أثار العنف المتصاعد بين إسرائيل وحركة حماس جدلاً في بروكسل يتعلق بتقديم المساعدات للفلسطينيين. وقد أدان الاتحاد الأوروبي بقوة هجوم حماس على إسرائيل، غير أنه بعث في الوقت نفسه برسائل متباينة حول مستقبل المساعدات التنموية التي يقدمها للفلسطينيين.

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى إعادة توحيد صفوفه فيما يتعلق بقضية المساعدات للفلسطينيين.

وثمة إجماع على النقاط التالية: استمرار الدعم للسلطة الفلسطينية: لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها، ولكن يتعين عليها في الوقت نفسه احترام القانون الدولي.

وفي 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، شن مسلحو حماس هجوماً واسعاً عبر الحدود من غزة بصواريخ على أهداف مدنية وعسكرية داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل حوالي 1300، وردت إسرائيل بهجمات مدفعية وضربات جوية، وقد وصل عدد ضحايا الفلسطنيين جراء الرد الإسرائيلي إلى 2215 قتيلاً، وأكثر من 8714 مصاباً، حتى أمس السبت.

ولجأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مساء يوم الإثنين الماضي، بعد يومين من هجوم حماس، إلى تخفيف حدة ما أعلن بشأن تجميد مدفوعات مساعدات التنمية للفلسطينيين. وعلى النقيض مما أعلنه مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع أوليفر فاريلي في وقت سابق في نفس اليوم، من أنه سوف يتم تعليق جميع المدفوعات على الفور، صححت المفوضية نفسها وأعلنت أنها سوف تراجع المدفوعات.

???????? EU support

EU triples immediate humanitarian aid for Gaza#EuropeanUnion | #Gaza | #Israel https://t.co/W1EdRj7c8u

— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) October 14, 2023 تعليق المساعدات 

وكان الاتحاد الأوروبي قرر دعم الفلسطينيين، بمبلغ 1.18 مليار يورو (1.24 مليار دولار) خلال الفترة من عام 2021 وحتى 2024، بحسب بيان صحفي للمفوضية الأوروبية، ولفت ممثلو المفوضية إلى اتفاق يقضي بعدم صرف أي مدفوعات لحين استكمال المراجعة. وعلى أية حال، ليست هناك أي مدفوعات متوقعة حالياً، وأكد البيان أن المراجعة لن تشمل المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

وقالت فون دير لاين: "دعمنا الإنساني للشعب الفلسطيني ليس موضع شك. ورغم ذلك، من المهم أن نراجع بعناية مساعداتنا المالية للفلسطينيين... لن تذهب أموال الاتحاد الأوروبي، أبداً، لحماس أو أي كيان إرهابي"، وتصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل حماس "منظمة إرهابية".

وأعلنت رئيسة المفوضية يوم الأربعاء الماضي، أن قتل حماس المدنيين الإسرائيليين عمل من أعمال الحرب تم بدم بارد، ويعكس "شراً متأصلاً". وأضافت "يجب أن نتسم بالوضوح إزاء تعريف هذا النوع من الرعب، وهناك رد واحد عليه. أوروبا تقف إلى جانب إسرائيل، ونؤيد بشكل تام حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

وزارت فون دير لاين إسرائيل يوم الجمعة الماضي، لإظهار التضامن معها. كما استقبلت إسرائيل زواراً رفيعي المستوى، بينهم وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن.

أغلبية رافضة 

وأجرى وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي محادثات طارئة يوم الثلاثاء الماضي، عقب هجوم حماس المفاجئ، ورد إسرائيل بحملة قصف انتقامية عنيفة على قطاع غزة. وقال منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إنه خلال مشاورات غير رسمية، رفضت الأغلبية الساحقة من دول التكتل مقترحاً يقضي بتجميد المدفوعات للسلطة الفلسطينية.

وقال بوريل عقب المحادثات التي جرت عبر تقنية الفيديوكونفرانس، في سلطنة عمان: "الشعب الفلسطيني ليس كله إرهابيين،" مضيفاً "العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين كافة أمر جائر وغير ذي جدوى. سيكون ذلك ضد مصلحتنا، وضد مصلحة السلام".

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن "باريس لا تؤيد تعليق المساعدات التي يستفيد منها الشعب الفلسطيني بشكل مباشر"، وقدمت فرنسا مساعدات بقيمة 95 مليون يورو للفلسطينيين العام الماضي.

برلين والاتحاد الأوروبي: المساعدات للفلسطينيين لم تمول الإرهاب https://t.co/v6TLhzGz4I

— 24.ae (@20fourMedia) October 11, 2023

وانتقد القائم بأعمال وزير خارجية إسبانيا، خوسيه مانويل ألباريس، رد مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع أوليفر فاريلي الأولي، وأعرب عن أسفه لمراجعة مساعدات الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين، حيث إنها تشير، ضمناً، إلى أن التكتل كان يمول منظمة إرهابية "على مدار سنوات". وشدد ألباريس على أنه "ليس هناك دليل على أن هذا التمويل لم يستخدم للأغراض التي خصص من أجلها".

ودعت وزير خارجية ألمانيا بيربوك يوم الثلاثاء الماضي، إلى تقديم مساعدات إنسانية مستدامة للأراضي الفلسطينية، وذلك بعد يوم من إعلان برلين عزمها تعليق مساعدات تنموية، كما دعت السلطة الفلسطينية إلى أن تنأى بنفسها "عن هذا الإرهاب... الذي لا يمكن تبريره"، وقالت: "كسلطة فلسطينية، عليكم واجب أيضاً تجاه شعبكم".

وأوضح المستشار الألماني أولاف شولتس، يوم الخميس الماضي، أن جميع المساعدات التنموية التي تقدم للأراضي الفلسطينية قيد المراجعة، وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن "المراجعة وناجمة عن الظروف الأخيرة، وإنه لا يجب أن يساء استخدام هذه الأموال".

ورحبت أمريكا يوم الثلاثاء الماضي، بدعم الاتحاد الأوروبي مواصلة تقديم المساعدات التنموية للشعب الفلسطيني. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين: "أوضحنا بشكل لا لبس فيه أنه ليس لدينا شكوى تجاه الشعب الفلسطيني".

معارضة أوروبية

وقال ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، إن وزراء خارجية التكتل دعوا إسرائيل إلى عدم قطع "المياه أو الغذاء أو الكهرباء" عن غزة، وإلى إنشاء ممرات إنسانية لمن يحاولون الفرار من القطاع. كما شدد الوزراء على ضرورة "احترام القانون الإنساني الدولي".

وأضاف بوريل للصحفيين في العاصمة العُمانية مسقط، "لإسرائيل حق الدفاع عن (نفسها)، ولكن يتعين أن يكون ذلك وفقاً للقانون الدولي والقانون الإنساني، وثمة قرارات تتعارض مع هذا القانون الدولي"، ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ونظيره الفلسطيني رياض المالكي، إلى المشاركة في المحادثات الطارئة يوم الثلاثاء المقبل، ولم يلب أي منهما الدعوة.

تداعيات إقليمية

ودعا الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي يوم الثلاثاء الماضي، إلى مواصلة تقديم المساعدات للأراضي الفلسطينية، وسط مخاوف من احتمال توقفها عقب هجوم حماس. وعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي اجتماعاً في مسقط.

وتصاعدت المخاوف خشية نشوب حرب إقليمية في خضم توقعات بتوغل بري إسرائيلي وشيك لقطاع غزة، وجاء في إعلان مشترك تلاه بوريل أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي "شددوا على أهمية الدعم المالي المتواصل للأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى)".

زعماء #الاتحاد_الأوروبي يعقدون اجتماعاً استثنائياً بشأن الوضع في إسرائيل وغزة https://t.co/a5XDqSJATU

— 24.ae (@20fourMedia) October 15, 2023 جهود لخفض التصعيد

وحذر رئيس وزراء أيرلندا ليو فارادكار، في الوقت نفسه، من أن الدعم الدولي لإسرائيل ربما يتراجع إذا ما ذهبت تل أبيب بعيداً في ردها ضد حماس. وقال: "من وجهة نظر إيرلندا، نقول لإسرائيل: نعم، لكم حق الدفاع عن أنفسكم ولكن أي رد يجب أن يكون متناسباً"، مشيراً إلى "خطر اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية ولبنان، ومواقع أخرى".

وقال رئيس وزراء بلغاريا نيكولاي دينكوف إن "الصراع ربما يصرف تركيز العالم عن الهجوم الروسي على أوكرانيا"، وأوضح أن "نتائج الأزمة الحالية ستحدد ماذا سيحدث "في العالم لعقود مقبلة".

وأكد تاياني أن روما مستعدة للمساهمة في "تعزيز الحد من التصعيد بين الأطراف، والحيلولة دون اتساع نطاق الصراع." وأجرى تاياني محادثات مع كبار المسؤولين في مصر الأسبوع الماضي، ودعا وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع بالقاهرة يوم الأربعاء الماضي، إلى وقف فوري لهجمات إسرائيل على قطاع غزة.

وأكد الوزراء في بيان عقب الاجتماع الطارئ بالجامعة العربية على "ضرورة إحياء العملية السلمية وإطلاق مفاوضات جادة بين منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإسرائيل لتحقيق السلام العادل والشامل".

وقام وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن بزيارة إسرائيل يوم الخميس الماضي. وتدعم أمريكا إسرائيل بمليارات الدولارات التي يذهب جزء كبير منها إلى الدفاعات الصاروخية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الاتحاد الأوروبي مجلس التعاون الخليجي أمريكا المساعدات التنمویة الاتحاد الأوروبی وزراء خارجیة هجوم حماس الدفاع عن

إقرأ أيضاً:

قطر تهدد بوقف مبيعات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي

قالت صحيفة "فايننشال تايمز" اليوم الأحد، إن وزير الطاقة القطري سعد الكعبي، أكد أن بلاده ستوقف شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، إذا فرض التكتل على نحو صارم تشريعاً جديداً من شأنه أن يعاقب الشركات التي لا تلبي شروطه لانبعاثات الكربون وحقوق الإنسان والعمال.

وقال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي للصحيفة: "إذا فرضت أي دولة في الاتحاد الأوروبي عقوبات عدم امتثال، فإن الدوحة ستوقف تصدير غازها الطبيعي المسال إلى الكتلة".
والاتحاد الأوروبي مطالب وفق القانون بفرض غرامات على عدم امتثال الشركات المتعاونه بمعاييره الكربونية بحد أقصى لا يقل عن 5% من الإيرادات العالمية السنوية.
وقال الكعبي: "إذا فقدنا 5% من إيراداتنا بالذهاب إلى أوروبا، فلن نذهب إلى هناك... أنا لا أخادع".

وأضاف "5% من الإيرادات المتولدة لشركة قطر للطاقة تعني5% من الإيرادات المتولدة لدولة قطر. هذه أموال الشعب.. لذا لا يمكنني قبول هذه الخسارة".
واعتمد الاتحاد الأوروبي في مايو (أيار) الماضي قواعد جديدة ضمن مجموعة متطلبات أوسع لمواءمة الشركات مع طموح التكتل المتمثل في الوصول إلى انبعاثات كربون صفرية بحلول 2050.
لكن المتطلبات أثارت ردود فعل عنيفة واسعة النطاق من الشركات، داخل الاتحاد الأوروبي و خارجه، بسبب القواعد المرهقة التي تضعها في وضع غير تنافسي. 

قال #وزير_الطاقة_القطري سعد الكعبي، في تصريحات نقلتها صحيفة فايننشال تايمز إن #قطر قد توقف شحنات #الغاز إلى #الاتحاد_الأوروبي إذا تم تطبيق تشريعات صارمة تعاقب الشركات التي لا تلتزم بمعايير انبعاثات الكربون وحقوق الإنسان والعمال#العربية_Business pic.twitter.com/kUSm8jAE7a

— العربية Business (@AlArabiya_Bn) December 22, 2024

وقالت هيئة الصناعة الكيميائية ، إن القواعد الأوروبية من شأنها "أن تخلق مخاطر تقاضي كبيرة.

وقطر هي واحدة من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، وأصبحت مورداً مهماً للغاز إلى أوروبا في أعقاب الاضطرابات في أسواق الطاقة الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا.

واعتبر الكعبي، أن التشريع في شكله الحالي والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 2027 سيكون غير قابل للتطبيق لشركات مثل شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة. 

???? رفعت الشركات الأوروبية أسعار السيارات التي تعمل بالبنزين بينما تقوم بتثبيت أو تخفيض أسعار السيارات الكهربائية في إطار استعدادها لتطبيق قواعد أكثر صرامة لخفض الانبعاثات الكربونية، ما يهدد بتقليص الأرباح في صناعة متعثرة بالفعل.

???? سيخفض الاتحاد الأوروبي بشكل كبير سقف انبعاثات… pic.twitter.com/4Nz2uSW6OW

— CNN Business Arabic | الاقتصادية CNN (@CNNBusinessAr) December 18, 2024

وقال، إنه سيتطلب من الشركة بذل جهود كبيرة مع جميع مورديها البالغ عددهم 100000 شركة. وأضاف "ربما أحتاج إلى ألف شخص، وإنفاق الملايين للذهاب وإجراء عمليات تدقيق مع كل مورد".
وقال الكعبي، إنه سيكون من المستحيل أيضاً على منتج للطاقة مثل قطر للطاقة أن يتوافق مع هدف صافي الانبعاثات الصفري للاتحاد الأوروبي بسبب كمية الهيدروكربونات المنتجة.

وقال الكعبي، إن التشريع سيؤثر على جميع الصادرات القطرية إلى أوروبا، بما فيها الأسمدة والبتروكيماويات، وقد يؤثر أيضاً على قرارات هيئة الاستثمار القطرية.  

وتابع، أن قطر للطاقة لن تخرق عقود الغاز الطبيعي المسال، لكنها ستنظر في السبل القانونية إذا واجهت عقوبات باهظة.
وقال الكعبي: "لن أقبل أن نتعرض لعقوبات. سأتوقف عن إرسال الغاز إلى أوروبا".

مقالات مشابهة

  • كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟
  • "نستيقظ في الصباح متجمدين من البرد".. معاناة بلا حدود للفلسطينيين في غزة في شتاء قارس ونقص المساعدات
  • تداعيات هجوم ماجدبورج.. الخارجية الألمانية تعلن إجراء عملية مراجعة
  • ألمانيا تبدأ "عملية مراجعة" بعد هجوم ماغدبورغ
  • وزيرة الخارجية الألمانية: نجري عملية مراجعة بعد هجوم ماجدبورج
  • على الاتحاد الأوروبي البناء على نجاحاته السابقة
  • قطر تُهدد بوقف شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي.. ما القصة؟
  • قطر تبحث وقف شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي
  • قطر تهدد بوقف مبيعات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي
  • قطر توقف مبيعات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي