مشاركون في ندوة "أوربا" بموسم أصيلة... الدول العربية لم تعد تقبل الهيمنة والرضوخ لأية قوة أو الاستكانة لأي جهة كانت تستبيح ثرواتها
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
شدد المشاركون في ندوة “أوربا: بين نوازع القوة والخروج من التاريخ”؟ التي نظمت على هامش موسم أصيلة الثقافي الدولي 44 في دورته الخريفية، على أن علاقة الدول العربية والإفريقية بأوربا قوية إلى أبعد الحدود، والترابط والاندماج القائم بين الطرفين، وهو ما يجعل ما يقع في هذه البلدان، ذا أثر واضح في الفضاء الأوربي.
وقال المحلل السياسي تاج الدين الحسيني، الذي سير الندوة، ان أوربا التي حكمت العالم ثلاثة قرون وظلت تسيطر في مجالها الاستعماري على كل من قارة إفريقيا، وآسيا، باستثناء اليابان، هي اليوم تعيش ظروفا حرجة، في مسارها السياسي والاستراتيجي، والاقتصادي والاجتماعي، وهي الأوضاع التي قد تدفعنا يؤكد الحسيني كثيرا للاهتمام بما تعيشه أوربا، هل تسير إلى التدهور والانهيار أم على العكس من ذلك هي ماتزال ذات تأثير سياسي على الدول العربية والإفريقية.
وأضاف أن الدول العربية والإفريقية، لم تعد تقبل الهيمنة، والرضوخ لأية قوة، والاستكانة لأي جهة كانت تستبيح الثروات التي لديها.
من جهته قال محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، إن الندوة تعنى بالتطورات التي تعرفها أوربا في السنوات الأخيرة وبانعكاساتها على دول الجنوب، التي كانت في أغلبها مستعمرات لدول أوربية، مشيرا إلى أنه تعددت في السنوات الأخيرة تحذيرات كبار القادة السياسيين والمفكرين الأوربيين من انحدار بلدان الاتحاد الأوربي بالخصوص إلى خطر “الخروج من التاريخ”، وهي الدول التي قادت عهد النهضة التي عرفها العالم منذ القرن 16 .
ومن وجهة نظر رئيس المعهد الدولي للسلام بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا البحريني نجيب الفريجي، فإن العلاقات بين الدول العربية وأوربا قديمة، لكنها معقدة، شهدت تحديات ومشاكل عديدة، على مر العصور، وخلال ثلاثة قرون كانت أوربا المهيمنة على العالم ومن ضمنه منطقة الشرق الأوسط.
حسب تحليل المتحدث ذاته، فلا يوجد هناك دليل على أن أوربا تخرج من التاريخ أو تنحدر بشكل ما، ففي الواقع أوربا لا تزال تلعب دورا هاما في الشؤون العالمية، وتحتفظ بتاريخ وتراث ثقافي واقتصادي قوي، وعلى الرغم من ذلك توجد بعض التحديات والمشكلات التي تؤثر على بعض الدول الأوربية بشكل أكبر من غيرها، وهذا لا يعني أنها تدخل مرحلة الانحدار التاريخي.
وقال نجيب الفريجي: “حتى لا نكون متسرعين في استباق الواقع، لا يمكن اعتبار أوربا خارج التاريخ أو بدأت سريعا بمرحلة الانحدار، لايزال لديها تأثير كبير على الساحة العالمية، ومن خلال العمل المشترك والتكامل الأوربي، يمكن لأوربا الاستمرار في الحفاظ على تأثيرها وتحقيق التقدم في العديد من المجالات، بعيدا عن عقلية الهيمنة التي كانت تمارسها مع دول العالم، وبشكل خاص الدول العربية والقارة الإفريقية، فهذه الدول، لم تعد تقبل الهيمنة، والرضوخ لأية قوة، والاستكانة لأي جهة كانت تستبيح الثروات التي لديها”.
وأوضح المتحدث، ذاته، أن أوربا باتت تواجه تحديات هي من صميم دورها التأثيري في العالم، ومن ضمنها الأزمات المالية، في العهد الماضي، وتسببت لها في صعوبات اقتصادية، واضطرابات سياسية في بعض الحالات، وأيضا مسألة الهجرة التي شهدتها أوربا في السنوات الماضية، والتدفق الكبير للاجئين والمهاجرين، وهو أمر أثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي في دول أوربا، بالإضافة إلى التحديات السياسية الداخلية التي تعاني منها بعض من الدول الأوربية، والانقسامات الاجتماعية. وقد تؤثر هذه التحديات على اتخاذ قدرات موحدة، قبل أن يعرج المحلل السياسي، على تأثيرات الحرب الروسية على أوكرانيا، التي أثرت سلبا على مبدأ الحريات في أوربا، وعلى المستوى العالمي، وتسببت هذه الحرب المشتعلة، في انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، والحريات الأساسية، بما في ذلك القتل والتهجير. وشهدت الحرب أيضا في هذا السياق، تقييدا كبيرا لحرية التعبير، وحرية الصحافة، وتم تكميم الأصوات المعارضة وقمع حريات الإعلام بين الجانبين، وما يشكله ذلك من ازدواجية المعايير بخصوص مبادىء حرية تدفق المعلومات. وأصبحت الدول الأوربية تمارس ضغوطات غير مسبوقة على المؤسسات الصحفية والإعلامية، وهو إجراء سابق كانت أوربا تنتقد فيه دول العالم الثالث، وتعتبره إجراء متخلفا وطبقت عليها إجراءات قاسية، للحد من الإجراءات المقيدة لحرية الصحافة.
وذهب وزير سابق للشؤون الأوربية بإيطاليا فينسينزو أمندولا، إلى أن التضامن داخل فضاء الاتحاد الأوربي يعد من التحديات الأساسية التي يجب أن تعيرها المنظومة الأوربية الكثير والمزيد من الاهتمام، وتبحث على حلول ناجعة لها، خاصة وأن الاتحاد الأوربي تواجهه تحديات الهجرة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ووضع منظور سياسي واضح المعالم في عالم متقلب، مع إرساء قواعد أمنية واجتماعية وسياسية لضمان تطور سلس يستوعب كل التطورات.
وشدد المصدر ذاته، على أن الاتحاد الأوربي يجب كذلك أن يستمر في الاضطلاع بدور أساسي في هذا العالم السائر نحو وضع متعدد الأقطاب، ويضع مقاربات سياسية واقتصادية واجتماعية مبتكرة تواكب وتساهم في إيجاد الحلول للتحولات الإقليمية والعالمية، ولا تترك المجال للقوى الأخرى للقيام بذلك نيابة عنها.
فيما رأى حسن أبو أيوب، الدبلوماسي المغربي، أن التعاون المشترك الواضح المعالم بين الاتحاد الأوربي وباقي دول الجنوب يجب أن يقوم على أسس متينة بعيدة عن المفاهيم البائدة، وينظر الاتحاد الأوربي بمنظار جديد إلى الجنوب ويعتبره شريكا استراتيجيا، كما على أوربا أن تعزز السيادة الاقتصادية والمبادئ الديمقراطية وتحقق كذلك “سيادتها الأمنية والعسكرية “، ويكون لها الوقع المؤثر في عالم متطور بخطى سريعة على كل الأصعدة .
حسب الورقة التأطيرية للندوة، لقد تعددت في الآونة الأخيرة تحذيرات كبار القادة والسياسيين والمفكرين الأوربيين، من انحدار بلدان الاتحاد الأوربي إلى حد خطر الخروج من التاريخ بعد ثلاثة قرون من الصعود والهيمنة على العالم.
وفقا للورقة ذاتها، نشهد بوضوح تراجع وتقهقر أوربا، بما يبرز في عدة ظواهر من بينها: عودة الحروب إلى قلب القارة الأوربية، في مرحلة أصبح من الجلي أن دول القارة العجوز لم تنجح في بناء منظومة أمنية ناجعة، ولم تستطع بلورة مقاربة ناجعة في العلاقة بروسيا.
والدليل على عجز أوربا المتوقع في قيادة العالم أو التأثير فيه، هو تراجع منزلتها في الاقتصاد العالمي وفي حركية الإنتاج التقني والصناعي، إلى حد الحديث المتزايد في كبريات الدول الأوربية عن نهاية العصر الصناعي الأوربي.
كما تكشف الورقة التأطيرية، تراجع سياسات الاندماج الإقليمي الأوربي، وذلك بالفشل في بناء سياسة اقتصادية ومالية متناسقة بين دول الاتحاد، وإخفاق مشروع الدفاع المشترك، مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوربي في سابقة خطيرة على المنظومة القارية.
بالإضافة إلى تراجع الدور الاستراتيجي الأوربي في العالم، مع بروز قوى دولية صاعدة، بما انعكس على ضعف حضور وتأثير الدول الأوربية الكبرى في الأزمات العالمية الراهنة.
الندوة عالجت هذه التحديات وطرحت هذه الإشكالات، انطلاقا من المحاور الثلاثة الآتية:
1- مشروع الاندماج الأوربي: الثغرات والمصاعب والتحديات.
2- الاتحاد الأوربي والنظام الدولي: عناصر القوة ومكامن الضعف.
3- مستقبل البناء الأوربي: الاتجاهات والآفاق.
كلمات دلالية آسيا افريقيا الدورة الخريفية لموسم أصيلة الدول العربية الشرق الاوسط الهيمنة اوربا منتدى أصيلةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: آسيا افريقيا الدول العربية الشرق الاوسط الهيمنة اوربا الاتحاد الأوربی الدول العربیة من التاریخ
إقرأ أيضاً:
المنظمة العربية للتنمية الإدارية تعقد ندوة تعريفية عن جائزة الشارقة في المالية العامة بالمملكة المغربية
عقدت المنظمة العربية للتنمية الإدارية - جامعة الدول العربية، بالرباط - المملكة المغربية، ندوة تعريفية عن جائزة الشارقة في المالية العامة والورشة التدريبية المصاحبة في مجال الصفقات العمومية، بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والمالية في المملكة المغربية، وبالتعاون مع حكومة الشارقة. ويأتي تنظيم هذه الفعالية التي استمرت على مدار يومي 14-15 نوفمبر، في إطار إطلاق الدورة الثالثة من الجائزة، والتي تهدف إلى نشر أفضل الممارسات والتطبيقات في إدارة المال العام، لتحقيق تنمية مستدامة، واستغلال أمثل للموارد المالية، وتشجيع الباحثين في العالم العربي على التطوير المستدام.
وأكد المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، على أهمية هذه الجائزة باعتبارها أداة لتعزيز إدارة فعّالة وحديثة للمالية العامة، مؤكداً على ضرورة تبادل التجارب والممارسات الجيدة بين المؤسسات بغية تعزيز الأداء والشفافية وجودة الخدمات العامة، وأضاف القحطاني أن هذه الجائزة توفر للمشاركين فرصة لمواءمة ممارساتهم مع معايير التميز المعترف بها دولياً، مما يعزز التنمية المستدامة للقطاع. ولفت القحطاني إلى أن الجائزة تستهدف (22) فئة، منها (11) فئة مؤسسية و (11) فئة فردية، ولكل فئة فردية ثلاثة مستويات.
وفي كلمة السيدة نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، التي ألقتها نيابة عنها السيدة صونيا حماموش، نائبة مدير الشؤون الإدارية والعامة، أن جائزة الشارقة في المالية العامة تعتبر رافعة هامة لتبني ممارسات مبتكرة وترشيد الموارد العمومية، مع تثمين الالتزام والجهود التي تبذلها المؤسسات ذات الاستحقاق، كما أبرزت أن هذه المبادرة تسهم أيضا بشكل كبير في تعزيز الحوكمة الجيدة، ونجاعة المالية العامة بالدول العربية.
بدوره، قال الأمين العام لجائزة الشارقة في المالية العامة، الشيخ راشد بن صقر القاسمي، إن هذه الدورة تستهدف تكريم مساهمات المؤسسات والأفراد في مجال المالية العامة، كما أبرز الجهود المبذولة لتسهيل تقديم الطلبات عبر منصة إلكترونية محدثة، لتمكين المترشحين من تقديم ملفاتهم بطريقة مبسطة.
وتلت هذه الندوة التعريفية ورشة تدريبية حول: “الشراء العام وأبعاده الاقتصادية والتنموية والتوجهات الحديثة”، والتي تطرقت إلى الصفقات العمومية ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومستجدات إصلاح نظام الصفقات العمومية.