تختتم اليوم 15 أكتوبر أعمال اجتماعات صندوق النقد الدولي التي تستضيفها دولة المغرب الشقيقة، تحت شعار "العمل المطلوب للقضاء على الفقر على كوكب صالح للعيش فيه"، وجاء الاجتماع وسط تصعيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الشرق الأوسط، وفي دولة مضيفة لا تزال تتعافى من زلزال مدمر.

اجتماعات صندوق النقد الدولي  النقاط الرئيسية للاجتماعات  

وشهدت الاجتماعات مناقشة العديد من القضايا وكان من بينها آفاق الاقتصاد العالمي المثقل بالديون، والتضخم، والصراعات، وفجوة الثروة المتزايدة بين الدول الغنية والفقيرة، والجهود المتعثرة لمعالجة تغير المناخ.

أظهرت توقعات صندوق النقد الدولي الجديدة التي تم وضعها قبل تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي من 3.5% العام الماضي إلى 3% هذا العام و2.9% العام المقبل، بانخفاض قدره 0.1% عن التقدير السابق لعام 2024.

ومن المتوقع أن ينخفض التضخم العالمي من 6.9% هذا العام إلى مستوى لا يزال مرتفعا عند 5.8% في العام المقبل، وأشار محافظو البنوك المركزية إلى استعدادهم لإنهاء ارتفاع أسعار الفائدة إذا سمحت الظروف، على أمل أن يتم ترويض التضخم في النهاية دون هبوط حاد.

واتفق معظمهم على أنه من السابق لأوانه تحديد كيف سيؤثر الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي الذي وصفه كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه غورينشا بأنه "يتعثر ولا يركض بسرعة".

وكانت أعباء الديون الثقيلة التي تتحملها الاقتصادات المتقدمة من الولايات المتحدة إلى الصين وإيطاليا موضوعا متكررا في الاجتماعات، التي جاءت بعد أن دفعت الأسواق المالية في الأسابيع الأخيرة عائدات السندات الأمريكية إلى الارتفاع. 

على هامش اجتماعات صندوق النقد.. مباحثات بين وزراء مالية 4 دول عربية اجتماعات صندوق النقد الدولي.. السياسة تهيمن وضربة حماس الموجعة لإسرائيل تتصدر المشهد

وقال محافظ البنك المركزي الإيطالي، إغنازيو فيسكو، إن هناك انطباعا بأن الأسواق "تعيد تقييم علاوة الأجل" حيث أصبح المستثمرون أكثر قلقا بشأن الاحتفاظ بالديون طويلة الأجل.

وطرحت جويس تشانغ، رئيسة قسم الأبحاث العالمية في بنك جيه بي مورجان، الأمر بطريقة أخرى وقالت أمام لجنة "لقد عاد حراس السندات، وانتهى الاعتدال الكبير"، في إشارة إلى فترة عقدين من الهدوء الاقتصادي النسبي قبل الأزمة المالية 2008 /2009.

وأحد مجالات السياسة التي يمكن أن يكون لهذا الأمر فيها تأثير غير مباشر هو مكافحة تغير المناخ وحذر فيتور غاسبار، رئيس القسم المالي في صندوق النقد الدولي، من أن السياسات الحالية القائمة على الدعم فشلت في تحقيق صافي انبعاثات صفرية، وأن توسيع نطاقها سيؤدي إلى تفجير الدين العام، وخلص الصندوق إلى أن "البلدان ستحتاج إلى مزيج جديد من السياسات مع وضع تسعير الكربون في المركز".

وكان صندوق النقد الدولي حذر في تقريره عن الاستقرار المالي العالمي من أن أسعار الفائدة المرتفعة ستضع بعض المقترضين في أوضاع أكثر خطورة، وتشير التقديرات إلى أن حوالي 5% من البنوك على مستوى العالم معرضة للضغط إذا ظلت هذه المعدلات مرتفعة لفترة أطول، كما أن 30% أخرى من البنوك بما في ذلك بعض أكبر البنوك في العالم ستكون معرضة للخطر إذا دخل الاقتصاد العالمي فترة طويلة من النمو المنخفض والتضخم المرتفع.

اجتماعات صندوق النقد الدولي تحديد شركات مؤهلة للطرح

وكشف وزير المالية محمد معيط، على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش، عن الانتهاء من تحديد الشركات المؤهلة ضمن برنامج "الطروحات الحكومية" والتي سيتم طرحها خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى يونيو 2024 بقيمة تقديرية تصل إلى 4 مليارات دولار.

وقال معيط، إن الحكومة المصرية أصدرت وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تستهدف زيادة مساهمات القطاع الخاص في الناتج المحلى الإجمالي، وكذا برنامج "الطروحات الحكومية"، الذي طرحت من خلاله 35 شركة مملوكة للدولة في 19 قطاعًا اقتصاديًا من أجل المزيد من الفرص المتاحة للاستثمارات الخاصة.

وتابع: "الحكومة المصرية مستمرة في مسيرة الإصلاحات الهيكلية من خلال تبني سياسات متوازنة تُراعي البعد الاجتماعي، ترتكز على الالتزام بالانضباط المالي والتعامل الإيجابي مع الآثار السلبية التي تفرضها الأزمات العالمية المركبة، وما نتج عنها من ضغوط تضخمية غير مسبوقة، وحالة من عدم التيقن التي تسود الأسواق الدولية، بما يتسق مع جهود العمل على تحقيق معدلات نمو مستدامة ويمكننا من تعزيز قدرتنا على تجنب المخاطر الحادة للصدمات الخارجية".

وأضاف "إننا حريصون على التنسيق المستمر مع صندوق النقد الدولي لتعظيم سبل التعاون المشترك بما يساعد على تحقيق المستهدفات التنموية والمالية والاقتصادية"، لافتًا إلى حرص الحكومة المصرية على تعميق مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بحزمة من الحوافز والإجراءات المتكاملة بما في ذلك تأسيس بنية تحتية قوية ومرنة وإلغاء المعاملة التفضيلية للجهات والشركات المملوكة للدولة؛ تحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص، وتعظيم القدرة التنافسية بين القطاعين العام والخاص.

وأشار إلى أن "الرخصة الذهبية" تساعد في اختصار إجراءات إقامة المشروعات الاستثمارية في أقل وقت ممكن؛ على نحو يسهم في خلق بيئة أكثر تحفيزًا للصناعة والإنتاج والتصدير.

وعقد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، لقاءً ثنائيًا مع نظيره الألماني كريستيان ليندنر، على هامش مشاركتهما فى اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بمراكش، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وفى السياسات المالية والاجتماعية؛ على نحو يتسق مع الرصيد الكبير للبلدين في مجال التعاون التنموي باعتبارهما أحد أكبر الشركاء على مستوى العالم، نظرًا لما تم من عمل مشترك في قطاعات عديدة خلال الفترة الماضية.

وأكد معيط أن ما تشهده العلاقات المصرية الألمانية من زخم ملموس؛ يجعلنا نتطلع لزيادة الاستثمارات الألمانية في مصر، خاصة أن الدولة تعمل على تحفيز مناخ الاستثمار وجذب المزيد من الأنشطة الإنتاجية في شتى القطاعات.

ولفت إلى التزام الحكومة ببرنامج إصلاح اقتصادي وإجراءات محفزة للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، على نحو يدفعه للاستفادة من الفرص المتاحة فى مجالات واعدة وذات قيمة مضافة وتنافسية عالمية.

اجتماعات وزير المالية تأمين مشروعات البنية التحتية 

وقال الوزير إننا نتطلع إلى تعزيز التعاون المشترك فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والغاز المسال على نحو يحقق مصالح الجانبين، ويسهم فى دعم جهود التنمية المستدامة والاستثمارات الصديقة للبيئة.

وشدد على حتمية الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الألمانية لتوطين الصناعة في مصر بما يساعد في دعم القطاع الصناعي، وزيادة فرص العمل ورفع مستوى حياة المواطنين وتطوير الخدمات المقدمة إليهم.

وأشار وزير المالية إلى أن مصر تؤمن بأهمية الشراكات التنموية الدولية على النحو الذي يسهم فى تحقيق النمو المستدام، وتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي، خاصة مع ما يعيشه العالم من تحديات تأثرًا بتبعات جائحة كورونا، وتداعيات الحرب في أوروبا، التى أدت إلى ضغوط ضخمة على الأسواق الناشئة.

وأكد أهمية الحزم وبرامج الحماية الاجتماعية للتعامل مع الآثار السلبية للموجة التضخمية العاتية وارتفاع تكلفة الغذاء والطاقة.

كما عقد الدكتور محمد معيط وزير المالية، لقاءً ثنائيًا مع أسامة القيسي الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، على هامش مشاركتهما في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بالعاصمة المغربية مراكش، لبحث سبل تعزيز التعاون وتعميق مساهمة المؤسسة في تمويل وتسهيل تمويل المشروعات الاستراتيجية في مصر.

وأكد  معيط، أننا حريصون على تعميق سبل التواصل الدائم مع الشركاء الدوليين لدفع الجهود التنموية فى مصر، بإتاحة الفرصة بشكل أكبر للقطاع الخاص على نحو يُسهم في تعظيم القدرات الإنتاجية والتصديرية حيث أصبح مناخ الاستثمار في مصر أكثر جذبًا.

وقال الوزير، إننا نتطلع إلى دور أكبر للمؤسسة لدعم التجارة والاستثمار في مصر بما يتوافق مع رؤية مصر 2030 وبرنامج الإصلاحات الهيكلية، عبر تقديم خدمات تأمين الاستثمارات والتصدير والاستيراد وخدمة الائتمان على الصادرات، لتوفير الحماية من المخاطر للمستثمرين، في القطاعات الاستراتيجية الواعدة المختلفة، ومنها: الصناعة، والزراعة، والاتصالات والتكنولوجيا، والنقل والطاقة، والمشروعات والشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلي تعميق التعاون في مجال الدعم التأميني لمشروعات البنية التحتية وتوفير السلع الاستراتيجية لاستيعاب المخاطر التجارية، وإصدارات الصكوك.

أضاف الوزير، أن الحكومة المصرية طرحت برنامجًا قويًا لدعم وتنمية الصادرات المصرية منذ أكتوبر 2019 وحتى الآن، من خلال 6 مبادرات لسداد المبالغ المتأخرة لمساندة القطاعات الإنتاجية التصديرية لدى صندوق تنمية الصادرات لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة، من أجل نفاذ الصادرات المصرية إلى مختلف الأسواق العالمية والإقليمية.

جانب من الاجتماع الاتحاد الأوروبي وتطوير العلاقات

وحول سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي، عقد الدكتور محمد معيط وزير المالية، لقاءً ثنائيًا مع باولو جينتيلوني المفوض الاقتصادى بالاتحاد الأوروبي، على هامش مشاركتهما فى اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بمراكش.

وأكد معيط أن هناك آفاقًا رحبة للاستثمارات المحلية والأجنبية فى مصر، على نحو يشجع الاتحاد الأوروبي لضخ المزيد من التدفقات الاستثمارية خلال الفترة المقبلة في مصر، ذات الموقع الاستراتيجي المتفرد، خاصة في ضوء ما نمتلكه من بنية تحتية متطورة وقادرة على تلبية احتياجات الأنشطة الاستثمارية وبيئة تشريعية وحوافز ضريبية وجمركية، فضلًا على الحوافز الاستثمارية الجديدة التي توفر بيئة أعمال جاذبة للقطاع الخاص، ومنها: وثيقة سياسة ملكية الدولة والرخصة الذهبية، وبرنامج الطروحات الحكومية، بما يسهم فى تحفيز الاستثمار، وتعميق الإنتاج المحلي، بما يتسق مع جهود الدولة لتوطين الخبرات العالمية، والنهوض بالصناعة الوطنية فى شتى المجالات التنموية.

وأضاف الوزير، أننا حريصون على تعميق سبل التعاون في شتى المجالات بين مصر والاتحاد الأوروبي، لتحقيق التعافي الاقتصادي، والتحول الأخضر، بما يسهم في دعم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، مشيرًا إلى أن مصر والاتحاد الأوروبي، من أهم الشركاء التجاريين، وتم توقيع مشروع توأمة الجمارك مع الاتحاد الأوروبي؛ بما يعزز تطوير آليات العمل الجمركي لتتواكب مع المتغيرات التي تشهدها التجارة العالمية والاقتصاد العالمي أيضًا، وتحسين القدرة التنافسية، وضمان وصول السلع والخدمات إلى الأسواق المعنية، وفقًا للوائح منظمة التجارة العالمية واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر.

جانب من اللقاء بحث أوجه التعاون المشترك 

واجتمع محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبد الله، مع علي بن أحمد الكواري وزير المالية القطري، خلال مشاركته في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين، المنعقدة خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري في مدينة مراكش المغربية.

وناقش الاجتماع أهم التطورات والتحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم على الصعيدين الإقليمي والدولي، إضافة إلى استعراض العلاقات الثنائية وأوجه التعاون المشترك.

وأشادت كريستالينا جورجييفا مديرة صندوق النقد الدولي المصرفي حسن عبد الله محافظ البنك المركزي ومحمد معيط وزير المالية قائلة: “احترامي للسلطات المصرية ومحافظ البنك المركزي ووزير المالية الذين يتعاملون بشكل جيد مع التحديات الصعبة للغاية”.

وكشفت أن مصر حققت تقدمًا على عدد من الجبهات، بما في ذلك السياسة المالية، وتنفيذ استراتيجية طرح الشركات الحكومية، إلى جانب التعاون مع فريق الصندوق حول أفضل السبل لإدارة السياسات النقدية، مشيرة إلى أنه من المحتمل تنفيذ المراجعة الاقتصادية بشأن القرض البالغة قيمته 3 مليارات دولار قبل نهاية العام الحالي.

وقالت جورجييفا في أول ندوة صحفية لها خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المنعقدة بمراكش من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري، أن حسم الموعد يستند إلى أن الطرفين قادران على حل جميع القضايا المتبقية.

وأضافت: “مصر نجحت ونحن حاليا نقوم بتحديد التحديات للتأكد من قدرتها على تحقيق مزيدا من التقدم وتحديد موعد للمراجعة”.

جانب من اللقاء ارتفاع معدلات النمو 

وفي هذا الصدد، قال محمود عطا المحلل الاقتصادي وخبير أسواق المال، إنه مع ارتباك المشهد الاقتصادي العالمي في ظل التوترات الجيوسياسية عالميًا، فإن الاقتصاد المصري يواجه العديد من التحديات على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، مع أزمة كورونا وتوقف سلاسل الإمداد وارتفاع معدلات التضخم عالميًا بالتبعية محليا ثم بعد ذلك الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها علي الاقتصاد العالمي، ورغم التحديات إلا أن الحكومة المصرية تسير بخطى ثابتة في برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وأوضح أن الاقتصاد المحلي حقق تقدمًا ملحوظًا علي مستوي النمو ولاسيما بعد تحرير صرف الجنية المصري أمام الدولار، وأيضًا السير قدما في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، مُشيرًا إلى أن الاقتصاد المصري مازال صامدًا ويحقق معدلات نمو إيجابية.

على هامش اجتماعات صندوق النقد.. مباحثات بين وزراء مالية 4 دول عربية اجتماعات صندوق النقد الدولي.. السياسة تهيمن وضربة حماس الموجعة لإسرائيل تتصدر المشهد

وتابع: تصريحات مديرة صندوق النقد الأخيرة، بأن الدولة المصرية قادرة على تجاوز هذه التحديات خاصة مع انتهاء وتيرة التشديد النقدي عالميًا والتي باتت قريبة، قد تساعد الاقتصاد المصري على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بخلاف حجم الاستثمارات العربية”.

وتوقع أنه مع المراجعة المقبلة لصندوق النقد الدولي ونجاح الدولة المصرية في الوفاء بالتزاماتها، أن يشهد النصف الثاني من 2024 تقدمًا ملحوظًا على مستوى الاقتصاد الكلي ومعدلات النمو".

كريستالينا جورجييفا

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صندوق النقد صندوق النقد الدولى المغرب وزير المالية محمد معيط مديرة صندوق النقد الدولي محافظ البنك المركزى اسعار الفائدة اجتماعات صندوق النقد الدولی الاقتصاد العالمی

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد: دول جنوب إفريقيا تشهد انتعاشة اقتصادية بنسبة 3.8% خلال عام 2025

تقف منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا عند مفترق طرق فبعد سنوات من الاضطراب الاقتصادي الذي اتسمت به الجائحة، وأزمات المناخ المدمرة، وتزايد عدم الاستقرار السياسي، فقد بدأت المنطقة أخيرا في رؤية علامات التعافي ومع ذلك يظل هذا التعافي هشا ومتفاوتا.

وتبلغ توقعات النمو للعام الجاري، وفقا لصندوق النقد الدولي، نحو3.8%، بارتفاع طفيف مقابل3.4% في العام السابق، مع توقعات بالاستقرار عند 4% في عام 2025، ومع ذلك، فإن هذه الأرقام تخفي وراءها تحديات قد تعيق أي ازدهار حقيقي على المدى الطويل، حسبما أشارت صحيفة لوبوان الكونغولية اليوم.

وتابعت «يبدو أن الانتعاش الاقتصادي الملحوظ مدفوع بـ البلدان المنتجة للموارد الطبيعية، لا سيما البلدان المصدرة للنفط ومن المتوقع أن تسجل هذه الدول، التي تستفيد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، متوسط نمو قدره3.0% هذا العام. ومع ذلك، فإن هذا الأداء يخفي حقيقة معقدة: فـ الاقتصادات الغنية بالموارد الطبيعية تظل عرضة لتقلبات الأسواق العالمية ومن الأمثلة الصارخة على ذلك ما حدث في السنغال والنيجر، اللتين توقعتا، بفضل مشاريع استغلال الغاز والنفط الكبرى، نموا بنسبة 8.3% و10.4% على التوالي في العام 2024. ولكن هذه النتائج هشة، وقد يصبح اعتمادهما على المواد الخام عائقا سريعا. إذا انخفضت الأسعار أو إذا تباطأ الاستثمار الأجنبي

وفي الوقت نفسه، تسجل البلدان الإفريقية الأقل اعتمادا على المواد الخام، ولكن اقتصاداتها أكثر تنوعا، نموا أكثر ديناميكية. وتتوقع هذه الدول أن يبلغ متوسط النمو 5.7% هذا العام، وهو أداء أعلى بكثير من أداء الدول الغنية بالموارد.وهذا يدل على أن الاقتصاد المتنوع الذي يركز على قطاعات أخرى غير استغلال الموارد الطبيعية يبدو أكثر مرونة في مواجهة الصعود والهبوط الاقتصادي العالمي.

ومع ذلك، فإن هذه الدول، رغم وضعها الأفضل، تواجه تحديات عديدة. يتعين عليها التعامل مع التضخم، والبطالة، وزيادة الفجوات الاجتماعية التي تعيق خلق بيئة اقتصادية مستقرة وشاملة

ولا تزال التحديات المالية تشكل تهديدا دائما للمنطقة. إن ارتفاع الدين العام والإدارة المعقدة للمالية الوطنية والصعوبات في الحصول على التمويل الدولي تؤثر بشكل كبير على النمو.

وتتعرض معظم الاقتصادات الأفريقية بشكل كبير لتقلبات أسعار الفائدة العالمية والتغيرات في أسعار السلع الأساسية. ويفضل المستثمرون، الذين غالبًا ما يكونون حذرين في مواجهة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، انتظار إشارات أكثر وضوحًا قبل الإطلاق. وهذا الوضع يجعل من الصعب تعزيز النمو المستدام والشامل.

ويسلط تقرير صندوق النقد الدولي، الضوء على حقيقة لا مفر منها: فبدون إدارة صارمة للديون وتعزيز المؤسسات الاقتصادية، يمكن أن تشهد المنطقة تقدما بطيئا. وعلى هذا فإن منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا تجد نفسها في مواجهة معضلة. فمن ناحية، تبدو الآفاق الاقتصادية واعدة، يدعمها انتعاش جزئي في صادرات المواد الخام والاستثمارات الأجنبية.

من ناحية أخرى، فإن مخاطر الاقتصاد الكلي، وخاصة المرتبطة بالديون وعدم استقرار الأسواق العالمية، يمكن أن تعرض هذه الديناميكية للخطر. وسيتعين على الحكومات معالجة الأسباب الجذرية لهذه الاختلالات لضمان النمو المستدام والشامل على المدى الطويل.

وخلصت «لوبوان» الكونغولية إلى أن المستقبل الاقتصادي لدول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا سوف يعتمد على قدرتها على تنويع أنشطتها الاقتصادية وتنفيذ إصلاحات هيكلية طموحة و سيتعين على البلدان الغنية بالموارد الطبيعية أن تضاعف جهودها للتخلص من اعتمادها على المواد الخام، في حين يتعين على البلدان التي اختارت اقتصادا أكثر تنوعا أن تحافظ على استقرارها الداخلي بينما تواصل انفتاحها على السوق العالمية. وإذا تمت معالجة هذه التحديات، فلن تتمكن المنطقة من رؤية تسارع نموها فحسب، بل قد تقدم أيضا نموذجا تنمويًا أكثر مرونة في مواجهة الشكوك الاقتصادية العالمية.

اقرأ أيضاًبعثة صندوق النقد الدولي تختتم مراجعتها الرابعة في مصر

«المراجعة الرابعة تبدأ الثلاثاء».. أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال المؤتمر الصحفي مع مدير صندوق النقد الدولي (إنفوجراف)

«تخفيف الضغوط عن المواطنين».. أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مدير عام صندوق النقد الدولي (إنفوجراف)

مقالات مشابهة

  • «النقد الدولي» يقدم مساعدات بقيمة 645 مليون دولار لبنجلاديش
  • رئيس الرقابة المالية يناقش تطورات تقارير الاستدامة باجتماعات الأيوسكو بتركيا
  • صندوق النقد يتوقع خفض النمو الاقتصادي لموزمبيق
  • العراق يعلن عن تخلصه من عبء الديون الخارجية
  • عاجل.. سبب تعاقد الزمالك مع جروس ومفاجأة بشأن ميكالي
  • تشجيع الصادرات المصرية.. تعرف على أبرز 5 تصريحات لوزير الاستثمار أمام النواب
  • خالد الغندور يكشف سبب تعاقد الزمالك مع جروس ومفاجأة بشأن ميكالي
  • صندوق النقد: دول جنوب إفريقيا تشهد انتعاشة اقتصادية بنسبة 3.8% خلال عام 2025
  • صندوق النقد الدولي يتوقع انتعاشًا بإفريقيا "جنوب الصحراء" يصل 3.8% العام الجاري
  • 2025: عام الانتعاش الاقتصادي في ليبيا وفقًا لصندوق النقد الدولي