تعي الإمارات أن العالم وسط متغيرات متسارعة لا يحكم لجامها إلا مرجعية أخلاقية وقيمية وسياسية ثابتة


 
غني عن البيان أن نشير إلى الحضور الإماراتي المبهر في المنابر الإقليمية والدولية المعنية بتعزيز الحوار والتقارب بين الأديان والثقافات، والدور الإنساني العظيم الذي تسهم به الدولة في تخفيف معاناة الشعوب الفقيرة والمتضررة من الصراعات والكوارث حول العالم.


كما أن الدبلوماسية الإماراتيَّة تجاوزت مراحل غير مسبوقة من التنسيق والنضج السياسي في التعاطي مع الأحداث الجسام، فمناخنا العربي تحيطه القلاقل وتتناوبه رياح التغيير، فكان لا بدّ من أيقونة تقدم أنموذجًا يحمل الأمل لشعوب المنطقة، فكانت الإمارات قادةً وحكومة، إذ قادت مبادرات إنسانية نابعة من دبلوماسية ناعمة، واستثنائية، قادرة على بناء منظومة أمنية إقليمية، تربط الاستقرار بالازدهار والتنوير. ونضالها ما زال في حماية السلام والأمن.
ولقد أدَّت القيادة السياسيَّة عبر التاريخ دورها المحوري في إحياء ملامح النهضة العربيَّة الأصيلة، فلم تألُ قيادتنا الرشيدة في مجال التنمية والعمران والنهضة العلميَّة الحديثة، أو زرع التنويروتجديد العهد على الانفتاح والتسامح وقبول الآخر..
وإنَّ السياسة الخارجية الإماراتية نجحت في الترويج للسلام والتسامح عالميًّا الذي بات مطلبًا مهمًا للمسلم المعاصر، إذا كنّا فعلًا نريد لأمتنا العربية السلام أو العيش الآمن الهادئ البعيد عن القتل والظلم والقهر؛ لأن لها رؤية ذات أبعاد قيمية وأخلاقية للأجيال الصاعدة.
ولا ننسى أن الدور الإنساني الذي لعبته دولة الإمارات العربية المتحدة الذي برز كـ «حليف فاعل» في المعونات الإنسانية والمساعدات أضفى لها مكانة مهمة، جعلت الإمارات منصة إقليمية ذات ثقل عالمي لتفعيل دور الدبلوماسية الإنسانية وترسخ التسامح، وتعزيز السلام والتعايش، وقد أدى ذلك إلى تأكيد أدوارها الإنسانية نحو قيم التواصل مع الأديان والثقافات والحوار مع الآخر، وقدرتها في معاونة شعوب العالم للانعتاق من وطأة العوز والفقر في أوقات الكوارث والحروب الطاحنة... إلخ.
وقد أثبتت المحن والأزمات التي شهدتها المنطقة خلال الآونة الأخيرة أنَّ الدور الإماراتي لحل النزاعات ما يزال صمام أمان للأمتين العربيَّة والإسلاميَّة، فهي ترفض المتاجرة بالقضايا المصيرية، والحفاظ على الأرواح البشرية، من خلال تكثيف المساعي لفتح ممرات العبور لضمان وصول المساعدات الغذائية والإنسانية للمحتاجين.
ولا يخفى على أحد حجم الاتصالات المكثَّفة لتهدئة الأجواء بين الدول المتنازعة؛ بغية تجنيب المنطقة الصراعات والأزمات، واحتواء المواقف السياسية المتصاعدة، من خلال دبلوماسية إطفاء الحرائق لنشر عمليات دعم السلام والأمن؛ للاضطلاع بدورها المنوط على المستوى الإقليمي.
تعي الإمارات أن العالم وسط متغيرات متسارعة لا يحكم لجامها إلا مرجعية أخلاقية وقيمية وسياسية ثابتة، والحفاظ على وحدة الأمة من أهل الأهواء والمصالح، بل الغيرة والمروءة والخدمة للعروبة، وواجب تجاه الدين وحمايته من الذين اختطفوه، وحاولوا تقزيم الهوية الإسلامية والعربية بطرق أو بأخرى.
ولن نتوقَّف أمام الكثير من المبادرات الإنسانية والنجدة والإغاثة وفعل الخيرات والكثير من المواقف الحضاريَّة والإنسانيَّة الخيرة في جوهر الإنسان العربي الإماراتي؛ فهذا واجب الكبار دائمًا، وإن ما يتحقَّق من إنجازات إنسانيَّة وإغاثيَّة وصحيَّة للشعوب المتضررة، هو ثمرة للرعاية التي تقدِّمها القيادة الرشيدة للإنسانيَّة؛ من أجل مواجهة كلِّ الأخطار الداهمة التي تحيق بالشعوب الفقيرة. 
 إنَّ منظومتنا القِيَميَّة الفريدة، المرتكزة إلى السعي الدائم نحو العون والنجدة، والمنحازة دائمًا للحق ولمصلحة الإنسانيَّة والعروبة، كلُّها جوامع من الإحسان والفضل حفظت- وستحفظ بإذن الله- الإمارات وشعبها من كلِّ النوائب والمحن سواء كان من "صنائع المعروف" أو "فعل الخيرات" أو "إغاثة اللهفان"، لهذا وعد الله للأمم والمدن والقرى أن لن يهلك أهلها ما داموا مصلحين خيِّرين، مما أضفى لنا استقرارًا وأمنًا وأمانًا، وجعلنا أكثر انتصارًا للمبادئ والقيم الإنسانيَّة والأخلاقية الرفيعة.
وصفوة القول إن هناك أحداثًا إنسانيَّة ناصعة تستحقُّ أن تُسطَّر بماء الذهب، والأزمات هي محكُّ المواقف النبيلة التي تُظهر معادن البشر والشعوب، وإن ما يظهر على الرأي العام من مساعدات إماراتية إغاثية وطبية لأهلنا في فلسطين هو أقلُّ مما تُقدِّمه لهم بالفعل، وهوأمر يليق بأهل السخاء والعطاء..  "وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ"..

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات

إقرأ أيضاً:

«الشراكة».. الهُوية التي نذهب بها نحو العالم

أبرز أمرين في تدشين الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عمان اليوم تمثلا في أن يدشن الهُوية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بنفسه؛ وفي ذلك تقدير كبير واهتمام من جلالته بالمشروع والدور المنوط به في رسم صورة ذهنية إيجابية عن سلطنة عمان. وهذا المشروع هو جزء من استراتيجية تم تطويرها لتقود المنظومة الترويجية المتكاملة لسلطنة عمان.

أما الأمر الثاني، وهو لا يقل أهمية عن الأمر الأول، فيتعلق بالمواطنين والمقيمين على أرض سلطنة عُمان أو من صوتوا من خارجها حيث إنهم اختاروا الهُوية التي تشير إلى دلالة «الشراكة» وفي هذا تأكيد جديد على أن العمانيين يحتفون «بالشراكة» مع الآخر ويقدرون العلاقات الاستراتيجية القائمة على فكرة الشراكة المنبثقة من أصولهم الحضارية، ولكن الساعية نحو مستقبل أكثر حداثة ووضوحا. والمثير في الأمر أن يصوت غير العمانيين لهذا الشعار في إشارة إلى الصورة المتشكلة في أذهانهم عن عُمان أنها بلد «الشراكة» وبلد «التسامح» و«تقبل الآخر».. وهذا أمر مبشر بالخير للهُوية نفسها وقبول الآخر لها حيث إن نجاحها بدأ من لحظة التصويت عليها وعلى القائمين على الأمر والمعنيين بموضوع رسم الصورة الذهنية في وعي الآخر عن عُمان أن ينطلقوا من هذا النجاح.

والموضوع برمته متأصل في الثقافة العمانية، فالعمانيون شعب يملك قيم الترابط والاندماج مع شعوب العالم، بل هو شعب قادر على التأثير المقبول في الآخر لأسباب تتعلق بالشخصية والثقافة العمانيتين وأصولهما الحضارية.

وإذا كانت الهوية الجديدة معنية في المقام الأول بالترويج التجاري والاستثماري إلا أن هذا لا يتحقق عبر الخطاب الاقتصادي أو الاستثماري وحده ولكن يتحقق عبر كل الخطابات بما في ذلك الخطاب السياسي والدبلوماسي والثقافي، وهذه الخطابات الأخيرة يمكن أن تنضوي تحت مصطلح «القوة الناعمة» التي شكلها العمانيون عبر قرون طويلة وحان الوقت لتحويلها إلى قيمة مضافة للمسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ومن الصعب النظر إلى مشروع الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عُمان في معزل عن جهود كبيرة وعميقة تبذل في سلطنة عمان ليس من أجل بناء صورة ذهنية عن عُمان فقط، ولكن -وهذا مهم جدا- من أجل بناء صورة عُمان الجديدة الدولة الحديثة ولكنها المتمسكة بأصولها الحضارية، الدولة المنفتحة على الآخر ولكن دون أن تنْبتَّ عن قيمها ومبادئها السياسية والثقافية، الدولة الذاهبة لبناء علاقات استراتيجية مع العالم ولكن القائمة في الوقت نفسه على مبدأ الشراكة التي تعود بالنفع على الوطن والمواطنين.

ومع تنامي هذا الجهد وبدء بروزه شامخا فوق السطح بفضل الفكر والجهود التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم بنفسه سيستطيع العالم أن يعيد رسم الصورة الذهنية عن عُمان عبر تجميع الكثير من المقولات والصور والمبادئ والسرديات التاريخية والثقافية والسياسية التي ستشكل مجتمعة الصورة التي هي نحن، والقصة التي هي قصتنا، والسردية التي تمثل أمجاد قرون من العمل الإنساني الحضاري. وحين ذاك، وهو قريب لا شك، سيعرف العالم عُمان الجديدة القادمة من أصولنا الحضارية والذاهبة باطمئنان نحو المستقبل الذي نريده.

مقالات مشابهة

  • عبد الرحمن القرضاوي بين الغِل الإماراتي والخذلان
  • تنفذها «إرث زايد الإنساني».. مبادرات بيئية ومجتمعية إنسانية في البرازيل بـ40 مليون دولار
  • «الشراكة».. الهُوية التي نذهب بها نحو العالم
  • جيمي كارتر.. عرّاب كامب ديفيد الذي اقتنع أن إسرائيل لا تريد السلام
  • الإمارات تقدم الدعم الإنساني لأكثر من 10 آلاف فلسطيني في غزة
  • الرهوي يناقش مع المبعوث الأممي مسار السلام والتفاهمات الإنسانية
  • عبد المنعم سعيد: بعض الأطراف استغلت الربيع العربي الذي حدث في عدد من الدول
  • ساعر يلتقي نظيره الإماراتي في أبو ظبي
  • نهيان بن مبارك: الإمارات حريصة على دعم قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية
  • تفاصيل جديدة بشأن الفيروس الصيني الذي يثير الهلع في العالم