د. أحمد الهنائي لـ"الرؤية": انتخابات "الشورى" المقبلة ستكون استثنائية.. والتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يعزز مسيرة المجلس
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
المجلس يمتلك صلاحيات واسعة.. والمطالبة بصلاحيات أكثر أمرٌ سابق لأوانه
لا يوجد توزان كامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الوقت الحالي
من الضروري الاعتماد على التكنولوجيا في الاستحقاقات الانتخابية بعد نجاح التجربة
توفير ورش تدريبية لأعضاء الشورى لاكتساب المهارات المطلوبة في العمل البرلماني
الرؤية- خاص
يؤكد الدكتور أحمد بن محمد بن راشد الهنائي- دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية- أنَّ انتخابات أعضاء مجلس الشورى (الدورة العاشرة) في أكتوبر الجاري ستكون استثنائية لأنها الأولى في عصر النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- كما أنها ستكون متطورة نظرا للاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في التصويت من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، والتي أثبتت نجاحها في انتخابات المجالس البلدية.
ويشير- في تصريحات لـ"الرؤية- إلى أن تجربة انتخابات المجالس البلدية حققت الكثير من المكاسب المتمثلة في تقليل الوقت والجهد وتوفير الأموال.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت الجدول الزمني لانتخابات أعضاء الشورى في الدورة العاشرة، ليكون تصويت الناخبين خارج سلطنة عمان في 22 أكتوبر 2023، وتصويت الناخبين داخل سلطنة عمان في 29 أكتوبر 2023.
ويقول: "الدورة العاشرة لمسيرة مجلس الشورى العماني تمتاز بكونها الدورة الأولى بعد صدور كل من النظام الأساسي للدولة رقم (6/2021)، وقانون مجلس عمان رقم (7/2021)، كما أنها تعد بمثابة مرحلة جديدة من مراحل تطور النظام التشريعي في سلطنة عمان، إذ إن القواعد الدستورية الخاصة بمجلس عمان جاءت في مجملها متسقة مع القواعد الدستورية السابقة التي نظمها النظام الأساسي للدولة السابق رقم (101/96)، والتعديل الدستوري رقم (99/2011)، غير أن النظام الأساسي للدولة الحالي امتاز عن النظام الأساسي السابق في إحالة الكثير من النصوص الدستورية إلى القانون- قانون مجلس عمان- حيث اقتصر الباب الخامس من النظام الأساسي الخاص بالسلطة التشريعية- مجلس عمان- في 8 مواد فقط".
ويتابع: "المشرّع الدستوري أفسح المجال للقيام بإجراء أي تعديلات تشريعية مستقبلية يتطلبها الواقع العملي لمجلس عمان، ولقد أحسن صنعا في إحالته لتلك النصوص إلى القانون لسهولة الإجراءات في تعديل النصوص القانونية في قانون مجلس عمان عوضا عن التعديل الدستوري الذي يتطلب إجراءات خاصة معقدة، لا تتناسب مع التنمية المتسارعة التي تشهدها مختلف السلطات ومنها مجلس عُمان.
ويضيف الهنائي: "بمطالعة رؤية عمان 2040، المحور الخاص بالحوكمة والأداء المؤسسي، نجد أن من ضمن أولياته التشريع والقضاء والرقابة، ومن ثم فقد نشهد تعديلات تشريعية فيما يخص مجلس عمان، سواء أكان من حيث بنية هذا المجلس أو من حيث الاختصاصات التشريعية والرقابية للعملية النيابية، كما أن قياس مدى كفاية وتناسب الاختصاصات الخاصة بالمجلس النيابي لأي دولة يقاس بمسيرة تلك المجالس وتطورها ودراسة مدى الحاجة إلى تدعيم تلك الاختصاصات في كل مرحلة من مراحل بناء المؤسسة التشريعية، وفي سلطنة عمان مرت مسيرة العمل البرلماني بالعديد من المراحل التي بدأت باللقاءات السلطانية المفتوحة- برلمان عمان المفتوح- ومن ثم المجالس المتخصصة، مرورا بمرحلة المجلس الاستشاري للدولة وصولاً إلى إنشاء كل من مجلسي الدولة والشورى، ولقد أبان النظام السياسي العماني انتهاجه مبدأ التدرج في منح الصلاحيات، وهو ما بدا جليا في مسيرة مجلس الشورى من خلال التوسع التدريجي في الصلاحيات الممنوحة له، ويمتلك المجلس في الوقت الحالي العديد من الصلاحيات التي تمكنه من أداء الرسالة المناطة به، ومن ثم فإن المطالبة بمنح المجلس صلاحيات أكبر من الحالية سابق لأوانه في ظل التعقيد القانوني والتنظيم الإداري لهذه المرحلة من مراحل البناء المؤسساتي للسلطة التشريعية، إذ تتناسب الصلاحيات الحالية الممنوحة لمجلس الشورى مع متطلبات هذه المرحلة، مع مراعاة وجوب أن يكون هناك تقييم مرحلي لدراسة مدى الحاجة في التوسع في اختصاصات وصلاحيات المجلس".
وحول التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في سلطنة عمان، يبين أن النظم السياسة في العالم اتجهت في مبدأ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى 3 نظم رئيسية: نظام رئاسي يقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات، وبالرغم مما ذهب إليه البعض بعدم وجود تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في النظام الرئاسي إلا أننا نرى خلاف ذلك إذ إن تشعب وتداخل الاختصاصات في النظم الحديثة المعاصرة يستلزم وجود تعاون بين سلطاته، وإن كان هذا التعاون في النظام الرئاسي محدودا ويسيرا على خلاف النظام البرلماني الذي يقوم على وجود تعاون وتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث تقف كافة السلطات في هذا النظام على قدم المساواة دون أن تتبع أو تتحكم سلطة على أخرى، في حين يقوم النظام المجلسي أو ما يعرف بنظام الجمعية النيابية بإسناد وظيفتي التشريع والتنفيذ إلى البرلمان، ومن ثم تكون السلطة التنفيذية في هذا النظام خاضعة للسلطة التشريعية.
ويوضح: "ذهب النظام السياسي العماني وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات إلى وجود تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما وضحه النظام الأساسي للدولة في بعض الاختصاصات الواردة لمجلس الوزراء ومجلس عمان، وكذا المواد من (47) إلى (55) الواردة في قانون مجلس عمان رقم (7/2021)، وإذا كان هذا التعاون مؤطرا بموجب النظام الأساسي للدولة والقوانين ذات الصلة بمجلس عمان ويلامس وجوده الواقع العملي، إلا أنه في المقابل لا يمكن التسليم بوجود توازن بين هاتين السلطتين، حيث كشف الواقع العملي ترجيح كفة السلطة التنفيذية، وبطبيعة الحال يعود ذلك إلى ما تتمتع به هذه السلطة من خبرات وإمكانيات لا تمتلكها السلطة التشريعية، نظراً لحداثة هذه السلطة الأخيرة من ناحية، ومن ناحية أخرى قلة ما يمتلكه أعضاء مجلس الشورى من خبرات وقدرات، لا يمكن بأي حال من الأحوال فرض هذا التوازن في الوقت الراهن على أقل تقدير".
ويؤكد الدكتور أحمد الهنائي أن توظيف التقنية الحديثة في مختلف مناحي الحياة يؤدي إلى تجويد العملية الإدارية ويوفر الوقت والجهد، في مقابل النظام التقليدي الذي يتطلب عددا كبير من الكوادر البشرية عوضا عن توفير ما تتطلبه هذه العملية من مستلزمات، وفي الوقت ذاته توفير الوقت والجهد للناخبين والتقليل من الازدحام أمام مراكز الاقتراع، ناهيك عن الدقة والسرعة في عملية فرز الأصوات، مبينا أنه بالرغم من كون هذه الدورة العاشرة لانتخابات أعضاء مجلس الشورى هي الدورة الأولى التي يستخدم فيها التصويت الإلكتروني، إلا أن سلطنة عمان قد خاضت هذه التجربة قبل فترة وجيزة في عملية انتخابات أعضاء المجلس البلدي، ومن المؤكد أن وزارة الداخلية الجهة المسؤولة عن العملية الانتخابية قد رصدت كافة الإيجابيات والتحديات، وعليه فإن استخدام الوسيلة الإلكترونية أضحى لا غنى عنه في ظل التسارع العالمي نحو توظيف هذه التقنيات.
ويقول: "نرى في هذا المقام أن تقوم وزارة الداخلية بتشكيل لجان على مستوى الولايات بغية مساعدة الناخبين ممن لا يجيدون استخدام التقنيات الحديثة وخاصة فئة كبار السن، لضمان مشاركة أكبر عدد من المواطنين في هذا الحدث الانتخابي، ولضمان عدم استغلال هذه الفئات في ترجيح كفة أحد المترشحين".
وحول آليات تطوير مسيرة مجلس الشورى العماني، يؤكد ضرورة وجود توازن فاعل وتنسيق حقيقي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتفعيل اللقاءات بين أعضاء السلطتين لتجنب وجود أي شوائب دستورية أو قانونية تؤدي إلى الاختلاف والتصادم في التفسير أو التأويل للنصوص، وإزالة ما قد يعتري الفهم لبعض المصطلحات التشريعية، وبيان واقعية ووضعية المجتمع المحلي في بعض التشريعات ذات الصلة بتقديم الخدمات العامة، بالإضافة إلى إجراء الدراسات اللازمة للوقوف على مدى الانسجام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وذلك من خلال مراجعة النصوص الدستورية الخاصة بمجلس عمان، والنصوص القانونية الحاكمة له، بغية قياس مدى تطابق تلك النصوص مع الواقع العملي لتحقيق التعاون والتوازن بين هاتين السلطتين، وكذلك إنشاء معهد متخصص أو توفير ورش عمل متخصصة لأعضاء مجلس الشورى، بغية تعزيز قدرات الأعضاء وإكسابهم المعارف والمهارات الفنية اللازمة التي يتطلبها العمل البرلماني، وإجراء مراجعة منتظمة ومستمرة على المستوى الهيكلي والتنظيمي لمجلسي الدولة والشورى ليتماشى مع التنمية التشريعية ويحقق فاعلية الأدوات والوسائل الرقابية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"حق العودة مقدس".. مسيرة لمئات الأردنيين تندد بحظر الأونروا
عمّان - صفا
شارك مئات الأردنيين، الجمعة، في عمان بمسيرة تضامنية مع قطاع غزة، محذرين فيها من خطورة قرار "إسرائيل" حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وانطلقت المسيرة من أمام "المسجد الحسيني" بمنطقة وسط البلد، وصولاً إلى ساحة النخيل (تبعد عن المسجد مسافة 1 كيلو مترا)، وفق الأناضول.
وانتظمت المسيرة بدعوة من الملتقى الوطني لدعم المقاومة (نقابي حزبي)، تحت شعار: "حق العودة مقدس.. لا لحظر الأونروا".
وحيا المشاركون المقاومة في فلسطين ولبنان، عبر هتافهم" "حط السيف قبال السيف.. حيوا رجال محمد ضيف (قائد الجناح العسكري لحركة حماس)"، و"التحرير آت آت.. حيو رجال أحمد سعدات (قيادي فلسطيني أسير)".
كما هتفوا "الانتقام الانتقام.. يا حزب الله ويا قسام"، و"من عمان سلامي للجهاد الإسلامي"، و"بدنا الأرض تغلي يا كتائب أبو علي"، وغيرها من الهتافات الأخرى.
ورفعوا لافتات، كتب عليها شعار المسيرة، وأخرى مكتوب عليها "أغيثوا غزة يا عرب"، و"إن النصرة لا يتخاذل عنها إلا كاذب"، و"الصادق سينصر غزة بأي طريقة".
وعلى هامش الفعالية، قال أحد المشاركين ويدعى سائد الضمور، للأناضول: "نحن اليوم خرجنا لنؤكد على مطالب الشعب الأردني والأمتين العربية والإسلامية ومطالب الإنسانية، ألا يكفي ما يحدث؟".
ودعا الضمور الحكام العرب والمسلمين إلى "التحرك لوقف العدوان على غزة ولبنان"، لافتاً إلى أن "الله سيسألهم عن أرواح الشهداء".
ومع إبادة جماعية ترتكبها بقطاع غزة بدعم أمريكي منذ أكثر من عام، أعلنت "إسرائيل" في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري إلغاء الاتفاقية الخاصة بعمل الأونروا، ما يعني حظر أنشطتها، في حال بدء سريان القرار خلال 3 أشهر.
وخلفت الإبادة الإسرائيلية أكثر من 147 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.