القدس المحتلة-سانا

نكبة جديدة تهدد الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، مع مطالبة الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المتواصل على القطاع، أكثر من مليون فلسطيني في شماله بمغادرة منازلهم والتوجه جنوباً، في عملية تطهير عرقي جديدة ترفضها كل القوانين الدولية والإنسانية، فيما يؤكد الفلسطينيون أنهم لن يغادروا أرضهم مهما اشتد الإجرام وهمجية العدوان، ولن يسمحوا بتكرار مأساة التهجير واللجوء التي تعرض لها أجدادهم وآباؤهم إبان النكبة عام 1948.

الاحتلال اتبع بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى في السابع من الشهر الجاري، سياسة الأرض المحروقة بحق أهالي القطاع، فدمر منازلهم فوق رؤوسهم، وقطع عنهم المياه والكهرباء والغذاء والأدوية والوقود، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية إليهم، كما دمر أكثر من 25 ألف مبنى، بينها 75 مدرسة و20 مشفى، وترك الجرحى يموتون، بهدف إجبار الفلسطينيين على الخروج من القطاع إلى سيناء ليكرر نكبة عام 1948، حيث لم يعد حتى الآن أي فلسطيني إلى أرضه، ووصل عدد اللاجئين الفلسطينيين في العالم إلى أكثر من ستة ملايين.

الأمم المتحدة أعلنت الخميس الماضي أن سلطات الاحتلال أبلغتها بأن 1.1 مليون فلسطيني في غزة يجب أن يخرجوا من شمال القطاع إلى جنوبه، ورد المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك، بأنه من المستحيل تنفيذ مثل هذا الأمر دون عواقب إنسانية مدمرة، وأن الأمم المتحدة تناشد بقوة إلغاء أي أمر من هذا القبيل.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الرفض الكامل لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مطالباً بفتح ممرات إنسانية عاجلة في القطاع، وتوفير المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وإيصال المياه والكهرباء والوقود إليه، كما أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتيه أن الاحتلال يرتكب مجازر إبادة جماعية في قطاع غزة، وعلى المجتمع الدولي لجمه، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني سيبقى وفياً لأرضه، ولن يغادرها مهما ارتكب الاحتلال من جرائم ومجازر.

مطالبات الاحتلال بتهجير الفلسطينيين قوبلت برفض عربي ودولي واسع، حيث أكدت سورية رفضها سياسات الترانسفير الصهيونية الاستعمارية بحق الشعب الفلسطيني، مطالبة الولايات المتحدة والغرب بمنع الاحتلال من إخراج أهالي قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون بالقوة إلى سيناء خارج فلسطين، وألا يكونوا جزءا من هذه الجريمة التي تتناقض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، مشددة على أن هذه الدول ستتحمل مسؤولية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها طيران الاحتلال ودباباته ضد الفلسطينيين الأبرياء.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكد أن بلاده لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، محذراً من خطورة تهجير الشعب الفلسطيني الذي يجب أن يبقى صامداً على أرضه، كما أكدت الخارجية المصرية أن التهجير يمثل مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، ويعرض حياة أكثر من مليون فلسطيني وأسرهم لمخاطر البقاء في العراء دون مأوى بمواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية، داعية الأمم المتحدة والأطراف الفاعلة دولياً إلى التدخل للحؤول دون المزيد من التصعيد غير محسوب العواقب في قطاع غزة.

بدوره حذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من محاولات كيان الاحتلال تنفيذ إبادة جماعية وتهجير قسري لأهالي قطاع غزة، مشيراً إلى أن الدعم اللامحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة والغرب للاحتلال، أدى إلى تعقيد الوضع أكثر من أي وقت مضى في القطاع، ما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لوقف آلة القتل الصهيونية.

وأعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان رفض بلاده القاطع لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، داعياً إلى وقف العدوان عليه بشكل فوري، ورفع الحصار عنه تماشياً مع القانون الدولي.

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، حذر من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة نحو مصر وترحيل الأزمة التي يفاقمها استمرار الاحتلال إلى دول الجوار، مشدداً على أن كل الدول العربية أكدت خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية الأربعاء الماضي، على أنها ستتصدى جماعياً لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من وطنهم.

تونس أكدت وقوفها الكامل إلى جانب الشعب الفلسطيني، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاهه، ووضع حد لجرائم الاحتلال الذي يمعن ليس فقط في محاولات تهجير الشعب الفلسطيني، وحرمانه من حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس، بل يحرمه من أبسط مقومات الحياة كالماء والدواء.

سلطان عمان هيثم بن طارق شدد على ضرورة منع الاحتلال من تنفيذ مخطط التهجير القسري بحق الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى ضرورة توظيف الطاقات الدولية لوقف الظلم والمجازر الإسرائيلية في قطاع غزة.

دولياً، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن مطالبة “إسرائيل” للفلسطينيين بالخروج من قطاع غزة إلى سيناء، ليست أمراً يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار، وأن قطاع غزة جزء من أرض فلسطين التاريخية، لافتاً إلى أن الحصار الإسرائيلي عليه غير مقبول، ويشبه الحصار النازي لمدينة لينينغراد خلال الحرب العالمية الثانية.

مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل حذر من خطورة خطط الاحتلال لتهجير مليون فلسطيني من شمال قطاع غزة، واصفاً الأمر بالخطير للغاية وشبه المستحيل، ومؤكداً أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومعترف بها دوليا يشكل الإستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق على المدى البعيد لإيجاد حل لهذا الوضع.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر، شددت على أن مطالبة الاحتلال بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لا تتوافق مع القانون الدولي الإنساني، كما أكدت منظمة التعاون الإسلامي رفضها المطلق وإدانتها، لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي تهجير أبناء الشعب الفلسطيني قسرياً.

زرع بريطانيا والغرب للكيان الإسرائيلي الغاصب على أرض فلسطين عام 1948، وتعامي المجتمع الدولي عن جرائم التطهير العرقي التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين، أسفرت خلال عامي 1947 و1948 وحدهما عن استشهاد أكثر من 15 ألف فلسطيني، وتشريد 950 ألفاً من أصل مليون و400 ألف، وتدمير 531 قرية من بين 1300 قرية ومدينة.

واليوم، يرتكب الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق أهالي قطاع غزة، وما كان هذا ليحدث لو قام المجتمع الدولي، وفي مقدمته الدول التي وافقت على عضويته في الأمم المتحدة، بواجباتها تجاه الشعب الفلسطيني، وألزمت الاحتلال بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ولم تمنحه الضوء الأخضر لمواصلة إرهابه المنظم، الذي أسفر خلال 75 عاما عن استشهاد أكثر من 100 ألف فلسطيني، وتشريد أكثر من ستة ملايين في شتى أصقاع الأرض.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی الفلسطینیین من المجتمع الدولی القانون الدولی الأمم المتحدة ملیون فلسطینی من قطاع غزة فی قطاع غزة أکثر من على أن

إقرأ أيضاً:

“الأورومتوسطي”: وحشية “إسرائيل” في غزة تفوق وصف الإرهاب

يمانيون |

اعتبر المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان (مستقل مقره جنيف)،اليوم الجمعة، الجرائم التي ترتكبها “إسرائيل” في قطاع غزة بانها تفوق في فظاعتها وتنظيمها واتساع نطاقها تلك التي ارتكبتها جماعات مسلحة إرهابية، والتي قوبلت بإدانات دولية واسعة.

وقال المرصد، في بيان أن “المجتمع الدولي يقف اليوم صامتا، بل ومتواطئا، أمام جريمة إبادة جماعية ترتكب بنية معلنة لمحو وجود الفلسطينيين من وطنهم، وتنفذ بإرادة وتصميم، منذ أكثر من 18 شهرا دون توقف”.

وأوضح “الأورومتوسطي”، أن تفجير قوات الاحتلال “الإسرائيلي” فجر الخميس، روبوتا مفخخا بأطنان من المتفجرات في قلب حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وسط منطقة مكتظة بالنازحين، ودون أي ضرورة عسكرية أو وجود لأعمال قتالية في المنطقة، “يجسد سلوك عصابات إرهابية، بل ويفوقه في الوحشية والاستهتار بالحياة البشرية، ولا يمت بصلة إلى سلوك دولة يفترض أن تخضع للقانون الدولي”.

وأشار إلى أن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” اعتمد خلال الأشهر الماضية، خاصة في مناطق شمالي قطاع غزة، سياسة تفجير الروبوتات المفخخة في قلب الأحياء السكنية خلال العمليات البرية.

وأكد توثيق أكثر من 150 عملية تفجير من هذا النوع، أدت إلى “مقتل مئات المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال”، إلى جانب إحداث دمار هائل في المنازل السكنية والبنى التحتية.

وأشار المرصد إلى أن فريقه الميداني وثق آلاف الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، والتي تشكل دليلا قاطعا على فظاعة ما ترتكبه إسرائيل، وعلى وجود نمط من الجرائم غير المسبوقة في العصر الحديث من حيث الحجم والاستهداف والنية. فقد سجل أكثر من 58 ألف قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال، معظمهم قتلوا تحت أنقاض منازلهم التي دمرت عمدا فوق رؤوسهم، وكثير منهم قتلوا قنصا بشكل مباشر ومتعمد.

كما أصيب أكثر من 120 ألف شخص، وسجل ما لا يقل عن 39 ألف طفل يتيم، إلى جانب التدمير شبه الكامل للبنية التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك المساكن والمرافق الطبية والتعليمية، ما يجعل من هذه الجرائم واحدة من أوسع حملات الإهلاك الجماعي المنهجي في التاريخ المعاصر.

وبين المرصد الأورومتوسطي أنه رغم أن الأساليب التي ترتكب بها “إسرائيل” جرائمها في غزة تعيد إلى الأذهان صورا من ممارسات عصابات، لا سيما جرائم القتل الجماعي للمدنيين، فإن ما يجري في غزة أشد خطرا بما لا يقاس، من حيث الوحشية والمنهجية والنية الواضحة في الاستئصال، ولا يمكن اختزاله في مستوى الأساليب أو أدوات العنف فقط.

ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أن ما ترتكبه “إسرائيل” لا يمكن اعتباره أعمالا عشوائية أو سياسات متطرفة، بل يجسد نموذجا متكاملا لإرهاب الدولة المنظم، نابعا من خطة شاملة للإهلاك والمحو، تنفذ على مرأى ومسمع من العالم، وتغطى سياسيا وعسكريا وماليا وإعلاميا، مشددا على أن هذه الجرائم ترتكب بقصد معلن وثابت، يتمثل في القضاء على الشعب الفلسطيني، واقتلاع من تبقى من أرضه وطمس هويته، وإنهاء وجوده الجماعي بشكل نهائي.

ومنذ ال18 من مارس الماضي، استأنف جيش العدو حرب الإبادة على غزة، متنصلا من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” استمر 58 يومًا منذ 19 يناير 2025، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.
وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فإنه استُشهد منذ الـ18 من الشهر الماضي ألف و163 فلسطيني، وأُصيب ألفان و 542 آخرون، غالبيتهم من النساء والأطفال.

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى: مصر لم تتأخر عن دعم الشعب الفلسطيني للحظة واحدة
  • “التربية” الفلسطينية: أكثر من 17 ألف طفل استشهدوا بغزة منذ 7 أكتوبر
  • “الأورومتوسطي”: وحشية “إسرائيل” في غزة تفوق وصف الإرهاب
  • خبير عسكري: إسرائيل تدفع الفلسطينيين للموت أو الهجرة القسرية
  • مسئولة أممية تدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف العدوان وحماية الفلسطينيين
  • لازاريني .. “إسرائيل” تستخدم الغذاء والمساعدات الإنسانية سلاحا في غزة
  • الديب أبوعلي: إسرائيل تعمل على تطهير غزة عرقيا والقاهرة تدافع وحدها عن الفلسطينيين
  • مندوب فلسطين لدى مجلس الأمن: إسرائيل تسعى لتهجير الفلسطينيين خارج غزة
  • مندوب الجزائر لدى مجلس الأمن: إسرائيل تفرض عقابًا جماعيًا على الشعب الفلسطيني
  • عشية يوم الطفل الفلسطيني.. أكثر من 39 ألف طفل يتيم بغزة