إسرائيل التي قدمت نفسها ضحية للإرهاب في اليومين الأولين للحرب بدأت تفقد صورة الضحية
حتى الآن هي حرب كبرى حشدت لها اسرائيل أكثر مما حشدت روسيا لاجتياح أوكرانيا. استنفار مئات آلاف الجنود وآلاف الدبابات ومئات الطائرات الأكثر تطوراً في العالم فضلاً عن مئات آلاف الصواريخ والمدافع والمدمرات والغواصات والمسيرات.كل ذلك في مواجهة قطاع سكني لا تتجاوز مساحته 360 كيلومتراً مربعاً يقطنه مليونا نسمة معظمهم مقتلعون من أرضهم ومدنهم في فلسطين المحتلة، ويتحرك فيه مقاتلون من أهله يملكون أسلحة يمكن وصفها بالبدائية مقارنة بما تملكه اسرائيل من سلاح فتاك ومدمر.
في اليوم الأول لهجوم "حماس" على مستوطنات غلاف غزة هبّ الغرب بزعامة الولايات المتحدة بشكل جماعي لنجدة اسرائيل مستشعراً للوهلة الأولى خطراً وجودياً على الكيان الذي صنعه ورعاه وحماه وقوّاه والتزم الحفاظ على تفوقه العسكري على محيطه العربي. كانت المرة الثانية التي يستشعر فيها الأميركي خطراً على اسرائيل بعد حرب تشرين عام 1973. يومها أقام جسراً جوياً نقل آلاف الأطنان من السلاح الى اسرائيل ليعيد التوازن الى الجبهتين مع مصر وسوريا.
لكن الى متى يستطيع الغرب بزعامة جو بايدن وإلى يمينه ايمانويل ماكرون وإلى يساره ريشي سوناك تجاهل أن هذه الحرب تتحول الى جريمة بحق الإنسانية وليس فقط بحق سكان غزة؟
ما يجري في غزة هو أكثر من رد على عملية عسكرية قامت بها مجموعات مسلحة تابعة لتنظيم اسلامي يخوض حرباً منذ عقود مع الجيش الإسرائيلي. هذه حرب ترانسفير وخلق أزمة لاجئين جديدة تخنق دول الجوار لاسيما مصر، وتشرد مئات الآلاف من الفلسطينيين الى الشتات وهو عدد يوازي عدد الذين شردوا عام 1948 وأصبحوا الآن بالملايين. إن الغرب بتأييده لاسرائيل في هذه الحرب انما يرتكب خطيئته الأولى للمرة الثانية. فكيف يمكن فهم تأييد نتنياهو في تهجير أهل غزة على غير أنه مشاركة في تنفيذ نكبة ثانية تداني نكبة 48 في خطورتها وتداعياتها على الفلسطينيين والمصريين واللبنانيين والسوريين والأردنيين، نكبة تفاقم الصراع الذي لا أحد يستطيع ان يضبط انهياراته المقبلة التي لا يمكن توقعها.
الحرب تخطت الحدود وتنذر بانهيارات أوسع وأخطر بكثير، وبانفجارات في أمكنة أخرى. غابت الحرب الأوكرانية عن الأنظار والأسماع، وباتت غزة محط أنظار العالم. لم تعد حرباً انتقامية فحسب، إنها حرب إبادة فعلية لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ زمن طويل جداً. المشاهد تحكي عن نفسها. ليست حرباً بين جيشين على جبهة. مقاتلو "حماس" ليسوا وراء متاريس على الجبهة ولا في دبابات. هم في المدن وفي الأنفاق والحفر والدشم المخفية تحت الأرض، والناس العاديون يتلقون القذائف والصواريخ والإنذارات بالرحيل ويقتلون تحت أنقاض بناياتهم ومنازلهم بعدما حرموا من الكهرباء والماء والدواء والغذاء، الحاجات الأساسية التي لا يزال العالم لم يقنع نتنياهو بالسماح بدخولها عبر مصر.
لكن هذا الاستخدام غير المتكافئ للسلاح والإفراط في العنف ما عاد ليمر مروراً عابراً في المجتمعات الغربية. لقد بدأ الشارع يتحرك من نيويورك إلى باريس إلى لندن إلى عدد من المدن والعواصم الأوروبية. تدرك شعوب الغرب مع مرور الوقت أن هناك أكثر من رد وأن الهدف الاسرائيلي في غزة هو المدنيون أولاً وأخيراً، وأن حقوق الانسان تنتهك بشكل علني واضح لا لبس فيه. الصور والفيديوات تنقلها وسائل الإعلام العربية والأجنبية والمواطنون لحظة بلحظة ومن دون تزييف. ليس الأمر كما فعلت مراسلة الـ"سي أن أن" وغيرها من وسائل الإعلام الإسرائيلية التي انكشف تزييفها للحقيقة واختلاقها أحداثاً لم تحصل وبثها صوراً قديمة من أماكن مختلفة، كما حصل مع قضية قتل الأسرى.
بدأت الصورة تنقلب، اسرائيل التي قدمت نفسها ضحية للإرهاب في اليومين الأولين للحرب بدأت تفقد صورة الضحية. هي اليوم جلاد يستخدم أحدث الأسلحة وأكثرها فتكاً مستندة الى دعم غير محدود من جو بايدن في ضرب غزة. الصورة تتغير والرأي العام الغربي بات حساساً تجاه صور الأطفال والنساء والشيوخ الذين يموتون وينزحون تحت القنابل والصواريخ. انها الصورة التي تحل محل صورة أخرى. تنزاح صورة المستوطن والجندي القتيلين لتحل محلها صورة الطفل والمرأة والبناء المنهار على رأسيهما. المشهد اليوم هو هذا، وهذا المشهد يفعل فعله.
العالم اليوم تحت تأثير الصورة، والصورة الحقيقية هي الحقيقة، والحقيقة أن هناك مجزرة في حق غزة، وهذا يثير التعاطف في كل مكان، والرأي العام الغربي بدأ يتحرك وعساه يكون مؤثراً في الضغط على وسائل الإعلام الغربية وعلى زعمائه من أجل موقف أكثر عدالة وسعياً الى السلام لا الى التحريض.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
قال موقع أخباري إسرائيلي إن المتمردين اليمنيين يهددون إسرائيل والاستقرار العالمي، ويشلون التجارة في البحر الأحمر على الرغم من الضربات التي تقودها الولايات المتحدة.
وذكر موقع "واي نت نيوز" في تقرير ترجمة للعربية "الموقع بوست" إن كبار المسؤولين الأميركيين يعبرون عن "صدمتهم" إزاء أسلحتهم المتقدمة، مما يثير مخاوف من زيادة الدعم الإيراني.
وأكد التقرير العبري أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تشير إلى موقف أميركي أكثر صرامة.
وحسب التقرير فلإنه في واحدة من أخطر الحوادث للقوات الأميركية في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في غزة، أسقطت سفينة حربية أميركية عن طريق الخطأ طائرة مقاتلة من طراز إف/إيه-18 تابعة للبحرية الأميركية فوق البحر الأحمر خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتزامن الحادث مع غارات جوية أميركية استهدفت مواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء.
وذكر أن الطيارين قد قفزوا من الطائرة بسلام وتم إنقاذهما، في حين أعلن المتمردون الحوثيون بسرعة مسؤوليتهم عن إسقاط الطائرة. ومع ذلك، لم يوضح البنتاغون ما إذا كانت النيران الصديقة مرتبطة بشكل مباشر بالقتال الجاري ضد المجموعة المدعومة من إيران.
"تؤكد هذه الحلقة على التحدي الأوسع الذي يفرضه وكلاء إيران، ليس فقط على إسرائيل ولكن أيضًا على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي"، حسب الموقع الاسرائيلي.
وأكد أن هجمات الحوثيين تضع إدارة بايدن في موقف صعب، لأنها تتزامن مع الجهود الأمريكية للتوسط لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن والصراع السعودي الحوثي. فشلت تلك الحرب، التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين في الغارات الجوية السعودية، في هزيمة الميليشيات المتحالفة مع إيران.
وفق التقرير فإنه مع استمرار التوترات المرتفعة، قد تنمو احتمالات تكثيف العمل من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الشهر المقبل.
وقال "ومع ذلك، أصبحت قدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على ردع الحوثيين موضع تساؤل بعد أن أظهروا مرونة في مواجهة سنوات من الضربات الجوية السعودية المتواصلة، متجاهلين في كثير من الأحيان المعاناة الشديدة للمدنيين اليمنيين. يعيش ثلثا سكان اليمن تحت سيطرة الحوثيين".
وتوقع بن يشاي أن يرفع ترامب القيود التشغيلية التي فرضها بايدن على القوات الأميركية في اليمن، مما يمهد الطريق لحملة أميركية إسرائيلية منسقة لتحييد التهديد الحوثي.
وقد تتضمن هذه الاستراتيجية استهداف قيادة الحوثيين وتدمير صواريخهم الباليستية وطائراتهم بدون طيار وأنظمة الإطلاق ومرافق الإنتاج الخاصة بهم - وهي الإجراءات التي قال بن يشاي إنها ستعكس العمليات الإسرائيلية الناجحة ضد الأصول الاستراتيجية لحزب الله في لبنان وقدرات نظام الأسد في سوريا. ومن المرجح أن تتطلب إسرائيل تعاونًا كبيرًا من القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) والأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يعمل في المنطقة بحاملات الطائرات ومدمرات الصواريخ وغيرها من الأصول. إن المسافة الجغرافية والتحديات الاستخباراتية تجعل العمل الإسرائيلي الأحادي الجانب غير محتمل.
وزعم بن يشاي أن الجهد المنسق يمكن أن يمنع الحوثيين من المزيد من زعزعة استقرار النظام العالمي والاقتصاد. وأشار إلى أنه في حين أن الحوثيين لا يردعون عن الضربات على البنية التحتية لدولتهم، فإن قطع رأس القيادة والهجمات الدقيقة على قدراتهم العسكرية يمكن أن يغير التوازن.