قلبي عليه إنفطر وقلبه عليّ أقسى من الحجر
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
قلبي عليه إنفطر وقلبه عليّ اقسى من الحجر
كيف أهوّن الوحدة القاسية التي أحياها بسبب إبني؟
سيّدتي ، بعد التحية والسّلام مسرورة أنا لأنني وجدت هذا الفضاء الرحب الذي سيكون بمثابة كرسي الإعتراف. الذي سأبث من خلاله بما يقضّ مضجعي. أنا أم ثكلى…قد تحسبيني أما لإبن توفى، لكنني في الحقيقة. أم مكسورة لفلذة كبد هجر بعدما كبر.
هو إبني الوحيد ثمرة زواجي الذي لم يعمّر طويلا، حيث إنتقل زوجي إلى جوار ربّه وأنا في زهرة شبابي. لم اشأ أن أعيد تجربة الزواج بالرغم من كثير العروض التي كانت حولي. وإنصرفت إلى تربية قرة عيني وحيدي الذي ظننته سندي في الكبر إلا أن ظنّوني سرعان ما خابت.
لم يحدث بيني وبينه أيّ مشكل، فقد إختار إبني جارة لنا كرفيقة درب ، هلّلت للأمر وخطبتها له. وتمّ الزواج لأتفاجأ بمن حسبته سيملأ عليّ البيت هو وزوجته وأولاده يستقرّ في بيت أهل زوجته. ومنذ ذلك الوقت لم يزرني ولم يتفقّد أموري بالرّغم من أنّه لا يسكن سوى على بعد أمتار من بيتي. أتخبّط في وحدة قاتلة وخوف كبير. كيف لي أن تنقلب حياتي على هذا النحو؟. كيف لي وأنا التي عانيت ورفضت أن أبني حياتي من جديد حتى لا أجرح مشاعر فلذة كبدي، أجده اليوم ي ناسيا كل جميل منّي، لم يحدث بيننا ممشكل يكون سببا لهذا الهجر والصدّ، لا يمكنه أن يتنصل من واجباته بالطاعة تجاهي بهذه الطريقة.أنا مستاءة سيدتي وأريد أن أموت بين إبني وأحفاده، فخوف الوحدة يقتلني في اليوم ألف مرة.
أم محمد من الشرق الجزائري.
الــــــرد:أختاه، هوّني عليك وتمهلي ولا تتّخذي رجاء أي قرار بإمكانه أن يجعلك تحيين الشقاء والحيرة أكثر من هذا القدر. قرأت رسالتك وأحسست بحجم الألم الذي يعتصر قلبك المنهك من هموم الدنيا، فأن تجد الأنثى منا نفسها تخسر خسارة ذريعة بعد كبير التضحيات والإستثمار في شخص هجر وللعشرة نكر، لهو أعظم إبتلاء، لذا عليك سيدتي أن تتسلحي بالصبر والتروي حتى تعلمي ما في الأمر من لبس.
ذكرت أن إبنك الوحيد تغير تغيرا جذريا حيالك بمجرد زواجه، وقد ذهلت مثلك أنه إستقر في بيت حماه عوض أن يتقاسم معك بيتك فسيح الأرجاء. حدث الفراق من دون أن تكون منك سيدتي محاولات للصلح أو جعل وسيط من أقاربك كالأخوال أو الأعمام للتمكن من فك طلاسم اللغز المحير الذي جرّ عليك قطيعة ما بعدها قطيعة.
قد يكون ثمّة ما أزعج هذا الشاب في بداية زواجه، وقد يكون لعروسه أيضا مأخذ ما جعلها تتمكّن من التأثير عليه بالقدر الذي دفعه للإعتكاف في بيتها وكأنه لا بيت له. ومن هذا الباب أنصحك أن تتمهّلي في بناء أفكار تهجمية أو تجهمية حيال إبنك لانه عليك في البدء أن تعرفي منه هو تحديدا السبب الذي جعله يختار هذا القرار، من جهة أخرى لا حرج في أن تصارحي زوجته بإنزعاجك من الامر، ومن أنك لم تضحي كل التضحيات الجسيمة ليكون مآلك الوحدة والفراغ، خاطبيها بلهجة الأم التي تريد لها ولزوجها الخير، وحببيها في فكرة العيش في البيت الذي عاش فيه زوجها، البيت الذي إحتضن أفراحه وأوجاعه وكلّ تفاصيل حياته.
وإن وجدت لدى إبنك ما يعيق من القبول، حاولي أن تتقبلي الوضع ولتعكفي أنت على زيارتك وإذابة كل ما من شأنه أن يجعلك يوما ما في قفص الإتهام أمامه أو أمام أهل زوجته الذين أظنهم ساهموا بشكل كبير في هذا الأمر بسبب تساهلهم وسكوتهم عن أمر يعدّ منكرا.
ردت: “ب.س”
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
عندما يكون المجرمُ قاضيًا والشيطان قدِّيسًا
د. شعفل علي عمير
لنبدأ بالحليفَينِ اللذَينِ ربما لم يخدمهما التاريخُ ضد قضاياهما: الولايات المتحدة و”إسرائيل”. تشتهر الولايات المتحدة بقوتها العسكرية والاقتصادية، لكنها أَيْـضًا تتبنى أفكارَ الهيمنة والسيطرة بحُجّـة نشر “الديمقراطية” و”الحرية”.
بيد أن “الإجرام” الأمريكي لم يكن يومًا مستترًا؛ إذ يكمنُ في سياساتها الخارجية العدوانية تجاه الدول بحجّـة حماية الأمن القومي أَو محاربة “الإرهاب”.
لكن الحقيقة المُرة تتجلى في كونها تسعى خلفَ مصالح اقتصادية ونفوذ سياسي دونَ اعتبار لحياة الشعوب وحقوقها، عندما يتجسد الإجرام الأمريكي بشكل واعظ، وَيظهرُ الشيطان الإسرائيلي قديسًا، تغيب العدالة ويسود التوحش.
وعلى الجانب الآخر، تأتي “إسرائيل” بقناع القديس، تتبنى خطاب الحق التاريخي وتصف نفسها بِواحة الديمقراطية في الشرق الأوسط رغم أنها تستمر في ممارسة سياسة التمييز العنصري والاحتلال العسكري في تصرفاتها تجاه الفلسطينيين، وهذا يعد انتهاكا صارخًا للقوانين الدولية.
يُغلَّفُ هذا الشيطان بثوب ضحية الهولوكوست ليكسب تعاطفًا عالميًّا، في حين يغفل العالم عن مشاهد القمع والاعتداء اليومي على أصحاب الأرض، نحن نعيش في زمن تتلبّد فيه غيوم الظلم والتوحش، وحينما تتحطَّمُ أحلام البسطاء تحت أقدام الغطرسة والطغيان يأتي تصنيفُ الجهات المتحرّكة المناهضة لظلم الطامعين.
وبين الحين والآخر، تبرز جدلية تصنيف “الإرهابي” عندما تتعلق الأمور بجماعات تعارضُ سياسة الأطماع الأمريكية أَو تتحدى هيمنتها، كاليمن تلك القوة التي تحظى بتأييد شعبي منقطع النظير ظهرت كقوة فرضت معادلةَ صراع جديدة مع الكيان الصهيوني في وقوفها بقوة مع مظلومية الشعب الفلسطيني ويستند الدعم والتأييد الشعبي لقرارات القيادة في اليمن إلى اعتبارات دينية وإنسانية، لكن وقوفها وتحديها للغطرسة الأمريكية والإسرائيلية تعتبر من وجهة نظر أمريكا تصادمًا مع مصالح الرياض وواشنطن. كما أن تصنيف حركات المقاومة في فلسطين، من قبل أمريكا وبعض الأنظمة العربية يُلقي الضوء على ازدواجية وسلوكيات متناقضة مع الواقع ومتناغمة مع المطامع، فعلى مدى عقود، دعمت الولاياتُ المتحدة “إسرائيل” دعمًا مطلقًا وكأنها جزيرة ديمقراطية وسط محيط من الديكتاتوريات الظلامية. بينما تُصنّف حركات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي ضمن قوائم الإرهاب، تجمع تلك الحركات بين المطالب الشعبيّة بالاستقلال والتحرّر وبين النموذج العسكري لمقاومة الاحتلال.
في الساحة الفلسطينية، يبرز النفاق الأمريكي بشكل أوضح. تدعم الولايات المتحدة “إسرائيل” دون تردّد، في حين تُلقي بلائمة الإرهاب على الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلاَل الوحشي.
أمريكا غير مهتمة بمعاناة الفلسطينيين اليوميّة تحت نير ونار الاحتلال، بل وتمد الكيان الصهيوني بكل أنواع الدعم العسكري والاقتصادي.
وأية محاولة لمقاومة هذا الاحتلال مساندةً للشعب الفلسطيني من قبل إخوانه في الدين والعروبة تُقابَل باتّهامات باطلة ووصمها بالإرهاب كحال اليمن، في حين تُعتبر جرائم الحرب والإرهاب والإبادة التي ترتكبها بعض الدول الحليفة لأمريكا مثل الكيان الصهيوني آمنة ومأمونة من النقد أَو العقاب.
يجب أن يتذكر العالم دومًا أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت أبدًا، وأن فجرًا جديدًا لا بد أن يبزُغَ في يومٍ من الأيّام، حاملًا في طياته الأملَ لإنهاء التوحُّش واستعادة القِيَم الإنسانية.