كيف دخلت تقنية الذكاء الاصطناعي في حرب السودان
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
حققت حملة تستخدم الذكاء الاصطناعي في انتحال شخصية الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، مئات الآلاف من المشاهدات على تطبيق تيك توك، ما أضاف ارتباكا عبر الإنترنت إلى بلد مزقته الحرب الأهلية.
التغيير _ وكالات
وينشر حساب مجهول ما يقول إنها “تسجيلات مسربة” للرئيس السابق منذ أواخر أغسطس الماضي. ونشرت القناة عشرات المقاطع – لكن الصوت مزيف.
ولم يظهر البشير، المتهم بارتكاب جرائم حرب وأطاح به الجيش في عام 2019، علنا منذ عام ويعتقد أنه يعاني من مرض خطير. وينفي اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
ويضيف الغموض المحيط بمكان وجوده مزيدا من عدم اليقين إلى بلد يعاني من أزمة، بعد اندلاع القتال في أبريل الماضي بين الجيش، الذي يتولى المسؤولية حاليا، وميليشيا قوات الدعم السريع المنافسة.
ويقول خبراء إن مثل هذه الحملات مهمة، لأنها تظهر كيف يمكن للأدوات الجديدة نشر المحتوى المزيف بسرعة وبتكلفة زهيدة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول هاني فريد، الباحث في الأدلة الجنائية الرقمية بجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة: “إن إضفاء الطابع الديمقراطي (الحرية) على الوصول إلى تكنولوجيا معالجة الصوت والفيديو المتطورة هو أكثر ما يقلقني”.
ويضيف: “لقد تمكنت الجهات الفاعلة المتطورة من تشويه الواقع لعقود من الزمن، ولكن الآن يمكن للشخص العادي الذي لديه خبرة فنية قليلة أو معدومة أن ينشئ محتوى مزيفا بسرعة وسهولة”.
التسجيلات منشورة على قناة صوت السودان. ويبدو أن المنشورات عبارة عن مزيج من المقاطع القديمة من المؤتمرات الصحفية أثناء محاولات الانقلاب، والتقارير الإخبارية والعديد من “التسجيلات المسربة” المنسوبة للبشير.
غالبا ما تبدو المنشورات وكأنها مأخوذة من اجتماع أو محادثة هاتفية، ويبدو أنها مشوشة كما قد تتوقع من خط هاتف رديء.
وللتحقق من صحتها، قمنا أولا باستشارة فريق من الخبراء في الشأن السوداني في قسم المتابعة الإعلامية في بي بي سي. أخبرنا إبراهيم هيثار أنه من غير المرجح أن تكون هذه التسجيلات حديثة.
وأضاف: “الصوت يبدو مثل البشير، لكنه كان مريضا للغاية خلال الأعوام القليلة الماضية، وأشك في أنه سيكون قادرا على التحدث بهذه الوضوح”.
هذا لا يعني أنه ليس هو
لقد تحققنا أيضا من التفسيرات المحتملة الأخرى، لكن هذا ليس مقطعا قديما يظهر مرة أخرى، ومن غير المرجح أن يكون من عمل شخص يجيد تقليد الصوت.
الدليل الأكثر حسما جاء من مستخدمين على موقع X، تويتر سابقا.
لقد تعرفوا على أول تسجيلات للبشير تم نشرها في أغسطس 2023. ويبدو أنها تظهر الرئيس السابق وهو ينتقد قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
تطابق تسجيل البشير مع بث مباشر على فيسبوك، تم بثه قبل يومين من ذلك الحين من قبل معلق سياسي سوداني شهير، معروف باسم “الانصرافي”. ويعتقد أنه يعيش في الولايات المتحدة لكنه لم يظهر وجهه أمام الكاميرا قط.
لا يبدو التسجيل والبث متشابهين بدقة، لكن النصوص هي نفسها، وعندما تقوم بتشغيل كلا المقطعين معا، يتم تشغيلهما بشكل متزامن تماما.
ويشير السيد فريد إلى أن مقارنة الموجات الصوتية تظهر أنماطا متشابهة في الكلام والصمت.
وتشير الأدلة إلى أنه تم استخدام برنامج تحويل الصوت لتقليد حديث البشير. ويعد البرنامج أداة قوية تسمح لك بتحميل مقطع صوتي، والذي يمكن تغييره إلى صوت مختلف.
وبعد مزيد من البحث، ظهر شيء. لقد عثرنا على ما لا يقل عن أربعة تسجيلات أخرى للبشير تم أخذها من البث المباشر للمدون نفسه. لكن لا يوجد دليل على تورطه.
حساب “تيك توك” سياسي بحت ويتطلب معرفة عميقة بما يحدث في السودان، لكن تبقى هوية الطرف المستفيد من هذه الحملة أمرا مطروحا للنقاش. إحدى الروايات الثابتة هي انتقاد قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان.
قد يكون الدافع هو خداع الجمهور للاعتقاد بأن البشير ظهر ليلعب دورا في الحرب. أو ربما تحاول القناة إضفاء الشرعية على وجهة نظر سياسية معينة، باستخدام صوت الزعيم السابق.
وتنفي قناة صوت السودان تضليل الرأي العام وتقول إنها لا تنتمي إلى أي جماعة. تواصلنا مع الحساب، وجاءنا رد نصي يقول: “أريد أن أوصل صوتي وأشرح الواقع الذي يمر به بلدي بأسلوبي”.
ويقول “هنري أجدر”، الذي تناولت سلسلته على إذاعة بي بي سي 4 تطور وسائل الإعلام الاصطناعية، إن محاولة على هذا النطاق لانتحال شخصية البشير يمكن اعتبارها “مهمة للمنطقة”، ولديها القدرة على خداع الجماهير.
ولطالما شعر خبراء الذكاء الاصطناعي بالقلق، من أن مقاطع الفيديو والصوت المزيفة ستؤدي إلى موجة من المعلومات المضللة، مع احتمال إثارة الاضطرابات وتعطيل الانتخابات.
يقول محمد سليمان، الباحث في مختبر الذكاء الاصطناعي المدني بجامعة نورث إيسترن: “الأمر المثير للقلق هو أن هذه التسجيلات يمكن أن تخلق أيضا بيئة، لا يصدق فيها الكثيرون حتى التسجيلات الحقيقية”.
كيف يمكنك اكتشاف المعلومات المضللة القائمة على الصوت؟
كما رأينا في هذا المثال، يجب على الأشخاص أن يتساءلوا عما إذا كان التسجيل يبدو معقولا قبل مشاركته.
يعد التحقق مما إذا كان قد تم إصداره بواسطة مصدر موثوق أمرا حيويا، ولكن التحقق من الصوت أمر صعب، خاصة عندما يتم تداول المحتوى على تطبيقات المراسلة. بل إن الأمر أكثر صعوبة خلال فترة الاضطرابات الاجتماعية، مثل تلك التي تشهدها السودان حاليا.
ولا تزال تقنية إنشاء خوارزميات مدربة على اكتشاف الصوت الاصطناعي في مراحل مبكرة جدا من التطوير، في حين أن تقنية تقليد الأصوات متقدمة جدا بالفعل.
وبعد أن اتصلت بي بي سي بتيك توك، تم حظر الحساب.
نقلاً عن بي بي سي
الوسومالبشير الذكاء الإصطناعي تسجيلات صوتية حسابات وهميةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البشير الذكاء الإصطناعي تسجيلات صوتية حسابات وهمية
إقرأ أيضاً:
Manus AI يثير الضجة في عالم الذكاء الاصطناعي.. هل يهدد عرش ChatGPT؟
مع مطلع عام 2025، لمع نجم نموذج الذكاء الاصطناعي Manus AI كأحد أبرز اللاعبين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي، بعدما أحدث نقلة نوعية في سوق النماذج اللغوية الكبري LLMs داخل الصين، حيث تفوق بقدراته المتقدمة على روبوتات الدردشة التقليدية مثل ChatGPT، مقدما أداء أكثر فاعلية وتطبيقات عملية واسعة تتجاوز حدود المحادثات النصية.
ما هو Manus AI؟لفت نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني Manus AI الأنظار محليا ودوليا بعد عرضه لقدرات تشمل تصميم المواقع وتحليل البيانات المالية وتقديم نصائح عقارية بالإضافة إلى تخطيط دقيق للرحلات عبر موقعه الالكتروني على الإنترنت.
ويعد Manus AI هو وكيل ذكاء اصطناعي عام، تم تطويره بواسطة شركة Monica، يهدف إلى تحويل الأفكار إلى أفعال من خلال التخطيط والتنفيذ الذاتي للمهام.
يتميز Manus AI بقدرته على استخدام أدوات متعددة مثل البرمجة، تصفح الإنترنت، وتحليل البيانات، مما يجعله أكثر تقدما من روبوتات الدردشة التقليدية التي تقتصر على تقديم النصائح فقط.
القدرات الرئيسية لـ Manus AI- التخطيط والتنفيذ الذاتي: يستطيع Manus تحليل المهام المعقدة وتفكيكها إلى خطوات قابلة للتنفيذ، ثم تنفيذها بشكل مستقل.
- استخدام أدوات متعددة: يدمج Manus بين البرمجة، تصفح الإنترنت، وتحليل البيانات، مما يسمح له بأداء مهام متنوعة مثل تطوير البرمجيات، إعداد التقارير المالية، وتنظيم الرحلات.
- التفاعل البشري الآلي: يقدم Manus تجربة تفاعلية تشبه العمل مع زميل بشري، حيث يمكنه فهم التعليمات وتنفيذها دون الحاجة إلى إشراف مستمر.
- الخصوصية والأمان: تركز Manus على حماية بيانات المستخدم، حيث لا تقوم بتخزين المعلومات الشخصية أو سجل المهام، مما يعزز من ثقة المستخدمين في استخدامها.
الانتشار والاستخدامعلى الرغم من أن Manus لا تزال في مرحلة الوصول المحدود، إلا أن لديها قائمة انتظار تضم أكثر من مليوني مستخدم، مما يدل على الاهتمام الكبير بها.
تستخدم Manus في مجموعة متنوعة من المجالات مثل التحليل المالي، تخطيط الرحلات، تطوير المحتوى، وإدارة الموارد البشرية.
رغم إمكانياتها المتقدمة، تواجه Manus بعض الانتقادات المتعلقة بالخصوصية والأمان، خاصة فيما يتعلق بجمع البيانات الحساسة.
كما أن استخدامها في بيئات حساسة قد يثير تساؤلات حول الشفافية والمساءلة، ومع ذلك، تواصل الشركة تحسين تقنياتها وتوسيع نطاق استخداماتها لتلبية احتياجات المستخدمين.
ووصف "ريد شياو هونج"، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، وكيل الذكاء الاصطناعي Manus بأنه "أقرب إلى الإنسان" من ربوت دردشة، لأنه لا يكتفي بالإجابة بل يتفاعل مع البيئة، ويجمع الملاحظات ويعيد استخدامها لتحسين أدائه، وهو ما يمثل نقلة نوعية في الطريقة التي ينظر بها إلى الذكاء الاصطناعي.
وأوضح شياو في مقابلة حديثة أنه لم يكن مهتما بتطوير نماذج لغوية من الصفر، بل فضل التركيز على التطبيقات المباشرة، لأن هذا المجال لا يزال في بداياته مقارنة بتقنيات النماذج نفسها.
وقد تم بناء "Manus" على نماذج موجودة مسبقا مثل "Claude" من شركة Anthropic، ونسخ معدلة من نموذج Qwen التابع لمجموعة علي بابا.
وفي حين تتنافس عشرات الشركات الصينية لتطوير نماذج لغوية خاصة بها، تتبع "Butterfly Effect" طريقا مختلفا يركز على تقديم منتج تطبيقي فعال وذو قيمة مباشرة، مما لاقى دعما كبيرا في أوساط المستثمرين، حتى أن شركة "ByteDance" حاولت الاستحواذ عليها مقابل 30 مليون دولار في أوائل عام 2024، لكن العرض رفض.
ومؤخرا، أبرمت Manus شراكة مع نموذج الذكاء الاصطناعي Qwen التابع لشركة على بابا، مما يعزز من قدراتها التكنولوجية ويوسع نطاق استخدامها في السوق الصينية.
كما حصلت على دعم من الحكومة الصينية، حيث تم تسليط الضوء على إنجازاتها في وسائل الإعلام الرسمية مثل CCTV، مما يعكس التزام الصين بتطوير شركات الذكاء الاصطناعي المحلية ذات الإمكانات العالمية.