مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، يُعدّ الأطفال ضمن أبرز الضحايا، أزهقت أرواحهم، وتمزقت أسرهم، وهدمت منازلهم، وصار بعضهم يتامى لأسر استشهدت بالكامل أو نازحين مع ذويهم بحثا عن أمان افتقد في يوميات الحرب.

وتشكل الحرب ضغوطا نفسية على أطفال فلسطين والعالم العربي، إذ يتابع الجميع بالصوت والصورة، وبشكل مباشر العدوان الإسرائيلي وما يخلفه من آثار مروعة.

وتحتل أخبار الحرب شاشات التلفزيون والهواتف على مدار 24 ساعة، وتغزو صور العدوان مواقع التواصل الاجتماعي، مما يخلق مشاعر مختلفة من الخوف والحزن والغضب والقلق، وبخاصة الأطفال، الذين يشاهدون ذويهم طيلة الوقت منشغلين بآخر تطورات الأوضاع.

فكيف يمكن للأهل التعامل مع ما يواجه أطفال غزة الذين يعيشون الرعب أثناء القصف، وبعده لإبعاد الخوف عنهم، وتوفير الأمان لهم؟ وكيف يمكنك إجراء حوار مع طفلك الذي يشاهدك وأنت تتابع أخبار غزة، لإبعاد الصدمات النفسية عنه؟

وكيف أخبر أطفالي عما يجري في فلسطين؟ وهل يجب أن أتحدث معهم عن الحرب لفهم ما يجري مع أقرانهم من الأطفال في غزة؟.

أسئلة نقلتها الجزيرة نت إلى مجموعة من الخبراء، وتاليا أبرز ردودهم:


التعامل مع أطفال غزة

تقول صفية خالد، متخصصة علم نفس سلوكي، "يشاهد الطفل في غزة أحداثا أكبر منه، فهو شاهد على القصف، وتدمير منزله، وتمزق كتبه وألعابه، وقتل أقاربه وأصدقائه، وتدمير كثير من تفاصيل حلوة في حياته، في هذه الحرب الدائرة، يجب أن نقف كأهالي ومتطوعين ومحيطين بالأطفال لنساعد هؤلاء الأطفال الأبطال على تخفيف معاناتهم والصدمات النفسية التي قد يتعرضون لها".

وتضيف المتخصصة "ما نشاهده من تدمير لطفولتهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وما يفعله من قتل وتهجير وقصف يجعل الصغار معرضين للصدمات النفسية، والخوف والقلق والتبول اللاإرادي، عدا عن المشاكل السلوكية والتعليمية، وغيرها. فالأطفال الفلسطينيون مثلهم مثل بقية أطفال العالم يحبون الحياة واللعب والمرح، ولهم احتياجاتهم النفسية والعاطفية والاجتماعية والتعليمية والصحية، وغيرها من احتياجات هامة لتبني شخصياتهم، ويكون لهم بصماتهم في الحياة".


وذكرت صفية خالد مجموعة من النصائح للتعامل مع الأطفال في غزة:

نعلم المعاناة اليومية التي يعيشها الأطفال، فهم معتادون على وجود هذا الاحتلال، وعلى ظلمه وما يفعله من إجراءات خانقة لهم في حياتهم اليومية؛ لذا فمن المتوقع أن يفعل ما هو أفظع، وهذا ما علينا أن نحدث به أطفالنا، بما يناسب أعمارهم، ومن ثم يخفف عنهم فهم يتوقعون كل شيء. من المهم عند حدوث قصف، أو مشاهد عنف وقتل تحدث أمامهم أن نأخذهم بعيدا عن موقع الأحداث، وضمهم وإشغالهم بأمور أخرى، إذ يتم تشتيت انتباههم في هذه اللحظات العصيبة، ومن الأفضل إعطاؤهم القليل من الماء لشربه، وممارسة بعض تمارين التنفس، وأن نقول له مثلا "خذ نفس وأشرب الماء، الأمور بخير نحن معك"، مع حضنه قدر الإمكان. من المهم جدا أن نسمح للأطفال بالتعبير عن حزنهم، وعدم منعهم من البكاء، وأن نقول لهم "ما يجري مؤلم، ونحن نشعر بالحزن مثلكم". علينا التحدث معهم عن حادثة القصف كيف كان؟ ونسألهم أنت ماذا كنت تفعل؟ هل الصوت كان عاليا؟ ونتفاعل معه ونسأله كيف يمكن أن نتصرف في المرة القادمة -لا قدر الله- وهكذا نتحدث إليهم، فوصف ما جرى يخفف كثيرا من الضغط الداخلي لديهم. حذار أن نطلب من الأطفال أن لا يبكوا ولا يخافوا، نحن بهذه الطريقة نكتم مشاعرهم، وهذا يزيد فرصة تعرضهم للصمت أو الانسحاب أو الاكتئاب وغيره.
صفية خالد: ممارسة بعض الأنشطة الترفيهية تخفف صدمات الأطفال بشكل كبير  (الجزيرة) بعد هدوء الأحداث في الملجأ، أو بعد العودة إلى البيت، يمكن منح الأطفال تمارين تخفف التوتر، مثل التمارين الرياضية والتمارين العقلية، والتي تساعد على التركيز ومن ثم تخفف التوتر. محاولة ممارسة بعض الأنشطة الترفيهية، مثل الرسم والتمثيل والغناء والألعاب الرياضية التنافسية، لخلق نوع من المرح، مما يخفف الصدمات بشكل كبير عبر تعبيرهم عن معاناتهم بهذه الأنشطة. من المهم أن نشعرهم بأن الله -سبحانه وتعالى- معنا، وأن نعلمهم أن علينا الصمود أمام الاحتلال، رغم جبروتهم وأسلحتهم، لن نتخلى عن بلدنا. وإن كان هناك من قتل؛ فهو عند الله شهيد حي يرزق، ويمكن أن نجعلهم -بحسب أعمارهم- يشاهدون صور بعض الشهداء وابتسامتهم، ونخبرهم أنهم كما وعد الله -سبحانه وتعالى- في الجنة. إخبار الأطفال، أننا سوف ننتصر، ونذكر لهم قصصا عن الشجاعة، وعن انتصار بعض البلدان على الاحتلال مثل تجربة الثورة الجزائرية. مواصلة التحدث إليهم، والاستماع لهم، والإجابة عن أسئلتهم بما يتناسب مع أعمارهم.


تعريض الأطفال لمشاهد الحرب

من جانب آخر، تقول همسة يونس، أم ومستشارة أسرية ومرشدة مجتمعية "تفاعلنا وتأثرنا بالأحداث الواقعة في فلسطين أمر واقع وواجب لا يمكننا التقصير فيه، لكننا يجب أن لا نغفل عن حماية أطفالنا من الآثار السلبية لتلك الأحداث المؤلمة".

وتضيف "نعم من الضروري أن نوضح الحقائق بشكل مبسط دون إرهاق لعقل الطفل ونفسيته، وأن نوضح تضامننا مع أهلنا في فلسطين، ولكن لا يوجد داع لتعريض الأطفال لمشاهدة الأخبار بما تحتويه من مشاهد العنف والقتل: لأن ذلك سينعكس سلباً على نفسية الطفل وسلوكه، وإن لم يكن بشكل مباشر، بل قد تظهر آثار هذه المشاهد لاحقا بعد سنوات".

وتنصح يونس بعدم تعريض الأطفال للضغط النفسي بالحديث المتواصل معهم أو أمامهم عن أحداث الحرب، حتى لا يصابوا بالذعر، ويترتب على ذلك مشاكل عديدة، منها القلق والتوتر ومشاكل النوم، ومشاكل في الإقبال على تناول الطعام، وقد ينعكس ذلك كله على تركيز الطفل في المدرسة.

همسة يونس ننصح بعدم تعريض الأطفال للضغط النفسي بالحديث المتواصل معهم أو أمامهم عن أحداث الحرب (الجزيرة) هل أخبر أطفالي عما يجري في غزة؟

ويتساءل كثير من الأمهات والآباء، هل أخبر أطفالي، وأشركهم في متابعتي لما يجري في غزة وفلسطين؟، الإجابة نعم وفق فرح أبو قورة، مدربة التوجيه الأسري، التي تؤكد أن أطفالها عرفوا بانطلاق عملية "طوفان الأقصى" قبلها.

وتضيف أبو قورة في فيديو نشرته على صفحتها بفيسبوك "عليكم أن تخبروا أطفالكم عما يواجهه أقرانهم من الأطفال في غزة وفلسطين، خاصة وأنهم يمكن أن يعرفوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو التلفزيون، أو حتى من زملائهم في المدرسة".

وأضافت "احكوا لأطفالكم دون تردد، فهم بحاجة ليتعرفوا على هويتهم، وعلى قضيتهم". وتلفت إلى أهمية استخدام الكلمات التي تناسب عمر طفلك، واختيار الوقت المناسب، مع أهمية ضبط المشاعر، واستحضار نقاط القوة، والتأكيد على ثقتك بأن النصر قريب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی فلسطین ما یجری فی غزة

إقرأ أيضاً:

مستشفى أسوان الجامعي تحتفل بعيد ميلاد طفل لدعمه نفسيًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظم فريق طبي داخل قسم الأطفال بمستشفيات أسوان الجامعي احتفالًا بعيد ميلاد طفل مريض، بهدف رفع معنوياته وتحسين حالته النفسية، مما يساهم في تعزيز فرص شفائه، في بادرة إنسانية مؤثرة.

احتفال بعيد ميلاد الطفل معاذ مجدي 

وكان الطفل معاذ مجدي، البالغ من العمر 8 سنوات، يعاني من مرض مزمن بالرئة يُعرف بـ"توسع القصبات" (Bronchiectasis)، ما يفرض عليه التردد بشكل دوري على قسم الأطفال بالمستشفى لتلقي جلسات التنفس بالأكسجين التي يحتاجها حتى داخل منزله.

تنظيم مفاجأة للطفل داخل المستشفى

وخلال إحدى زياراته، أعرب معاذ للطبيبة أمل حسين عن حزنه لعدم تمكنه من الاحتفال بعيد ميلاده بسبب مواعيد علاجه، وهذه الكلمات دفعت الطبيبة، بالتعاون مع زملائها الأطباء محمد محمود، أحمد حسنين، وميلاد شُهدي، وتحت إشراف الدكتور بهاء الهواري، رئيس قسم الأطفال، إلى تنظيم مفاجأة للطفل داخل المستشفى.

وبمشاركة فريق التمريض الذي ضم كلًا من دينا سامي، أسماء نجدي، وشيماء حربي، تم إعداد حفل بسيط شمل زينة، بالونات، وتورتة عيد الميلاد، بهدف إدخال البهجة على الطفل ودعم حالته النفسية، في خطوة تؤكد أهمية البعد الإنساني في الرعاية الصحية.

1000160246 1000160244 1000160238 1000160235 1000160232

مقالات مشابهة

  • ما هو الفيروس المخلوي التنفسي RSV؟ ولماذا يصيب الأطفال بشكل خاص؟
  • التضامن الاجتماعي تدشن المرحلة الثانية لمبادرة  "أنا موهوب" من الأسمرات
  • "التضامن" تدشن المرحلة الثانية من مبادرة "أنا موهوب"
  • المحاربون الصغار
  • حكايات مؤلمة من داخل «مملكة الشحاتين»
  • دراسة تحذر: الشاشات تبرمج عقول الأطفال الصغار
  • مستشفى أسوان الجامعي تحتفل بعيد ميلاد طفل لدعمه نفسيًا
  • عواقب الصدمات النفسية على ضحايا الحرب في دول الجوار
  • السلام على الأرض ومحبة تتجاوز الحدود .. الكنائس تحتفل بذكرى ميلاد السيد المسيح.. صلوات وقداسات في فلسطين وسوريا لوقف نزيف الحرب
  • «سلامة الطفل» تبدأ حملة «سلامتهم أولاً» بـ 20 فعالية