نبض المجتمع : الأدب السياحي
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
يُمثِّل الأدب بكُلِّ عناصره، سواء النثر أو الشعر أحد الأساليب التي ما فتئت صناعة السِّياحة العالَميَّة في استغلالها لخدمة أهدافها. فالواقع كُلُّ شيء يجِبُ تطويعه لعمليَّة جذب السَّائح وزيادة شغفه، وأن تتمَّ صناعة الحدث والترويج له إعلاميًّا وخصوصًا مع تطوُّر واتِّساع رقعة التأثير الإعلامي بحُكْم تعدُّد الوسائط وانتشارها.
وكُلُّ ذلك يعتمد في الأساس على وجود خطَّة واضحة ومُحدَّدة بكُلِّ إجراءاتها لجعلِ أحداث رواية ما مثلًا على سلَّم أولويَّات السَّائح عِند زيارته للمنطقة التي دارت فيها أحداث تلك الرواية، ويكُونُ الأمْرُ أكثر إمتاعًا إذا كانت هذه الرواية قَدْ تحوَّلت إلى فيلم سينمائي شهير عِندها تكُونُ الرغبة أكثر إلحاحًا وشغفًا لزيارتها وتوثيق أحداثها، وقَدْ أدَّت الوسائط والبرامج التي أفرزتها الثَّورة الصناعيَّة الرابعة دَوْرًا مضاعفًا في ذلك.
والواقع أنَّ هنالك الكثير من المواقع ذات الارتباط بأحداث روائيَّة أو شعريَّة أو تاريخيَّة، ولكنَّ الأمْرَ يرتبط بمدى قدرتنا على الترويج الصحيح لها. فكثير من دوَل العالَم لدَيْها هذا الجانب، ولكن كم هي الدوَل التي استغلَّته سياحيًّا وعدَّته مصدرًا للناتج المحلِّي شأنه شأن النفط مثلًا. لا شكَّ أنَّها الأفكار هي التي تبدع في المقام الأوَّل وهي مَن يغيِّر المسار، فكما أنَّ هنالك دوَلًا لا توجد لدَيْها موارد طبيعيَّة وتستورد جميع احتياجاتها ولكنَّها دوَل متطوِّرة اقتصاديًّا والعكس موجود أيضًا، فلا شكَّ أنَّ الفكر السِّياحي أيضًا تنطبق عَلَيْه ذات القاعدة.
نتحدَّث هنا مثلًا عن قصَّة روميو وجولييت وهي رواية عالَميَّة مشهورة وقَدِ اتَّخذت من مدينة فيرونا الإيطاليَّة مسرحًا لقصَّة هذيْنِ البطلَيْنِ ومُثِّلت العديد من المسرحيَّات والأفلام حَوْلَ هذه القصَّة، ورغم أنَّ هذه القصَّة هي الأساس غير واقعيَّة، وإنَّما من نسيج خيال الكاتب الإنجليزي شكسبير ولا تمتُّ لمدينة فيرونا بصِلَة واقعيَّة، إلَّا أنَّ الفكر السِّياحي لصناعة السِّياحة الإيطاليَّة وظَّف هذه الرواية بطريقة أسهَمتْ في جذب ملايين السيَّاح سنويًّا لزيارة المدينة، حيث تمَّ وضع تماثيل لروميو وجولييت وتصميم مواقع مستوحاة من أحداث الرواية لإظهار الحدَث بتناغم تامٍّ مع خيال الكاتب. نلاحظ هنا أنَّ الرواية في الأصل ليست واقعيَّة، ولكن تمَّ تكييفها بصورة احترافيَّة لتتطابق مع الواقع لدرجة أنَّ الكثير من السيَّاح لا يعتقد بذلك. في المقابل هناك أحداث لروايات حقيقيَّة وبمواقعها الأصليَّة، ولكن لا يتمُّ الالتفات لها، لماذا؟ لأنَّه لا توجد صناعة في ذلك المكان، وليس ببعيد عن إيطاليا، ففي رومانيا أيضًا تقع قلعة دراكولا والتي ألَّف الكاتب الإنجليزي برام ستوكر روايته الشهيرة بنَفْسِ الاسم، ورغم أنَّ ما كتب في الرواية هو من خيال الكاتب إلَّا أنَّ القاسم المشترك فيما بَيْنَهما كان ضئيلًا باعتراف الكاتب نَفْسِه، وقَدِ اشتهرت القلعة بعد تأليف الرواية، فأصبحت الرواية هي سبب الشهرة، وربَّما يرجع السَّبب الأساس أيضًا في كلا المثالَيْنِ إلى تحوُّل هذه الروايات إلى أفلام عالَميَّة ساعدت ـ بلا شك ـ في تشجيع النَّاس وشغفهم بزيارتها.
من هنا يظهر لنَا أنَّ عناصر صناعة السِّياحة لا تعتمد فقط على بناء الفنادق الراقية أو المتنزهات والحدائق والمراكز التجاريَّة الكبيرة. بمعنى آخر، ليس الأمْرُ مرتبطًا فقط بالجوانب المادِّيَّة، بل يتعدَّاه للجوانب الثقافيَّة والمعرفيَّة التي لا تقلُّ أهمِّية في عمليَّة جذب السَّائح عن تلك الجوانب المشاهدة بالعَيْنِ المُجرَّدة. فالسيَّاح يتباينون في اهتماماتهم ورغباتهم، وبالتَّالي يجِبُ أن تتوافرَ في كُلِّ دَولة تهتمُّ بهذا الجانب جميع الخيارات لِتتناسبَ مع أذواق واهتمامات كُلِّ فئة من هؤلاء السيَّاح. وهنا تظهر أهمِّية استغلال المجال الأدبي لأيِّ أُمَّة في جذب السِّياحة لها؛ لوجود عددٍ كبير من السيَّاح ممَّن تستهويهم هذه الجوانب أكثر من غيرها. وما الروايات العُمانيَّة التي فازت بجوائز عالَميَّة وعربيَّة إلَّا مثال يُمكِن الاستفادة مِنْه في عمليَّة الترويج السِّياحي للسَّلطنة عن طريق تفعيل أحداث رواية معيَّنة وتجسيد شخوصها والترويج لها لِتكونَ مَعْلمًا يشدُّ السيَّاح رحالهم إليه كأحد الجوانب والمجالات المدرجة على خريطة السِّياحة العُمانيَّة.
د. خصيب بن عبدالله القريني
kaseeb222@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الفيضانات تُغرق خيام نازحي غزة: "هربت مع أطفالي ولكن أين نذهب؟"
زادت الأحوال الجوية القاسية من مأساة النازحين في غزة، حيث اجتاحت الأمطار الغزيرة والرياح العاتية خيامهم الهشة، تاركة آلاف العائلات دون مأوى في ظروف شتوية قاسية.
اعلانوأعلن مسؤولون في غزة، يوم الإثنين، أن نحو 10,000 خيمة جرفتها مياه الفيضانات خلال اليومين الماضيين، خاصة في المناطق المنخفضة، ومنها مناطق أُعلنت إنسانية. وفي مخيم المواصي قرب خان يونس، غمرت الأمواج مئات الخيام، مما زاد من معاناة العائلات التي تعيش في ظروف قاسية بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة.
وقالت ربيحة سالم، وهي نازحة من رفح، لوكالة "أسوشيتد برس" : "هربت أنا وأطفالي، ولكن أين نذهب؟". تتحدث ربيحة وهي تحاول إيجاد مأوى جديد بعد أن فقدت خيمتها وكل ما تبقى لها من ملابس وبطانيات. وأضافت وهي تناشد المجتمع الدولي: "نحتاج إلى خيام بديلة، وملابس، وبطانيات تحمي أطفالنا من هذا البرد".
Related القصف والجوع يثقلان كاهل غزة وتقديرات في إسرائيل بالإعلان عن وقف لإطلاق النار مع لبنان خلال أيام "بينالي غزة"... فنانون فلسطينيون يريدون إيصال صوتهم إلى العالم في تحد للحرب والحصار معاناة قطاع غزة تتفاقم والجدل السياسي حول وقف إطلاق النار مع لبنان دون تحقيق الأهداف يشعل إسرائيلأسعار خيالية ومعاناة يومية.. سكان غزة في مواجهة الجوع والحصاربدورها، عبّرت، روضة الأخشام، نازحة أخرى، أنها تشعر بالتخلي الكامل من المجتمع الدولي، مشيرة إلى أن البرد والإرهاق يهددان حياتها وعائلتها: "نعاني من التعب والجوع والبرد، ولا أحد يهتم بنا". بينما أُصيبت رندة الكفارنة، نازحة من بيت حانون، بجروح في رأسها بعد انهيار خيمتها بفعل العواصف.
وتقدر السلطات في غزة، أن 81% من الخيام، البالغ عددها 135,000، غير صالحة للسكن، محملة إسرائيل المسؤولية عن تدهور الأوضاع بسبب منعها دخول الخيام والمساعدات الضرورية.
وتسببت الحرب الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة والمستمرة منذ أكثر من عام، في نزوح أكثر من 90% من سكان غزة، أي نحو 2.3 مليون شخص.
وتعيش مئات الآلاف من العائلات في مخيمات تفتقر إلى الطعام والماء والخدمات الأساسية، مع أوضاع إنسانية متدهورة تتفاقم مع حلول الشتاء.
يُُذكر أن المنظمات الإنسانية تواجه صعوبات كبيرة في إيصال المساعدات بسبب الحصار الإسرائيلي والقصف المستمر، ما يجعل معاناة النازحين أكثر تعقيدًا يومًا بعد يوم.
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية في اليوم العالمي للطفل.. غزة أصبحت مقبرة للأطفال.. ولبنان بات رعبهم الصامت.. والسودان مثالا لحرمانهم من غزة إلى لبنان: معاناة الأطفال التي لا تنتهي بين نارين النساء الحوامل النازحات من لبنان إلى سوريا: 7 آلاف حالة صحية حرجة في ظل نقص الدعم الطبي تدمرأزمة إنسانيةقطاع غزةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيلالطقساعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. معاناة قطاع غزة تتفاقم والجدل السياسي حول وقف إطلاق النار مع لبنان دون تحقيق الأهداف يشعل إسرائيل يعرض الآن Next أنغيلا ميركل تكشف أسرار 16 عامًا من القيادة في مذكراتها الأولى يعرض الآن Next احتجاجات أنصار عمران خان: مقتل ستة أشخاص وسط مواجهات عنيفة مع الشرطة في إسلام آباد يعرض الآن Next ترامب يتحدى بكين بتعريفات إضافية على الواردات الصينية والأخيرة تحذّر: لا رابح في الحرب التجارية يعرض الآن Next تقارير تزعم أن روسيا اعتقلت بريطانيًا يقاتل مع أوكرانيا.. هل يكون أول معتقل أجنبي معلن عنه في روسيا؟ اعلانالاكثر قراءة قتلى وجرحى في غزة ولبنان.. وصافرات الإنذار تدوي في إسرائيل.. وحديث عن اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام الإسرائيلي تسفي كوغان اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" غالانت يستعد للسفر إلى واشنطن.. لكن ماذا لو أجبرته الظروف على الهبوط في دولة عضو بالجنائية الدولية؟ اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسياقطاع غزةضحاياقتلدونالد ترامبجريمةالمملكة المتحدةحزب اللهلبناناعتداء جنسيالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024