افتتاحيات صحف الإمارات
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
أبوظبي في 15 أكتوبر /وام/ سلطت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة صباح اليوم الضوء على الحملة المجتمعية الإماراتية للوقوف مع الأشقاء الفلسطينيين في غزة بمشاركة المؤسسات الإنسانية والخيرية الإماراتية، وكل أطياف المجتمع في الدولة، للتضامن مع الأسر الفلسطينية والأطفال المتأثرين من الحرب في قطاع غزة.
و تحت عنوان "تضامن مع الأشقاء" قالت صحيفة الاتحاد إن المبادرة المجتمعية "تراحم من أجل غزة"، تنطلق من الإمارات، للوقوف مع الأشقاء الفلسطينيين في غزة، تجسيداً لمواقف الدولة الأخوية، ونهجها الراسخ تجاه دعم الأشقاء في مختلف الظروف، وانعكاساً للجهود المتواصلة التي تقوم بها الإمارات في تقديم الإمدادات الإغاثية للشعب الفلسطيني الشقيق، في ظل ظروف إنسانية صعبة يمر بها جراء الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وأضافت الصحيفة ان الحملة المجتمعية الكبيرة، تنطلق بمشاركة واسعة من المؤسسات الإنسانية والخيرية الإماراتية، وكل أطياف المجتمع في الدولة، للتضامن مع الأسر الفلسطينية والأطفال المتأثرين من الحرب، والعمل على التخفيف من حدة الأوضاع الإنسانية، ورفع المعاناة عن الفئات الأكثر ضعفاً، خاصة الأطفال الذين يزيد تعدادهم على مليون طفل ويشكلون ما يقرب من نصف سكان القطاع.
و أوضحت صحيفة الاتحاد أن الجهود الإنسانية للإمارات التي تضع احتياجات الشعب الفلسطيني الشقيق من ضمن أولويات مساعداتها الخارجية، تترافق مع جهود ومساعٍ لفتح ممرات آمنة لتأمين المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، وتعزيز الحراك الإقليمي والعالمي من أجل حماية المدنيين باعتبارها أولوية قصوى، مع دفع الجهود المبذولة لخفض التصعيد الذي تشهده المنطقة، وإنهاء العنف المتصاعد.
و في الشأن الدولي قالت صحيفة الخليج في افتتاحيتها بعنوان " تعقيدات مستجدّة بأوكرانيا" إنه وسط انشغال العالم بالصراع المتفجر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، تراجع الاهتمام الإعلامي الدولي بالحرب الدائرة في أوكرانيا، لكن حدة المعارك لم تتأثر.
و لفتت الصحيفة إلى ان مبادرات السلام بين الطرفين، الروسي والأوكراني، تراجعت إلى أدنى درجاتها منذ تفجر الصراع قبل عشرين شهراً ، منوهة ان الحرب تظل أسوأ أساليب العلاقات بين الدول والشعوب، والصراع الدائر في أوكرانيا طال أمده، والأسلم أن تتعقل كل الأطراف، وتعتمد لغة الحوار والمفاوضات لإنهاء الأزمة.
عماد العليالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
إقرأ أيضاً:
معضلة الجيش والسياسة في السودان و أثمان الحرب الإنسانية والسياسية
يمثل المشهد السوداني اليوم لوحة معقدة تتشابك فيها قضايا السياسة والأمن والإنسانية، حيث تبرز معضلة العلاقة بين الجيش والسياسة كعامل مركزي في تأجيج الصراعات وإطالة أمد الأزمات. ومنذ استقلال السودان، ظل الجيش لاعبًا رئيسيًا في الحياة السياسية، متأرجحًا بين أدوار التحرير والبناء الوطني من جهة، والانقلاب والتسلط من جهة أخرى. ومع اندلاع الحرب الحالية، تتجلى بصورة أوضح الأثمان الباهظة لهذه العلاقة الملتبسة.
شهد السودان أكثر من 16 انقلابًا عسكريًا منذ الاستقلال عام 1956، مما جعله واحدًا من أكثر دول العالم التي تأثرت بتدخل الجيش في السياسة. وفي كل مرة، كانت المؤسسة العسكرية تسوق مبررات تتعلق بحماية الأمن القومي، أو إنقاذ البلاد من الفوضى السياسية، لكن هذه التدخلات غالبًا ما قادت إلى مزيد من التدهور السياسي والاقتصادي. تحولت المؤسسة العسكرية إلى أداة لتحقيق مصالح فئوية وشخصية، حيث أدى التداخل بين الجيش والسياسة إلى إضعاف كفاءة الجيش في أداء مهامه الأمنية. وبمرور الوقت، أصبح الجيش طرفًا في الصراعات بدلاً من أن يكون وسيطًا محايدًا. ساهمت الخلافات بين القوى المدنية وعدم قدرتها على بناء جبهة موحدة في تعقيد المشهد. هذا التشرذم أتاح للجيش فرصة لاستغلال الفراغ السياسي، ما أدى إلى تعطيل مشاريع التحول الديمقراطي.
اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى موجات نزوح واسعة، حيث تقدر الأمم المتحدة عدد النازحين داخليًا بأكثر من 4 ملايين شخص، بالإضافة إلى مئات الآلاف من اللاجئين الذين عبروا الحدود إلى دول الجوار. تدهور الأوضاع الإنسانية انعكس في نقص حاد في الغذاء والدواء، وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية. أصبحت المدن الكبرى مثل الخرطوم ودارفور ساحات حرب مفتوحة، مع استهداف مباشر وغير مباشر للمدنيين. جرائم القتل الجماعي، والاغتصاب، والاختطاف باتت واقعًا يوميًا، ما يشير إلى تدهور خطير في القيم الإنسانية. الحرب ليست مجرد صراع لحظي؛ بل تُنتج آثارًا ممتدة على الأجيال القادمة، سواء من حيث التعليم الذي توقف في معظم أنحاء البلاد، أو من حيث انتشار ثقافة العنف التي تهدد النسيج الاجتماعي.
أدت الحرب إلى تقويض مؤسسات الدولة، حيث انهارت البنية التحتية، وتعطلت أجهزة الحكم المدني. تحول السودان إلى "دولة فاشلة" في عيون المجتمع الدولي، ما يهدد بفقدان السيادة الوطنية لصالح التدخلات الخارجية. شهدت العلاقة بين الجيش والشعب تدهورًا غير مسبوق نتيجة الأدوار التي لعبتها المؤسسة العسكرية في الصراعات. كثير من السودانيين يرون الآن في الجيش عقبة أمام تحقيق السلام والاستقرار. الحرب الحالية أعادت إلى الواجهة أسئلة حول مستقبل القوى المدنية ودورها في السودان. تزايد تهميش هذه القوى يعكس هيمنة الخطاب العسكري على حساب الحوار السياسي.
لا يمكن تحقيق استقرار سياسي في السودان دون فصل واضح بين الجيش والسياسة. يتطلب ذلك إعادة هيكلة الجيش ليكون مؤسسة وطنية غير مسيسة، ملتزمة بحماية السيادة دون التدخل في الشأن المدني. على القوى المدنية تجاوز خلافاتها التاريخية، والعمل على بناء جبهة موحدة قادرة على طرح رؤية متكاملة لمستقبل السودان. الوحدة ليست خيارًا بل ضرورة لتغيير موازين القوى. لا يمكن للسودان الخروج من أزمته بمعزل عن الدعم الإقليمي والدولي. يحتاج المجتمع الدولي إلى لعب دور أكثر فاعلية في تسهيل الحوار بين الأطراف المتصارعة، وتقديم الدعم الإنساني العاجل.
إن معضلة الجيش والسياسة في السودان ليست مجرد أزمة محلية؛ بل هي انعكاس لصراعات أعمق تتعلق بالهوية الوطنية، وبناء الدولة، وآليات توزيع السلطة. ورغم التحديات الهائلة، يظل الأمل في أن تُشكل هذه الأزمة فرصة لإعادة صياغة علاقة الجيش بالسياسة، وبناء نظام حكم يعبر عن تطلعات السودانيين للسلام والعدالة والتنمية. ومع ذلك، قد يلجأ الجيش إلى مثقفين تنويريين لوضع فلسفة حكم تسعى لاحتواء القوى المدنية كشركاء بلا تأثير فعلي، في محاولة لشرعنة الهيمنة العسكرية وإبقاء السلطة بيد المؤسسة العسكرية. مثل هذا السيناريو يهدد بتعميق الأزمة السياسية ويضع القوى المدنية أمام معضلة جديدة تتعلق بإعادة بناء دورها وتأثيرها في المشهد الوطني
zuhair.osman@aol.com