المجلس يمتلك صلاحيات واسعة.. والمطالبة بصلاحيات أكثر أمرٌ سابق لأوانه

لا يوجد توزان كامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الوقت الحالي

من الضروري الاعتماد على التكنولوجيا في الاستحقاقات الانتخابية بعد نجاح التجربة

توفير ورش تدريبية لأعضاء الشورى لاكتساب المهارات المطلوبة في العمل البرلماني

 

الرؤية- خاص

يؤكد الدكتور أحمد بن محمد بن راشد الهنائي- دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية- أنَّ انتخابات أعضاء مجلس الشورى (الدورة العاشرة) في أكتوبر الجاري ستكون استثنائية لأنها الأولى في عصر النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- كما أنها ستكون متطورة نظرا للاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في التصويت من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، والتي أثبتت نجاحها في انتخابات المجالس البلدية.

ويشير- في تصريحات لـ"الرؤية- إلى أن تجربة انتخابات المجالس البلدية حققت الكثير من المكاسب المتمثلة في تقليل الوقت والجهد وتوفير الأموال.

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت الجدول الزمني لانتخابات أعضاء الشورى في الدورة العاشرة، ليكون تصويت الناخبين خارج سلطنة عمان في 22 أكتوبر 2023، وتصويت الناخبين داخل سلطنة عمان في 29 أكتوبر 2023.

ويقول: "الدورة العاشرة لمسيرة مجلس الشورى العماني تمتاز بكونها الدورة الأولى بعد صدور كل من النظام الأساسي للدولة رقم (6/2021)، وقانون مجلس عمان رقم (7/2021)، كما أنها تعد بمثابة مرحلة جديدة من مراحل تطور النظام التشريعي في سلطنة عمان، إذ إن القواعد الدستورية الخاصة بمجلس عمان جاءت في مجملها متسقة مع القواعد الدستورية السابقة التي نظمها النظام الأساسي للدولة السابق رقم (101/96)، والتعديل الدستوري رقم (99/2011)، غير أن النظام الأساسي للدولة الحالي امتاز عن النظام الأساسي السابق في إحالة الكثير من النصوص الدستورية إلى القانون- قانون مجلس عمان- حيث اقتصر الباب الخامس من النظام الأساسي الخاص بالسلطة التشريعية- مجلس عمان- في 8 مواد فقط".

ويتابع: "المشرّع الدستوري أفسح المجال للقيام بإجراء أي تعديلات تشريعية مستقبلية يتطلبها الواقع العملي لمجلس عمان، ولقد أحسن صنعا في إحالته لتلك النصوص إلى القانون لسهولة الإجراءات في تعديل النصوص القانونية في قانون مجلس عمان عوضا عن التعديل الدستوري الذي يتطلب إجراءات خاصة معقدة، لا تتناسب مع التنمية المتسارعة التي تشهدها مختلف السلطات ومنها مجلس عُمان.

ويضيف الهنائي: "بمطالعة رؤية عمان 2040، المحور الخاص بالحوكمة والأداء المؤسسي، نجد أن من ضمن أولياته التشريع والقضاء والرقابة، ومن ثم فقد نشهد تعديلات تشريعية فيما يخص مجلس عمان، سواء أكان من حيث بنية هذا المجلس أو من حيث الاختصاصات التشريعية والرقابية للعملية النيابية، كما أن قياس مدى كفاية وتناسب الاختصاصات الخاصة بالمجلس النيابي لأي دولة يقاس بمسيرة تلك المجالس وتطورها ودراسة مدى الحاجة إلى تدعيم تلك الاختصاصات في كل مرحلة من مراحل بناء المؤسسة التشريعية، وفي سلطنة عمان مرت مسيرة العمل البرلماني بالعديد من المراحل التي بدأت باللقاءات السلطانية المفتوحة- برلمان عمان المفتوح- ومن ثم المجالس المتخصصة، مرورا بمرحلة المجلس الاستشاري للدولة وصولاً إلى إنشاء كل من مجلسي الدولة والشورى، ولقد أبان النظام السياسي العماني انتهاجه مبدأ التدرج في منح الصلاحيات، وهو ما بدا جليا في مسيرة مجلس الشورى من خلال التوسع التدريجي في الصلاحيات الممنوحة له، ويمتلك المجلس في الوقت الحالي العديد من الصلاحيات التي تمكنه من أداء الرسالة المناطة به، ومن ثم فإن المطالبة بمنح المجلس صلاحيات أكبر من الحالية سابق لأوانه في ظل التعقيد القانوني والتنظيم الإداري لهذه المرحلة من مراحل البناء المؤسساتي للسلطة التشريعية، إذ تتناسب الصلاحيات الحالية الممنوحة لمجلس الشورى مع متطلبات هذه المرحلة، مع مراعاة وجوب أن يكون هناك تقييم مرحلي لدراسة مدى الحاجة في التوسع في اختصاصات وصلاحيات المجلس".

وحول التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في سلطنة عمان، يبين  أن النظم السياسة في العالم اتجهت في مبدأ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى 3 نظم رئيسية: نظام رئاسي يقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات، وبالرغم مما ذهب إليه البعض بعدم وجود تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في النظام الرئاسي إلا أننا نرى خلاف ذلك إذ إن تشعب وتداخل الاختصاصات في النظم الحديثة المعاصرة يستلزم وجود تعاون بين سلطاته، وإن كان هذا التعاون في النظام الرئاسي محدودا ويسيرا على خلاف النظام البرلماني الذي يقوم على وجود تعاون وتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث تقف كافة السلطات في هذا النظام على قدم المساواة دون أن تتبع أو تتحكم سلطة على أخرى، في حين يقوم النظام المجلسي أو ما يعرف بنظام الجمعية النيابية بإسناد وظيفتي التشريع والتنفيذ إلى البرلمان، ومن ثم تكون السلطة التنفيذية في هذا النظام خاضعة للسلطة التشريعية.

ويوضح: "ذهب النظام السياسي العماني وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات إلى وجود تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما وضحه النظام الأساسي للدولة في بعض الاختصاصات الواردة لمجلس الوزراء ومجلس عمان، وكذا المواد من (47) إلى (55) الواردة في قانون مجلس عمان رقم (7/2021)، وإذا كان هذا التعاون مؤطرا بموجب النظام الأساسي للدولة والقوانين ذات الصلة بمجلس عمان ويلامس وجوده الواقع العملي، إلا أنه في المقابل لا يمكن التسليم بوجود توازن بين هاتين السلطتين، حيث كشف الواقع العملي ترجيح كفة السلطة التنفيذية، وبطبيعة الحال يعود ذلك إلى ما تتمتع به هذه السلطة من خبرات وإمكانيات لا تمتلكها السلطة التشريعية، نظراً لحداثة هذه السلطة الأخيرة من ناحية، ومن ناحية أخرى قلة ما يمتلكه أعضاء مجلس الشورى من خبرات وقدرات، لا يمكن بأي حال من الأحوال فرض هذا التوازن في الوقت الراهن على أقل تقدير".

ويؤكد الدكتور أحمد الهنائي أن توظيف التقنية الحديثة في مختلف مناحي الحياة يؤدي إلى تجويد العملية الإدارية ويوفر الوقت والجهد، في مقابل النظام التقليدي الذي يتطلب عددا كبير من الكوادر البشرية عوضا عن توفير ما تتطلبه هذه العملية من مستلزمات، وفي الوقت ذاته توفير الوقت والجهد للناخبين والتقليل من الازدحام أمام مراكز الاقتراع، ناهيك عن الدقة والسرعة في عملية فرز الأصوات، مبينا أنه بالرغم من كون هذه الدورة العاشرة لانتخابات أعضاء مجلس الشورى هي الدورة الأولى التي يستخدم فيها التصويت الإلكتروني، إلا أن سلطنة عمان قد خاضت هذه التجربة قبل فترة وجيزة في عملية انتخابات أعضاء المجلس البلدي، ومن المؤكد أن وزارة الداخلية الجهة المسؤولة عن العملية الانتخابية قد رصدت كافة الإيجابيات والتحديات، وعليه فإن استخدام الوسيلة الإلكترونية أضحى لا غنى عنه في ظل التسارع العالمي نحو توظيف هذه التقنيات.

ويقول: "نرى في هذا المقام أن تقوم وزارة الداخلية بتشكيل لجان على مستوى الولايات بغية مساعدة الناخبين ممن لا يجيدون استخدام التقنيات الحديثة وخاصة فئة كبار السن، لضمان مشاركة أكبر عدد من المواطنين في هذا الحدث الانتخابي، ولضمان عدم استغلال هذه الفئات في ترجيح كفة أحد المترشحين".

وحول آليات تطوير مسيرة مجلس الشورى العماني، يؤكد ضرورة وجود توازن فاعل وتنسيق حقيقي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتفعيل اللقاءات بين أعضاء السلطتين لتجنب وجود أي شوائب دستورية أو قانونية تؤدي إلى الاختلاف والتصادم في التفسير أو التأويل للنصوص، وإزالة ما قد يعتري الفهم لبعض المصطلحات التشريعية، وبيان واقعية ووضعية المجتمع المحلي في بعض التشريعات ذات الصلة بتقديم الخدمات العامة، بالإضافة إلى إجراء الدراسات اللازمة للوقوف على مدى الانسجام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وذلك من خلال مراجعة النصوص الدستورية الخاصة بمجلس عمان، والنصوص القانونية الحاكمة له، بغية قياس مدى تطابق تلك النصوص مع الواقع العملي لتحقيق التعاون والتوازن بين هاتين السلطتين، وكذلك إنشاء معهد متخصص أو توفير ورش عمل متخصصة لأعضاء مجلس الشورى، بغية تعزيز قدرات الأعضاء وإكسابهم المعارف والمهارات الفنية اللازمة التي يتطلبها العمل البرلماني، وإجراء مراجعة منتظمة ومستمرة على المستوى الهيكلي والتنظيمي لمجلسي الدولة والشورى ليتماشى مع التنمية التشريعية ويحقق فاعلية الأدوات والوسائل الرقابية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“الشورى” يناقش مقترح نظام رعاية الموهوبين

البلاد – الرياض

ناقش مجلس الشورى مقترح مشروع ” نظام رعاية الموهوبين”، المقدم استنادًا للمادة (23) من نظام المجلس، بعد أن استمع إلى تقرير تقدمت به لجنة التعليم والبحث العلمي بشأن ما تضمنه مقترح مشروع النظام، وقد طلبت اللجنة منحها مزيدًا من الوقت؛ لدراسة ما طرحه الأعضاء من آراء ومقترحات.

واستعرض المجلس في مستهل جلسته أمس، برئاسة معالي رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، جدول أعمال جلسته العادية السادسة عشرة، وما جاء فيه من بنود، متخذًا قراراته اللازمة بشأنها.

كما استعرض المجلس عددًا من تقارير اللجان المتخصصة بشأن مشروعات اتفاقيات ومذكرات للتفاهم والتعاون؛ حيث صوت المجلس بالموافقة على مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة العربية السعودية، وحكومة جمهورية كوسوفو في مجال خدمات النقل الجوي.

وفي شأن ذي صلة، وافق المجلس على مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة العربية السعودية، وحكومة جمهورية سورينام في مجال خدمات النقل الجوي. كما وافق على مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد والتخطيط في المملكة العربية السعودية، ووزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في جمهورية القمر المتحدة للتعاون في المجال الاقتصادي.

ووافق المجلس على مشروع اتفاقية بين حكومة المملكة العربية السعودية، وحكومة جمهورية آيسلندا لتجنب الازدواج الضريبي في شأن الضرائب على الدخل ولمنع التهرب والتجنب الضريبي. كما وافق على مشروع مذكرة تفاهم بين المعهد الملكي للفنون التقليدية في المملكة العربية السعودية، وأكاديمية الفنون التقليدية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء في المملكة المغربية للتعاون في مجال الفنون التقليدية.

مقالات مشابهة

  • «تنفيذي رأس الخيمة» يبحث تطوير المنظومة التشريعية
  • وفد جامعة الدفاع الوطني بالمملكة العربية السعودية يستعرض مسيرة الإنجازات التشريعية بـ"الشورى"
  • وفد عسكري سعودي يطلع على اختصاصات مجلس الدولة
  • رئيس مجلس الشورى يعزي نائب رئيس المجلس عبده الجندي في وفاة نجل شقيقه
  • العليمي يناقش عقد جلسات "الشورى" في عدن وتشكيل لجنة مكافحة الفساد
  • قانونية الشورى تناقش التعديلات التشريعية لمكافحة الاتجار بالبشر
  • “الشورى” يناقش مقترح نظام رعاية الموهوبين
  • مجلس الشورى يناقش مقترح مشروع "نظام رعاية الموهوبين"
  • مقرر برلماني سابق: التيار الصدري قد يشارك بنسبة 70% في انتخابات 2025
  • مقرر برلماني سابق: التيار الصدري قد يشارك بنسبة 70% في انتخابات 2025 - عاجل