لميس أندوني تكتب..طوفان الأقصى يستدعي إعصار رفض التطبيع
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
#سواليف
#طوفان_الأقصى يستدعي #إعصار_رفض_التطبيع
#لميس_أندوني
اختصار، قلبت حرب طوفان الأقصى الطاولة على كل الحسابات الأميركية في المنطقة، فضربت عملية التطبيع العربية الإسرائيلية المتسارعة، وقضت على هدف دمج إسرائيل في المنطقة وعزل الفلسطينيين، وتركهم عرضةً لعملية تصفيةٍ إسرائيليةٍ وقتل تدريجي، تمهيدا لإلغاء القضية من القاموس السياسي والوعي العربي.
لذا؛ ليست عملية الانتقام الوحشية الجارية إسرائيلية فحسب، وإنما أميركية بامتياز، لأن ما نراه من جرائم حربٍ وإبادة عائلات بأكملها، لا يفسّر برغبة إسرائيل في هزيمة حركة حماس والفصائل الفلسطينية وهزيمة الشعب الفلسطيني، الذي اتضح لواشنطن أن قدرته على المقاومة لم تنفد أو تضعُف، لكن انتقام واشنطن هو رسالة إلى العالم وردّ على اهتزاز هيبتها الذي أحدثته مفاجأة 7 أكتوبر الحمساوية الفلسطينية.
حملة طوفان الأقصى التي أثبتت محدودية (وعجز) التفوّق العسكري التكنولوجي الذي تتبجّح به أميركا وإسرائيل في مواجهة مقاتلين متجذّرين في أرضهم ولا حدود لتضحيتهم من أجل الحرية، جعلت المسألة لدى أميركا ليست مجرّد هزيمة “حماس” عسكريا؛ وإنما هي تؤيد، بل وتشارك في حرب إبادة غزّة بغرض تطويع المنطقة بأسرها، بعد أن اعتقدت أنها فرغت من تطويع الأنظمة وقطعت مسافات في تطويع الشعوب.
أميركا، كما هو واضح من تصريحات الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ماضية ومشارِكة مع إسرائيل في هدف القضاء على حماس “كليّا”.. فليس مسموحا، ولو ببقاء رمزي للحركة في غزّة، وليس مسموحا لأيّ قوة أن تحاول، بل أن تنجح، في إحداث خرقٍ غير مسبوق للترسانة العسكرية الإسرائيلية، فأمن إسرائيل وتفوّقها العسكري هما من المسلّمات العابرة للإدارات الأميركية، وعملية طوفان الأقصى شطبت هذه الحالة جذريا، وبشكل مذهل وغير متوقع. فإسرائيل وأميركا كانتا تُحدِثان الضجيج بشأن المفاعل النووي الإيراني وطهران كخطر وجودي على إسرائيل، لكنهما لم تتوقّعا أن يأتي الخطر الوجودي من غزّة المحاصرة، وإن كان الحديث عن إيران كخطر وجودي على إسرائيل ضمن ادّعاءات دعايتها الإعلامية لتبرير عدوانيتها وتوسّعها، ومحاولة السيطرة والهيمنة على المنطقة بحجّة حمايتها من “البعبع الإيراني”. لكن “طوفان الأقصى” كشفت لهما مجدّدا أن وجود الشعب الفلسطيني المقاوم يمثل خطرا أكبر، لا يمكن التعايش بين مشروعٍ عنصريٍّ كولونيالي وشعبٍ يؤمن بحقوقه وتاريخه وحرّيته. مقالات ذات صلة
يبدو أن ليس هناك ترحيب أميركي بطرد أهل غزّة إلى سيناء مصر، لما قد يشكّل ذلك من مشكلة “أمنية”
الغضب الآتي من أميركا قاسٍ، القضاء على “حماس” بكل الطرق، مهما كانت الخسائر البشرية. ولذا، هي تؤيد التهجير القسري الداخلي لعزل “حماس” عن حاضنتها الشعبية، بحجّة كذبة واهية، وهي حماية المدنيين.
وعليه، يمكن توقع الخطوات التالية: أولا: يستمرّ التهجير الداخلي جنبا إلى جنب مع تدمير الأبراج السكنية والمنشآت الحيوية والمدنية، فرضا للتهجير، وتقويضا للبنية التحتية، حتى تصبح غزّة غير قابلة للعيش بدون تدخّل “غربي”، وألا تحدُث عملية إعادة الإعمار إلا “تحت سيطرة أميركية – إسرائيلية”، ويبدو أن ليس هناك ترحيب أميركي بطرد أهل غزّة إلى سيناء مصر، لما قد يشكّل ذلك من مشكلة “أمنية”.
ثانيا: بعد تدمير غزّة بدعم أميركي، نستذكر ما جرى في الأيام التي تلت تفجيرات 11 سبتمبر (2001)، من الدعوات الأميركية إلى قصف دول تعارض أميركا وإعادتها إلى العصور الحجرية، ثم إعادة تشكيلها (أفغانستان والعراق)، واستنساخ هذه التجربة في غزّة. ولكن الهدف في حالة غزّة سيكون تحويلها إلى “منطقةٍ عازلةٍ منزوعة السلاح”، وهذا هو النموذج المقبول أميركيا وإسرائيليا، وإن اختلفت المسمّيات، لأي منطقة كثافة سكّانية فلسطينية.
ثالثا: ويرافق ما تم ذكره أعلاه تهديد كل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين بمصيرٍ مشابهٍ لغزّة، لأوضاع المقاومة في باقي أنحاء فلسطين، وإن كانت إسرائيل قد تُتبِع جريمة حرب غزّة بعمليات “اجتثاث” تنظيمات وفصائل المقاومة كما تحاول أن تفعل مع حماس في غزّة.
رابعا: تتطلّب الخطواتُ أعلاه تعاون الأنظمة العربية معها، حتى وإن تعرقلت عملية التطبيع. وهنا يجب التحذير، فالتطبيع، وإن لم يتوسّع أو يتحقّق من خلال معاهدات، وحتى في حال جمّدت اتفاقيات، لكنه يستمر فعليا من خلال تعاون أمني بين إسرائيل وكل الأطراف من السلطة الفلسطينية ومصر والأردن، ودول الاتفاقيات الإبراهيمية التي سبقت الجميع بارتهانها للرواية الصهيونية، وهو ما يجب أن يتوقّف تماما ونهائيا.
القضية الفلسطينية كانت وما تزال عقبة كأداء في طريق أميركا
يستند ما ذكرته من خطواتٍ أعلاه إلى قراءة تحليلية للتصريحات، وما يبشّر به ويدعو إليه الصهاينة الأميركيون الأقرب إلى الكونغرس وإلى البيت الأبيض، وعادة ما تعكس فعليا سياسات الإدارة الاميركية. غير أن ذلك لا يعني أن عملية تدمير غزّة ستنجح، على رغم الشراكة الأميركية وانغماس واشنطن في الجريمة، أكان بالتسليح أو الدعاية وشيطنة الفلسطينيين. ولكن المقالة حاولت تقديم قراءة لأهداف واشنطن، أملا في المساهمة في نقاش لما نستطيع فعله في مواجهة الانتقام المتوحش. وكنت في مقالي، بعنوان “عن تذرّع الأنظمة بالقضية الفلسطينية” في “العربي الجديد” (8/10/2023)، وإنْ كتبتُه قبل موعد نشره طبعا، حاولتُ رسم صورة حالة لحظة ما قبل الانقضاض الأميركي – الإسرائيلي الضاري لتصفية القضية الفلسطينية مع ما بدا أنه “قرب اكتمال التطبيع العربي – الإسرائيلي”، لكن عملية طوفان الأقصى غير المسبوقة استبقت الانقضاض الأميركي – الإسرائيلي، وقلبت كل المعادلات.
لا يوجد لغزٌ وراء توقيت طوفان الأقصى، من حيث ضرورة القيام بفعل لعرقلة تصفية القضية الفلسطينية، وإن شكّل حجم العملية ونوعيتها مفاجأة مذهلة، فالمقاومة مثل سائر الشعب الفلسطيني، فهمت ما كان يخطّط علنا وسرّاً، ولكن لم يكن أحدٌ يتوقّع ردّاً بهذه الإرادة والقوة والشجاعة والتنظيم والتخطيط بقدر عالٍ من السرّية. لذا؛ لم يكن مستغربا أن تقف أميركا بكل هذه الصفاقة وكل هذا الاستهتار بأرواح الفلسطينيين، فالقضية الفلسطينية كانت وما تزال عقبة كأداء في طريقها.
والجواب، قبل الحرب وخلالها وبعدها، هو رفض الشعوب الحاسم التطبيع.. لا أقول ذلك تقليلا من هول الكارثة ومن دموع أهل غزّة وعذاباتهم التي ننحني احتراما أمامها، بل إن مقاومة التطبيع والضغط على الأنظمة العربية لرفض المخطط الأميركي، هو أقلّ ما نستطيع فعله، وعلينا فعله.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف طوفان الأقصى القضیة الفلسطینیة طوفان الأقصى إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: لم نلتزم بالاتفاق ودعم أميركا لنتنياهو خطوة خاطئة
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية حالة التوتر المتصاعدة داخل إسرائيل بشأن تعامل حكومة بنيامين نتنياهو مع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشيرة إلى أن تل أبيب لم تلتزم ببنود الاتفاق، في حين وصف محللون الدعم الأميركي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "خطوة خاطئة" تزيد من تعقيد المشهد.
وذكرت قناة 12 الإسرائيلية أن الموعد النهائي لوقف إطلاق النار انتهى منتصف ليل السبت/الأحد، لكن إسرائيل لم تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما أنها لم تواصل المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، مما يعكس تعثرا في تنفيذ البنود المتفق عليها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: ترامب قلب نظام العالم وخلافه مع زيلينسكي أضر بحلف الناتوlist 2 of 2إسرائيل اليوم: 15 دقيقة حسمت مصير ناحال عوز يوم السابع من أكتوبرend of listوفي السياق ذاته، أشار المراسل السياسي للقناة ذاتها، يارون أبراهام، إلى أن إسرائيل لم تفقد الأمل في إتمام صفقة أو اثنتين لإطلاق سراح مختطفين أحياء، رغم رفض حركة حماس التفاوض على ذلك بمعزل عن مناقشة إنهاء الحرب.
أما مراسلة الشؤون السياسية في قناة 13، موريا أسرف وولبيرغ، فأوضحت أن إسرائيل تسعى لتمديد العملية على مراحل تمتد من أسبوع إلى شهر، في حين تصر حماس على أن أي تقدم مرهون بمناقشة إنهاء الحرب، وهو ما يرفضه نتنياهو تماما.
من جانبه، أكد باراك رفيد، المحلل السياسي في موقع "والا" وشبكة "سي إن إن"، أن إسرائيل لم تلتزم عمليا بالاتفاق الذي وقعته، إذ كان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من وقف إطلاق النار، لكنها لم تفعل ذلك ولا حتى بعد مرور أكثر من 40 يوما.
إعلان شروط جديدةواعتبر رفيد أن تل أبيب تحاول فرض شروط جديدة رغم توقيعها على الاتفاق الأصلي تحت زعم أن الاتفاق لم يعد جيدا، بينما لم يتوقعوا أن حماس لن توافق على هذه الشروط الجديدة.
وفي تعليق على الموقف الأميركي، قال المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، إن الولايات المتحدة تبنت نهجا غير مدروس عندما منحت نتنياهو حرية التصرف دون ضغوط، مما دفع حماس لاتهام واشنطن وتل أبيب بعرقلة تنفيذ الاتفاق، محذرة من أن إسرائيل تتحمل مسؤولية أي تداعيات قد تطرأ على مصير المختطفين.
وفي السياق نفسه، رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، أن نتنياهو صور للمسؤولين الأميركيين أن الخيارين الوحيدين هما إما إطلاق سراح المختطفين أو استئناف القتال، معتبرا أن ذلك طرحٌ مضلل يضع المختطفين في خطر حقيقي.
أما رئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي سابقا، نمرود شيفر، فذهب إلى أن استمرار هذه الحكومة يعني استمرار أزمة المختطفين، داعيا إلى إزاحتها من المشهد السياسي لإنهاء الأزمة.
تصاعد الخلافاتوتحدثت تقارير إسرائيلية عن تصاعد الخلافات بين المؤسسة الأمنية ونتنياهو، إذ نقلت قناة 13 عن رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار قوله إن إسرائيل يمكنها استئناف القتال بعد إنهاء الحرب إذا أرادت ذلك، إلا أن نتنياهو رد بغضب متهما قادة الأمن بتضليل الرأي العام.
من جانبه، انتقد إيتسيك هورن -والد أسيرين إسرائيليين تم إطلاق سراح أحدهما- سياسات الحكومة، مشيرا إلى أن وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير قرر معاقبة الأسرى الفلسطينيين بمنع الطعام عنهم، متسائلا عن مدى تأثير ذلك على المختطفين المحتجزين في غزة.
أما السفير الإسرائيلي السابق في إيطاليا، درور إيدار، فدعا صراحة إلى استئناف الحرب بغض النظر عن مصير المختطفين، بينما عبر يهودا كوهين، والد أحد الأسرى الإسرائيليين في غزة، عن مخاوفه من أن يؤدي التصعيد العسكري إلى مقتل المختطفين بدلا من إنقاذهم.
إعلانوفي ظل هذه المواقف المتباينة، انتقد باراك سري، المستشار السابق لوزير الدفاع، الحديث عن الضغط العسكري على حماس، معتبرا أن معظم المختطفين أُطلق سراحهم بصفقات وليس نتيجة للعمليات العسكرية، مشيرا إلى أن الرواية الحكومية حول تأثير الضغوط العسكرية تفتقر إلى المصداقية.