سودانايل:
2024-06-27@10:21:53 GMT

النقابات العمالية في فترة الحكم الوطني الأول (2/5)

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

عرض الجزء الأول، من هذه الدراسة، العوامل الداخلية والخارجية التي ساعدت ومهدت لنشوء الحركة النقابية العمالية في السودان. وفصلت كيف أن جماهير العمال هي صاحبة الحق الأول في نشؤ نقابة تمثلهم. تم ذلك في رفض واضح وقوي مخططات الدولية الاستعمارية الرامية لإنشاء، ما أسمته، اللجان العمالية. هذه اللجان المقترحة كانت تتبع تماما لرئيس المصلحة البريطاني، ولا تملك الحق في تقديم مطالب نقابية.

ثم دخلت نقابة عمال السكة الحديد في معارك قوية ضد الإدارة الاستعمارية. الطريقة التي تأسست بها نقابة عمال السكة الحديد، كانت لها اثار بعيدة في مستقبل الحركة النقابية. صارت حركة مصادمة، مستقلة تملك زمام نفسها، منحازة لقضايا التغيير الاجتماعي الوطني، وذات علاقات دولية قوية.
هذا المقال مواصلة وهو يتركز على فترة الحكم الوطني الأول.
كان الموقف من اتفاقية الحكم الذاتي لحظة مفصلية في تاريخ الحركة النقابية السودانية ، كنتاج لقرار اتحاد العمال المعارض للاتفاقية ، تحت التأثير المباشر لرأى ، و لخط الحزب الشيوعي . قرار رفض الاتفاقية، والذى تم بشكل فوقى ، بدون الرجوع لمجالس ادارات النقابات، لأخذ رايها حول تحديد موقف الاتحاد من الاتفاقية كان له ما بعده. تم ذلك القرار الفوقي في تنكر واضح للمبدأ الذي استنه الشيوعيون انفسهم والقائل " لكل حزبه والنقابة للجميع". في وقت كانت غالبية العمال ، بتأثير من التيار الاتحادي داخل الحركة الوطنية ، تؤيد الاتفاقية. وانفتح الباب للصراع بين القوى والتيارات النقابية التي عملت سويا خلال السنوات الاولى. وتنبهت الاحزاب التقليدية التي اهملت الحركة العمالية لنفوذ الحزب الشيوعي داخلها وصارت تخطط لخلق نفوذ لها ، اعتمادا على الولاء الطائفي ، خاصة وان اغلب العاملين بالسكة الحديد ينتمون للطائفة الختمية. اشتد الصراع للسيطرة على نقابة عمال السكة الحديد والتي فاز فيها ، في الدورات التي أعقبت توقيع اتفاقية الحكم الذاتي ، التيار المناوئ للشيوعيين. وتفجر العداء بين التيارين داخل النقابة ، ووصل قمته في المواجهة التي استمرت لسنوات لإعفاء قاسم امين من تفرغه النقابي ، رغم انه من القيادات التاريخية المؤسسة للنقابة.
وامتد الصراع ليسمم العلاقة بين نقابة عمال السكة الحديد واتحاد العمال ، وازداد الصراع حدة بعد المذكرات التي رفعها الاتحاد للحكومة الوطنية حول مطالب العمال حول الاجور والتشريد وبعض القضايا العامة مثل قانون النشاط الهدام والسياسة الاقتصادية والموقف من الاحلاف العسكرية. ونشط التيار الاتحادي ، تحت الاشراف المباشر لوزير الشئون الاجتماعية يحي الفضلى، لتغيير قيادة اتحاد العمال. بل وصلت به روح العداء لقيادة اتحاد العمال ، للدرجة التي دفعت بالوزير الوطني السوداني ، للاتصال بالحكومة الانجليزية واتحاد العمال البريطاني للمساعدة في ازاحة الشيوعيين عن قيادة الاتحاد. ولم تنجح تلك الجهود في تغيير قيادة اتحاد العمال ، ولكنها تركت شروخا عميقة وسط الحركة النقابية العمالية. وقد كتب محمد عمر بشير :" في السنتين التالتين للاستقلال كانت هنالك حملات مكثفة صعدت المواجهة بين الاتحاد العام لنقابات العمال والحكومة. ومهما يكن من امر فقد فشلت محاولة انشاء نقابات صفراء معادية للاتحاد العام. "
ساعد موقف قيادة اتحاد العمال ضد العدوان الثلاثي على مصر في 1956 وتطوع الشفيع للذهاب لقنال السويس ، ومخاطبته عمال السودان من مصر داعيا لهم للتطوع للدفاع عنها ودعوته الحكومة السودانية لاتخاذ مواقف ايجابية تجاه مصر ، ونجح دعم اتحاد العمال المعلن لنظام جمال عبد الناصر في تلطيف الأجواء، داخل نقابة عمال السكة الحديد خاصه مع التيار الختمى بسبب العلاقة القوية التي تربط الطائفة الختمية مع مصر والتي يشكل انصارها نسبة كبيرة من عمال السكة الحديد بعطبرة. وبمرور الايام واشتداد المطالب النقابية، بدأت حدة الصراع تقل، ولكنها لم تنعدم تماما. وبدا الاتحاد يستعيد بعض اراضيه عندما تصدى بوضوح للمعونة الامريكية ، ومشروع ايزنهاور وزيارة نيكسون و الدعوة لإنشاء حلف بغداد وتسييره المظاهرات الحاشدة ضدها.
أصرت الحكومة على تحجيم اتحاد العمال واستخدمت نفس الحجج التي استخدمتها الادارة الاستعمارية . وحسب ما اورده على محمد بشير : " ففي اغسطس 1958، اقام مسجل النقابات قضية ضد اتحاد العمال لإنه لم يتقدم بطلب لتسجيله كمنظمة نقابية. الاتحاد رغم انه ابدى استعداده للتسجيل من قبل الا انه اعتبر القضية هجوما على الحريات النقابية ، وتضامنت معه احزاب المعارضة وخلقت من القضية معركة سيا سية ضد الحكومة. ولم تصدر المحكمة حكمها في القضية الا قبل ايام من الحكم العسكري ، وقضت بشطبها." والغريب حقا انه اثناء نظر القضية اصدرت الحكومة بيانا تؤكد حرصها على حقوق النقابات المسجلة دون التعاون مع اتحاد العمال غير المسجل
ساهم اتحاد العمال في الدعوة لتوحيد المعارضة ، داخل وخارج البرلمان ، للإتيان بحكومة جديدة ، عند انعقاد البرلمان يوم 17 نوفمبر 1958 . وقبل ان تنعقد الجلسة المنتظرة سلم حزب الامة السلطة للعساكر وهكذا انفتح باب الانقلابات العسكرية في السودان.
وملاحظتنا الاساسية ، حول تلك الفترة ، هي ازدياد الصراعات داخل الحركة العمالية بعد انتهاء الاجماع النقابي والوطني على محاربة الدولة الاستعمارية ، ومجيء ادارة وطنية لها العديد من الانصار وسط العمال . ورغم فشل محاولات خلق مراكز متعددة داخل الحركة العمالية ونجاحها في الحفاظ على ، وحدتها ومركزها الواحد الا انها واجهت الانقلاب العسكري وهى اضعف مما كانت عليه في اواخر ايام الدولة الاستعمارية.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة النقابیة

إقرأ أيضاً:

تركيا تتهم السليمانية بتزويد حزب العمال بالأسلحة عبر مطارها وتهدد بضربات عنيفة

26 يونيو، 2024

بغداد/المسلة الحدث: تواجه الشراكة التركية-العراقية الناشئة تحديات كبيرة بسبب تعاون الاتحاد الوطني الكردستاني مع حزب العمال الكردستاني.

ويبدو أن الاتحاد الوطني لا يرغب في التعاون مع الحكومة المركزية لطرد حزب العمال، مما يعوق جهود الحكومة العراقية في حل الملفات الحيوية مع تركيا لصالح الشعب العراقي.

وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية يشكل مصدر إزعاج متزايد لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في وقت تتهم فيه تركيا، القوى في السليمانية بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني وإمداده بالأسلحة التي يستخدمها في مواجهته ضد الجيش التركي.

تقرير صحفي تركي أشار إلى أن حزب الاتحاد الوطني يعمل على تأمين تدفق شحنات من السلاح إلى مناطق تواجد مقاتلي حزب العمال في شمال العراق، بما في ذلك طائرات دون طيار وصواريخ، مستخدمًا مطار السليمانية كمحطة لوجستية رئيسية.

ومحافظة السليمانية تقع ضمن دائرة نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي تتهمه أنقرة بالتواطؤ مع حزب العمال واحتضان قادته ومقاتليه.

صحيفة يني شفق التركية المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم أفادت بأن تركيا ستستخدم القوة لضرب سلسلة إمداد حزب العمال بالسلاح في العراق، بما في ذلك المطار الذي يستخدمه الحزب لتدريب مقاتليه وتلقي شحنات منظومات جوية. قوات الأمن التركية وثقت جميع الشحنات التي أرسلت لحزب العمال الكردستاني، وأكدت أن طائرة مدنية محملة بالذخائر هبطت في مطار السليمانية. تركيا لن تبقى مكتوفة الأيدي حيال هذه الشحنات، وأصدرت أمرًا باستهداف كل شحنة مرسلة إلى حزب العمال الكردستاني.

مسؤولون أتراك نقلوا أنهم طالبوا قوباد طالباني، القيادي في حزب الاتحاد الوطني ونائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، ببسط السيطرة على مطار السليمانية وإغلاقه في وجه أنشطة حزب العمال، لكن حزب الاتحاد لم يلتزم بذلك، مما دفع أنقرة لتمديد حظر الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية حتى نهاية العام الجاري.

ويتعامل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني مع تركيا والعراق بشكل معقد ومتناقض في بعض الأحيان. من جهة، يسعى الحزب إلى تعزيز نفوذه في إقليم كردستان العراق، ومن جهة أخرى، يتورط في صراعات مع تركيا بسبب دعمه لحزب العمال الكردستاني.

من ناحية أخرى، يحاول حزب الاتحاد الوطني الكردستاني استغلال التوترات مع تركيا لصالحه في السياسة الداخلية لإقليم كردستان العراق، مما يعزز من موقفه أمام الحزب الديمقراطي الكردستاني المنافس . ومع ذلك، يواجه الحزب ضغوطًا كبيرة من تركيا، التي تسعى إلى القضاء على نشاط حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية .

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

مقالات مشابهة

  • اتحاد اليد يُحدد مواعيد وضوابط تسجيل عقود اللاعبين للموسم الجديد
  • قيادي حوثي يعتدي بالضرب على عمال في مدينة إب
  • تركيا تتهم السليمانية بتزويد حزب العمال بالأسلحة عبر مطارها وتهدد بضربات عنيفة
  • “اتحاد العمال” يرفض تعديلات لائحة الأجور الطبية لعام 2024
  • اتحاد نقابات عمال الأردن: نرفض تعديلات لائحة الأجور الطبية لعام 2024
  • اتحاد العمال يرفض تعديلات لائحة الأجور الطبية لعام 2024
  • السكن العشوائي يفضح أوضاع العمالة المتدهورة
  • اتحاد المرأة بتحالف الأحزاب يعقد اجتماعه الأول.. والاتفاق على تشكيل لجانه
  • مقتل 20 شخصًا في حريق بمصنع لبطاريات الليثيوم في كوريا الجنوبية
  • مقدمة مقتل 20 شخصًا في حريق بمصنع لبطاريات الليثيوم في كوريا الجنوبية