ما المبادئ التي اتفقت عليها 200 وثيقة لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
أجرى فريق من الباحثين من البرازيل مراجعة منهجية وتحليلا للمبادئ التوجيهية العالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، لدراسة الوضع العالمي لأخلاقيات هذه التقنية الحديثة.
وأشار الباحثون في الورقة التي نشرتها دورية "باترنز" الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى أنهم وجدوا أنه في حين أن معظم المبادئ التوجيهية لتقنيات الذكاء الاصطناعي تقدر الخصوصية والشفافية والمساءلة، فإن القليل جدا منها يقدر الصدق أو الملكية الفكرية أو حقوق الأطفال.
وفي الوقت الذي نجحت فيه معظم المبادئ التوجيهية للاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي بتعريف المبادئ والقيم الأخلاقية، إلا أنها لم تقترح أساليب عملية لتنفيذها ولم تدفع باتجاه تنظيم ملزم قانونا.
يقول عالم الاجتماع في الجامعة البابوية الكاثوليكية في ريو غراندي دو سول بالبرازيل، والمؤلف المشارك جيمس ويليام سانتوس في البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" إن "وضع مبادئ توجيهية أخلاقية وهياكل حوكمة واضحة لنشر الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم هو الخطوة الأولى لتعزيز الثقة، والتخفيف من مخاطره، وضمان توزيع فوائده بشكل عادل".
ولتحديد إذا ما كان هناك إجماع عالمي في ما يتعلق بالاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، والمساعدة في توجيه هذا الإجماع، أجرى الباحثون مراجعة منهجية للسياسات والمبادئ التوجيهية الأخلاقية المنشورة بين عامي 2014 و2022.
وقد حددوا 200 وثيقة تتعلق بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وإدارته من 37 دولة و6 قارات مكتوبة أو مترجمة إلى 5 لغات مختلفة (الإنجليزية والبرتغالية والفرنسية والألمانية والإسبانية)، وتضمنت هذه الوثائق توصيات وأدلة عملية وأطر السياسات والمعالم القانونية ومدونات قواعد السلوك.
بعد ذلك، أجرى الفريق تحليلا لهذه الوثائق لتحديد المبادئ الأخلاقية الأكثر شيوعا، وفحص توزيعها العالمي، وتقييم التحيزات من حيث نوع المنظمات أو الأشخاص الذين أنتجوا هذه الوثائق.
ووجد الباحثون أن المبادئ الأكثر شيوعا التي نصت عليها الوثائق هي الشفافية، والأمن، والعدالة، والخصوصية، والمساءلة، والتي ظهرت في 82.5%، 78%، 75.5%، 68.5%، و67% من الوثائق، على التوالي.
وكانت المبادئ الأقل شيوعا هي حقوق العمل، والصدق، والملكية الفكرية، وحقوق الأطفال/ المراهقين، والتي ظهرت في 19.5%، و8.5%، و7%، و6% من الوثائق، ويؤكد المؤلفون أن هذه المبادئ تستحق مزيدا من الاهتمام.
وكانت معظم المبادئ التوجيهية (96%) التي نصت عليها الوثائق "معيارية" -تصف القيم الأخلاقية التي تنبغي مراعاتها في أثناء تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه- في حين أوصى 2% فقط بأساليب عملية لتنفيذ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، واقترح 4.5% فقط أشكالا ملزمة قانونا لتنظيم الذكاء الاصطناعي.
كما حدد الباحثون أيضا العديد من التحيزات فيما يتعلق بمكان إنتاج هذه المبادئ التوجيهية ومن قام بإنتاجها.
جغرافيًا، جاءت معظم المبادئ التوجيهية من دول في أوروبا الغربية (31.5%)، وأميركا الشمالية (34.5%)، وآسيا (11.5%)، في حين أن أقل من 4.5% من الوثائق نشأت في أميركا الجنوبية وأفريقيا وأوقيانوسيا مجتمعة. ويشير ذلك إلى أن أجزاء كثيرة من الجنوب العالمي ممثلة تمثيلا ناقصا في الخطاب العالمي حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وفي بعض الحالات، يشمل ذلك البلدان التي تشارك بشكل كبير في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، مثل الصين، التي زاد إنتاجها من الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بنسبة تزيد عن 120% بين عامي 2016 و2019.
تقول المؤلفة المشاركة كاميلا جالفاو من الجامعة البابوية الكاثوليكية في ريو غراندي دو سول، "يُظهر بحثنا ويعزز دعوتنا لجنوب الكرة الأرضية للاستيقاظ، ونداء لشمال الكرة الأرضية ليكون مستعدا للاستماع إلينا والترحيب بنا".
ويقول الباحثون إن الجهود المستقبلية يجب أن تركز على كيفية التنفيذ العملي لمبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. يقول سانتوس "الخطوة التالية هي بناء جسر بين المبادئ الأخلاقية المجردة والتطوير العملي لأنظمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يداعب خيال صناع الدراما
في أغسطس من العام الماضي، أجرى مركز «إبسوس» الفرنسي لأبحاث السوق وتحليل البيانات، استطلاع رأي، كشف أن "36%" من المصريين يستخدمون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتزداد النسبة إلى "40%" في الفئة العمرية بين "35 و 44 سنة"، وأكد "21%" منهم، أن هذه التكنولوجيا غيّرت حياتهم اليومية بشكل كبير لم يكن في الحسبان.
وربما لو أجري الاستطلاع مرة أخرى خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، لتقافزت الأرقام بشكل لن يكون، أيضًا، في الحسبان، عقب طفرة تطور "شات جي بي تي"، و"ديب سيك" وإخوتهما في مجال "مساعدي الذكاء الاصطناعي"، وربما لو دقق أحدنا في "يد الآخر"، لوجد هاتفه الذكي يكاد يلوّح له قائلاً: "أهلاً يا صديقي، كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟!".
عندما نقرأ مصطلح "استنساخ"، سرعان ما ترجع الذاكرة، فلاش باك، إلى عام 1997، حينما حدثت الضجة العالمية باستنساخ النعجة "دوللي" اصطناعيا، بتقنيات طبية تكنولوجية غاية في التعقيد "الجيني". وبعيدًا عن إشكالية الخلاف حول توقيت إجراء أول عملية استنساخ، سواء للفئران أو الحيوانات، فوجئ الجمهور بالمصطلح نفسه، لأول مرة، عبر الصفحات الفنية، كـ"اسم فيلم جديد" تم طرحه بعد عيد الفطر مباشرة، داهمته عواصف من الجدل، عقب التأجيل المفاجئ للعرض الخاص، وتراشق التصريحات بين صناع الفيلم، وجهاز الرقابة، وكانت المفاجأة الكبرى هي "بطل الفيلم" نفسه، الفنان سامح حسين، الذي تصدر التريند خلال شهر رمضان، بعد النجاح الكبير لبرنامجه الذي يقدمه عبر "السوشيال ميديا"، بعنوان "قطايف"، في قالب اجتماعي توعوي أخلاقي، وجاء الإعلان عن فيلمه "استنساخ" بمثابة "ضربة حظ" بتوقيت "يبدو مثاليا" عقب نجاحه في رمضان، كما تشارك بطولته الفنانة هبة مجدي، التي تألقت (أيضًا) في رمضان الماضي بمسلسليْ "المداح"، و"منتهي الصلاحية"، ولكن "التألق المزدوج" لبطليْ الفيلم، لم يشفع لهما أمام شباك التذاكر، فما زالت الإيرادات "هزيلة"، وإن كان صناع العمل يراهنون على الفترة المقبلة، بعد "تشبّع الجمهور من أفلام العيد" التي سبقت طرح "استنساخ".
وكانت "بوصلة" صناع الفيلم تتجه، قبل برنامج "قطايف"، إلى الاكتفاء بالعرض عبر المنصات الإلكترونية، نظرًا لكون بطل العمل ليس "نجم شباك"، وغيابه الطويل عن السينما، وتراجع إيرادات أفلامه السابقة، التي كان معظم جمهورها من "الأطفال"، خاصة أن البطل "يغيّر جلده الذي يعرفه جمهوره"، حيث يجسد سامح حسين دور "يونس العربي"، مريض نفسي سيكوباتي، كما أن فكرة الفيلم الجديد بعيدة تماما عن "اهتمامات الأطفال"، حيث تتناول الأحداث أفكارًا وجودية عميقة بين الفلسفة والهوية، في قالب تشويقي جاد، حول تداعيات الذكاء الاصطناعي والاستنساخ البشري، وآثارها على جوانب حياتنا الإنسانية والاجتماعية، والعلاقة المعقدة بين الإنسان والتكنولوجيا في المستقبل، والطريف، أننا سألنا "شات جي بي تي" عن "رأيه" في هذا الطرح، فكانت إجابته بأن المعالجة الدرامية تبتعد عن الواقع إلى حد كبير، فمساعد الذكاء الاصطناعي لا يستنسخ البشر، وإنما يعالج البيانات ويتفاعل مع المستخدمين بناء على البرمجة والتعلم، وانتقد "شات جي بي تي" ما ينسجه خيال صناع الدراما من "مخاوف" حول سيطرة الذكاء الاصطناعي، و"وصفها" بأنها "مبالغات درامية"، تعكس المخاوف البشرية بشكل عام من المجهول الذي تأتي به التكنولوجيا، وإن كانت "على حد تعبير شات جي بي تي"، مخاوف غير حقيقية، باعتبار أن خروج الذكاء الاصطناعي (أحيانا) عن سيطرة البشر، ليس مرجعه "نوايا خبيثة" من الذكاء الاصطناعي، كما يتوهم البعض، وإنما "قيادة غير حكيمة من البشر"، وإشراف "غير كافٍ"، و"مراقبة غير دقيقة" لتطبيقات حساسة، مما أدى لاتخاذ الذكاء الاصطناعي "قرارات غير متوقعة" بناء على خوارزميات معقدة، لم يتم حسابها بدقة من جانب البشر!!
ومنذ عام، تقريبًا، فتحت الدراما المصرية، أبوابها أمام قضايا "تقنية"، تتعلق بالتكنولوجيا المتطورة، والذكاء الاصطناعي، وتناول معظمها العلاقة "المريبة" مع بعض البشر "المؤذين" الذين يمارسون "جرائم إلكترونية" في الخفاء، ودارت "الحبكات الجديدة" في قوالب التشويق والإثارة والغموض، حول "توريط الأبرياء" بأساليب التحايل و"النصب" و"التزييف العميق" الذي يتم باستخدام "AI"، هذين "الحرفين باللغة الإنجليزية" اللذين باتا من "أساسيات الحوار الدرامي" لعدد من المسلسلات المصرية التي عرضت مؤخرا، ومنها "رقم سري"، و"صوت وصورة"، وفي دراما رمضان 2025: "أثينا"، و"منتهي الصلاحية"، كما قدم مسلسل "تيتا زوزو"، 2024، معالجة "إنسانية" مبتكرة، للعلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي، عن طريق "تطبيق ذكاء اصطناعي يخلق كائنا افتراضيا"، يتفاعل مع الأبطال، يؤنسهم ويؤثر فيهم، وتتغير به مسارات الأحداث، هذا المزج "العاطفي" بين الإنسان و"الآلة" ظهر منذ 2020، في مسلسل "النهاية" ليوسف الشريف، الذي جسد دور "روبوت"، صنعته البطلة (سهر الصايغ)، لتتغير به الحبكة ويتفاعل معه الأبطال، كما ظهر معه "روبوت يتعاطف مع البشر"، عمرو عبد الجليل، ودار الصراع حول سرقة "الوعي البشري" باعتباره "أعز ما يملك بنو آدم"، وبعده بعام، طرح مسلسل "في بيتنا روبوت"، معالجة كوميدية لفكرة تصنيع "روبوت" يساعد البشر في مهام عملهم، وتعاطف الجمهور مع اثنين من الفنانين جسدا "شخصيتيْ الروبوتين لذيذ وزومبا"، عمرو وهبة وشيماء سيف!
وشهدت السينما المصرية، فكرة "الروبوت"، في قوالب مختلفة، كان آخرها، في 2021، "موسى" للفنان كريم محمود عبد العزيز، الذي شارك البطولة مع "روبوت" اخترعه لنصرة الضعفاء، والانتقام من قوى الشر، في قالب فانتازي يعكس حلم الإنسانية الأبدي الذي ينشد تحقيق قيم الحق والخير والجمال، وكانت السينما المصرية قد بدأت مشوارها مع فكرة "الروبوت"، منذ خمسينيات القرن الماضي، بمحاولة "بدائية كوميدية"، في فيلم "رحلة إلى القمر"، 1959، بطولة إسماعيل يس، ورشدي أباظة، حول رحلة فضائية قام خلالها روبوت (إنسان آلي) بالسيطرة على الأبطال، وتحويل مساراتهم، ثم مساعدتهم للعودة إلى كوكب الأرض، وفي 1968، عُرض فيلم "المليونير المزيف"، جسد خلاله الأستاذ فؤاد المهندس، شخصية مهندس اخترع "روبوت" يؤدي الأعمال المنزلية، أطلق عليه "ماك ماك"، جسده الفنان حسن مصطفى، وفي 1987، عرض التليفزيون فوازير "جدو عبده زارع أرضه" للفنان عبد المنعم مدبولي، وظهر فيه "روبوت" يعمل كـ"جنايني"، أطلق عليه أهل القرية اسم "العمدة الآلي"، والطريف، أنه في نفس العام، عرض مسلسل "الزوجة أول من يعلم"، شاركت في بطولته الفنانة شهيرة، وجسدت دور مهندسة كمبيوتر، تستعين بما يشبه "المساعد الذكي"، عن طريق توصيل "الآلة الكاتبة بالتليفزيون"، لمساعدتها في العثور على "لوازم البيت". وبشكل عام، في أغلب الأعمال الدرامية التي تناولت الذكاء الاصطناعي، سواء في مصر، أو حتى هوليوود (مع الفارق الرهيب بالطبع)، تتمحور الفكرة الأساسية حول الأسئلة الأخلاقية والفلسفية والوجودية المعقدة، التي تعكس مخاوف مليارات البشر، باختلاف مستويات تطورهم، من المصير الضبابي الذي ينتظر كوكب الأرض، وتقف في مقدمته "جيوش الذكاء الاصطناعي"، وكأنها "تخرج ألسنتها" للجميع، في "سخرية غامضة" لن يكتشف "سرّها" أحد!!
اقرأ أيضاًسامسونج تستحوذ على شركة ناشئة في مجال الروبوتات بـ كوريا الجنوبية
«الجوانب القانونية لاستخدام الروبوت الذكي في المؤسسات الحكومية».. مؤتمر طلابي بـ«حقوق حلوان»
تطور غير مسبوق.. «جوجل» تضيف تحديثات إخبارية إلى روبوت Gemini