ألمانيا تحذر مواطنيها من السفر إلى إسرائيل ولبنان وفلسطين
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
حذرت ألمانيا، اليوم الأحد، مواطنيها من التوجه إلى إسرائيل ولبنان وفلسطين، بسبب التصعيد الدائر في المنطقة.
وحسب وكالة “فرانس برس”، حثت الحكومة الألمانية رعاياها اليوم الأحد على عدم السفر إلى إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية أو لبنان بسبب تصاعد العنف في غزة.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان أيضًا إنها "ستبذل قصارى جهدها" لدعم المواطنين الراغبين في مغادرة إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية.
وفي وقت سابق، حظرت سلطات ولاية برلين الألمانية ارتداء الكوفية الفلسطينية في المدارس، زاعمة أنها تشكل "تهديدًا للسلام".
وذكرت النائبة عن التعليم كاثرينا جونثر- فونش، في رسالة إلى المدارس، أن “أي سلوك توضيحي أو تعبير عن الرأي يمكن فهمه على أنه تأييد أو موافقة على الهجمات ضد إسرائيل”، مشيرةً إلى أن هذا الأمر "يمثل تهديدًا للسلام المدرسي في الوضع الحالي، وهو محظوروبالإضافة إلى الرموز المباشرة مثل حماس وحزب الله، فإن الحظر يشمل "الرموز والإيماءات والتعبير عن الرأي الذي لا يصل إلى حد المسؤولية الجنائية، بما في ذلك الكوفية".
وحظرت المسؤولة لصقات: "فلسطين حرة" التي تحمل نقوشاً، أو خريطة إسرائيل بألوان علم فلسطين، مضيفة أن"مثل هذه التصرفات والرموز تعرض السلام المدرسي للخطر في الوضع الحالي".
وكانت الفصائل الفلسطينية، قد شنت هجوما هو الأقوى على مر التاريخ على الأراضي المحتلة، حيث تسبب ذلك في مقتل المئات، وأسر أكثر من 120 شخصا من الأراضي المحتلة إلى قطاع غزة.
وشنت قوات الاحتلال قصف عنيف وإجرامي على قطاع غزة، ما أسفر عن تشريد واستشهاد وإصابة الالاف من المواطنين الفلسطينيين، وظهور دعوات من أجل نزوح الفلسطينيين إلى خارج القطاع.
وحذرت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، من مطالبة الجيش الإسرائيلي سكان قطاع غزة وممثلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في القطاع، بمغادرة منازلهم خلال 24 ساعة والتوجه جنوباً.
وأكدت مصر، أن هذا الإجراء يعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وسوف يعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطيني وأسرهم لمخاطر البقاء في العراء دون مأوى في مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية، فضلاً عن تكدس مئات الآلاف في مناطق غير مؤهلة لاستيعابها.
وطالبت مصر، الحكومة الإسرائيلية بالامتناع عن القيام بمثل تلك الخطوات التصعيدية لما سيكون لها من تبعات خطيرة على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وعلى ضوء ما هو مقرر من إحاطة الأمم المتحدة لمجلس الأمن يوم الجمعة بشأن هذا التطور الخطير، طالبت مصر مجلس الأمن بالاضطلاع بمسئوليته لوقف هذا الإجراء.
قوافل تنطلق لمساعدة الأشقاء الفلسطينيينوتنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتقديم الدعم الفوري والإغاثة لدولة فلسطين الشقيقة، انطلقت صباح أمس القوافل الشاملة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وحياة كريمة، والتي تضم قرابة ١٠٦ قاطرات محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية تتضمن 1000 طن من المواد الغذائية واللحوم و40 ألف بطانية وأكثر من 300 ألف علبة أدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى الملابس والاحتياجات اللازمة، يرافقها طاقم طبي من كافة التخصصات كمحاولة لتخفيف الأوضاع على الشعب الفلسطيني جراء الاعتداء الإسرائيلي وسقوط العديد من الضحايا والمصابين.
يأتي ذلك بالتزامن مع تدشين كيانات التحالف الوطني بالتعاون مع وزارة الصحة وبنك الدم أكبر حملة للتبرع بالدم في تاريخ الإنسانية تحت شعار "قطرة دماء تساوي حياة" بكافة محافظات الجمهورية.
تجدر الإشارة إلى أن التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي قد أعرب عن أسفه الشديد حيال تصاعد أعمال العنف بقطاع غزة وهو ما يهدد السلام الدولي ويتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة بالحفاظ على حقوق الإنسان مؤكداً على تضامنه ودعمه الكامل للشعب الفلسطيني من خلال إرسال المزيد من المساعدات الإنسانية بمختلف أشكالها حتى تحسن الأوضاع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المانيا إسرائيل لبنان غزة الأراضى الفلسطينية الاحتلال قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ألبرتو مانجويل وفلسطين
مميزات كثيرة يتصف بها ألبرتو مانجويل؛ القارئ الأعظم في زماننا، والذي كان ضيفا على سلطنة عُمان في الأسبوع المنصرم، لكن أهمها بالنسبة لي موقفه المشرِّف من القضية الفلسطينية، ودعمه لها وللكتّاب الفلسطينيين، وانتقاده في أكثر من مناسبة سياسات إسرائيل العنصرية، إلى الدرجة التي يقف فيها المرء مندهشًا حين يكتشف أن من يفعل كل هذا هو نجل أول سفير أرجنتيني في إسرائيل!
في سنة النكبة (1948) وُلِدَ ألبرتو مانجويل في بوينس آيرس. وكان الكثير من النازيين الفارّين من ألمانيا قد استقروا في الأرجنتين التي كانت تبيعهم جوازات سفر تتيح لهم العيش في مأمن من الملاحقات، ومع تزايد عددهم أغضب هذا المجتمع اليهودي هناك. ولأن الرئيس الأرجنتيني آنئذ خوان بيرون كان سياسيًّا محنّكًا؛ فقد قرر امتصاص هذا الغضب بتسمية سفير أرجنتيني في «الدولة» الوليدة التي أُسِّستْ لليهود ذلك العام. تزامنت هذه الرغبة من الرئيس مع زيارة أحد المقربين له برفقة صديقه اليهودي الذي أُعجِب به بيرون فخاطبه قائلًا: «أنت يهودي، فلماذا لا تصبح سفيرنا في إسرائيل؟» وهكذا جرى تعيين بابلو مانجويل سفيرًا لإسرائيل وبُعِثَ إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة ليبقى فيها وعائلته – بمن فيهم ابنه الرضيع ألبرتو - حتى عام 1956.
وإذا كانت السنوات الستّ الأولى من عمر الإنسان هي التي تشكّل شخصيته كما يقول علماء النفس، وإذا كان أمرًا طبيعيًّا ومتوقعًا من طفل ينتمي لعائلة يهودية قضى طفولته في إسرائيل أن يتشرّب ثقافتها ويظلّ وفيًّا لسياساتها، فإن عكس هذا ما حصل لألبرتو. بل إنه سيردد بعد ذلك أنه لا يشعر بأي انتماء لها. في كتاب «حياة متخيلة» طرحتْ عليه محاوِرتُه الصحفية السويسرية سيجلندة جايزل هذا السؤال: عشتَ في أماكنَ كثيرة هل لديك ما يسمونه في اللغة الألمانية «Heimat» (موطن)؟ فكان جوابه: «فكرت مرات كثيرة في مسألة الموطن هذه. من المؤكد أن إسرائيل لا تشكل موطنًا بالنسبة إليَّ؛ فقد عشت هناك في غرفة مع مربيتي. كان يمكن لبوينس آيرس والأرجنتين أن يشكّلا موطنًا لي، لكن العلاقة بيننا كانت إشكالية، فبسبب تربيتي الألمانية وتجربتي اللاحقة في كندا، وجدتُ صعوبة في العيش في مجتمع لا يعرف شيئًا عن المسؤولية الاجتماعية». تجدر الإشارة هنا إلى أن «تربيته الألمانية» كانت في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فقد عرف وهو طفل في إسرائيل الجغرافيا والتاريخ والرياضيات عن طريق مربيته الألمانية إيلين، وحفظ على يديها الأعمال الأدبية العظيمة عن ظهر قلب، كل ذلك كان مقترنًا بعزلة حمتْه من الاختلاط بقرنائه من الأطفال الإسرائيليين، لقد عاش هناك في الكتب، وحين غادر «إسرائيل» وهو في الثامنة من عمره لم يكن للثقافة الإسرائيلية أي تأثير في تكوينه، الأمر الذي صنع لديه مسافة من الحياد ساعدته لاحقًا على تبني رؤية موضوعية للقضية الفلسطينية.
في الأول من نوفمبر 2023؛ ولم تكن أحداث «طوفان الأقصى» قد أكملت شهرها الثاني بعد، نشر ألبرتو مانجويل مقالًا في صحيفة «إل باييس» الإسبانية بعنوان «هوميروس في غزة» مفتَتِحًا إياه بما حدث في الخامس عشر من أكتوبر من ذلك العام (بعد ثمانية أيام فقط من الطوفان) حين قَتَل أمريكيٌّ متأثر بدعايات اليمين المتطرف عمّا حدث في السابع من أكتوبر طفلًا مسلمًا في شيكاغو وأصاب والدته بجروح خطيرة، في اليوم نفسه الذي وجه فيه أنطونيو غوتيريش؛ الأمين العام للأمم المتحدة، نداءين إنسانيين؛ إلى حركة حماس بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وإلى إسرائيل بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق للمدنيين في غزة. وردًّا على نداء غوتيريش يستحضر مانجويل «إلياذة» هوميروس؛ موضحًا أن الحرب تغذيها الكراهية والانتقام، وأن الخلاص المعنوي ربما يكون في الأدب.
خلال السنة الأولى من «طوفان الأقصى» جمعت المترجمة الفلسطينية ريم غنايم عددًا من النصوص التي كتبها أدباء فلسطينيون من غزة ونشرتْها في «كتاب الوصايا: شهادات مبدعات ومبدعين من غزة في مواجهة الموت»، وطلبتْ من ألبرتو مانجويل أن يكتب لها مقدمة. ولم يتردد المثقف الكبير في إجابة طلبها، وعنون مقدمته بــ«بيان ضد الموت» مذكرًا إيانا بأن بعض هؤلاء الشهود رحلوا عن العالم بعد تدوين شهاداتهم في هذا الكتاب، مثل الشاعر سليم نفّار الذي استشهد وأفراد عائلته في قصف إسرائيلي بعد وقت قصير من كتابته شهادته. كتب مانجويل في مقدمته أن اللغة قد تبدو أحيانًا عاجزة عن وصف حجم المعاناة، إلا أن إصرار المبدعين الفلسطينيين على التعبير يُحوِّل كلماتهم إلى أدوات لمواجهة الموت والتشبث بالحياة. ومن هنا يُدرك مانجويل أهمية شاعر كبير كمحمود درويش. يقول في حوار مع منصة رمّان الثقافية: «دائمًا ما يذكرون أدونيس وتقدّمه لجائزة نوبل، حسنًا، يتحجّم أدونيس أمام درويش. درويش شاعرٌ هائل، هو شاعرٌ ملحميّ، بذكاء وإدراك عميق، فهو ليس بوقًا للبروباجندا بأيّ معنى للكلمة. هو يقف جنبًا إلى جنب مع دايدو»، ويستشهد بقصيدته السردية «سيناريو جاهز» التي يجد فيها الشاعر نفسَه وعدوَّه عالقَيْن في حفرة مع ثعبان، وعليهما لينجُوَا أن يتشبثا بالحوار.
كان مانجويل يعتبر أفضل تعريف للمكتبة أنها «مكانُ الأدلة»، وهو تعريف اقتبسه من صديق له في مكتبة بودليان في أوكسفورد. ومن هنا كان يرى أهمية أن يكون لفلسطين مكتبة وطنية تحفظ وثائقها وخرائطها ونصوص أبنائها، وحين أصبح مديرًا للمكتبة الوطنية الأرجنتينية (في الفترة من 2016 إلى 2018) حاول أن يقدم من موقعه ذاك دعمًا للمكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة، وتحدث إلى نظرائه مديري المكتبات الوطنية في فرنسا وإسبانيا وكولومبيا وبريطانيا، وقد وافقت هذه المكتبات جميعها على رعاية المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة ومساعدتها، ليس فقط من ناحية إمدادها بالكتب، ولكن أيضًا بجعلها مكتبة افتراضيّة كبيرة. لكن المشروع لم يَرَ النور للأسف الشديد، لأنه لم يلقَ الاهتمام الكافي من الفلسطينيين أنفسهم.
وهكذا نرى انحياز ألبرتو مانجويل لفلسطين وقضيتها العادلة، وهو انحيازٌ يمثّل دعمًا كبيرًا لهذه القضية من مثقف كونيّ مثله، ويُثبت لنا من جديد أن الثقافة هي التزامٌ بقيم الخير والحق والعدل والجمال، قبل أي شيء آخر.
سليمان المعمري كاتب وروائي عماني