شهادة مراسلي الجزيرة.. من يحاسب إسرائيل على جريمتها بحق الصحفيين جنوب لبنان؟
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
بيروت- شيّعت بلدة الخيام جنوب لبنان في جنازة مهيبة الصحفي المصور اللبناني عصام عبد الله، الذي استشهد مساء الجمعة، وجرح 5 صحفيين آخرين، بينهم مراسلة ومصور قناة الجزيرة، جراء قصف إسرائيلي مباشر، استهدف تجمعا للصحفيين في بلدة علما الشعب الحدودية بين لبنان وإسرائيل.
ووسط أجواء من الحزن والصدمة والغضب الشديد، حمل ذوو عبد الله وزملاؤه جثمانه على الأكف ولفوه بالعلم اللبناني، متسائلين عن موقف المجتمع الدولي من جرائم إسرائيل؟!
كان المصور عصام (37 عاما) يعمل مع وكالة رويترز منذ نحو 15 عاما، واستشهد جراء إطلاق الاحتلال الإسرائيلي قذيفة صاروخية أصابت سيارة فريق قناة الجزيرة بشكل مباشر، حيث كان يتمركز رفقة صحفيين من رويترز وقناة الجزيرة ووكالة الصحافة الفرنسية.
كما أصابت الضربة زميلا له بالوكالة، وأصيبت مراسلة قناة الجزيرة كارمن جوخدار وزميلها المصور إيلي برخيا، وأصيبت من وكالة الصحافة الفرنسية صحفية -ترقد حاليا في العناية المركزة- ومصور.
ونعى عصام المئات من زملائه وأصدقائه، وهو المتميز بشبكة علاقات واسعة في محيطه، كما أنه معروف بابتسامة لا تفارق وجهه، واشتهر بتعدد هواياته وشغفه الكبير بحمل عدسته، التي وثق بها عددا من القصص في لبنان، وأحداثا أخرى كحرب أوكرانيا وزلزال تركيا.
عصام عبد الله وثّق بعدسته أحداثا كثيرة منها زلزال تركيا (رويترز) بيان غير مكتملاعتبر كثير من الصحفيين والحقوقيين أن البيان الذي أصدرته وكالة رويترز عقب استشهاد عصام، واكتفت فيه بقول إنه قُتل أثناء عمله جنوب لبنان، يأتي استكمالاً لنهج تفادي بعض وسائل الإعلام الأجنبية توجيه اتهام مباشر لإسرائيل، ولو على محمل الاشتباه.
كما تساءل كثيرون عن سبب عدم المطالبة الصريحة لدى كبرى وسائل الإعلام العالمية، بمحاسبة وملاحقة من تسبب بهذه الجريمة، التي جسّدت فيها إسرائيل الاعتداء على الصحافة، كأداة منها لتضليل الرأي العام عما ترتكبه من جرائم مروعة، تبلغ ذروتها في قطاع غزة، وعليه، تقدم السجال لدى حقوقيين وصحفيين حول إشكالية الحياد ومقاربة معظم الوسائل الإعلامية الأجنبية لجرائم إسرائيل.
ولعل ما يضاعف القلق من جريمة إسرائيل بحق الصحفيين، أنها وقعت في سياق عدم شنها حربا مباشرة على لبنان، واقتصارها على تبادل القذائف والصواريخ مع حزب الله اللبناني ضمن مساحات معروفة.
يقول نقيب المصورين في لبنان علي علوش للجزيرة نت، إنه على الرغم من مرور ساعات على جريمة إسرائيل بحق الصحفيين، "لم نلحظ أثر وجود المؤسسات الدولية ووسائل الإعلام العالمية لإدانة وملاحقة إسرائيل على عملها الاجرامي".
وكان علوش قد التقى عصام قبل ساعات قليلة من استشهاده، "كان على أهبة الاستعداد والحماس لتغطية الأحداث، وكان يمزح ويضحك ويلتقط صورا مع زملائه بالخوذة والدرع، رغم حساسية وصعوبة المهمة، إلى أن غدرت إسرائيل بالصحفيين بقذيفة صاروخية".
ويؤكد علوش أن ثمة مساعي على أعلى مستوى لتقديم مذكرة احتجاج ضد إسرائيل لدى الأمم المتحدة، "رغم خيبتنا التاريخية من هذا المسار بعد الجرائم التي سبق أن ارتكبتها مباشرة بحق الصحفيين".
وأضاف "من يعاين مسرح الجريمة يدرك أن إسرائيل تعمدت استهداف الصحفيين، وليس عن طريق الخطأ"، ووجّه دعوة لمختلف وسائل الإعلام أن "تكون سلامة الصحفيين والمصورين أولوية عليا في وجه عدو لا يستثني أحدا من إجرامه".
شهادة مراسلي الجزيرة
يستكمل الزميلان كارمن جوخدار وإيلي برخيا علاجهما من الشظايا التي أصابت أنحاء مختلفة من جسدهما داخل أحد المستشفيات الجامعية في بيروت، وإلى جانبهما الأهل والأصدقاء الذين فجعوا بإصابتهما، ويمتنون نجاتهما بعد سقوط قذيفة صاروخية على سيارة الجزيرة.
وفي لقاء مع الجزيرة نت داخل المستشفى، تخبرنا كارمن جوخدار بشهادتها عن القصف الإسرائيلي الذي استهدفهم قبيل وقت قصير من استعدادها لنقل رسالة مباشرة على الهواء.
فقبل التوجه إلى علما الشعب، بدأ برخيا وكارمن جوخدار نهارهما في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، بغية تغطية مظاهرة داعمة لغزة، وبعد الانتقال إلى الناقورة، توجها عصرا إلى بلدة علما الشعب، حيث صور برخيا عمليات القصف في بث مباشر.
تقول كارمن "في البث المباشر الثاني، وقرابة الساعة الخامسة والربع، صورنا مروحية أباتشي إسرائيلية في أجواء البلدة، لاحقا، ومن دون أي قصف تحذيري، سقط أول صاروخ، وبعد ثوان سقط صاروخ ثان مباشرة على سيارة الجزيرة".
وبصوت ممتلئ بالحزن على إصابة زملائها واستشهاد عصام، تتابع جوخدار "هرعت سريعا بالاتجاه المعاكس لسيارتنا التي كانت تحترق، وسمعت صراخ زميلتي، ثم سقطت أرضا جراء الإصابة بالشظايا، إلى أن توالت أصوات الاستغاثة من الزملاء المصابين والمضرجين بالدماء".
تذكّر جوخدار بأن إسرائيل سبق أن حاولت استهداف الفرق الصحفية، وتحديدا الجزيرة، حين سقط خلفهم قبل أيام صاروخ في منطقة مروحين.
"الجزيرة مستهدفة لأنها تنقل الواقع والأحداث بوضوح على الهواء، مع العلم أننا نأخذ كامل الاحتياطيات ونلتزم بالمعايير العالمية لحماية الصحفيين في أماكن النزاع، ولكن يبدو أن كلمتها قاسية على الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى أساسا لإقفال مكتبنا في فلسطين، والآن يسعى لإسكاتنا وترهيبنا، لكننا سنواصل نقل الحقيقة"، تضيف جوخدار.
وكانت شبكة الجزيرة قد أصدرت بيانا أدان الاعتداء الإسرائيلي الجديد على الصحافة، والذي استهدف فريق عملها ووسائل إعلام دولية، وحمّلت الجزيرة إسرائيل المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن هذا الاعتداء، وطالبت المجتمع الدولي "بالتحرك لضمان سلامة الصحفيين، ومحاسبة كل من يقف وراء هذا العمل الإجرامي الذي لن ينجح في إرهاب طواقمها".
نسوة يجلسن حول جثمان الصحفي عصام عبد الله قبل تشييعه لمثواه الأخير (رويترز) مواقف وبياناتتعتزم وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، متعلقة بقتل إسرائيل المتعمد للصحفي عصام عبد الله وإصابة صحفيين آخرين بجروح، وتتضمن شرحا للاستفزازات والاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في الأسبوع الأخير، وما سببته من إصابات في الأرواح والممتلكات، وخرق مستمر لسيادة لبنان، ولقرار مجلس الأمن الدولي 1701.
وأصدر الجيش اللبناني بيانا قال فيه إن "العدو الإسرائيلي أطلق قذيفة صاروخية أصابت سيارة مدنية تابعة لفريق عمل إعلامي، ما أدّى إلى استشهاد المصور عصام عبد الله وإصابة 5 آخرين".
وأدانت العلاقات الإعلامية في حزب الله ما أسمته "الانحياز الأعمى والتجاهل المقصود، من قبل الأمين العام للأمم المتحدة وقوات اليونيفيل والناطق الرسمي باسم البيت الأبيض ووكالة رويترز ووسائل الإعلام العالمية، الذين امتنعوا عمدا عن تسمية اسم الجهة التي قتلت الصحفي عصام عبد الله وجرحت عددا آخر من الصحفيين".
وكان بيان قوات اليونيفيل قد أثار موجة استنكار أخرى باعتباره لا يحمّل إسرائيل المسؤولية المباشرة لاستهداف الصحفيين.
وجاء في البيان "نعلم أن إسرائيل ضربت موقعا يبعد حوالي 2.5 كيلومتر عن البلدة عند الساعة 5:20 مساء تقريبا، وسمع جنود حفظ السلام إطلاق نار وانفجارات بعد ذلك، وبناء على ما تمكنت اليونيفيل من ملاحظته، لا يمكننا القول على وجه اليقين كيف أصيبت مجموعة من الصحفيين الذين كانوا يغطون الأحداث".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: عصام عبد الله بحق الصحفیین
إقرأ أيضاً:
لم يهدد بعمل عسكري مستقل : «حزب الله» يطالب الدولة اللبنانية بضغط دولي لإلزام إسرائيل بالانسحاب
بيروت - طالب «حزب الله» الدولة اللبنانية بالضغط على الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لإلزامها بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية خلال مهلة الستين يوماً، التي تنقضي الأحد؛ تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ووضع التحرك بعهدة السلطات السياسية، من غير أن يهدد بأي عمل عسكري مستقل، في تطور نوعي على أدبيات الحزب السياسية.
وباتت الدولة اللبنانية في موقع حرج على خلفية «التعنت الإسرائيلي والإمعان في التفجيرات ونسف المباني المدنية» في الجنوب، «والتلويح الإسرائيلي بإطالة أمد الاحتلال لمواقع في الجنوب»، حسبما تقول مصادر مواكبة، وهو ما استدعى تحركات من أعلى المستويات للدفع باتجاه تنفيذ الاتفاق.
فقد أفادت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» بأن إدارة ترمب تضغط للانسحاب من جنوب لبنان يوم الأحد، وفق الاتفاق، رغم موافقة إدارة بايدن على التأجيل. كما قال السفير الإسرائيلي المنتهية ولايته في واشنطن: «نجري محادثات مع إدارة ترمب لتمديد موعد الانسحاب من لبنان».
اتصالات سياسية
وتصدر لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس لجنة المراقبة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، تلك التحركات السياسية الداخلية، حيث جرى عرض للأوضاع والمستجدات الميدانية حول الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان، وخروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، حسبما أفادت رئاسة البرلمان.
في سياق متصل، بحث وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، مع قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة، التطورات في الجنوب ومراحل تطبيق ترتيبات وقف إطلاق النار. وأفادت وزارة الدفاع بأن «الجيش انتشر في كل المناطق التي انسحب منها العدو الإسرائيلي، وهو في جهوزية كاملة للانتشار على كامل تراب الجنوب».
وأكد وزير الدفاع «موقف لبنان الثابت بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من أراضيه في الجنوب ضمن المهلة التي حددتها ترتيبات وقف إطلاق النار بحلول 26 يناير (كانون الثاني) الحالي».
موقف «حزب الله»
وذكّر «حزب الله»، في بيان أصدره بعد ظهر الخميس، بأن فترة الـ60 يوماً لانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية بشكل نهائي «شارفت على الانتهاء، وهذا ما يُحتّم عليه تنفيذاً كاملاً وشاملاً، وفقاً لما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار».
وقال الحزب في البيان إن «بعض التسريبات التي تتحدث عن تأجيل العدو لانسحابه والبقاء مدة أطول في لبنان، تستدعي من الجميع، وعلى رأسهم السلطة السياسية في لبنان، الضغط على الدول الراعية للاتفاق، بالتحرك بفاعلية ومواكبة الأيام الأخيرة للمهلة، بما يضمن تنفيذ الانسحاب الكامل، وانتشار الجيش اللبناني حتى آخر شبر من الأراضي اللبنانية، وعودة الأهالي إلى قراهم سريعاً، وعدم إفساح المجال أمام أي ذرائع أو حجج لإطالة أمد الاحتلال».
ورأى الحزب أن «أي تجاوز لمهلة الـ60 يوماً يُعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق، وإمعاناً في التعدي على السيادة اللبنانية، ودخول الاحتلال فصلاً جديداً يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكل الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها كافة، لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن الاحتلال».
وقال الحزب: «إننا في الوقت الذي سنتابع فيه تطورات الوضع الذي من المفترض أن يُتوج في الأيام القادمة بالانسحاب التام، لن يكون مقبولاً أي إخلال بالاتفاق والتعهدات وأي محاولة للتفلت منها تحت عناوين واهية، وندعو إلى الالتزام الصارم الذي لا يقبل أي تنازلات».
عمليات داخل جنوب لبنان
وتواصل القوات الإسرائيلية عمليات التوغل ونسف مبانٍ داخل قرى جنوب لبنان. وأحرق الجيش الإسرائيلي منزلاً في الحي الشرقي لبلدة القنطرة لجهة بلدة الطيبة. كما توغلت في حي «راس الضهر» غرب بلدة ميس الجبل، ودهمت عدداً من المنازل بمشاركة الدبابات، وسط إطلاق نار كثيف باتجاه المنازل. كما فجرت أيضاً كل الاستراحات على ضفاف نهر الوزاني، ونفذت تفجيراً عنيفاً في كفركلا، وقامت بعمليات نسف لبعض المباني في المشاريع الزراعية محلة الميسات - الوزاني.
وقال الجيش الإسرائيلي: عثرت القوات على عدة مسارات أنفاق تحت الأرض استخدمت بوصفها مواقع مكوث ومخازن أسلحة لـ«حزب الله».
من جهة ثانية، دخل عدد من أهالي الناقورة، بعدما تجمعوا عند نقطة الحمرا - البياضة جنوب صور، إلى البلدة لتفقد منازلهم التي دمرت نتيجة الحرب بعد حصولهم على تصاريح من الجيش اللبناني، وكانت مديرية التوجيه في الجيش نظمت عملية الدخول إلى البلدة بعد انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي منها، وتبين حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والمنازل وشبكات الكهرباء والمياه والطرقات.
Your browser does not support the video tag.