أكدت وزيرة التغير المناخي والبيئة مريم المهيري، أن دولة الإمارات تؤمن بأن تطوير إدارة المياه والحفاظ على هذا المورد الحيوي، يضمن إحداث تحول حقيقي وملموس في تحول نظم الغذاء والزراعة إلى نظم أكثر استدامة، وتعزيز مساهمتها في القضاء على الجوع في العالم.

وأشارت المهيري إلى أن الدولة حريصة - من خلال التعاون الجاد والمثمر مع مختلف الدول والمنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة - إلى إثارة نقاش موسع حول ضرورة نشر تلك النظم في مختلف أنحاء العالم، وذلك خلال مؤتمر الأطراف COP28 المقرر انطلاقه في الدولة الشهر المقبل.

يوم الأغذية العالمي

وقالت: "يحتفل العالم بيوم الأغذية العالمي مع وضع ملف المياه الحيوي في صدارة الأولويات من أجل تعزيز الأمن الغذائي العالمي وإيجاد حلول عملية لإدارة المياه بما يخدم تعظيم الاستفادة منها في أنشطة الزراعة وكامل سلسلة القيمة الغذائية". مشيرة إلى أن الأراضي المروية تمثل 20% من الأراضي المزروعة حول العالم، فيما تُشكل 40% من الإنتاج العالمي من الغذاء، حيث تبلغ إنتاجية تلك الأراضي ضعف إنتاجية مثيلتها التي تعتمد على مياه الأمطار، وهو ما يضع العالم أمام تحدٍ في كيفية إدارة مياه الري لتحقيق أقصى استفادة منها في زراعة المزيد من الأراضي.
وأضافت: "من المهم أن نتعاون في إيجاد حلول لإدارة المياه من أجل الإيفاء بالاحتياجات الغذائية التي ستنمو بنسبة 60% بحلول عام 2050، ليتمكن العالم حينها من إطعام نحو 10 مليارات شخص، وهو ما سيخدم تحقيق التنمية المستدامة من خلال قيادة نمو مستمر في واحدٍ من أهم القطاعات الاقتصادية في العالم".

التحول في النظم الغذائية

وتابعت: في عالم يعاني فيه مئات الملايين من الجوع كل عام، حان الوقت لإحداث تحول في نظم الغذاء العالمية لتصبح أكثر استدامة وتدار باستخدام التكنولوجيا الحديثة وترشد استخدام المياه وتحد من هدر وفقد الغذاء. وهذا ما تنادي به دولة الإمارات من خلال أجندة مؤتمر الأطراف COP28 لنظم الزراعة والغذاء، وتدعو من خلالها قادة دول العالم إلى التوقيع على إعلان الإمارات حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي، والاستثمار في تلك النظم وتضمين أهدافها ضمن مساهماتها المحددة وطنياً، نظراً لأن نظم الغذاء الحديثة تستطيع أن تساعد العالم على إحداث خفض في ثلث الانبعاثات العالمية التي تتسبب بها نظم الغذاء التقليدية.
وأكدت المهيري أن فقد وهدر الغذاء من بين أهم الملفات في تحول نظم الغذاء العالمية، حيث يفقد العالم ويهدر ما يقرب من ثلث الإنتاج العالمي من الغذاء، مؤكدة أنه لابد أن يتخذ العالم خطوات ملموسة في هذا المجال، مشيرة إلى أن الإمارات تطمح من خلال المبادرة الوطنية للحد من فقد وهدر الغذاء "نعمة" إلى تحقيق التزام الدولة بالحد من فقد الغذاء وهدره بنسبة (50%) بحلول عام 2030.

دور الشباب

وقالت: "يلعب الشباب دوراً محورياً في إيجاد حلول لمختلف التحديات العالمية، ومن خلال رفع وعيهم وتمكينهم، سنكون أكثر قدرة على قيادة تغيير سلوكيات المجتمع تجاه المياه والغذاء، والارتقاء بابتكارات تساعدنا على ترسيخ نظم مستدامة لإدارة الملفين المهمين. فشباب الإمارات والمنطقة والعالم قادرون على ترك بصمة مؤثرة في هذا الملف الآن وخلال السنوات المقبلة. ونرحب في COP28 من أجل الاستماع إلى آرائهم وأفكارهم الطموحة في هذا الملف وغيره من الملفات الحيوية".
واختتمت قائلة: "في يوم الأغذية العالمي ومع اقتراب انطلاق مؤتمر الأطراف COP28 على أرض الدولة، نقول للعالم ان الإمارات مصممة وحريصة على ألا تترك أحداً خلف الركب".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات من خلال

إقرأ أيضاً:

النظام العالمي المستقر انتهى.. فما التالي؟

ترجمة - أحمد شافعي -

يبدو أن العالم ينزلق الآن إلى مزيد من الفوضى. فقد تزايد عدد الصراعات مثلما تزايدت حدتها زيادة ملموسة خلال العام الماضي، في حروب الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا. وفي الوقت نفسه، وصل الشك في السياسات الاقتصادية أعلى مستوياته منذ الوباء، في الوقت الذي تخيّم فيه على الأفق توترات في التبادل التجاري. ويختلط مع هذا تطور في التكنولوجيات المتقدمة - وأبرزها الذكاء الاصطناعي التوليدي - التي تطرح إمكانية مكتسبات اقتصادية لكنها تعجل بالتحول إلى جبهة متقدمة للمعلومات المغلوطة والتنافس بين الأمم.

ولقد أدى السخط على النظام العالمي القائم إلى تفاقم هذه الاضطرابات. ونتيجة لذلك، انتهى النظام العالمي المستقر نسبيًا الذي كان قائمًا لنحو ربع القرن بعد نهاية الحرب الباردة، وهو النظام الذي اتسم بتعاون مرن في الأزمات الأمنية والاقتصادية والبيئية.

الأفق الاقتصادي القائم اليوم أعصى على التنبؤ وأميل إلى الفوضى. لكنه لا ينبغي أن يكون أقل تعاونا. فلا بد أن تتبني البلاد ما يروق لي أن أطلق عليه التعاون غير المنتظم. فعلى القادة أن يجدوا سبلًا للعمل مع المنافسين. وعلى البلاد أن تجتمع، وتنضم إلى من يعنونها، ومنهم الشركات حينما يكون ذلك منطقيا، في التعامل مع المشكلات الكبيرة.

يواجه العالم الآن سلسلة من التحديات الجسام. فقد كان الصيف الماضي هو الأعلى في درجات الحرارة المسجلة. والاقتصاد العالمي ماضٍ في مسار نمو ضعيف. وأدى الصراع إلى تشريد قسري لأكثر من مائة واثنين وعشرين مليون نسمة في أنحاء العالم. وتتجدد المخاوف وتزداد من انتشار الجراثيم التنفسية في كل من الولايات المتحدة والصين.

ولا حدود لهذه الرياح المعاكسة، وما من سبيل لمعالجتها إلا من خلال التعاون العالمي، بين الحلفاء والخصوم على السواء.

وبرغم أن الأمر قد يبدو بعيد الاحتمال، فإن التعاون اليوم في أمر المناخ ممكن. إذ توصل باحثون في المنتدى الاقتصادي العالمي - الذي يعقد اجتماعه السنوي الأسبوع القادم في ديفوس بسويسرا - وفي ماكينزي آند كومباني إلى أن التعاون العالمي وإن تعطل على مدى السنوات الثلاث الماضية، فإنه لا يزال يتقدم في مجالات عديدة، أبرزها البيئة والصحة والابتكار، وإن يكن التقدم بوتيرة لا تحقق الأهداف العالمية. والخلاصة هي أن ذلك التعاون يمكن أن يجري في فترات الاضطراب وعندما يزداد فقدان الثقة، إذ يعمل القادة معًا في مجالات ويتنافسون في غيرها.

يعني هذا أننا قد نرى الولايات المتحدة والصين، في تنافسهما الشرس، يجدان فرصًا للتعاون في مجالات من قبيل الوقاية من الأوبئة والتعامل مع مشكلة ارتفاع الجريمة السيبرانية. ولعل لديهما فرصة للتوصل إلى تسوية لقضايا التبادل التجاري على نحو فيه منفعة الاثنتين.

ويبين لنا التاريخ أيضًا أن الخصوم يمكن أن يتعاونوا. ومن المشهور أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تعاونا في فترة الحرب العالمية الثانية فقدمت أمريكا أسلحة بقيمة مليارات الدولارات للاتحاد السوفييتي بموجب قانون الإقراض والإيجار. وفي ذروة الحرب الباردة، عمل كلا الجانبين معًا في قضايا ذات أهمية عالمية من قبيل استنفاد طبقة الأوزون في الغلاف الجوي، والضوابط المفروضة على اختبار الأسلحة وإنتاجها، والقضاء على الجدري.

وفي حين أن دروس الحقب السابقة لها دلالتها، فسوف يكون من الخطأ أن نحاول استنساخ هيكل الماضي. فالواقع أن النظام الذي ساد طويلًا بعد الحرب الباردة كان مستقرًا وتعاونيًا إلى حد كبير، لكنه كان ذا قيادة غربية، وفقد على نحو متزايد تمثيله لاحتياجات البلاد الأخرى وبخاصة في العالم النامي. فالتوسع الذي تشهده مجموعات مثل بريكس ـ- التي تتألف من بلاد ذات أسواق ناشئة - ومناصرتها لتغيير النظام الدولي دليل رغبة في إعادة التفكير في كيفية إقامة التعاون. بل إن الأمم المتحدة نفسها تدعو إلى إصلاح المؤسسات متعددة الأطراف لتصبح أكثر تمثيلًا واستجابة، وهذه إشارة قوية إلى الحاجة إلى أساليب جديدة.

اليوم لا يمكن أن يقوم التعاون في مؤسسة واحدة أو بالاعتماد على أسلوب واحد. فلا بد أن يتسم بالقدرة على التكيف. وعلى مستوى عملي، يجب على المؤسسات الضخمة متعددة الأطراف من قبيل الأمم المتحدة أن تساعد في وضع الأجندات، لكن على شبكات أصغر من الشركات والبلاد التي تتعاون في تعزيز أولويات عالمية أن تساعد أكثر في تحقيق النتائج. ومن أمثلة هذا الأسلوب (تحالف المتحركين الأوائل) وهو تعاون بين الولايات المتحدة واثني عشر بلدا آخر برعاية المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يضم أكثر من مائة شركة عالمية ملتزمة بالاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة. ويضم أعضاء التحالف منافسين شرسين، مثل بوينج وإيرباص، وكوكا كولا وبيبسي، الذين يعملون في انسجام على أجندة مناخية مشتركة.

كثير من التحديات التي تواجه العالم أكثر تعقيدا من أن يعالجها كيان عالمي واحد بمفرده. ولعل الذكاء الاصطناعي هو المثال الأكثر بروزا: فهو يتطور بمعدل أسرع بكثير من التقنيات السابقة، بما يجعل شركات التكنولوجيا أصواتا حيوية عندما يتعلق الأمر بوضع الضمانات.

ومن المرجح أن يبدو نقل التعاون ذي النطاق العالمي الكبير إلى مجموعات أصغر أمرا فيه فوضى واختلال. وسوف يماثله في ذلك محاولة إقناع المنافسين من القطاع الخاص بالتعاون. ولكن إذا عملت المجموعات على تحقيق أهداف عالمية بدلا من العمل ضدها، فعلى المؤسسات والقوى العالمية أن تشجعها وتمكنها.

قد يذهب البعض إلى أن نتائج الانتخابات في عام 2024 - أي العام الذي خسرت فيه الأحزاب الحاكمة في العديد من البلاد ذات الاقتصادات المتقدمة حصة من الأصوات - تعني أن الناخبين يتطلعون إلى إدارة ظهورهم للنهج العالمي. ولكن نتائج الانتخابات لم تعكس تحولًا عالميًا واسع النطاق إما إلى اليسار أو اليمين، بل أظهرت بدلا من ذلك استياء واسع النطاق من القائمين على السلطة والطرق الراسخة في القيام بالأشياء. وكانت الرسالة هي أن الناس يبحثون عن حلول جديدة أكثر فعالية للتحديات التي يواجهونها - وهو ما لا يمكن أن يحدث إلا بالتعاون.

ومع تولي حكومات جديدة مهامها في بداية العام، على القادة الساعين إلى خدمة مواطنيهم أن يسألوا أنفسهم لا عما إذا كان ينبغي لهم التعاون مع الآخرين، بل عن كيفية التعاون. فإيجاد سبل للعمل المشترك في بيئة اليوم الأكثر اضطرابا، حتى من خلال اتباع نهج أقل تنظيما، هو السبيل الوحيد إلى تحقيق النتائج التي يرومها الناس.

بورج برينده كاتب المقال هو الرئيس والمدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي.

خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • الأنبا بموا يترأس قداس عيد الغطاس المجيد بكنيسة العذراء مريم
  • النظام العالمي المستقر انتهى.. فما التالي؟
  • بالأرقام.. المملكة تتصدر العالم في إنتاج المياه المحلاة
  • لبنان عرض تحديات القطاع الزراعي في المنتدى العالمي الــ 17 للأغذية والزراعة في برلين
  • أحمد سيف المهيري: دولتنا رائدة عالمياً في استدامة الأمن والأمان
  • «مصدر» تختار شركات تطوير أكبر مشروع طاقة شمسية في العالم
  • سهيل المزروعي لـ«الاتحاد»: الإمارات ترسي معايير جديدة في ابتكارات الطاقة النظيفة
  • سهيل المزروعي: تشريعات وسياسات جديدة تعزز استدامة إنتاج الهيدروجين
  • المهيري يتصدر بطولة «الخيول الصغيرة» في «الشراع الدولية»
  • الغذاء العالمي.. التسول مصير اللاجئين في إثيوبيا بسبب نقص المساعدات