من تمبكتو إلى سوق القش أم درمان: ضحية الهجرة الأفريقية وجانيها «1- 2»
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
من تمبكتو إلى سوق القش أم درمان: ضحية الهجرة الأفريقية وجانيها «1- 2»
د. عبد الله علي إبراهيم
كتب أحدهم عن لقاء جمعه بجماعات من شباب الجنجويد في سوق القش بأم درمان، فاستأجر سريراً من وكالة ما فيه، ونام إلى جانب شاب منهم. ولما صحا وجد أنه بين آلاف منهم باتوا في السوق نفسه. وكلهم مشغول بالحديث في الصباح إلى قريب أو بلديات سبقه إلى الخرطوم ليعلمهم بوصوله ويؤمن الاتصال به.
يدور الجدل في دوائر السودانيين حول هوية مثل شاب سوق القش ورفاقه ممن توافدوا من خارج السودان مصطفين مع “الدعم السريع” في معركة الخرطوم. فتجد من صرفهم كمرتزقة أجانب هم كل قوام قوى “الدعم السريع”، بينما يدفع آخرون عنهم هذه الصفة، أو يضعفونها، ويقولون إنهم سودانيون صرف. وهذا باب في التلاحي لن يغنينا عن النظر في مقاصد هذا الشاب ورفقته المستنفرين وسياسات الهجرة الأفريقية من ورائها، لمساسها بالحرب القائمة في الخرطوم. وهي الهجرة التي ارتبطت بحيثيات أوروبية حتى صح عندنا أنها مما تولي وجهها حصرياً شطر أوروبا. فحال تركيز الإعلام على عبور الأفارقة البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا دون فهم أفضل لمن يهاجر من الأفارقة؟ وكيف يهاجرون؟ وإلى أين؟ وعلى رغم أن أعداد المهاجرين من أفريقيا إلى أوروبا تزايدت بوتائر كبيرة، فإنه لا يزال 80 في المئة منهم من هجرته لا تزال إلى أنحاء في داخل أفريقيا. ونتيجة لتركيزنا على الوجهة الأوروبية للهجرة الأفريقية صارت هجرة الأفريقيين في داخل أفريقيا نفسها موضوعاً متروكاً في مجال البحث. ويرى علماء الهجرة أن سردية الهجرة الأفريقية إلى أوروبا لا تخلو من توهم لا يقوم على دليل. فالأفارقة ليسوا حتى في غلبة المهاجرين إلى أوروبا، فلا يشكلون سوى 13 في المئة من حجم الهجرة الكلي للقارة.
وجاء شاب “سوق القش” إلى الخرطوم من مالي، وهي من دول الساحل الأفريقي الممتد من الأطلسي إلى البحر الأحمر. ومن أخوات مالي في الساحل بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر، وتشاد، وموريتانيا، وأفريقيا الوسطى، وغينيا والأجزاء الشمالية من بلدان على ساحل غينيا للمحيط لأطلسي مثل ساحل العاج، وغانا، وغينيا. ودول الساحل هي التي تعاقد معها الاتحاد الأوروبي فيما عرف بـ”عقد التطويق” (في عام 2015) للجم الهجرة منها، أو عبرها، إلى أوروبا عن الطريق الأوسط للبحر الأبيض المتوسط. ولم يكن الساحل في رادار أوروبا حتى أزعجتها الهجرة والإرهاب، فارتفع عدد المهاجرين الأفارقة إليها من 40 ألفاً في عام 2013 إلى 154 ألفاً في عام 2015 إلى 181 ألفاً في عام 2016. فطلب الاتحاد الأوروبي من هذه الدول وغيرها تمتين حدودها وضبطها، وانتقاء جماعات بذاتها للهجرة إلى أوروبا دون غيرها. وتلتزم أوروبا من جانبها الأخذ بهذه الدول نحو مدارج التنمية كي تتفتح سوق العمل أمام الشباب فيجفف الحافز للهجرة. وخصص الاتحاد الأوروبي صندوقاً بمبلغ قريب من ثلاثة مليارات دولار لهذا الغرض.
وفي رأي علماء الهجرة فإن الاتحاد الأوروبي في سعيه إلى تنمية أفريقيا لحل مشكلته مع المهاجرين إليه منها، كمن يجرم التنقل الأفريقي سعياً إلى الرزق. فجعله، بتصويره كخطر داهم على أوروبا وأفريقيا، وباءً عليهما معاً. فـ “أمنج” الاتحاد الأفريقي الهجرة، أي جعلها شاغلاً أمنياً دون غيرها. فإذا بني دونالد ترمب حائطاً صخرياً لصد الهجرة من طريق المكسيك، في قول أحدهم، فحائط الاتحاد الأوروبي كان من حكومات في القارة تحجر الهجرة نيابة عنه.
وكان لعقد التطويق الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي آثاره الضارة على دول الساحل وغيرها على رغم نجاحه في خفض نسبة الهجرة إلى شواطئ أوروبا بـ80 في المئة في عام 2017. فلا سد باب الهجرة إلى أوروبا كلياً، لكنه زعزع أوضاع الدول التي تعاقد معها. فضغط التطويق على الأفريقيين للهجرة نحو أوروبا لم ينقطع. فمهما بلغت دول أفريقيا من النمو فاقتصادها غير مرشح لاستيعاب أفواج شبابها الذين يطرقون باب العمل. فإغلاق باب الهجرة إلى أوروبا لن يزيد على مجرد كونه تجريد الأفارقة عن متنفس يفرجون به عن ضيق عيشهم. وهو المتنفس الذي أعان أوروبيين في عقود مجاعاتهم حين هاجروا إلى أميركا وأستراليا بين عامي 1850 و1914، بل وهاجر الأوروبيون داخل أوروبا نفسها طلباً للنجاة في الفترة نفسها. فكثيراً ما وجدت التباينات الاقتصادية والديموغرافية الهيكلية بين القارتين فلا منجاة لأوروبا من الهجرة الأفريقية.
وأدت خطة الاتحاد الأوروبي بالتعاقد إلى تطويق الهجرة الأفريقية إلى زعزعة الأوضاع في أفريقيا لا محالة. والارتباك الاقتصادي والسياسي للنيجر من أكثر مظاهر الزعزعة التي نجمت عن هذه الخطة. فالهجرة تاريخياً هي قوام اقتصاد الساحل الأفريقي والنيجر قبل أن تستشعر أوروبا الخطر من هجرة الأفارقة. فالهجرة، في قول أحدهم، ليست مشكلة أفريقيي الساحل الأفريقي. إنها اقتصادهم. فأغاديز في النيجر، وعليها شعب الطوارق، عاصمة قديمة للهجرة للطريق الوسيط من البحر الأبيض. فـ50 في المئة ممن وصلوا إلى إيطاليا في عام 2015 من المهاجرين الأفارقة مروا بأغاديز. فرزق أهلها من خدمة المهاجرين حتى ارتفعت وكالات تلك الخدمة عدداً من 15 في عام 2007 إلى 70 في عام 2013.
ونواصل
IbrahimA@missouri.edu
الوسومأفريقيا أوروبا الاتحاد الأوروبي السودان تمبكتو د. عبد الله علي إبراهيم ساحل العاج سوق القش غاناالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أفريقيا أوروبا الاتحاد الأوروبي السودان تمبكتو د عبد الله علي إبراهيم ساحل العاج سوق القش غانا الهجرة الأفریقیة الاتحاد الأوروبی إلى أوروبا فی المئة فی عام
إقرأ أيضاً:
حكم الديربي الأوروبي بين ريال مدريد وأتلتيكو فأل خير للملكي
أسند الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" مهمة تحكيم ديربي العاصمة الإسبانية مدريد الأوروبي بين الريال وأتلتيكو إلى الحكم الفرنسي كليمنت توربين.
ويستضيف ريال مدريد جاره اللدود أتلتيكو، الثلاثاء المقبل، على ملعب سانتياغو برنابيو في ذهاب الدور ثمن نهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موعد مباراة ريال مدريد ضد أتلتيكو بدوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلةlist 2 of 2أنشيلوتي مدرب ريال مدريد محبط ويخشى تكرار سيناريو بيتيس أمام أتلتيكوend of listوقالت صحيفة "ماركا" الإسبانية إن اليويفا اختار توربين البالغ من العمر 43 عاما لإدارة واحدة من أقوى المواجهات في هذه المرحلة من دوري الأبطال.
???????? #Oficial | Clément Turpin, designado para el Real Madrid – Atlético de Madrid de Champions League.
▪️ El colegiado francés arbitrará por segunda vez consecutiva al Real Madrid tras hacerlo ante el Manchester City. pic.twitter.com/kx0ROpbFBc
— Archivo VAR (@ArchivoVAR) March 2, 2025
وفي النسخة الحالية من البطولة الأوروبية العريقة أدار توربين مباراة واحدة لريال مدريد، تلك التي حلّ فيها ضيفا على مانشستر سيتي الإنجليزي بملعب الاتحاد في ذهاب مرحلة خروج المغلوب وانتهت بانتصار النادي الملكي 3-2.
وعلى الجهة المقابلة، لم يظهر الحكم الفرنسي في أي مباراة لأتلتيكو منذ يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022 حين تعادل الروخي بلانكوس في دور المجموعات مع باير ليفركوزن الألماني 2-2.
إعلانوسبق لتروبين إدارة مباريات لريال مدريد في 8 مباريات سابقة، ولم يخسر معه النادي الملكي على الإطلاق حيث فاز ريال مدريد في 7 مباريات، أهمهما نهائي دوري الأبطال موسم 2021-2022 والتي تُوج بها الفريق على حساب ليفربول الإنجليزي (1-0) بينما تعادل مرة وحيدة.
ومن جانب أتلتيكو مدريد سبق لتروبين وأن أدار له 6 مباريات ومعه فاز الفريق في مباراتين وتعادل 3 مرات وخسر مرة واحدة.
وظهر توربين للمرة الأولى في مباريات النخبة بالدوري الفرنسي عام 2008، وبعد عامين فقط حصل على الشارة الدولية، ليصبح حينها أصغر حكم فرنسي يفعل ذلك قبل أن تنتقل هذه الميزة لصالح مواطنه فرانسوا ليتكسييه وفق "ماركا".
على الصعيد الدولي قاد تروبين 3 مباريات بنهائيات كأس العالم فيفا قطر 2022 آخرها مواجهة البرازيل ضد كوريا في دور الـ16، كما أدار 3 مباريات في كأس أوروبا (يورو 2024) أبرزها موقعة هولندا وتركيا في ربع النهائي.
ويعد تروبين المولود يوم 16 مايو/أيار 1982 من عشاق التكنولوجيا ورياضة الرغبي، كما يفضّل دراسة أسلوب لعب الفرق التي سيدير لها المباريات.
وارتبط اسم تروبين بحادثة غريبة في عام 2015، حيث قام مهرّب مخدرات بانتحال شخصيته.
وعند تحقيق الشرطة تم العثور على سيارة مسجلة باسمه قبل أن يتبين لاحقا أن الأمر يتعلق بانتحال شخصيته وليست له أي علاقة بالقضية، كما تقول "ماركا".