6 أشهر على الحرب.. الخرطوم ثكنة عسكرية وبورتسودان "عاصمة بديلة"
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
تتجه أنظار السودانيين إلى مدينة بورتسودان في شرق البلاد، التي باتت بمثابة "عاصمة بديلة" من الخرطوم بعدما تحولت الأخيرة إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، جراء استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 6 أشهر.
وفي الخرطوم، حاضرة البلاد منذ أكثر من مئتي عام، نزح أغلب السكان البالغ عددهم نحو 5 ملايين نسمة، ودمرت أحياء بالكامل وتعطلت الخدمات الأساسية والمركزية منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل (نيسان) الماضي، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وبحسب منظمة "أكليد" المتخصصة في جمع بيانات النزاعات وأحداثها، فإنه بحلول أكتوبر (تشرين الأول) الجاري تم تسجيل سقوط أكثر من 9 آلاف قتيل في البلاد منذ بدء الحرب، في حصيلة يرجّح أن تكون أقلّ بكثير من عدد الضحايا الفعلي للنزاع، كما اضطر نحو 5 ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار.
حزب الأمة السوداني: نقترب من تشكيل جبهة مدنية قد تُنهي الحرب https://t.co/Fis5eiIJL2
— 24.ae (@20fourMedia) October 15, 2023ومع الوقت، باتت أنظار السودانيين تتجه إلى مدينة بورتسودان الساحلية في شرق البلاد، خصوصاً بعد أن انتقل إليها قادة الجيش وعلى رأسهم البرهان، وحيث المطار الوحيد العامل في ظل تعطل مرافق الخرطوم، وغادر البرهان الخرطوم في أغسطس (آب) الماضي بعدما ظل في مقر القيادة العامة للجيش خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب، في ظل انتشار قوات الدعم السريع في أنحاء العاصمة.
وقال مهندس التخطيط السوداني طارق أحمد: "تحدث البعض عن عاصمة بديلة حتى قبل اندلاع الحرب بسبب بعض العيوب في الحالية"، وأضاف "وأتت الحرب لتظهر مدى احتكار الخرطوم كل شيء، لذلك تعطلت البنوك والشركات ودورة العمل الحكومي".
وقالت المحللة الاقتصادية أميمة خالد: "إن أمد الحرب يطول .. ولا بد من البحث عن مكان تدار منه شؤون المواطنين .. الحياة لا تتوقف"، وأشارت إلى مدينة بورتسودان باعتبارها "المركز التجاري الثاني بعد الخرطوم، بحكم موقعها وطبيعتها لذلك يمكن أن تكون عاصمة اقتصادية". وعزت اختيار المدينة المطلة على البحر الأحمر "لسببين: الأول أنها بعيدة جغرافياً عن مناطق الحرب، والثاني أنها تشكل نافذة للتواصل مع العالم عبر مطارها أو الميناء البحري".
نقص في الماء والكهرباءوبعد انتقال قادة الجيش إليها، أصبحت بورتسودان، التي تبعد ألف كيلومتر تقريبا شرق الخرطوم، مستقراً لوزراء حكومة البرهان وكذلك البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وبنيت المدينة الساحلية في عام 1905 إبان الاستعمار البريطاني، كميناء بديل من ميناء سواكن التاريخي الذي يبعد 60 كيلومتراً غرب بورتسودان.
وقالت هند صالح من سكان المدينة: "إن بورتسودان يمكن أن تكون العاصمة لولا مشكلتان: نقص مياه الشرب وضعف خدمة الكهرباء".
وتعتمد بورتسودان على الأمطار التي يتم تخزينها في منطقة تبعد نحو 10 كيلومترات شمال المدينة، ولكنها لا تكفي حاجة السكان من الماء. ويطالب هؤلاء منذ عقود بإيصال خط مياه إليهم من نهر النيل والذي تبعد أقرب نقطة له عن المدينة حوالى 500 كيلومتر.
وفي ما يتعلق بالكهرباء، تتغذى المدينة من سفينة تركية تربض قبالة سواحلها تستأجرها الحكومة السودانية. ولكن نظراً لعدم انتظام التغذية بالتيار الكهربائي يكثر استخدام المولدات للمنازل والشركات.
“Sudan’s crisis epitomises a catastrophic failure of humanity.” - @DrChristou
Six months ago today, war broke out in #Sudan. It continues to inflict incredible suffering on people.
We call on an immediate scale up of humanitarian response. Learn more ????https://t.co/y8lFSWGso6
وقد يكون بعد المسافة بين بورتسودان وبقية أنحاء البلاد عائقاً أمام اختيارها لتحل محل الخرطوم، إذ تبعد عن الحدود الغربية 3 آلاف كيلومتر، وعن الحدود الجنوبية حوالي 2500 كيلومتر في بلد يفتقر لشبكة مواصلات سواء برية أو بواسطة السكك الحديد، فضلاً عن الطرق المتهالكة، ولهذا السبب برز اسم ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة والتي تبعد 186 كيلومتراً جنوب الخرطوم، وخصوصاً مع نزوح العدد الأكبر من سكان العاصمة إليها هرباً من الحرب.
وقال والي ولاية الجزيرة إسماعيل عوض الله "استقبلنا نحو 3 ملايين شخص، يقيم 1.5 مليون منهم في مراكز إيواء أعدتها الحكومة"، وباتت ود مدني التي يغلب عليها الطابع الزراعي تشكو اختناقات مرورية منذ بدء نزوح سكان العاصمة إليها.
وقال أحمد إن "ود مدني صغيرة جداً وكل الخدمات تتركز في وسطها .. وتعاني ضعفاً في البنية التحتية للطرق"، ورغم ذلك، لاحظ فتحي خالد الذي يملك متجراً أن "أغلب التجار نقلوا نشاطهم إلى المدينة".
ولكن أحمد يعتقد أن الوضع الراهن لود مدني "لا يمكّنها من الاستمرار في استيعاب النشاط التجاري"، مشيراً إلى تهالك البنية التحتية، وأضاف "لابد من إعادة تخطيط مراكز جديدة حولها وخصوصاً أن جغرافيتها تسمح بذلك، بحيث تتوسع شرقاً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أحداث السودان
إقرأ أيضاً:
تقسيم الوطن: حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب
بابكر فيصل
إتخذت ثورة ديسمبر المباركة من شعار “حرية .. سلام .. عدالة” بوصلة لتحقيق الأهداف الكبرى التي خرج من أجلها ملايين السودانيين لإسقاط النظام الفاسد المستبد، وبعد إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة رفعت القوى المدنية الديمقراطية شعار “لا للحرب” للتعبير عن إنحيازها للجماهير وعدم التماهي مع أطراف الحرب.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، ظلت القوى المدنية تحذر من أن تطاول أمدها سيؤدي لنتائج وخيمة على البلاد والعباد، والتي يقف على رأسها الخطر الكبير الذي سيهدد وحدة البلاد وينذر بتقسيها و تفتيت كيانها الحالي.
وبعد مرور أكثر من عشرين شهراً أضحى خطر تفكيك البلاد ماثلاً عبر ممارسات لا تخطئها العين كان في مقدمتها خطاب الكراهية الجهوي والعنصري الذي ضرب في صميم النسيج الإجتماعي وخلق حاجزاً نفسياً يمهد لإنقسام البلاد بصورة واضحة.
تبع ذلك ثلاث خطوات إتخذتها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان تمثلت في الآتي : قرار تغيير العملة الذي فرض واقعاً على الأرض تمثل في تقسيم النظام المالي بالبلاد بحيث صارت الولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش تتعامل بعملة مختلفة عن تلك التي يتم تداولها في مناطق سيطرة الدعم السريع.
كذلك كان قرار إجراء إمتحانات الشهادة السودانية في الولايات التي يسيطر عليها الجيش وعدم قيامها في الولايات التي يسيطر عليها الدعم السريع اضافة لولايات تدور فيها رحى المعارك يصب عملياً في إتجاه تكريس عملية تقسيم البلاد عبر حرمان التلاميذ من حقهم في الجلوس للإمتحان فقط لأنهم يتواجدون في رقعة جغرافية لا يسيطر عليها الجيش.
الأمر الثالث تمثل في عدم إستطاعة قطاعات واسعة من الشعب السوداني إستخراج الأوراق الثبوتية ( أرقام وطنية، جوازات سفر الخ) وهى حق طبيعي مرتبط بالمواطنة التي تقوم عليها الحقوق والواجبات في الدولة لذات السبب المتعلق بالعملة وإمتحانات الشهادة.
هذه الخطوات مثلت البداية الفعلية لتقسيم البلاد, ويزيد من تفاقمها الخطوة المزمع إتخاذها من طرف بعض القوى السياسية والحركات المسلحة بإعلان حكومة موازية تجد تبريرها في ضرورة خدمة الشعب في المناطق التي لا يسيطر عليها الجيش، ولا شك أن هذه الخطوة ستشكل خطراً كبيراً على وحدة البلاد مهما كانت مبررات تكوينها (داوها بالتي كانت هى الداءُ).
لمواجهة هذه المعطيات الخطيرة المتسارعة، تقع على القوى المدنية الديمقراطية وقوى الثورة مهمة جسيمة للحفاظ على وحدة البلاد، وليس أمامها من سبيل سوى تكوين جبهة مدنية واسعة يتم من خلالها تطوير شعار الثورة ليصبح “حرية .. سلام .. عدالة .. وحدة”، وكذلك تطوير شعار مناهضة الحرب ليصبح ” لا للحرب، لا لتقسيم البلاد”.
إنَّ أهمية الحفاظ على وحدة البلاد لا تقلُّ بأي حال من الأحوال عن أهمية المناداة بالوقف الفوري للحرب، ولا مناص من تنادي كافة القوى الحريصة على عدم تقسيم البلاد لكلمة سواء يتم من خلالها تجاوز كل الخلافات من أجل تحقيق الهدفين معاً.