جريدة الوطن:
2025-03-10@18:49:08 GMT

نبض المجتمع : الأدب السياحي

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

نبض المجتمع : الأدب السياحي

يُمثِّل الأدب بكُلِّ عناصره، سواء النثر أو الشعر أحد الأساليب التي ما فتئت صناعة السِّياحة العالَميَّة في استغلالها لخدمة أهدافها. فالواقع كُلُّ شيء يجِبُ تطويعه لعمليَّة جذب السَّائح وزيادة شغفه، وأن تتمَّ صناعة الحدث والترويج له إعلاميًّا وخصوصًا مع تطوُّر واتِّساع رقعة التأثير الإعلامي بحُكْم تعدُّد الوسائط وانتشارها.


وكُلُّ ذلك يعتمد في الأساس على وجود خطَّة واضحة ومُحدَّدة بكُلِّ إجراءاتها لجعلِ أحداث رواية ما مثلًا على سلَّم أولويَّات السَّائح عِند زيارته للمنطقة التي دارت فيها أحداث تلك الرواية، ويكُونُ الأمْرُ أكثر إمتاعًا إذا كانت هذه الرواية قَدْ تحوَّلت إلى فيلم سينمائي شهير عِندها تكُونُ الرغبة أكثر إلحاحًا وشغفًا لزيارتها وتوثيق أحداثها، وقَدْ أدَّت الوسائط والبرامج التي أفرزتها الثَّورة الصناعيَّة الرابعة دَوْرًا مضاعفًا في ذلك.
والواقع أنَّ هنالك الكثير من المواقع ذات الارتباط بأحداث روائيَّة أو شعريَّة أو تاريخيَّة، ولكنَّ الأمْرَ يرتبط بمدى قدرتنا على الترويج الصحيح لها. فكثير من دوَل العالَم لدَيْها هذا الجانب، ولكن كم هي الدوَل التي استغلَّته سياحيًّا وعدَّته مصدرًا للناتج المحلِّي شأنه شأن النفط مثلًا. لا شكَّ أنَّها الأفكار هي التي تبدع في المقام الأوَّل وهي مَن يغيِّر المسار، فكما أنَّ هنالك دوَلًا لا توجد لدَيْها موارد طبيعيَّة وتستورد جميع احتياجاتها ولكنَّها دوَل متطوِّرة اقتصاديًّا والعكس موجود أيضًا، فلا شكَّ أنَّ الفكر السِّياحي أيضًا تنطبق عَلَيْه ذات القاعدة.
نتحدَّث هنا مثلًا عن قصَّة روميو وجولييت وهي رواية عالَميَّة مشهورة وقَدِ اتَّخذت من مدينة فيرونا الإيطاليَّة مسرحًا لقصَّة هذيْنِ البطلَيْنِ ومُثِّلت العديد من المسرحيَّات والأفلام حَوْلَ هذه القصَّة، ورغم أنَّ هذه القصَّة هي الأساس غير واقعيَّة، وإنَّما من نسيج خيال الكاتب الإنجليزي شكسبير ولا تمتُّ لمدينة فيرونا بصِلَة واقعيَّة، إلَّا أنَّ الفكر السِّياحي لصناعة السِّياحة الإيطاليَّة وظَّف هذه الرواية بطريقة أسهَمتْ في جذب ملايين السيَّاح سنويًّا لزيارة المدينة، حيث تمَّ وضع تماثيل لروميو وجولييت وتصميم مواقع مستوحاة من أحداث الرواية لإظهار الحدَث بتناغم تامٍّ مع خيال الكاتب. نلاحظ هنا أنَّ الرواية في الأصل ليست واقعيَّة، ولكن تمَّ تكييفها بصورة احترافيَّة لتتطابق مع الواقع لدرجة أنَّ الكثير من السيَّاح لا يعتقد بذلك. في المقابل هناك أحداث لروايات حقيقيَّة وبمواقعها الأصليَّة، ولكن لا يتمُّ الالتفات لها، لماذا؟ لأنَّه لا توجد صناعة في ذلك المكان، وليس ببعيد عن إيطاليا، ففي رومانيا أيضًا تقع قلعة دراكولا والتي ألَّف الكاتب الإنجليزي برام ستوكر روايته الشهيرة بنَفْسِ الاسم، ورغم أنَّ ما كتب في الرواية هو من خيال الكاتب إلَّا أنَّ القاسم المشترك فيما بَيْنَهما كان ضئيلًا باعتراف الكاتب نَفْسِه، وقَدِ اشتهرت القلعة بعد تأليف الرواية، فأصبحت الرواية هي سبب الشهرة، وربَّما يرجع السَّبب الأساس أيضًا في كلا المثالَيْنِ إلى تحوُّل هذه الروايات إلى أفلام عالَميَّة ساعدت ـ بلا شك ـ في تشجيع النَّاس وشغفهم بزيارتها.
من هنا يظهر لنَا أنَّ عناصر صناعة السِّياحة لا تعتمد فقط على بناء الفنادق الراقية أو المتنزهات والحدائق والمراكز التجاريَّة الكبيرة. بمعنى آخر، ليس الأمْرُ مرتبطًا فقط بالجوانب المادِّيَّة، بل يتعدَّاه للجوانب الثقافيَّة والمعرفيَّة التي لا تقلُّ أهمِّية في عمليَّة جذب السَّائح عن تلك الجوانب المشاهدة بالعَيْنِ المُجرَّدة. فالسيَّاح يتباينون في اهتماماتهم ورغباتهم، وبالتَّالي يجِبُ أن تتوافرَ في كُلِّ دَولة تهتمُّ بهذا الجانب جميع الخيارات لِتتناسبَ مع أذواق واهتمامات كُلِّ فئة من هؤلاء السيَّاح. وهنا تظهر أهمِّية استغلال المجال الأدبي لأيِّ أُمَّة في جذب السِّياحة لها؛ لوجود عددٍ كبير من السيَّاح ممَّن تستهويهم هذه الجوانب أكثر من غيرها. وما الروايات العُمانيَّة التي فازت بجوائز عالَميَّة وعربيَّة إلَّا مثال يُمكِن الاستفادة مِنْه في عمليَّة الترويج السِّياحي للسَّلطنة عن طريق تفعيل أحداث رواية معيَّنة وتجسيد شخوصها والترويج لها لِتكونَ مَعْلمًا يشدُّ السيَّاح رحالهم إليه كأحد الجوانب والمجالات المدرجة على خريطة السِّياحة العُمانيَّة.

د. خصيب بن عبدالله القريني
kaseeb222@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

مسؤول أممي: المغرب أصبح وجهة متميزة للمستثمرين في القطاع السياحي

أكد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، زوراب بولوليكاشفيلي، أن المغرب يعد وجهة متميزة للمستثمرين في قطاع السياحة.

وأوضح بولوليكاشفيلي، في تقرير صادر عن المنظمة الأممية التي تتخذ من مدريد مقرا لها، اليوم السبت، أن « المغرب يوفر آفاقا جذابة للغاية للمستثمرين، بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي، وبيئته الاقتصادية القوية، وسياسته الطموحة لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر ».

وأشار التقرير، الذي يحمل عنوان « الاستثمار في المغرب »، إلى أن جاذبية المملكة للمستثمرين تنعكس في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي بلغت في المتوسط 3,5 مليارات دولار سنويا خلال السنوات الخمس الماضية، في مختلف القطاعات.

كما استفاد قطاع السياحة من استثمارات متراكمة بقيمة 2,2 مليار دولار بين عامي 2014 و2023، بينما بلغت الاستثمارات في تطوير البنية التحتية الفندقية 2,6 مليار دولار بين عامي 2015 و2024، وفق المصدر ذاته.

وأضاف التقرير أن المغرب استقبل خلال سنة 2024 ما مجموعه 17.4 مليون سائح، مسجلا ارتفاعا بنسبة 35 في المائة مقارنة بعام 2019، مما ساهم في مضاعفة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفعت من 3,7 في المائة في 2020 إلى 7,3 في المائة في 2023.

وفي هذا السياق، أبرزت المنظمة الأممية أن المغرب تميز كوجهة إفريقية حققت أعلى نمو في العائدات السياحية، حيث سجل ارتفاعا بنسبة 43 في المائة مقارنة بعام 2019، لتصل العائدات إلى 10,5 مليارات دولار في 2023، أي بزيادة قدرها 28 في المائة عن نفس السنة.

من جهتها، أشادت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، ناتاليا بايونا، بالحركية الاقتصادية التي يشهدها المغرب، مبرزة أن المملكة فرضت نفسها كخامس قوة اقتصادية في إفريقيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي، بمعدل نمو سنوي بلغ 2,5 في المائة خلال العقد الأخير.

وسجل التقرير أن المغرب شهد نموا اقتصاديا متوسطا بلغ 2,5 في المائة بين عامي 2015 و2024، مع توقعات بارتفاعه إلى 4 في المائة في 2025 و3,6 في المائة في 2026، مضيفا أن التحكم في التضخم يعزز أيضا القدرة التنافسية للمملكة كوجهة استثمارية مستقرة وجذابة.

وعند استعراض العوامل التي تجعل المغرب وجهة مفضلة للمستثمرين، سلط التقرير الضوء على قرب المملكة الجغرافي من أوربا، وإمكانية الوصول إلى سوق يضم 2,5 مليار مستهلك، بالإضافة إلى تراثها الثقافي والطبيعي الغني.

كما أشار التقرير إلى امتلاك المغرب لمجموعة من المؤهلات الرئيسية لتنمية السياحة، من بينها تسعة مواقع مصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو، و11 حديقة وطنية، وبنية تحتية متقدمة تشمل 19 مطارا، و27 ميناء تجاريا، و2000 كيلومتر من الطرق السيارة.

ولفت المصدر إلى أن القدرة الإيوائية في المغرب ارتفعت بأكثر من 60 في منذ عام 2012، مما ساهم في ازدهار القطاع السياحي. كما أن الاستثمارات في المجال تحظى بدعم الشركة المغربية للهندسة السياحية، التي توفر مواكبة مخصصة لحاملي المشاريع الاستثمارية.

وأكدت منظمة الأمم المتحدة للسياحة أن المغرب، بفضل مؤهلاته الاقتصادية، واستقراره السياسي، وإطاره المحفز للاستثمار، يرسخ مكانته كوجهة لا غنى عنها للمستثمرين الراغبين في الاستفادة من الدينامية التي يشهدها القطاع السياحي.

كما شدد التقرير على الدور الرئيسي الذي يلعبه قطاع السياحة في الأداء الاقتصادي للمغرب، مستفيدا من سياسات مالية ونقدية قوية، وبيئة سياسية واجتماعية مستقرة، إلى جانب إجراءات تحفيزية لفائدة القطاع.

وفي الختام، أشار التقرير إلى خارطة الطريق السياحية 2023-2026، التي حدد المغرب من خلالها تسع أولويات استراتيجية تهدف إلى تعزيز السياحة الدولية والمحلية على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • شوقي ضيف.. المؤرخ الأدبي الذي أعاد كتابة تاريخ الأدب العربي
  • وزارة الخارجية تُدين الجرائم التي اُرتكبت في الساحل السوري
  • أبي أوصى بالحج عنه ولكن التكاليف مرتفعة فماذا أفعل؟.. الإفتاء تجيب
  • إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق السياحي في الجيزة
  • ما حكم نقل الدم أثناء الصيام؟.. الإفتاء: يجوز ولكن بشرط
  • مسؤول أممي: المغرب أصبح وجهة متميزة للمستثمرين في القطاع السياحي
  • استشهد السيّد؟.. مسلسل عربي يستذكر نصرالله بطريقة مؤثرة (فيديو)
  • صدر حديثًا.. "البوكر العربية وزمن الرواية" للكاتب شوقى عبد الحميد
  • سلوى عثمان: المسرح له هيبته ولكن التلفزيون جذبني أكثر
  • خفة النص التي احتملها الغذامي ولم يطقها البازعي!