80 عاما إنجازات وتحديات.. كيف أثر السيسي على الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا؟
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
شهدت السنوات الأخيرة نمواً ملحوظاً وتعزيزاً هاماً في العلاقات المصرية الروسية، ما يجعلها مثالاً يحتذى به للعلاقات المستقرة والمبنية على المنفعة المتبادلة استراتيجياً على الساحة الدولية.
وتحتفل مصر وروسيا هذا العام بذكرى مرور ثمانين عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية، ولعبت العلاقات المصرية الروسية تاريخياً دوراً هاماً على الساحة الدولية.
وعلى مدار ثمانين عامًا اتسمت العلاقات الروسية المصرية بالتعاون المشترك في العديد من المجالات منها على سبيل المثال: في عام 1956 بدأ الاتحاد السوفييتي تقديم المساعدة لمصر في إنشاء مختبرات الفيزياء النووية لإجراء الأبحاث العلمية في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وفي عام 1958 تم التوقيع على اتفاقية لتقديم المساعدة الاقتصادية والتقنية لمصر من أجل بناء سد أسوان، وفي عام 1963 تم تشغيل مصفاة البترول في السويس.
وأصبحت مجالات الطاقة والصناعة والزراعة والسياحة والبنية التحتية قطاعات أساسية للتعاون بين البلدين، وارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا في نهاية عام 2022 بنسبة 30% وبلغ قيمته أكثر من 6 مليارات دولار، فضلا عن بناء محطة الضبعة النووية في محافظة مطروح، وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في منطقة قناة السويس.
قال د.علي الإدريسي - الأستاذ في العلوم الاقتصادية في مدينة الثقافة والعلوم عن العلاقات بين البلدين، إن هناك جذور تاريخية عميقة تربط العلاقات بين مصر وروسيا، تمتد لتشمل المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية. وحين نتطرق للحديث عن الذكرى السنوية لحرب السادس من أكتوبر، لا يمكننا إلا أن نشير إلى الدور الرئيسي الذي لعبه الاتحاد السوفييتي في دعم مصر من خلال تقديم المساعدات التقنية والعسكرية. وهذا الدعم أكد على العلاقات التاريخية القوية بين بلدينا.
في ظل حكم الرئيس السيسي تعززت هذه العلاقات، خاصة في إطار تنفيذ مشاريع الطاقة الواعدة مثل محطة الضبعة النووية. وبفضل هذا المشروع، تمكنت مصر من الحصول على الابتكارات التقنية والتكنولوجية المتطورة في هذا المجال، كما استفادت من الخبرة الغنية التي تتمتع بها روسيا، الدولة التي تعتبر إحدى رواد العالم في مجال الطاقة النووية.
أما بالنسبة لقطاع الطاقة فهو يلعب دورًا رئيسيًا في مصر. إذ أن رغبة الدولة في تلبية احتياجاتها من مصادر الطاقة المتنوعة سواء التقليدية أو الطاقة النظيفة أو المتجددة، تجعل من الطاقة النووية أحد أهم مكوناتها الرئيسية. وما يؤكد أهمية ذلك هو ما شهدناه في الآونة الأخيرة من أزمة طاقة عالمية، والتي تفاقمت بسبب ارتفاع أسعار الطاقة على خلفية زيادة الطلب. ناهيك عن أن اقتصادات أوروبية كبرى عانت وتعاني بسبب أزمة الطاقة، وهذا كله بدوره أدى إلى زيادة التضخم وأثر على مستوى معيشة الناس.
شراكة مجدية للجانبينتعتبر الشراكة بين روسيا ومصر مجدية لكلا الجانبين من خلال المساعدة في تنويع مصادر الطاقة. وعلى الرغم من الأزمة الروسية الأوكرانية تظل روسيا ملتزمة بالاتفاقية المبرمة مع مصر بشأن تنفيذ هذا المشروع الطموح. وبالتالي نحن نأمل في أن تصبح هذه الاتفاقية نقطة انطلاق لاتفاقيات ومبادرات أخرى، على غرار المنطقة الاستثمارية الروسية في منطقة قناة السويس.
علاوة على ذلك فإن انضمام مصر مؤخراً إلى مجموعة البريكس، التي تضم عدداً من الدول بما فيها روسيا الاتحادية، يؤكد إمكانية تحقيق المزيد من الاستثمارات المشتركة. فعلى سبيل المثال تظهر مصر مؤشرات تصاعدية في علاقاتها الاقتصادية المتنامية بسرعة من خلال إقامة علاقات متوازنة مع كافة الشركاء، وخاصة مع روسيا. أما على الصعيد السياسي هناك تفاهم واضح بين قادة البلدين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسي. ومن هذا المنطلق تثمن القيادة الروسية مكانة مصر في أفريقيا والعالم العربي، كما تؤكد على أهمية التعاون في حل القضايا الرئيسية وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتنمية الاقتصادية.
كما يعتبر المركز الثقافي الروسي أحد المؤسسات الثقافية الرئيسية في مصر. ويلعب المركز دورًا مهمًا في الترويج لأفضل جوانب الثقافة الروسية ويمتلك موارد كبيرة لتنفيذ ودعم البرامج المختلفة. وهذا المركز يتمتع باحترام مستحق وسمعة مرموقة بين الشباب المصري ويقدم العديد من البرامج المثيرة للاهتمام لطلاب الجامعات وخريجيها.
قد يعتقد الكثيرون أن جميع البرامج يتم تقديمها باللغة الروسية فقط، ولكن هذا ليس هو الواقع. والحقيقة أن العديد من الدورات والبرامج التعليمية يتم تقديمها بلغات مختلفة، بما في ذلك اللغة الإنكليزية، وتشمل أيضًا مجموعة متنوعة من برامج الحاسوب المخصصة لتدريب الشباب وتحقيق التكامل الثقافي، كما إن روسيا تقدم منحاً للدراسة في جامعاتها، بما في ذلك دراسة مرحلتي الماجستير والدكتوراه. وقد استفاد العديد من مواطنينا بالفعل من هذه الفرصة المقدمة من الحكومة الروسية، نظراً للمستوى المرموق للتعليم العالي في روسيا. وأنا واثق من أن هذه المنح الدراسية سوف يزداد عددها في المستقبل.
يتم أيضًا تنظيم رحلات إلى روسيا في إطار برنامج "أسبوع الشباب". ولسوء الحظ لا يتم تسليط الضوء على هذه الرحلات بشكل كافٍ في وسائل الإعلام، مما يجعل من الصعب على الكثيرين معرفة التفاصيل ذات الصلة. ونحن نتمنى أن تحظى مثل هذه الفعاليات بمزيد من الاهتمام، ذلك لأن الكثير من الشباب المصري يسعى للمشاركة فيها وتبادل الخبرات.
وفي هذا السياق أبدى د. نبيل رشوان الخبير في الشؤون الروسية وهو عضو لجنة الترجمة في المجلس الأعلى للثقافة سابقًا، حول مسألة العلاقات المصرية الروسية، وقال بالفعل حدث تغيير نوعي في العلاقات المصرية الروسية بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في مصر. وأرى أن ذلك يرجع إلى إحياء مشروع الضبعة النووي الذي كان قد توقف عملياً في السابق، وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية بالقرب من قناة السويس، والتي من المتوقع أن يتم الاستثمار فيها بمبلغ إجمالي يقدر بأكثر من 8 مليارات دولار.
ويعتبر هذا المشروع أحد المشاريع الرئيسية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وما يميز هذا المشروع هو موقعه الفريد بين ثلاث قارات وهي آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما يخلق فرصاً رائعة لتنفيذ أي عمل تجاري في هذه القارات، ومن بين المشاريع المشتركة الهامة الأخرى بين مصر وروسيا، لابد من الإشارة إلى مشاريع بناء صوامع الحبوب. أما على الصعيد السياحي، تشهد مصر حالياً زيادة ملحوظة في تدفق السياح الروس، وهذا بحد ذاته يؤثر بشكل إيجابي على العلاقات الاستراتيجية والتجارية بين البلدين.
وأثبت التعاون الاستراتيجي بين القاهرة وموسكو جدارته وأكد أهميته في الساحة الدولية. ومثال على ذلك التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة. وهنا لابد من التذكير أن عدد الشركات الروسية المستثمرة في مصر تجاوز 400 شركة بإجمالي استثمارات 7.4 مليار دولار.
ومع ذلك يعتبر مشروع الضبعة النووي أحد المشاريع الرئيسية، الذي تبلغ قيمته نحو 30 مليار دولار، والذي حظي بإشادة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ناهيك عن أن روسيا، باعتبارها أكبر مورد للقمح للسوق المصرية، ساهمت من خلال هذا القطاع بتعزيز العلاقات بين البلدين.
تجدر الاشارة إلى إن روسيا تعتبر مصر شريكًا إقليميًا هاماً، خاصة في مسائل مكافحة الإرهاب وتعزيز وجودها في حوض البحر الأبيض المتوسط. أما من الناحية الاقتصادية، يرى كلا البلدان أنه هناك منفعة متبادلة، بمعنى أنه يمكن لجمهورية مصر العربية أن تكون سوقًا للمنتجات الروسية، وأن تكون روسيا الاتحادية شريكًا في تنمية الاقتصاد المصري، وإن المنتديات الأفريقية التي تشارك فيها القوى العالمية الكبرى، بما في ذلك الصين واليابان والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة، تسلط الضوء على الدور الذي تلعبه أفريقيا في الأحداث العالمية. وهذه المنتديات تتناول مجالات مختلفة وقطاعات متنوعة بدءاً من الاقتصاد العالمي وانتهاءً بالقضايا الأمنية. ويتم إيلاء اهتمام خاص لإمكانية الاستفادة من الخبرة الروسية من قبل البلدان الأفريقية في مجال العلوم والتكنولوجيا والأمن، وكذلك مسائل ضمان التنمية المستدامة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العلاقات المصریة الروسیة عبد الفتاح السیسی بین مصر وروسیا بین البلدین هذا المشروع العدید من من خلال بما فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
سفير سلطنة عمان: إنجازات الدولة المصرية مفخرة للمواطن العربي
قال السفير عبد الله الرحبي، سفير سلطنة عمان بالقاهرة، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، إن العلاقات المصرية العمانية ممتدة عبر التاريخ وشهدت محطات مختلفة وقائمة على الثبات والثقة المتبادلة بين الشعبين والقيادات السياسية في البلدين.
وأضاف "الرحبي"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي فهمي بهجت، ببرنامج "المحاور"، المذاع على فضائية "الشمس"، أن سلطنة عمان تؤمن بأن الإنجازات التي حدثت في الدولة المصرية لصالح الإنسان المصري وهي مفخرة للمواطن العربي، مشيرًا إلى أن ما شاهده في العاصمة الإدارية والطرق والجسور محل تقدير واهتمام.
الرئيس السيسي يهنئ سلطنة عمان بذكرى العيد الوطني ننشر بالصور احتفالية سفارة سلطنة عمان بالقاهرة بمناسبة العيد الوطني 54وأوضح أن سلطان عمان كان حريصًا خلال زيارته للقاهرة على زيارة العاصمة الإدارية الجديدة، والاطلاع على ما يحدث في مصر من إنجازات، وعبر عن سروره لما يحدث في الدولة المصرية.
ولفت إلى أن ما حدث في الدولة المصرية خلال العشر سنوات الأخيرة يُعد طفرة كبيرة، وهذا من شأنه أن يُساهم في دفع الاقتصاد المصري نحو الأفضل خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن العلاقات بين مصر وعمان تاريخية، مشيرًا إلى ضرورة أن تنعكس هذه العلاقات على العلاقات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن الاستثمارات العمانية في مصر أكثر حجمًا من الاستثمارات المصرية في عمان، مشيرًا إلى أنه متفائل لزيادة التعاون الاقتصادي خلال الفترة المقبلة في ظل الزيارات المتبادلة لرجال الأعمال في كلا البلدين.