الصلاة في السمجد الأقصى.. فضلها وكم تساوي وتزيد عن غيرها؟
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
الصلاة في المسجد الأقصى، من العبادات التي ورد الحث عليها والاستزادة في أجرها من المسلم، لذلك حث النبي الكريم على الصلاة في المسجد الأقصى وزيارة بيت المقدس.
وأوردت السنة النبوية، أحاديث متعددة في الحث على الصلاة في المسجد الأقصى وزيارة بيت المقدس، ومنها، ما روي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: أَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ بَيْتُ الْمَقْدِسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى هُوَ، وَلَيُوشِكَنَّ لَأَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرًا لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا».
كما روي عَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ قَالَ فَتُهْدِي لَهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ. سنن ابن ماجه.
فضل الصلاة في المسجد الأقصىقال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إن من تعظيم المؤمن للأماكن التي اختارها الله بالبركة والقداسة؛ أن يعظم المسجد الأقصى، أو القدس الشريف، أو بيت المقدس، وهي تلك المساحة التي تضم المسجد الأقصى الحالي ومسجد قبة الصخرة والمدرسة العمرية، وهي نفس المساحة التي يريد اليهود بناء هيكلهم عليها، فهذه مجتمعة في مساحة المسجد الأقصى، والتي قال- تعالى- عنها: ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الإسراء :1].
وأضاف الدكتور علي جمعة، عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك": إنها هي الأرض المقدسة التي أمر الله اليهود بدخولها في زمن موسى- عليه السلام-، قال- تعالى-: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة :21].
وأضاف أن المسجد الأقصى وهو ثاني مسجد وضع في الأرض للناس بعد المسجد الحرام، فعن يزيد التيمي قال: سمعت أبا ذر يقول: «سألت رسول الله عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال أربعون عاما. ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل» [البخاري ومسلم]. وأن الإهلال من المسجد الأقصى بعمرة أفضل من الإهلال من أي مكان آخر، حيث قال النبي: «من أهل من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه» [ابن حبان].
وأشار "جمعة" إلى أن النبي قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى» [البخاري ومسلم] فيتضاعف أجر الصلاة في هذه المساجد دون غيرها من المساجد، ولذا فلا تقصد مساجد بالسفر رغبة في تضاعف أجر الصلاة فيها إلا هذه المساجد، وليس في هذا الحديث تحرم السفر وشد الرحال لغير المساجد الثلاثة. وأن السفر لزيارة مسجد غير هذه الثلاثة من باب السياحة والتعلم وغير ذلك فهو جائز كمن زار دمشق لزيارة المسجد الأموي مثلا، أو زار القاهرة لزيارة جامعة الأزهر، أو غير ذلك، كما يجوز للإنسان أن يسافر لغير المساجد الثلاثة من طلب العلم وطلب الرزق والسياحة وغير ذلك من أسباب السفر المعروفة.
شد الرحال إلى الأقصىوأوضح "جمعة" أن العلماء قد اتفقوا في هذا الفهم وننقل قول الشيخ سليمان بن منصور المشهور (بالجمل): «(لا تشد الرحال) أي للصلاة فيها فلا ينافي شد الرحال لغيرها... إلى أن قال : قال النووي : ومعناه لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة، ونقله عن جمهور العلماء. وقال العراقي : من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط؛ فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد من الرحلة لطلب العلم وزيارة الصالحين, والإخوان, والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلًا فيه.
وأكد أن ذلك ورد مصرحا به في رواية الإمام أحمد، وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه مرفوعا: «لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام, والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» وفي رواية : «لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها» ... إلخ قال السبكي : وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة. قال : ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكمًا شرعيًا، وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها، بل لزيارة، أو علم، أو نحو ذلك من المندوبات، أو المباحات، وقد التبس ذلك على بعضهم، فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع وهو خطأ; لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه، فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد، أو إلى مكان من الأمكنة؛ لأجل ذلك المكان، إلا إلى الثلاثة المذكورة، وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان فليفهم ا هـ . برماوي» [حاشية الجمل].
وتابع "جمعة" أن المسلم يقدس الأزمان المباركة ورأينا ذلك في شهر رمضان والأشهر الحرام ويوم الجمعة، ويومي عرفة وعاشورا، وغير ذلك من الأزمان، كما أنه يقدس الأماكن المباركة ورأينا ذلك في الكعبة المكرمة ومكة، وفي المدينة المنورة وفي القدس الشريف، وفي المقال القادم نرى تقديس المؤمن للأشخاص المباركة والأشياء المباركة.
وصف المسجد الأقصىيقع المسجد الأقصى في قلب مدينة القدس، ويعتبر من أقدم المساجد على وجه الأرض، حيثُ روي عن النبي أنه بُني بعد الكعبة بأربعين سنة. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم؛ لتعظيمه، حيثُ شهد رحلتي الإسراء والمعراج، وذلك بقوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البصير". وهو أحد المساجد الثلاثة، التي تُشد الرحال إليها، كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى».
وللمسجد الأقصى أربع مآذن، هي مئذنة باب المغاربة الواقعة الجنوب الغربي، مئذنة باب السلسلة الواقعة في الجهة الغربية قرب باب السلسلة، مئذنة باب الغوانمة الواقعة في الشمال الغربي، ومئذنة باب الأسباط الواقعة في الجهة الشمالية.
كما أن للمسجد الأقصى، أربع عشرة قبة ومنها: قبة الأرواح، قبة النبي، قبة موسى، قبة سليمان، كذلك له خمسة عشر بابًا، منها عشرة مفتوحة والباقي مغلقة ومنها: باب المغاربة، باب الأسباط، وله رواقان هما الرواق الشرقي والرواق الغربي، وله ثماني بوائك.
مساجده الفرعية:
المسجد القبلي: يقع جنوب المسجد الأقصى وقبته رصاصية اللون.
مصلى الأقصى القديم: ويقع تحت المسجد القبلي.
المصلى المرواني: ويقع أسفل الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى، وكان يُعرَف قديمًا «بالتسوية الشرقية».
مسجد قبة الصخرة: وتعتبر قبّته أحد أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامي، وأقدم بناء إسلامي بقي محافظًا على شكله وزخرفته في الأغلب، بَنى هذه القبّة الخليفة عبدالملك بن مروان، حيثُ بدأ في بنائها عام 66 هـ الموافق 685، وانتهى منها عام 72 هـ الموافق 691.
مصلى النساء: يقع داخل المسجد الأقصى، ويرى باحثون أن بناءه يعود إلى العهد الصليبي، حيثُ بُني ككنيسة؛ ليعيده صلاح الدين الأيوبي لمُصلّى خُصّص للنساء.
مسجد البراق: ويقع في الناحية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى، وسُمّي بذلك نسبةً إلى المكان الذي ربط فيه النبي محمد دابته البراق في رحلة الإسراء والمعراج، وفيه حلقة عثمانية يُقال إنّها وُضعت في مكان الحلقة التي رُبط عندها البراق.
مسجد المغاربة: ويقع في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى جنوبي حائط البراق.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصلاة في المسجد الأقصى المسجد الأقصى بيت المقدس شد الرحال إلى الأقصى من المسجد الأقصى المسجد الحرام الرحال إلى إلى مسجد غیر ذلک الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
ليلة القدر.. فضلها وعلاماتها وأهمية إحيائها
خالد الهاشمي: لها مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي وتُحيى بالقيام وقراءة القرآن
وقال الشيخ خالد بن عايش الهاشمي المشرف التعليمي بمركز الكامل والوافي القرآني: إن ليلة القدر تُعد من أعظم الليالي وأشرفها، لما لها من فضل كبير ومكانة رفيعة في الإسلام، فهي ليلة تتضاعف فيها الأجور وتتزاحم فيها الملائكة، هي ليلة نزلت فيها الأنوار القرآنية وقد خصّها الله تعالى بالأجر العظيم والمغفرة، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
وأوضح الهاشمي أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد المسلمين إلى تحرّي هذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان، وتحديدًا في الليالي الوترية، أي ليلة 21 و23 و25 و27 و29، قائلًا: "والتمسوها في كل وتر"، مضيفًا أن بعض الأحاديث تشير إلى أن ليلة القدر قد تكون في ليلة السابع والعشرين من رمضان، إلا أن الحكمة من إخفائها هي دفع المسلمين للاجتهاد في العبادة طوال العشر الأواخر.
وعن علاماتها، ذكر الهاشمي أنها تتسم بالسكينة والطمأنينة، ويعم فيها السلام والأمان، كما ورد في القرآن الكريم: (سلام هي حتى مطلع الفجر)، كما أن النفوس فيها تكون صافية والأرواح خفيفة وتغمر المسلم والمسلمة طمأنينة ونقاء واشتياق للخير والثواب.
وأشار الهاشمي إلى أن الله تعالى عظّم هذه الليلة في القرآن الكريم، حيث أنزل سورة كاملة تُبيّن فضلها ومكانتها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان طلبًا لهذه الليلة المباركة، كما كان يحييها بالصلاة والذكر وقراءة القرآن. وأضاف أن الصحابة والسلف الصالح كانوا يجتهدون في العبادة طوال الليل، وذلك لما لهذه الليلة من أهمية في ميزان الأعمال، فهي ليلة تُغفر فيها الذنوب، وتتنزل فيها الرحمات.
وأكد الشيخ الهاشمي أن لليلة القدر مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحثّ عليها ويبين فضلها، كما حرص الخلفاء والصحابة على إحيائها. وأضاف: "أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس لقيام رمضان ويطيلون فيه، ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه السنة قائمة في بلاد المسلمين، حيث تُحيى الليلة بالقيام وقراءة القرآن، خاصة في الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى المبارك، واعتنى بها الحكام والأمراء وصار المسلمون يختمون فيها القرآن الكريم تحريا لفضلها وبركتها".
وحول الأعمال الصالحة التي ينبغي القيام بها في ليلة القدر، أوضح الهاشمي أن المسلم يُستحب له الاجتهاد في الصلاة، وخاصة التراويح والتهجد، وكذلك الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وحسن تلاوته، والصدقة، وصلة الأرحام، والاعتكاف في المساجد، والإلحاح في الدعاء، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها ماذا تدعو في هذه الليلة، فقال لها: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني".
وفيما يتعلق بالطقوس والعادات المرتبطة بهذه الليلة، ذكر الهاشمي أن المسلمين يجتمعون في المساجد لصلاة التراويح والتهجد وصلاة السحر قبل الفجر، وتكون المساجد والجوامع غاصة بالمعتكفين، حيث يقضون الليل في العبادة والدعاء إحياءً لهذه الشعيرة الربانية والسنة النبوية.
وأشار الهاشمي إلى أن غير المسلمين يمكنهم استشعار أهمية هذه الليلة من خلال مشاركتهم للمسلمين في بعض شعائرهم مثل حضور موائد الإفطار أو الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم والأصوات الحسنة وهي ترتل القرآن الكريم، فإن نفوسهم ترقّ وأرواحهم تقترب من الله ولعل الله يمن عليهم بالهداية، مشددًا على أن ديننا دين السماحة والتعايش والألفة والسكينة.
وأكد الهاشمي أن ليلة القدر تترك أثرًا عظيمًا في حياة المسلم، إذ تتنزل فيها البركات، وتوزع فيها الأقدار، وتبقى آثارها في النفوس طوال العام، بما تجلبه من طمأنينة وسكينة وقرب من الله.