من بَيْنِ مجموعة التوجيهات السَّامية التي تفضَّل حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق (أعزَّه الله) ووجَّه مجلس الوزراء بتنفيذها والعمل عَلَيْها في الاجتماع الذي انعقد بقصر البركة العامر يوم الأربعاء الموافق 11 أكتوبر 2023 مسألة الارتقاء بقِطاع الإعلام العُماني بما يُسهم في تحقيق الأهداف الوطنيَّة، تماشيًا مع ما يشهده من تطوُّرات متسارعة على كافَّة الأصعدة، لا سِيَّما التطوُّرات المتعلِّقة بمنصَّات الإعلام الحديث وأدواته المختلفة، فلماذا التركيز والاهتمام الدَّائم والمستمرُّ من قِبل جلالته (حفظه الله) بقِطاع الإعلام؟
لعلَّ اختصار جواب السؤال السَّابق يكمن في أنَّ الإعلام في أيِّ أُمَّة وطنيَّة هو عَيْنُها التي يفترض أن ترى بها وحارسها الأمين في مواجهة أعداء الداخل والخارج، العَيْنُ التي تشاهد الوطن يكبر ويتقدَّم فترسم له تلك الصورة الرائعة لاندفاعه وتقدُّمه للأمام، تكتب له شهادة ميلاده وتحفظ مراحل عمره في سفر التاريخ لتطَّلعَ عَلَيْها الأجيال القائمة والقادمة، العَيْنُ التي يفترض أن تنقلَ للعالَم مَن هي سلطنة عُمان قيادةً وشَعبًا وحكومةً؟
وهي الحارس الأمين كما يفترض على المقدَّرات والمال العامِّ الوطني، المدافع عن حقوق ومصالح هذا الوطن عَبْرَ مختلف وسائل الإعلام، وهي أدوات لا تقلُّ إمكاناتها وقدراتها عن القوَّة العسكريَّة والسياسيَّة لو استغلَّت بشكلٍ استراتيجي صحيح، الناقل الأمين للمتطلَّبات والتحدِّيات التي يُمكِن أن تواجهَ أبناء هذا الوطن العزيز، الأمين على الكلمة والصورة والهُوِيَّة والتاريخ والحضارة، وهذا هو الإعلام كما يفترض وكما يجِبُ أن يكُونَ وكما ينتظر مِنْه الجميع، قيادةً وشَعبًا وحكومةً.


الإعلام الوطني في وقت السَّلام والاستقرار منظومة من الوسائل التي تُسهم في تعزيز التنمية الشاملة وتمكين الحكومة، وتعزيز مكانة الإنسان والعمران في بيئة وطنيَّة داخليَّة ودوليَّة تحتاج إلى الوضوح والشفافيَّة والثِّقة، العَيْنُ التي تنقل للقيادة الخريطة الوطنيَّة للأحداث والتحدِّيات والمطالبات المُجتمعيَّة، تربط الداخل بالخارج بكُلِّ مسؤوليَّة، أمَّا في وقت الحرب واختلال الأوضاع ووقوع الكوارث الدوليَّة فهي القوَّة النَّاعمة التي تتحوَّل إلى قوَّة صلبة تحُولُ دُونَ اضطراب الكلمات وانتشار الشَّك والريبة وانعدام الثِّقة في الداخل الوطني، المُحفِّز للهِمَم، السَّد المنيع لكُلِّ أشكال الحروب المضادَّة، السَّيف المُسلط على رقاب الأعداء وكُلِّ مَن تُسوِّل له نَفْسُه الإخلال بأمن واستقرار وسلامة هذا الوطن الكريم.
إذًا جلالة السُّلطان (أعزَّه الله) عِندما يستمرُّ بالدَّفع الدَّائم والتوجيهات المستمرَّة بالعناية بوسائل الإعلام، وضرورة الاهتمام بالإعلامي العُماني كُلٍّ في مجاله وتخصُّصه، الاجتماعي والثقافي والسِّياسي والاقتصادي والأمني وغير ذلك، فهو يؤكِّد أهمِّية هذه العَيْنِ الوطنيَّة، أهمِّية وسائل الإعلام العُمانيَّة، أهمِّية العمل على قِطاع الإعلام الوطني بما يُحقِّق أهداف الداخل الوطني والمصالح الوطنيَّة في البيئة الأمنيَّة الدوليَّة.
الإعلام العُماني المنتَظر، الإعلام الوطني خلال العقد القادم على أقلِّ تقدير، يجِبُ أن يواكِبَ تطلُّعات وأهداف رؤية سلطنة «عُمان 2040»، وهذا الأمْرُ لا يُمكِن أن يتحقَّقَ إلَّا بتعزيز مكانة الإعلام والإعلامي العُماني، تمكين أصحاب الأقلام والأعمدة، تمكين المثقَّفين والباحثين العُمانيين كُلٍّ في مجال اختصاصه. باختصار، المُجتمع الثقافي والأدبي الذي يثري تلك الوسائل، وإن كان من أمْرٍ يجِبُ التأكيد عَلَيْه فهو أهمِّية استشعار مكانة الإعلامي والصحفي والكاتب والباحث العُماني، مكانتهم اللائقة لدى القيادة والحكومة، المكانة التي يستشعر فيها مَن يحمل أمانة الكلمة بأنَّه محلُّ تقدير واعتزاز.
أخيرًا، الفترة الزمنيَّة المتبقية من العام 2023 والتي كما تعوَّدنا تحمِل في طيَّاتها التغيير الاستراتيجي الوطني على مستوى القيادات والقرارات أرجو أن تحملَ معها من التغيير والتمكين، وتعزيز دَوْر قِطاع الإعلام وكفاءات هذا القِطاع، بالإضافة إلى مَنْ لهُمْ دَوْر وإسهامات وطنيَّة في بناء وتحريك عجلة هذا القِطاع بكُلِّ وسائله وأدواته وفي مختلف المجالات الأدبيَّة والثقافيَّة. فوسائل الإعلام العُمانيَّة بمثابة عَيْنِ الأُمَّة الوطنيَّة.

محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
azzammohd@hotmail.com
MSHD999 @

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الع ی ن التی ی

إقرأ أيضاً:

لمواجهة الخرافات.. الهيئة الوطنية للإعلام تحظر استضافة العرافين والمنجمين

أصدر الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام توجيهاً لجميع قنوات وإذاعات ومواقع الهيئة بحظر استضافة العرافين والمنجمين .

الأعلى للإعلام يستقبل وزير الأوقاف بحضور رئيس الوطنية للإعلام لبحث التعاونرئيس الأعلى للإعلام يستقبل وزير الأوقاف بحضور رئيس الوطنية للإعلامرئيس الوطنية للإعلام: النايل سات أحد روافد الإعلام المصري المهمةأول مرة .. الهيئة الوطنية للإعلام تخصص محطة إذاعية لبث قناة النيل للأخبار علي إف إم

ودعا رئيس الهيئة إلى استطلاع مستقبل المنطقة والعالم عبر التفكير العلمي وقواعد المنطق ومعطيات علم السياسة والعلوم الأخرى ، والاستعانة في هذا الصدد بالعلماء والخبراء والأكاديميين والمثقفين.

كما دعا للابتعاد عن الترويج لخرافات المنجمين والمشعوذين مهما كانت شهرتهم ،والذين يستهدفون إهانة العقل ، وتسفيه المعرفة .. وتأسيس شهرة كاذبة علي توقعات عشوائية لا سند لها. 

وقال إن واجب وسائل الإعلام مواجهة الجهل ، وتعظيم العلم ، وتعزيز المنطق.

مقالات مشابهة

  • مصطفى ثابت يفتح النار على منصات السوشيال ميديا: مراحيض الإنترنت
  • أول تعيم صارم من وزارة الاعلام المؤقتة خاطبت به وسائل الإعلام والاعلاميين
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • انضمام بنك الإمارات دبي الوطني للشبكة الوطنية لحاضنات الأعمال
  • برلمانية: قرار حظر استضافة العرافين يعزز دور الإعلام في نشر الوعي والثقافة
  • عمر الدرعي: رئيس الدولة قدوتنا في القيم الوطنية
  • مصر.. منع استضافة العرّافين والمنجمين على وسائل الإعلام
  • وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة
  • لمواجهة الخرافات.. الهيئة الوطنية للإعلام تحظر استضافة العرافين والمنجمين
  • صاروخ من اليمن يُدخل نحو مليوني إسرائيلي للملاجئ