حضرموت.. تجربة رائدة في ترميم الحق في التعليم "تقرير"
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تقرير/ أماني بايمين:
في محافظة الواقعة جنوب شرق اليمن لعبت تجربة التعليم في المجمعات المسائية دوراً هاماً في المجتمع لمواجهة الامية والعزوف عن التعليم وتحسين المستوى التعليمي.
جاءت الفكرة في عام 2015م من قبل قيادة مكتب وزارة التربية والتعليم في المحافظة لإنشاء مجمعات مسائية تحتضن الكثير ممن عجزوا عن استكمال مسيرتهم التربوية والتعليمية، وتوقف تحصيلهم العلمي عند مستويات متواضعة ما دفع بهم إلى سوق العمل ومتطلباته بإمكانات ضعيفة وخيارات محدودة لا تمنحهم القدرة على تحسين ظروفهم المعيشية أو زيادة مردودهم المادي في مواجهة أعباء الحياة.
كان اول مجمع مسائي افتتح في عام 2017م للذكور وهو مجمع الشاطئ بالمكلا عاصمة حضرموت بحسب موقع التربية والتعليم محافظة حضرموت فيما بلغ عدد المجمعات 18 مجمع حتى عام 2022م ويبلغ عدد الملتحقين بها حوالي 1659 دارسا من منقطعين عن الدراسة وربات بيوت وموظفين يسعون لتحسين مؤهلاتهم ودخلهم المعيشي والمجمع يعتبر نظام مدرسي متاح لمن انقطع عن الدارسة لمدة ثلاث اعوام وأكثر، مع مراعاة خاصة في آلية تطبيق اللوائح الفنية والإدارية.
> إصرار وتحدٍّ
يُعرَف عن النساء والفتيات في حضرموت حبّهن للتعليم، والذي يضعنه كجزءٍ لا يتجزّأ من الحقوق التي ينبغي أن تكون مكفولة لهن بصورة بديهية.
هذا الشغف شجّع السلطة ووزارة التربية والتعليم على إنشاء "المجمعات المسائية" التي كان افتتاحها قبل ما يقارب ستة أعوام.
شكّل إنشاء المجمعات المسائية بعد ذلك، دافعًا لدى كثيرٍ من النساء للالتحاق مجدّدًا بصفوف الدراسة وإكمال مراحلهن التعليمية. لا سيما أنّ هذه الصفوف لا تختلف كثيرًا عن المدارس النظامية المتعارف عليها. وتعدّ المجمعات المسائية خطوة تتقدم بها محافظة حضرموت عن سواها من المحافظات.
من أبرز العوامل التي دفعت الفتيات للالتحاق بالمجمعات المسائية هو حاجة الفتاة إلى إثبات قدرتها على المساهمة في تسيير الحياة كشريكة مكافئة للرجل، وقدرتها على ذلك يجعل من الحياة أكثر فاعلية، حيث يتشاركان المسؤولية معًا، كتعليم الأبناء، وتحسين المستوى المعيشي من خلال ازدياد فرص حصولهن على عمل، أو تحسين المستوى الوظيفي لهن في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اليمن، بسبب الحرب المستمرة منذ ما يقارب الثمانية أعوام.
> ضعف التعليم أزمة مستمرة
أثّرت الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015، على التعليم في البلاد الى حد كبير، إذ يؤكّد في هذا السياق تقرير صادر عن منظمة اليونيسف، أنّ ما يقارب 6 ملايين طالب وطالبة قد طالهم الضرر من اضطرابات التعليم خلال فترة الحرب، وهو ما سيكون له تبعات هائلة على المدى البعيد، وفي إشارة إلى الفترة التي سبقت جائحة كورونا؛ فقد ذكرت الإحصائيات أنّ ما يقارب المليونَي طفل كانوا خارج العملية التعليمية، وتتعرّض الفتيات اللواتي تسربن من الصفوف الدراسية للزواج المبكر، بينما يصبح الفتيان المنقطعين عرضةً للتجنيد القسري.
وكأحد الحلول لهذه الأزمة، أشارت مديرة مجمع فوة المسائي للطالبات، الى ان "المجمعات المسائية قد تكون البديل المناسب للمتضررين من هذه الحرب بالنظر إلى نجاح التجربة الحضرمية لهذا النوع من المدارس"، كما أشارت إلى أنّ الإقبال يزداد عامًا بعد عام، على هذه المجمعات، وخاصةً في مستويات النقل كالصف الأول الثانوي، وتتراوح أعمار الطالبات المنتسبات من أوائل العشرينيات وقد يتجاوزن الخمسين من العمر في حالات قليلة، لكنها موجودة.
وكان لهذه التجربة الفريدة التي حظيَت بها مدن حضرموت من خلال هذه المجمعات المسائية والتي تستقبل الطلاب والطالبات من مختلف المناطق اليمنية، أثرها الفعَّال على النازحين من مناطق الحرب والذين تقطّعت بهم سبل الأمان في مدنهم وقراهم وفتحت لهم هذه المجمعات فُسحة من الأمل لترميم ما حطمته الحرب، علَّهم يحظون بفرصة للاستمرار في العيش بطريقة فاعلة وإيجابية في المجتمع، علَّ هذه التجربة الناجحة تلقى صداها في بقية المناطق والمدن اليمنية لتتكرر التجربة وتتضاعف النجاحات وتقل نسبة الأمية التي تنخر في تطلعات الوطن والمواطن.
وجدت هذه الفكرة الطموحة استجابة جيدة ودعم من قبل قيادة السلطة المحلية بالمحافظة يومها، لتتسع دائرة الفائدة وتشمل التلاميذ والطلاب الذين تعثروا في سنوات دراستهم وضاقت بهم السبل ولم يجدوا سبيلاً إلى استعادة زمام المبادرة للتدرج في السلم التعليمي والعودة إليه والسير فيه من لحظة التعثر وسنة الغياب التي دفعت بهم إلى المجهول، لتبرز أمامنا العديد من التحديات لكي نصل بهذه الرؤية إلى أرض الواقع التربوي والتعليمي بالمحافظة
تقول فائزة المحمدي، التي لجأت إلى "المجمعات المسائية" في حضرموت، لكي تتمكن من نيل شهادة الثانوية المجازة من وزارة التربية والتعليم ؛ إنّها وجدت صعوبة في مواصلة تعليمها الجامعي عند عودتها مع أسرتها إلى اليمن قبل أكثر من عشر سنوات، حيث كانت تقيم في المملكة العربية السعودية، والتي أكملت فيها فائزة تعليمها الأساسي والثانوي، غير أنّها لم تتمكن من استخراج شهادتها للثانوية العامة التي تُمكِّنُها من الالتحاق بالتعليم الجامعي حيث مكنها التعليم المسائي حصولها على شهادة الثانوية العامة والتحاقها بعد ذلك بكلية الشريعة والقانون في جامعة حضرموت.
كذلك عبد العزيز سالم عمر الذي تعثر مستواه في الصف السابع ما أدى الى انقطاعه لمدة سبعة أعوام وبعد التحاقه بالسلك العسكري قرر استكمال مراحله التعليمية حتى تخرجه من الثانوية العامة هذا العام وخلال تجربته وجد لديه طموح بإكمال تعليمه الجامعي كما أشار الى ان التعليم في المجمعات المسائية يتسم بمرونة وتحفيز من قبل الكادر التربوي.
ويعتبر "التعليم" من أهم الفرص التي تُمنَح للإنسان ليبدأ من جديد في مجتمع عُرف عنه منذ القدم حبّ العِلم ونشره.
مؤخرا تم تقليص عدد المجمعات في حضرموت إلى حوالي اثني عشر مجمعا موزعة في مديريات المكلا (مجمع الميناء المسائي – مجمع فوه المسائي – مجمع الشاطئ – مجمع روكب) واثنان في مديرية الشحر واثنان في مديرية غيل باوزير والريدة وقصيعر نظراً لقلة اقبال الطلبة والطالبات حسب استطلاع من مكتب التربية والتعليم.
تساهم المجمعات في تمكين من كانوا منقطعين عن التعليم او النازحين على مواصلة تعليمهم لكنها تعني بمن توقفوا عن التعليم مدة ثلاثة سنوات سابقة او اكثر ما يضيع مدة سنتين على النازح المنخرط في العمل صباحا او حتى ابناء المحافظة الذين لا يتمكنون من الالتحاق التعليم الصباحي.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: التربیة والتعلیم التعلیم فی ما یقارب من قبل
إقرأ أيضاً:
الحرب الجمركية تصل إلى التعليم.. تخفيض عدد التأشيرات وزيادة الرسوم تدفع الطلاب الصينيين بعيدًا عن الحلم الأمريكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق أمريكا تحظر منح التأشيرات للطلاب الصينيين وتحذف 4700 طالب من قاعدة بيانات الهجرة
أصبحت قرارات إلغاء التأشيرات وخفض تمويل الجامعات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصدر قلق للطلاب الدوليين. ويواجه الطلاب القادمون من الصين تحديات إضافية بسبب الحرب التجارية بين واشنطن وبكين وتزايد التشهير بالمواطنين الصينيين، وفقًا لطلاب وخبراء في هذا المجال.
وفي هذا السياق، عندما تم تأجيل تسجيل ياو، طالبة الأحياء البالغة من العمر 25 عاما، في برنامج الدكتوراه بسبب خفض التمويل في جامعتها الأمريكية، انضمت إلى قائمة متزايدة من الطلاب الصينيين الذين يستكشفون وجهات أخرى.
وقالت «ياو»، المقيمة في شيكاغو، "اعتدت أن أعتقد أن السياسة بعيدة عني، ولكن هذا العام شعرت حقا بتأثير السياسة على الطلاب الدوليين"، ورفضت إعطاء اسم جامعتها المحتملة.
الصين تُشكّل أكبر هيئة طلابية دولية في الولايات المتحدةظلت الصين تُشكّل أكبر هيئة طلابية دولية في الولايات المتحدة لمدة 15 عامًا، حتى تجاوزتها الهند العام الماضي. ووفقًا لبيانات "أوبن دورز"، بلغ الأثر الاقتصادي للطلاب الصينيين على الاقتصاد الأمريكي 14.3 مليار دولار أمريكي في عام 2023.
ولكن داخل الولايات المتحدة، تم تصوير المجتمع باعتباره تهديدًا للأمن القومي - يشبه الجواسيس الذين أرسلهم الحزب الشيوعي الصيني - وهددوا باقتراح تشريع يمكن أن يمنعهم من دخول الجامعات.
ونقلت وكالة رويترز، حديثها مع 15 طالبا صينيا، ثمانية منهم في الولايات المتحدة، والذين قالوا إن المشكلات المتراكمة أدت إلى زيادة المخاوف الأمنية وتكثيف القيود المالية، مما أجبرهم على إعادة التفكير في حلمهم الأمريكي.
منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تم حذف أكثر من 4700 طالب من قاعدة بيانات الهجرة الأمريكية، مما يجعلهم عرضة للترحيل.
شكل الطلاب الصينيون 14% من 327 تقريرًا لإلغاء التأشيرات جمعتها حتى الآن جمعية المحامين الأمريكيين للهجرة.
تهديدات أمريكا لـ الصين
مع التهديدات التي أطلقتها الولايات المتحدة بشأن التأشيرات وخفض التمويل، بدأ الطلاب الصينيون يعيدون التفكير في حلمهم الأمريكي، حيث اختار بعضهم الآن الجامعات الأقرب إلى وطنهم.
في الشهر الماضي، أرسلت اللجنة الخاصة بالصين في مجلس النواب الأميركي رسائل إلى ست جامعات تطلب معلومات عن سياسات التسجيل للطلاب الصينيين في برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات المتقدمة، وتتساءل عن مشاركتها في الأبحاث الممولة من الحكومة الفيدرالية.
وكتب رئيس اللجنة جون مولينار، أن نظام تأشيرات الطلاب في الولايات المتحدة أصبح "حصان طروادة لبكين" الذي يوفر الوصول غير المقيد إلى مؤسسات البحث العلمي الكبرى ويشكل تهديدا للأمن القومي.
وحثت وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة على "التوقف عن التلويح بالأمن القومي كذريعة كاذبة" لاتخاذ إجراءات تمييزية وتقييدية تستهدف طلابها.
وقف التطفل الشيوعي الصينيواقترح الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي أيضًا "قانون وقف التطفل الشيوعي الصيني من خلال الدفاع عن الضمانات الفكرية في الأوساط الأكاديمية" والذي من شأنه أن يوقف تأشيرات الطلاب للمواطنين الصينيين.
قالت لجنة المائة، وهي مجموعة من الأمريكيين الصينيين البارزين ومقرها نيويورك، إن مشروع القانون يخون القيم الأمريكية ويضعف زعامة الولايات المتحدة في العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
قال تشين ييران، أستاذ بجامعة ديوك، إن فكرة أن الطلاب الصينيين يسارعون إلى العودة إلى ديارهم لمساعدة بكين في المنافسة مع الولايات المتحدة هي فكرة خاطئة.
وأوضح تشين: "معظمهم لا يزالون يرغبون في البقاء في الولايات المتحدة. إنهم ينتمون إلى عائلات من الطبقة المتوسطة، ويدفعون الملايين (باليوان) لهذه السنوات القليلة، ويريدون استرداد استثماراتهم".
وأفادت الجامعات خارج الولايات المتحدة منذ ذلك الحين باهتمام متزايد بهذا المشروع.
الجامعات تتلقى استفسارات من الطلاب
قالت مديرة جامعة بوكوني الإيطالية في الصين الكبرى، سمر وو، إن الجامعة تلقت العديد من الاستفسارات من الطلاب.
وأضافت أن "العديد من الطلاب قالوا إنهم بسبب (الوضع السياسي) يتطلعون أكثر إلى بلدان أخرى، لأنهم لا يعرفون ماذا سيحدث إذا ذهبوا إلى الولايات المتحدة".
وكانت المؤسسات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تواجه أيضًا منافسة من الجامعات الصينية التي ارتفعت تصنيفاتها العالمية في السنوات الأخيرة.
وقالت بيبا إيبل، مؤلفة تقرير عن الطلاب الصينيين في مركز أبحاث التعليم البريطاني (HEPI)، إن "السمعة المتنامية للجامعات المحلية في الصين، فضلًا عن زيادة التمويل المخصص للبحث والتطوير، تجعل المؤسسات الصينية أكثر جاذبية".
تظل الولايات المتحدة الوجهة الأكثر بحثًا عن الصين على مواقع Keystone Education Group الإلكترونية، لكن الاهتمام انخفض بنسبة 5% منذ إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الإضافية، مع انخفاض عمليات البحث عن برامج الدكتوراه بنسبة 12%.
ستؤثر الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على بكين بنسبة 145% على سلع بقيمة 400 مليار دولار يبيعها المنتجون الصينيون في السوق الأمريكية سنويا، كما ستؤدي إلى تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ارتباك في الصين بسبب وضع الطلابوقال مارك بينيت، مدير قسم الرؤى في شركة كيستون: "ربما تكون الصين أكثر حساسية للتحولات في الظروف الاقتصادية والسياسات الدولية... التي تؤثر على ميزانيات الأسر والقدرة الإجمالية على تحمل تكاليف مواصلة التعليم في الولايات المتحدة".
وفي هونج كونج، قالت الجامعة الصينية في هونج كونج إن ترتيبات التأشيرة التي تسمح للخريجين بالبقاء والبحث عن عمل جعلت المدينة وجهة شعبية.
لي واحدة من هؤلاء الطلاب. بعد ثلاث سنوات في نيويورك، قررت عدم خوض إجراءات التقديم الشاقة للحصول على البطاقة الخضراء الأمريكية، واختارت الانتقال إلى هونغ كونغ لإكمال دراساتها العليا والعمل.
"عندما أدركت أن هناك إمكانيات أخرى قد تكون موجودة في حياتي، لم أعد أشعر بالإحباط الشديد إزاء ما أملكه الآن"، كما قال لي.