَّة، إلى وقف حالة العنف الحاليَّة، حيث استعرض جلالته مع معالي أنطونيو جوتيريش الأمين العامِّ للأُمم المُتَّحدة التطوُّرات الجارية في السَّاحتَيْنِ الإقليميَّة والدوليَّة خلال اتِّصال هاتفيٍّ ناقشا فيه الجهود الرامية لتعزيز الأمن والسِّلم الدولييْنِ، والتي تنطلق من وقف التصعيد الإسرائيليِّ في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة، كما بحث قائد البلاد المُفدَّى مع فخامة الرئيس الدكتور إبراهيم رئيسي رئيس الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة التطوُّرات الراهنة على السَّاحتَيْنِ الإقليميَّة والدوليَّة لا سِيَّما المستجدَّات في الأراضي الفلسطينيَّة.
وبجانب الجهود التي يبذلها جلالة السُّلطان المُعظَّم لإيجاد حلٍّ آنيٍّ للعدوانِ الإسرائيليِّ على غزَّة، والسَّعي لإيجاد حلٍّ جذريٍّ للقضيَّة الفلسطينيَّة، تحرَّكت الدبلوماسيَّة العُمانيَّة، حيث حرصت أوَّلًا على بناء موقف خليجي موَحَّد، حيث أجرى معالي السَّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجيَّة اتِّصالات مع نظرائه وزراء خارجيَّة مجلس التعاون لدوَل الخليج العربيَّة، حيث أكَّد أصحاب المعالي أنَّ على المُجتمع الدوليِّ والأطراف الدوليَّة الدَّاعمة لجهود استئناف عمليَّة السَّلام مسؤوليَّة أساسيَّة للتدخل الفوري لوقف التصعيد الجاري في فلسطين وفتح الممرَّات الإنسانيَّة للسكَّان في غزَّة، والاحتكام إلى قواعد القانون الدوليِّ والإنسانيِّ، كما استعرض معالي وزير الخارجيَّة مع نظيره الأميركي وجهات النظر والوضع الراهن والخطير الذي يواجه المشهد في غزَّة والأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة، حيث عبَّر عن موقف السَّلطنة القلق من التصعيد المستمر الذي يستنزف السكَّان المَدنيِّين في غزَّة والحاجة الملحَّة لتحقيق الهدنة المطلوبة وفتح الممرَّات والأجواء للاحتياجات الإنسانيَّة العاجلة، وإعادة تشغيل محطَّات الكهرباء والمياه، مؤكِّدًا أنَّ المُجتمع الدوليَّ أمام مسؤوليَّة أخلاقيَّة وقانونيَّة تجاه كسر هذه الدوَّامة، والتوجُّه إلى تحقيق السَّلام العادل والشامل للقضيَّة الفلسطينيَّة، واستعادة الحقِّ الفلسطينيِّ المشروع بإنهاء الاحتلال الإسرائيليِّ غير المشروع.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة الفلسطینی ع مانی

إقرأ أيضاً:

افتتاح الملتقى الإقليمي حول "حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في الوطن العربي" بمكتبة الإسكندرية

تنظم مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” الملتقى الإقليمي حول "حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في الوطن العربي"، وذلك غدًا الثلاثاء، في تمام الساعة العاشرة صباحًا بمركز مؤتمرات وذلك برعاية  وزير التعليم العالي والبحث العلمي.

ويستمر الملتقى على مدار ثلاثة أيام خلال الفترة من 24 إلى 26 ديسمبر، ويهدف إلى استعراض أحدث الأنشطة والتطورات العلمية المرتبطة بتنفيذ اتفاقية اليونسكو لعام 2001 لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، بالإضافة إلى تسليط الضوء على أبرز المستجدات في هذا المجال على مستوى الدول العربية.

  ويؤكد الملتقى على الدور الريادي لمصر في حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه وتعزيز التعاون الإقليمي، ويشارك في الملتقى ممثلون من 11 دولة عربية، هي “تونس، المغرب، الأردن، العراق، سلطنة عمان، البحرين، قطر، الكويت، ليبيا، السودان، ومصر”، إلى جانب عدد من ممثلي الهيئات والمؤسسات المعنية.

 

مقالات مشابهة

  • موقع أميركي: الحملة الأمنية للسلطة الفلسطينية حماية للوطن أم لفصل عنصري صهيوني جديد؟
  • رئيس المستقلين الجدد: مصر أكدت من خلال موقفها التضامن الكامل مع الحقوق الفلسطينية
  • رئيس حزب الاتحاد يثمن القرار الإنساني للرئيس بالعفو عن 54 من أبناء سيناء
  • رئيس حزب الاتحاد يثمن القرار الإنساني بالعفو عن 54 من أبناء سيناء
  • أكاديمية الشرطة تستضيف دورة عن آليات تطبيق القانون الدولي الإنساني وطنيًا ودوليًا
  • مركز الملك سلمان ينظّم «منتدى الرياض الدولي الإنساني»
  • نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تشارك في الاحتفال باليوم الدولي للتضامن الإنساني
  • افتتاح الملتقى الإقليمي حول "حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في الوطن العربي" بمكتبة الإسكندرية
  • برعاية الملك.. منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير المقبل
  • “إغاثي الملك سلمان” ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير المقبل