البابا تواضروس يتفقد أوضاع الكنائس القبطية فى ميلانو
بالأزهار والمحبة.. الأطفال يستقبلون بطريرك الأقباط فى إيطاليا
البابا تواضروس: التواضع أرض حاملة لكل الفضائل
يتابع المسيحيون فى العالم النشاط الرعوى المكثف الذى يشهده قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، منذ مطلع العام الجارى، ولا يكتفى بالمتابعة الإلكترونية بل يحرص على تفقد أوضاع الأقباط فى ربوع الأرض وأينما وجدت كنيسة مصرية فى العالم، تجده متفقدًا وراعيًا يسير على نهج الآباء والقديسين الذين أفنوا حياتهم من أجل خدمة المسيح وأبناء الكنائس على مر العصور.
ومنذ أيام استهل قداسة البابا جولته الرعوية لميلانو وڤينيسيا بإيطاليا وهى الثانية خلال العام الجارى، حيث زار الفاتيكان فى لقاء تاريخى أعاد احياء الذكرى الـ50 على عودة العلاقات بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، كما تزامن مع الذكرى العاشرة لقاء بطريرك الأقباط مع بابا الفاتيكان قداسة البابا فرنسيس.
كان فى انتظار قداسة البابا رموز الولة المصرية فى ميلانو والآباء الأساقفة الأنبا أنطونيو والأنبا لوقا أسقف سويسرا الفرنسية وجنوبى فرنسا، والوفد المرافق فى هذه الزيارة المكون من، الأنبا دانيال مطران المعادى وسكرتير المجمع المقدس، والأنبا غبريال أسقف بنى سويف، والأنبا يوليوس الأسقف العام لمصر القديمة وأسقفية الخدمات، الراهب القس كيرلس الأنبا بيشوى مدير مكتب قداسة البابا، استقبلتهم ابتسامات الأطفال حاملين الأزهار وأبناء الأقباط بالمهجر الذى تفيض قلوبهم بشوق لقاء وحضور اجتماعات الأب الراعى.
توجه قداسة البابا فى أولى فعاليات الزيارة، دير القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين للقاء بمجمع كهنة إيبارشية ميلانو وزوجاتهم، وكان موضوع الجلسة الأولى هو «الاشتياق إلى الله» من خلال القطعة الأولى من قطع صلاة الساعة التاسعة، وفسر البابا فى مستهل الحديث «قدس نفسى» وهو مايصل إليه الإنسان بالصلوات الفردية، الجماعية، والطقسية، وممارستها باشتياق وليس بطريقة روتينية.
وفى الجزء الثانى من المعنى قال «أضئ فهمى» موضحًا أنه ما يجعل الإنسان متخليًا بروح الاستنارة، والمفهوم الثالث «اجعلنى شريكا لنعمة أسرارك المحيية» ويقصد بها التوبة والاعتراف والتناول، شارحًا أن هذه الأسرار تجعل قلب الإنسان ينبض بالاشتياق إلى الله، واستكمل قداسته الشرح حتى اختتم جلسته الأولى.
لم يكل البابا من تأكيد محبته للأطفال فى جميع زيارته فقد خصص وقتًا فى جولته من أجل كبار السن والأطفال من ذوى القدرات الخاصة، والشباب.
كما قدم خدمته الرعوية لإعمار الكنائس القبطية فى بلاد المهجر من خلال تطبيق قطصو التدشن لكنيسة السيدة العذراء والقديس يوسف الرامى بمنطقة كورفتو بميلانو، وتفقد أوضاعهم الرعوية وسمع إلى أفكارهم لعدة ساعات.
وتخللت الزيارة المكثفة أيضًا تقديم العظة الروحية خلال الاجتماع العام الاسبوعى والتى جاءت بعنوان «وداعة للفضلاء» استكمالًا لـ سلسلة صلوات قصيرة من القداس التى استهلها قداسة البابا منذ مطلع العام، وأقيمت بين جنابات دير القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بميلانو، وشهد الاجتماع حضورًا كبيرًا من الذين حرصوا على التواجد لسماع كلمة البابا تواضروس الذى أعرب عن سعادته بالزيارة لميلانو وڤينيسيا مفسرًا سر حبه لهذه المدينة قائلًا: «تضم هذه النقطة أعظم كاتدرائية تحوى جسد القديس مار مرقس»، كما تحدث قداسته عن تدشين كاتدرائية أنشأها الراحل المطران الأنبا كيرلس لتكون مركزًا للكنائس القبطية فى أوروبا.
استهل كلمته بترديد جزء من رسالة من رسالة المعلم بطرس الرسول الأولى (١بط ٤: ٧ - ١١) متناولًا «وداعة للفضلاء»، كموضوع يحمل أهمية روحية كبيرة باعتبارها فضيلة يكتسبها البعض منذ ولادتهم حسب قوله مستشهدًا ببعض القديسين مثل يوحنا المعمدان والقديس موسى القوى الذى يشتهر بجملته «لا تعيش فضيلة إلا بالوداعة».
لم يكتفى البابا بهذا المثل فى تفسيرته لأهمية هذه الفضيلة بل تناول مفهوم «السلوك بوداعة» وهو ما ورد ويتردد على ألسنة المُصلين فى الكنائس خلال إنجيل باكر يوميًا أثناء الصلاة من رسالة أفسس.
أستكمل شارحًا مفهوم «الوداعة لازمة لكل فضيلة» مستشهدًا ببعض الأقوال التى وضعها القديسين والسيدة العذراء مثل قول القديس موسى القوى «تواضع القلب يتقدم الفضائل» والسيدة العذراء تقول: «أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ» (لو ١: ٥٢) .
وفسر مفهوم «الوداعة فى الألفاظ» أى امكانية اختيار المفردات والكلمات التى لا تتسبب فى تحطيم نفس الأخر، مستشهدًا لصفات السيد المسيح التى تتعلق بالوداعة فى كثير من المواضع من بينها تعامله مع المرأة الخاطئة حين أرادوا رجمها، لكنه تعامل برحمة وحسن تصرف حتى لا يحطم فؤادها التائب.
وهناك مفهوم أخير وهو «الوداعة مع الشجاعة» أراد البابا أن يختتم حديثه باستعراض مثالًا للسيد المسيح فى تطهيره للهيكل، مستشهدًا بمقولة القديس امبروسيوس «الوداعة هى القاعدة الأولى الجديرة بالاتباع».
اختتم بطريرك الأقباط عظته بالإشارة إلى صفات الوداعة، وهى: اللطف، وطالب الميع أن يتعامل الجميع بلطف فى التشجيع والتحفيز والتسامح كما أوصى وعلم الآباء القديسين أن «التواضع أرض حاملة لكل الفضائل».
لم يكتف البابا تواضروس من تقديم هذه الكلمات خلال عظته الروحية بل حرص على عقد لقاء روحى آخر مع خدام وخادمات إيبارشية ميلانو بعنوان «الخدمة»، حيث قرأ جزءًا من الرسالة الثانية المعلم بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس، مفسرًا المعانى المراد توصيلها للأقباط من الوصايا الواردة فى هذا النص، وهى «اكرز بالكلمة» أى يكون يحافظ القبط على ترديد الإنجيل، وفى الكلمة «وبخ» تعنى توبيخ فعل الخطية، والوصية الثالية «عظ» أى أن توب الناس، ولذلك يجب أن يتولى الإنسان نفسه أولًا، وفى الوصية الرابعة التى تقول «وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح» وهو ما ورد منذ العقود الأولى، «وينحرفون إلى الخرافات» هذه الوصية تعنى ما يحدث فى العالم الآن من دعوات غير منطقية للعقل الإنسان المتعلقة بطبيعة البشر، والوصية الخامسة «أما انت» تعنى أن هذا الالتزام يجب على كل خادم منفردًا، وأن يرى الإنسان نفسه الاول قبل الآخر فى تقويم صفاته، وأن يكون متيقظًا فى كل أمور الخدمة، ومتحملًا لمشقات الرعاية، وأن يكون ذا حضور مفرح للمخدومين حتى تتم خدمته الصالحة كما أوصى بها الكتاب المقدس.
وأراد البابا تواضروس أن يضع تفسيرًا لتعريف «الخدمة الكنيسة»، وأنه تعنى الوزنة والمسئولية وتحقيق الفرحة للآخر، مشيرًا إلى بعض الصفات التى يجب توافرها فى الخادم الصالح، مؤكدًا انه لا بد أن يكون شاهدًا للمسيح، ومعلم قوى، ومحب.
أما عن احتياج الخادم فقد فسر قداسته أنه حتى يصبح خادمًا لابد من تحقيق «خبرة المكان» أى يتعلم ويكتسب الخبرة اللازمة، وأيضًا هناك «خبرة الزمان» أى أن يستفيد بالوقت الصحيح من خلال اداء العبادات والتسبيح، وأخيرًا يحتاج إلى «خبرة الكيان».
وتناول البابا فى هذا اللقاء أبرز خمس صفات تساهم فى نجاح خدمة الخادم الكنسى، واستهلها بـ«مشبع الروح» وتعنى أن يكون ملمًا بكتب الكنيسة تاريخها وتراثها العريق وطقوسها الروحية.
ولابد أن يتمكن من تحقيق «امتاع الحاضرين» مفسرًا أنه يجب على خادم أن يكون مفرحًا، يبتكر فى الخدمة، ويراعى الجميع.
والصفة الثالثة التى يجب توافرها فى الخادم الكنسى أن يكون «مثقفًا» أى يصبح ملمًا بأمور كثيرة روحية وثقافية واجتماعى، ومن ضمن هذه الصفات أيضًا أن يكون «قلبه متسع» يهتم ويصبر على الناس، وأخيرًا يجب أن يكون «متعدد الجوانب: فى الالتزام ومنطلق للجميع وحافظ للتسابيح ومشجع فى الافتقاد.
كان قداسة البابا مع نهاية جميع الجلسات الروحية يترك بصمة مثمرة فى نفوس الأقباط ويحرص على إهداء الجميع «أيقونات وصليب قبطى مميز الصنع وهدايا رمزية» تخليدًا لهذه اللقاءات الرعوية التى تُنير نفس أبناء الكنيسة المصرية فى ربوع الأرض أينما ذهب الراعى الصالح حتى يتفقد أوضاعهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المسيحيون النشاط الرعوي قداسة البابا تواضروس بابا الاسكندرية البابا تواضروس قداسة البابا أن یکون
إقرأ أيضاً:
الأقباط يحتفلون بعيد الشهيد مارمينا العجائبي في الإسكندرية (فيديو)
شهد دير الشهيد مارمينا العجائبي في كينج مريوط، غرب الإسكندرية، ازدحامًا شديدًا، اليوم الأحد، تزامنًا مع احتفالات عيد استشهاد القديس مارمينا، شفيع الدير.
ومنذ أمس السبت، بدأ توافد الزوار من مختلف محافظات مصر، بل ومن دول العالم، للمشاركة في هذه المناسبة الدينية والسياحية الفريدة.
دير مارمينا قبلة روحية وسياحيةويقع دير مارمينا وسط صحراء مريوط الواسعة، ويعد وجهة روحية وسياحية فريدة، خاصة خلال شهري نوفمبر ومارس، حيث يتزامن عيد الشهيد مارمينا العجائبي مع احتفالات البابا كيرلس السادس، أحد رموز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ويزور الوافدون الدير للصلاة داخل المزار الذي يحتضن رفات الشهيد مارمينا، البابا كيرلس السادس، وأفا مينا رئيس الدير المتنيح. ويُعتبر تقبيل الأجساد المقدسة ورفع الصلوات بداخل المزار من الطقوس الدينية التي تجذب الزائرين أملاً في نيل البركة وتحقيق الأمنيات.
أجواء روحية مميزة في دير مارميناويقول مينا بدري، أحد الزوار، إن مارمينا يُعرف بلقب «العجائبي» بسبب المعجزات التي يُنسب إليه تحقيقها، وهو ما يجعل الدير وجهة للكثيرين الراغبين في الحصول على البركة. ويضيف: «الاحتفال بعيد مارمينا يتزامن سنويا مع رفاع صوم الميلاد المجيد، ما يزيد من الطابع الروحي لهذه المناسبة، بجانب الزيارات للمنطقة الأثرية المحيطة بالدير».
طقوس العيد تبدأ بعشية مهيبةوأقيمت، مساء أمس، عشية عيد الشهيد مارمينا برئاسة الأنبا كيرلس أفا مينا، أسقف ورئيس دير مارمينا العجائبي، بحضور شعبي كبير داخل كاتدرائية الدير. تضمنت العشية صلوات وألحان روحية، وتطييب رفات الشهيد بالعطور والزيوت المقدسة، وسط أجواء مهيبة.
وقاد الشمامسة زفة روحية وهم يحملون صلبانًا وصورًا للشهيد مارمينا، بينما قام الأساقفة والآباء الكهنة بتطييب الرفات وسط أجواء من التضرع والفرح.
معلم ديني عالمي في مصريُذكر أن الكنيسة التي تحتضن رفات الشهيد مارمينا تعود إلى القرون الأولى للمسيحية، وأعاد إحياءها البابا الراحل كيرلس السادس، الذي أنشأ حولها ديرًا كبيرًا وكنيستين، واشترى أراضي محيطة بها لتطوير المنطقة.
ورغم بُعد المسافة عن قلب الإسكندرية، شهد الدير توافد أعداد كبيرة من الزوار منذ مساء الجمعة، من مختلف أنحاء مصر ومن دول مجاورة، للمشاركة في الاحتفال بشفيعهم العظيم، ورفع الصلوات والطلبات.
دير مارمينا العجائبي ليس فقط مزارًا دينيًا، بل أصبح معلمًا سياحيًا عالميًا يعكس عمق الروحانية والتراث القبطي، ما يجعله قبلة للزوار على مدار العام.