في غزة وخلف الشاشات.. كيف نتعامل مع أطفالنا خلال الأحداث الدائرة في فلسطين؟
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، يُعدّ الأطفال ضمن أبرز الضحايا، أزهقت أرواحهم، وتمزقت أسرهم، وهدمت منازلهم، وصار بعضهم يتامى لأسر استشهدت بالكامل أو نازحين مع ذويهم بحثا عن أمان افتقد في يوميات الحرب.
وتشكل الحرب ضغوطا نفسية على أطفال فلسطين والعالم العربي، إذ يتابع الجميع بالصوت والصورة، وبشكل مباشر العدوان الإسرائيلي وما يخلفه من آثار مروعة.
وتحتل أخبار الحرب شاشات التلفزيون والهواتف على مدار 24 ساعة، وتغزو صور العدوان مواقع التواصل الاجتماعي، مما يخلق مشاعر مختلفة من الخوف والحزن والغضب والقلق، وبخاصة الأطفال، الذين يشاهدون ذويهم طيلة الوقت منشغلين بآخر تطورات الأوضاع.
فكيف يمكن للأهل التعامل مع ما يواجه أطفال غزة الذين يعيشون الرعب أثناء القصف، وبعده لإبعاد الخوف عنهم، وتوفير الأمان لهم؟ وكيف يمكنك إجراء حوار مع طفلك الذي يشاهدك وأنت تتابع أخبار غزة، لإبعاد الصدمات النفسية عنه؟
وكيف أخبر أطفالي عما يجري في فلسطين؟ وهل يجب أن أتحدث معهم عن الحرب لفهم ما يجري مع أقرانهم من الأطفال في غزة؟.
أسئلة نقلتها الجزيرة نت إلى مجموعة من الخبراء، وتاليا أبرز ردودهم:
التعامل مع أطفال غزة
تقول صفية خالد، متخصصة علم نفس سلوكي، "يشاهد الطفل في غزة أحداثا أكبر منه، فهو شاهد على القصف، وتدمير منزله، وتمزق كتبه وألعابه، وقتل أقاربه وأصدقائه، وتدمير كثير من تفاصيل حلوة في حياته، في هذه الحرب الدائرة، يجب أن نقف كأهالي ومتطوعين ومحيطين بالأطفال لنساعد هؤلاء الأطفال الأبطال على تخفيف معاناتهم والصدمات النفسية التي قد يتعرضون لها".
وتضيف المتخصصة "ما نشاهده من تدمير لطفولتهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وما يفعله من قتل وتهجير وقصف يجعل الصغار معرضين للصدمات النفسية، والخوف والقلق والتبول اللاإرادي، عدا عن المشاكل السلوكية والتعليمية، وغيرها. فالأطفال الفلسطينيون مثلهم مثل بقية أطفال العالم يحبون الحياة واللعب والمرح، ولهم احتياجاتهم النفسية والعاطفية والاجتماعية والتعليمية والصحية، وغيرها من احتياجات هامة لتبني شخصياتهم، ويكون لهم بصماتهم في الحياة".
وذكرت صفية خالد مجموعة من النصائح للتعامل مع الأطفال في غزة:
نعلم المعاناة اليومية التي يعيشها الأطفال، فهم معتادون على وجود هذا الاحتلال، وعلى ظلمه وما يفعله من إجراءات خانقة لهم في حياتهم اليومية؛ لذا فمن المتوقع أن يفعل ما هو أفظع، وهذا ما علينا أن نحدث به أطفالنا، بما يناسب أعمارهم، ومن ثم يخفف عنهم فهم يتوقعون كل شيء. من المهم عند حدوث قصف، أو مشاهد عنف وقتل تحدث أمامهم أن نأخذهم بعيدا عن موقع الأحداث، وضمهم وإشغالهم بأمور أخرى، إذ يتم تشتيت انتباههم في هذه اللحظات العصيبة، ومن الأفضل إعطاؤهم القليل من الماء لشربه، وممارسة بعض تمارين التنفس، وأن نقول له مثلا "خذ نفس وأشرب الماء، الأمور بخير نحن معك"، مع حضنه قدر الإمكان. من المهم جدا أن نسمح للأطفال بالتعبير عن حزنهم، وعدم منعهم من البكاء، وأن نقول لهم "ما يجري مؤلم، ونحن نشعر بالحزن مثلكم". علينا التحدث معهم عن حادثة القصف كيف كان؟ ونسألهم أنت ماذا كنت تفعل؟ هل الصوت كان عاليا؟ ونتفاعل معه ونسأله كيف يمكن أن نتصرف في المرة القادمة -لا قدر الله- وهكذا نتحدث إليهم، فوصف ما جرى يخفف كثيرا من الضغط الداخلي لديهم. حذار أن نطلب من الأطفال أن لا يبكوا ولا يخافوا، نحن بهذه الطريقة نكتم مشاعرهم، وهذا يزيد فرصة تعرضهم للصمت أو الانسحاب أو الاكتئاب وغيره.
تعريض الأطفال لمشاهد الحرب
من جانب آخر، تقول همسة يونس، أم ومستشارة أسرية ومرشدة مجتمعية "تفاعلنا وتأثرنا بالأحداث الواقعة في فلسطين أمر واقع وواجب لا يمكننا التقصير فيه، لكننا يجب أن لا نغفل عن حماية أطفالنا من الآثار السلبية لتلك الأحداث المؤلمة".
وتضيف "نعم من الضروري أن نوضح الحقائق بشكل مبسط دون إرهاق لعقل الطفل ونفسيته، وأن نوضح تضامننا مع أهلنا في فلسطين، ولكن لا يوجد داع لتعريض الأطفال لمشاهدة الأخبار بما تحتويه من مشاهد العنف والقتل: لأن ذلك سينعكس سلباً على نفسية الطفل وسلوكه، وإن لم يكن بشكل مباشر، بل قد تظهر آثار هذه المشاهد لاحقا بعد سنوات".
وتنصح يونس بعدم تعريض الأطفال للضغط النفسي بالحديث المتواصل معهم أو أمامهم عن أحداث الحرب، حتى لا يصابوا بالذعر، ويترتب على ذلك مشاكل عديدة، منها القلق والتوتر ومشاكل النوم، ومشاكل في الإقبال على تناول الطعام، وقد ينعكس ذلك كله على تركيز الطفل في المدرسة.
ويتساءل كثير من الأمهات والآباء، هل أخبر أطفالي، وأشركهم في متابعتي لما يجري في غزة وفلسطين؟، الإجابة نعم وفق فرح أبو قورة، مدربة التوجيه الأسري، التي تؤكد أن أطفالها عرفوا بانطلاق عملية "طوفان الأقصى" قبلها.
وتضيف أبو قورة في فيديو نشرته على صفحتها بفيسبوك "عليكم أن تخبروا أطفالكم عما يواجهه أقرانهم من الأطفال في غزة وفلسطين، خاصة وأنهم يمكن أن يعرفوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو التلفزيون، أو حتى من زملائهم في المدرسة".
وأضافت "احكوا لأطفالكم دون تردد، فهم بحاجة ليتعرفوا على هويتهم، وعلى قضيتهم". وتلفت إلى أهمية استخدام الكلمات التي تناسب عمر طفلك، واختيار الوقت المناسب، مع أهمية ضبط المشاعر، واستحضار نقاط القوة، والتأكيد على ثقتك بأن النصر قريب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی فلسطین ما یجری فی غزة
إقرأ أيضاً:
في يوم الطفل الفلسطيني.. الاحتلال الإسرائيلي يعتقل أكثر من 350 طفلًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يواصل الاحتلال الإسرائيلي حملات الاعتقال الممنهجة بحق الأطفال الفلسطينيين؛ ويحرمهم من عائلاتهم ويسلبهم طفولتهم في مرحلة هي الأكثر دموية بحقهم في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث تتجاوز أعدادهم في سجونه ومعسكراته 350 طفلا بينهم أكثر من 100 معتقل إداريًا.
وقالت المؤسسات الفلسطينية المعنية بشئون الأسرى (هيئة شؤون الأسرى، نادي الأسير، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان) في تقرير لها اليوم السبت بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني الذي يصادف الخامس من أبريل من كل عام – إن الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال يواجهون جرائم منظمة تستهدف مصيرهم أبرزها التعذيب والتجويع والجرائم الطبية هذا إلى جانب عمليات السلب والحرمان الممنهجة التي يواجهونها بشكل لحظي والتي أدت مؤخرا إلى استشهاد أول طفل في سجون الاحتلال منذ بدء الإبادة، هو وليد أحمد (17 عامًا) من بلدة سلواد رام الله الذي استشهد في سجن (مجدو).
وأضافت المؤسسات الثلاث في تقريرها الذي حصلت وكالة أنباء الشرق الأوسط على نسخة منه اليوم أن قضية الأطفال الأسرى، شهدت تحولات هائلة منذ بدء الإبادة وذلك في ضوء تصاعد حملات الاعتقال بحقّهم، سواء في الضّفة بما فيها القدس التي سُجل فيها ما لا يقل (1200) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال إضافة إلى أطفال من غزة لم تتمكن (المؤسسات) من معرفة أعدادهم في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري.
وأشارت إلى أن الطواقم القانونية تمكنت على مدار الشهور الماضية من تنفيذ زيارات للعديد من الأطفال الأسرى في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون)، رغم القيود المشددة التي فرضت على الزيارات، والتي تم خلالها جمع عشرات الإفادات من الأطفال التي عكست مستوى التوحش الذي يمارس بحقهم، حيث نفّذت بحقهم، جرائم تعذيب ممنهجة، وعمليات سلب -غير مسبوقة.
ونبهت المؤسسات إلى أن الأطفال المعتقلين يتعرضون للضرب المبرح، والتهديدات بمختلف مستوياتها، حيث تشير الإحصاءات والشهادات الموثّقة إلى أنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي والنّفسيّ، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للقوانين والأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل هذا إلى جانب عمليات الإعدام الميداني التي رافقت حملات الاعتقال.
وقالت: إن الأطفال يتعرضون لسياسات ثابتة وممنهجة منذ لحظة الاعتقال مرورا بمرحلة التوقيف.. مشيرة إلى أن عشرات الجنود المدججين منازل الفلسطينيين يقتحمون بشكل مريب ويعيثون خرابًا في منازل المواطنين قبل الاعتقال وكان هناك العديد منهم مصابون ومرضى.
وأشارت إلى أن جنود الاحتلال يستخدمون خلال عمليات اعتقال الأطفال، أساليب مذلّة ومهينة، كما أن الغالبية منهم تم احتجازهم في مراكز توقيف تابعة لجيش الاحتلال في ظروف مأساوية، تحت تهديدات وشتائم، واعتداءات بالضرّب المبرح كما يجبر الأطفال على التوقيع على أوراق مكتوبة باللغة العبرية.
وقالت المؤسسات: إن جريمة التّجويع التي تُمارس بحق الأسرى وعلى رأسهم الأطفال تحتل السطر الأول في شهاداتهم بعد الحرب، فالجوع يخيم على أقسام الأطفال بشكل غير مسبوق حتى أنّ العديد منهم اضطر للصوم لأيام جراء ذلك، وما تسميه إدارة السّجون بالوجبات، هي فعليا مجرد لقيمات.
ونبهت المؤسسات إلى أن الاحتلال يواصل جريمته بحقّ الأطفال من خلال محاكمتهم وإخضاعهم لمحاكمات تفتقر الضمانات الأساسية (للمحاكمات) العادلة كما في كل محاكمات الأسرى؛ حيث شكّلت محاكم الاحتلال أداة مركزية في انتهاك حقوق الأطفال الفلسطينيين سواء من خلال المحاكم العسكرية في الضفة أو محاكم الاحتلال في القدس.
ولفتت إلى أن قضية الحبس المنزلي في القدس لاتزال تتصدر العنوان الأبرز بحق الأطفال المقدسيين التي حوّلت منازل عائلاتهم إلى سجون، حيث تنتهج سلطات الاحتلال جريمة الحبس المنزلي بحقّ الأطفال المقدسيين بشكل أساسي.
وأفادت المؤسسات بأن جريمة اعتقال الأطفال إداريًا تحت ذريعة وجود (ملف سري) لا تزال تشكل تحولا كبيرًا حيث يتجاوز عددهم 100 طفل من بينهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم 15 عاما، لتضاف هذه الجريمة إلى مجمل الجرائم الكثيفة التي ينفذها الاحتلال بحقهم.
وجددت المؤسسات الفلسطينية مطالبتها للمنظومة الحقوقية الدّولية المضي قدما في اتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحقّ الشعب الفسطيني وفرض عقوبات على الاحتلال من شأنها أن تضعه في حالة عزلة دولية واضحة.
وشددت المؤسسات على ضرورة أن يعيد المجتمع الدولي للمنظومة الحقوقية الدّولية دورها الأساسي الذي وجدت من أجله ووضع حد لحالة العجز المرعبة التي طالتها في ضوء الإبادة والعدوان المستمر، وإنهاء حالة الحصانة الاستثنائية لدولة الاحتلال باعتبارها فوق المساءلة والحساب والعقاب.