مسقط - العُمانية

تستثمر سلطنة عُمان في اقتصاد الهيدروجين بقيمة تفوق 30 مليار دولار أمريكي، ساعيةً في أن تكون واحدة من أكبر المنتجين على مستوى العالم بحلول عام 2030.

وتأتي سلطنة عُمان في طليعة الدول في استخدام الطاقة النظيفة لإنتاج الكهرباء، حيث تمتلك محطات للطاقة الشمسية والرياح، كتوجه للاستفادة من المصادر الطبيعية المتوفرة، وللحفاظ على البيئة في آن واحد، في الوقت الذي تعمل فيه على استراتيجية الانتقال المنظّم للحياد الصفري، لخفض الانبعاثات.

وأوضح معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن أن سلطنة عُمان تبذل جهودًا حثيثة للوصول إلى تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050 من خلال خطة وطنية معلنة، ولتحقيق التنمية المستدامة، وترتكز هذه الخطة على أهمية النمو المتسارع للطاقة النظيفة والدفع بالمشاريع الخضراء والهيدروجين الأخضر، مع الزيادة المطردة للمساحات الخضراء والعناية بالمحميات الطبيعية.

وقال معالي المهندس إن قطاع الطاقة يؤدي دورًا حاسمًا في خفض انبعاثات الكربون وتقليص مخاطر التغير المناخي، وذلك من خلال زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية والرياح التي ستقلّل بشكل كبير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتحسين كفاءة الطاقة، مضيفًا أن تحسين كفاءة المباني والمركبات يقلّل من الاحتياج لاستهلاك الطاقة، وبالتالي يقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات المرتبطة بها، وأيضًا إمكان التحوّل التدريجي إلى التنقل الأخضر؛ من خلال تعزيز استخدام وسائل النقل الأخضر مثل: السيارات الكهربائية، ويمكن للابتكارات التكنولوجية أن تلعب دورًا مهمًّا في تقليص مخاطر التغير المناخي، مثل: تطوير تقنيات امتصاص الكربون وتخزينه تحت الأرض، وتطوير تقنيات الطاقة النووية النظيفة.

وأضاف معالي المهندس أن الاستثمار في مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر من الركائز المهمة نحو الوصول إلى الحياد الكربوني الصفري، وذلك يتماشى مع الطموحات في أن تصبح سلطنة عُمان أحد أكبر منتجي الهيدروجين على مستوى العالم بحلول عام 2030، لا سيما مع امتلاك المقوّمات الطبيعية والجغرافية المؤهلة لريادة هذا القطاع الواعد وتحقيق الاستفادة المثلى منه بصفته الأكثر استدامة، علاوة على كونه أحد الممكنات لتحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040" فيما يتعلق بدعم تنويع الاقتصاد الوطني ومستقبل الطاقة المتجددة والمساهمة في تخفيض انبعاثات الكربون.

وأكد معالي المهندس أن سلطنة عُمان تمضي بوتيرة متسارعة لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر وفق المخطط لها، وقطعت أشواطًا جيدة في هذا المجال، من خلال جولات المزايدة التي تم طرحها، وكذلك توقيع عدد من الاتفاقيات لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر خلال الفترة السابقة، وبهذا تؤكد السلطنة جديتها في تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر وجاذبية الفرص التي تطرحها للاستثمار الأجنبي.

كما أشار وزير الطاقة والمعادن إلى أن التوجيهات السامية بإنشاء مركز عُمان للاستدامة خطوة مهمة ومتقدمة للمتابعة المستمرة للأداء، وهو بمثابة المركز الفكري والاستشاري لضمان تنفيذ الخطة الوطنية للحياد الصفري اتساقًا مع منهجية المتابعة لتحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040"، ومتابعة تنفيذ كافة مخرجات الخطة من مبادرات ومشاريع، وحلحلة تحدياتها، كما يمكن المتابعة المستمرة مع مختلف الجهات المعنية لتحقيق الأهداف في الوقت المناسب، مشيرًا إلى أن هذه الجهود والخطوات الجادة في دعم مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين توضح أن قطاع الطاقة بسلطنة عُمان يمضي نحو الاستدامة، تماشيًا مع التحول العالمي في استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتبنّي تكنولوجيات تقلّل من الانبعاثات وتحافظ على الموارد الطبيعية.

من جانب آخر أكد سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة أن سلطنة عُمان تمضي قدمًا للوفاء بالالتزامات والمتطلبات الدولية لاتفاقية باريس للتغيّر المناخي، حرصًا على حماية البيئة وصون الموارد الطبيعية، للوصول إلى مرحلة الاستدامة للحد من آثار التغير المناخي، مشيرًا إلى أن السلطنة من الدول الرائدة التي أولت اهتمامًا بالغًا ومبكرًا لصون البيئة، فقد عملت على تنفيذ مبادرات ومشاريع في خفض الانبعاثات في مجال تأهيل التنوع الحيوي والغطاء النباتي والاقتصاد الأخضر والدائري، والتكيّف مع المتغيرات المناخية.

وأوضح سعادة الدكتور أنه منذ اعتماد سلطنة عُمان الاستراتيجية الوطنية للانتقال المنظّم للحياد الصفري في ٢٠٢٢، وإعلان عام ٢٠٥٠ للحياد الصفري على المستوى الوطني، يعمل الفريق الوطني للحياد الصفري على بناء خطط بالشراكة مع قطاعات الطاقة بشقيه: النفط والغاز والكهرباء، والمدن والمباني، والنقل، والصناعة، لتحديد المشروعات الرئيسة والمبادرات والإجراءات الضرورية لتمكينها من الوصول إلى الالتزام الوطني لخفض الانبعاثات بحلول ٢٠٣٠ وصولًا إلى العام المعتمد "٢٠٥٠"، مؤكدًا في معرض حديثه أن الفريق متابع من كثب لهذه القطاعات، ومستمر في تحديث وإضافة مبادرات جديدة لضمان الوفاء بالالتزامات في وقتها دون تأخير.

وأضاف رئيس هيئة البيئة أن سلطنة عُمان تعمل حاليًا على إعداد تقرير للأداء البيئي، وسيسلَّم إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة في نوفمبر المقبل، وذلك لإبراز كافة الجهود البيئية في خفض الانبعاثات والتكيّف المناخي أو تنمية التنوع الحيوي بشقيه البري والبحري والغطاء النباتي، إضافة إلى إجراءاتها ومبادراتها في محور الاقتصاد الأخضر والدائري، كما ستسلّم سلطنة عمان بنهاية أكتوبر التحديث الثالث لتقرير المساهمة المحددة في خفض الانبعاثات إلى المنظمة الدولية للشؤون المناخية، إذ إن هذا التقرير يعكس الالتزام بما ورد في الاستراتيجية الوطنية للانتقال المنظَّم للحياد الصفري.

وصرّح سعادته بأن الأيام المقبلة ستشهد الإعلان عن مشروع استثمار بيئي في الكربون الأزرق، الذي يعد من الحلول المعتمدة على الطبيعة في خفض الانبعاثات، وذلك من خلال عدد الأشجار التي ستزرع في سلطنة عُمان وهو مشروع فريد من نوعه في المنطقة.

وكشف سعادة الدكتور عبدالله العمري عن استعداد سلطنة عُمان للمشاركة في قمة المناخ cop28، التي ستقام في نهاية نوفمبر المقبل بدولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرًا إلى تشكيل لجنة توجيهية لتنظيم وإبراز جهود السلطنة في مختلف المجالات البيئية بدءًا من الطاقة المتجددة، والاقتصاد الأخضر، وإعادة تدوير النفايات، وخفض الانبعاثات، والتكيّف مع التغيرات المناخية، إضافة إلى الجاهزية المناخية التي تعد تجربة متقدمة من حيث بناء القدرات، فالخطة الوطنية للحالات الطارئة المناخية من أنجح الخطط في التعامل مع الكوارث والأنواء المناخية الاستثنائية.

وأكد سعادته أن كل هذه الجهود ستبرُز في جناح سلطنة عُمان في قمة المناخ لضمان التفاعل مع المجتمع الدولي، وعكس الصورة المشرقة عن البيئة العُمانية عبر تنظيم العروض المرئية وحلقات العمل والنقاشات في أيام القمة، موضحًا أنه تم تعيين فريق لرصد أفضل الممارسات وأحدث التقنيات والحلول المطبقة عالميًّا، حيث سيزور الفريق أجنحة الدول المشاركة للاستفادة من التجارب الناجحة لتطبيقها في السلطنة.

وأشار رئيس هيئة البيئة إلى أن هناك فريقًا تفاوضيًّا يعمل مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومع المجموعة العربية للتفاعل بإيجابية مع مفاوضات التغيّر المناخي العالمي، لضمان الخروج بقرارات إيجابية تأخذ في الاعتبار المتطلبات الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، وتعمل على الحد من آثار التغيّر المناخي لضمان سلامة الكوكب للأجيال القادمة دون أن يكون هناك خلل أو تأثير سلبي على الاقتصادات الوطنية والإقليمية والعالمية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الهیدروجین الأخضر فی خفض الانبعاثات الطاقة المتجددة للحیاد الصفری معالی المهندس من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

اكتشاف 55 مليار طن من الحديد يعيد تشكيل اقتصاد العالم.. ماذا حدث؟

في حدث تاريخي قد يعيد كتابة مستقبل العديد من القطاعات الاقتصادية، أعلن الباحثون عن اكتشاف ضخم لاحتياطي خام الحديد غرب أستراليا، يُقدّر بـ 55 مليار طن. 

هذا الاكتشاف لا يُعتبر مجرد رقم، بل يُمثّل قيمة سوقية هائلة تصل إلى 5,775 تريليون دولار، وهي كمية قد تقلب موازين أسواق الحديد العالمية.

أضخم احتياطي حديد

بحسب "ساينس أليرت" فإن الاحتياطي المكتشَف يُمثل كنزًا حقيقيًا وثروة من شأنه أن يعيد تشكيل العوامل الاقتصادية في أستراليا وكذلك في العالم بشكل عام. 

هذه الكمية الهائلة من الحديد هي بمثابة نقطة تحول كبيرة يستطيع أن يعيد تشكيل ملامح الصناعة الدولية وأسواق المواد الخام. يمكن اعتبار هذا الاحتياطي أكبر احتياطي للحديد في العالم، وهو ما سيعزز مكانة أستراليا كلاعب رئيسي في صناعة التعدين العالمية.

كما يفتح هذا الاكتشاف، نافذة جديدة أمام العلماء لإعادة التفكير في آليات تشكيل المعادن وتاريخ كوكب الأرض الجيولوجي. فقد أشار العلماء إلى أن البحوث الجديدة قد تدفعنا إلى إعادة كتابة فصول مهمة من تاريخ كوكبنا. 

تفاصيل اكتشاف استراليا 

يُظهر التحليل المحدث للعينات المعدنية، باستخدام تقنيات التأريخ النظائري والكيميائي، أن هذه التكوينات قد تكون أحدث مما كان يُعتقد سابقًا. حيث يُعتقد أن عمرها يقارب 1.4 مليار سنة، وهو ما يُعتبر حديثًا نسبيًا بالمقارنة مع التقديرات السابقة.

لقد أظهرت النتائج أن العلماء كانوا مخطئين في تقدير عمر هذه الاحتياطيات، وهذا يُعني أن علينا إعادة التفكير في علاقة هذه التكوينات المعدنية بحركة القارات في التاريخ القديم. 

بحسب العلماء، يعتبر هذا المحور مهمًا لعلم الجيولوجيا، حيث يُمكن أن يُؤثر في فهمنا لكيفية تشكّل المعادن عبر العصور. ويرى الخبراء أن هذا الاكتشاف يظهر العلاقة الوثيقة بين التغيرات المعدنية ودورات حركة القارات.

التأثير على الاقتصاد والاستثمارات

مع الكمية الضخمة من الحديد المكتشف، يتوقع الخبراء أن يُعزز هذا الاحتياطي موقف أستراليا كدولة رائدة في مجال التعدين على مستوى العالم. ومن المؤكد أن تأثير هذا الاكتشاف سيمتد إلى التجارة الدولية والاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على استيراد الحديد، بما في ذلك الدول الصناعية الكبرى مثل الصين والهند.

ومع ذلك، فإن هذا الاحتياطي الكبير يُثير العديد من التساؤلات حول كيفية تنفيذ عمليات الاستخراج والتأثيرات البيئية المتوقعة. فهناك قلق متزايد من نشطاء البيئة الذين يُطالبون بضرورة التعامل بحذر مع هذا الاكتشاف لضمان استغلاله بشكل مسؤول يراعي البيئة المحلية.

من الأمور الهامة أيضًا -بحسب الخبراء- هو التأكيد على حماية حقوق السكان الأصليين في المنطقة التي تم اكتشاف الحديد فيها. يتوجب أن تكون هناك فرص تنموية وتعويضات عادلة لمن يعيشون في تلك المناطق. وبالتأكيد، سيتطلب الأمر تعاونا بين الحكومة، الشركات، والمجتمعات المحلية لضمان أن يكون الاستغلال اقتصاديًا واجتماعيًا مستدامًا.

طباعة شارك استراليا اكتشاف استراليا أضخم احتياطي حديد منجم حديد اكتشاف منجم حديد

مقالات مشابهة

  • حسام هيبة: نستهدف 60 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال 4 سنوات
  • التايمز تكشف عن استثمارات قطرية بـ 100 مليار في بريطانيا
  • توقيع استثمارات استراتيجية في ختام منتدى "أدفانتج عُمان".. و"الطاولة المستديرة" تستكشف فرص الاستثمار في القطاعات الحيوية
  • وفد يمثل الداخلة في زيارة ميدانية لميناء “لا نوفيل” ومشروع الهيدروجين الأخضر بفرنسا
  • وزير الخارجية ونظيره الإيراني يستعرضان مستجدات المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان
  • منشآت «كهرباء دبي».. نموذج استدامة يواكب النمو
  • 8.3 مليار دولار استثمارات في 3 سنوات.. مدبولي: فرص واعدة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس
  • اكتشاف 55 مليار طن من الحديد يعيد تشكيل اقتصاد العالم.. ماذا حدث؟
  • السفيرة الأمريكية: اتفاقية التجارة الحرة مع عُمان "أصل استراتيجي".. وأمريكا ثاني أكبر مستثمر بـ16 مليار دولار
  • سلطنة عمان تعزي في ضحايا بندر عباس