YNP / إبراهيم القانص -

استنفرت الولايات المتحدة الأمريكية حاشدةً كل إمكاناتها وثقلها وتحالفاتها، في المنطقة العربية والعالم، من أجل دعم وحماية الكيان الإسرائيلي في حربه ضد المقاومة الفلسطينية التي لقنته درساً قاسياً خلال عملية "طوفان الأقصى"، السبت الماضي، واصطف إلى جانب واشنطن في دعمها الكبير والمعلن لإسرائيل الكثير من الدول الأوروبية والغربية، إلى درجة أن وزير الخارجية الأمريكية- خلال زيارته للمنطقة العربية لحشد المواقف والمساعدات الداعمة للكيان المحتل- أعلن أنه حضر إلى المنطقة بصفته يهودياً وليس وزيراً للخارجية، الأمر الذي فسّره مراقبون بأنه تأكيد واضح حد الوقاحة أن الولايات المتحدة الأمريكية تخوض الحرب ضد الفلسطينيين كطرف لا يقل عن إسرائيل.

 

في المقابل، سجلت غالبية الدول العربية- خصوصاً المطبِّعة مع إسرائيل- مواقف مخزية خذلت الفلسطينيين وباعت بشكل نهائي قضية العرب المركزية، بل وأعلنت بدون أي تردد أو خجل تضامنها مع الصهاينة ضد أبناء فلسطين، ووضعت كل إمكاناتها العسكرية والسياسية والمالية رهن إشارة إسرائيل وتصرُّفها في كل ما تحتاجه، رغم أن استهداف الكيان الإسرائيلي للفلسطينيين بكل هذا العنف والحقد كان ملائماً جداً للإنهاء علاقاتها مع الكيان وتصحيح مواقفها والعودة إلى حيث ينبغي أن تكون، لكنها كما يبدو وصلت إلى نقطة اللا عودة إلى العز والكرامة العربية، وأصبحت تحمل عن إسرائيل أبرز صفاتها وهي الذلة والمسكنة.

 

لا شك أن معايير الدبلوماسية اختلَّت، ولم تعد وفق البروتوكولات والاتفاقات والقوانين الدولية الناظمة لعلاقات الدول مع بعضها، خصوصاً في حالات الحروب، فقد ذهبت تلك الدول إلى تصنيف المقاومة الفلسطينية المدافعة عن نفسها وشعبها والساعية إلى تحرير أرضها المغتصبة حركةً إرهابية، وجرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين حقاً دفاعياً مشروعاً، حتى وإن تجاوز ما يسمى قواعد الاشتباك التي تنص على حماية المدنيين والمنشآت المدنية خلال الحروب، لكن يبدو أن ما يدور على الأرض من الأفعال والاستمرار في المواجهة يتجاوز هذا الواقع المخزي، فصلابة ويقين الفلسطينيين تظهر أقوى من أي وقت مضى، وكشفت حتى الآن مدى عجز الجيش الإسرائيلي عن الاشتباك التلاحمي مع أبطال المقاومة، ومنذ الساعات الأولى للمعركة وهو يناشد ويطلب المساعدة من الولايات المتحدة، وحتى اللحظة لم يحقق أي انتصار فعلي، فحربه التي حشد العالم لدعمها لم تتجاوز قتل الأطفال والنساء والمدنيين قصفاً بطائراته الحديثة وقنابله المحرمة، أما على الأرض فلا يوجد سوى الرعب والاختباء في الملاجئ.

 

الإمارات، حصدت النصيب الأكبر من المذلة والعار، أكثر من غالبية الدول العربية، فقد اعتبرت وزارة خارجيتها عملية "طوفان الأقصى" تصعيداً خطيراً وجسيماً بحق الإسرائيليين، وأكد رئيسها محمد بن زايد- في اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن- أن الإمارات تقف مع الكيان الإسرائيلي بكل إمكانياتها العسكرية والسياسية والإعلامية في حربه ضد الفلسطينيين، فكل ما يعني بن زايد ونظامه هو ألّا يتضرر تحالفه مع الإسرائيليين، ويتضح ذلك بشكل أكبر في مسارعة أبوظبي إلى إبلاغ اليهود- عبر الاتصالات المباشرة مع قياداتهم ومن خلال قنوات دبلوماسية متعددة- عن استعدادها التام للدعم والتضامن مع الكيان- قيادةً وجيشاً- وإسناده بكل ما تتطلبه حربه مع الفلسطينيين.

 

في السياق، تسعى الولايات المتحدة إلى معاقبة الدول والشعوب المتضامنة مع الفلسطينيين وتدفيعها ثمناً باهظاً لتلك المواقف، ففي اليمن وبالتزامن مع تنامي الغضب الشعبي والرسمي ضد وحشية الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وتهديد صنعاء بالتدخل ودعم وإسناد المقاومة، طالبت الخارجية الامريكية مواطنيها في اليمن بسرعة التسجيل عبر برنامج المسافر الذكي لتلقي رسائل الطوارئ، مشيرةً- في بيان- إلى أن إدارة بايدن وجهت سفاراتها في القاهرة وجيبوتي والرياض بسرعة التواصل مع رعاياها في اليمن.

 

من جهة أخرى- وعلى خلفية تضامن صنعاء مع فلسطين وتلويحها بالدخول على خط المواجهة- كشفت قناة "الحدث" السعودية أن الولايات المتحدة وافقت على استئناف تقديم الدعم العسكري، الذي كانت تقدمه للنظام السابق، إلى الفصائل الموالية للتحالف، الأمر الذي يعني استئناف المواجهات العسكرية التي توقفت بنسبة كبيرة منذ بدأت مشاورات الهدنة بين الرياض وصنعاء، وتفجير الأوضاع مجدداً لإبعاد صنعاء- التي تتنامى قدراتها العسكرية بشكل ملحوظ- وإلهائها عن تطورات الحرب في غزة.

وأشارت "الحدث" إلى أن صغير بن عزيز، رئيس هيئة الأركان بوزارة دفاع الشرعية، ناقش مسألة استئناف الدعم مع مسئول القيادة المركزية للقوات الأمريكية مايكل كوريلا، وهو ما يفسر استدعاء الولايات المتحدة "بن عزيز" لزيارتها الأسبوع الماضي ولا يزال هناك، بالإضافة إلى تحركات المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الساعية لتعقيد ملف التفاوض بين صنعاء والرياض خصوصاً ما يتعلق بصرف المرتبات وفتح الموانئ والمطارات، وكل ذلك يعني ضمنياً تأديب صنعاء نتيجة مواقفها الداعمة للفلسطينيين، وذلك ضمن تحوّل الولايات المتحدة إلى غرفة عمليات لإدارة حرب إسرائيل ضد المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة، وإسنادها بتحشيد الدعم للكيان الإسرائيلي على مستوى العالم .

 

 


المصدر: البوابة الإخبارية اليمنية

كلمات دلالية: الکیان الإسرائیلی الولایات المتحدة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

مسئول أمريكي: إسرائيل أطلعت الولايات المتحدة بعد انتهاء عملية تفجير أجهزة البيجر

كشف مسئول أمريكي رفيع المستوى لوكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية اليوم الأربعاء أن إسرائيل أطلعت الولايات المتحدة ليلة الأمس بعد انتهاء عملية تفجير أجهزة المناداة "البيجر" في لبنان وسوريا.

سفير إيران في بيروت يفقد احدى عينيه في تفجيرات البيجر فاينانشيال تايمز: حزب الله يتعهد بالانتقام من إسرائيل بعد هجوم البيجر

وأفادت الوكالة أن المسئول الأمريكي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه لحساسية القضية، ونقلت عن مسئولين آخرين قولهم إن النداءات التي استخدمها مئات من أعضاء جماعة حزب الله في لبنان انفجرت في وقت واحد أمس الثلاثاء في لبنان وسوريا، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل، بينهم فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات، بينما أُصيبت عدة آلاف وألقى حزب الله والحكومة اللبنانية باللوم على إسرائيل لما بدا أنه هجوم بعيد متطور.

 

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الهجوم، وكان من بين الجرحى سفير إيران لدى لبنان فيما أوضحت "أسوشيتيد برس" أن هذه الانفجارات الغامضة جاءت وسط توترات متزايدة بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران، والتي تبادلت النار عبر حدود إسرائيل ولبنان منذ هجوم 7 أكتوبر من قبل حماس الذي أثار الحرب في غزة.

 

وقالت "أسوشيتيد برس" إن أجهزة البيجر التي انفجرت في أيدي حزب الله تم استخدامها على نطاق واسع من جانب الحزب بعد أن أمر زعيمه في شهر فبراير الماضي بالتوقف عن استخدام الهواتف المحمولة خوفًا من إمكانية اختراقها من جانب الاستخبارات الإسرائيلية، وقال مسئول من حزب الله لـ"أسوشيتيد برس" إن أجهزة الاستدعاء كانت علامة تجارية جديدة. وقالت شركة "جولد أبولو" التايوانية إن أجهزة "البيجر" التي انفجرت في لبنان أمس الثلاثاء ليست من تصنيع شركته.

 

وفي حوالي الساعة 3:30 مساءً بالتوقيت المحلي أمس الثلاثاء، وبينما كان الناس يتسوقون في البقالة أو جالسون في المقاهي أو يقودون السيارات والدراجات النارية في حركة المرور بعد الظهر، بدأت أجهزة البيجر في أيديهم أو جيوبهم في التسخين ثم انفجرت وتركت مشاهد المغطاة بالدم والمارة المتجولين. ويبدو، حسبما ذكرت الوكالة، أن العديد من الضحايا كانوا أعضاءً في حزب الله، لكن لم يكن من الواضح على الفور ما إذا كان أعضاء من غير الحزب يحملون أيضًا أي من أجهزة الاستدعاء المتفجرة.

 

وكانت الانفجارات أساسا في المناطق التي يتمتع فيها الحزب بحضور قوي، لا سيما ضاحية جنوب بيروت وفي منطقة بيكا في شرق لبنان، وكذلك في دمشق، وفقًا لمسئولي الأمن اللبنانيين ومسئول بحزب الله تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه لم يُسمح له بالتحدث إلى الصحافة.

 

وفي الوقت نفسه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إن الولايات المتحدة "لم تكن على علم بهذا الحادث مقدمًا" ولم تتورط. وفي هذه المرحلة، نجمع المعلومات".. وقال خبراء إن انفجارات النداءات تشير إلى عملية مخططة منذ فترة طويلة، وربما تمت عبر تسلل سلسلة التوريد وتزويد الأجهزة بالمتفجرات قبل تسليمها إلى لبنان.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تهنئ اليمن على الريادة في الشرق الأوسط
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة لم تنسق مع إسرائيل لتنفيذ تفجيرات لبنان
  • اليمن تدخل نادي الدول المصنعة للصواريخ الفرط صوتية.. هل ينهار الردع الإسرائيلي؟
  • مسئول أمريكي: إسرائيل أطلعت الولايات المتحدة بعد انتهاء عملية تفجير أجهزة البيجر
  • أسوشيتيد برس: إسرائيل أطلعت الولايات المتحدة ليلة أمس بعد انتهاء عملية البيجر
  • الأمم المتحدة تناقش الدعوة إلى وقف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية  
  • نورلاند: الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية تتشارك الالتزام بوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها
  • جامعة الدول العربية تناقس الوضع السائد في ليبيا
  • إسرائيل تخترق أمن الولايات المتحدة.. وأمريكا ترد بعقوبات مشددة
  • الولايات المتحدة تتجه إلى رفع مستوى سلاح الجو الإسرائيلي