الجزيرة:
2025-05-03@03:57:16 GMT

لينينغراد وغزة.. عندما يستلهم نتنياهو فكر هتلر

تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT

لينينغراد وغزة.. عندما يستلهم نتنياهو فكر هتلر

بينما كان الجميع مشغولا في البحث عن كلمات وعبارات تصف الإبادة الجماعية في غزة يخرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فجأة ليشبه ما يجري في القطاع بحصار مدينة لينينغراد.

وذهب بوتين أكثر من ذلك، إذ رفض "الحصار المحكم الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني نسمة"، محذرا من أن شن إسرائيل عملية برية في غزة سيؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين.

لكن، ماذا حصل في لينينغراد التي باتت تسمى اليوم سان بطرسبورغ عام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية؟

يخبرنا التاريخ أنه في 8 سبتمبر/أيلول 1941 حاصرت القوات الألمانية والفنلندية التابعة للزعيم النازي أدولف هتلر العاصمة الثانية للاتحاد السوفياتي، واستمر الحصار حتى 27 يناير/كانون الثاني 1944 بهدف كسر مقاومة المدينة والاستيلاء عليها.

وهذا الحصار قد يكون الأقسى والأفظع في التاريخ الحديث، بسبب الخسائر البشرية التي قدرت بنحو مليون شخص -بينهم 140 ألف طفل- وهؤلاء قتلوا خلال 842 يوما من الحصار.

الصورة القادمة من غزة تتشابه مع تلك التي كانت في لينينغراد (وكالات)

وكانت خطة هتلر تقوم على مفاهيم عدة، أبرزها:

عقائدي: احتلال مهد الثورة الشيوعية وجعلها عاصمة لشرق أوروبا المحتلة. عسكري: تدمير المدينة بكاملها من خلال القصف المدفعي والجوي تمهيدا لدخولها في ربيع 1942. تهجيري: ترحيل من يبقون على قيد الحياة من سكان المدينة إلى الأقاليم الروسية النائية أو احتجازهم كأسرى ومحو المدينة من على وجه الأرض.

ولم يكتف هتلر بهذا، بل حاصرت القوات الألمانية لينينغراد من الجنوب والغرب وبرا وبحرا، ومنعت كل الإمدادات عن المدينة حتى فقد سكانها الغذاء والدواء والرعاية الطبية وانقطعت المياه والكهرباء، وقتل ما يزيد على مليون شخص في المدينة بسبب الجوع والمرض.

ورغم كل ما سبق فإن المدينة -التي سميت على اسم الزعيم الشيوعي البارز لينين- قاومت وتمكنت من فك الحصار جزئيا في يناير/كانون الثاني 1943 وبدأت قطارات محملة بالغذاء بالوصول إلى المدينة، وعام 1944 فك الحصار كليا فتلاشت خطة ألمانيا لإخراج لينينغراد من حيز الوجود.

وهذا السيناريو النازي يطبقه حرفيا مسؤولو الاحتلال من تدمير وتهجير وتجويع تمهيدا لما يشاع عن غزو غزة بريا وإعادة احتلالها وتهجير أهلها.


نتنياهو وهتلر

يتباهى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنه أمر بفرض حصار كامل على غزة، وبرره بالقول "نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك حتى الآن، لا كهرباء ولا طعام ولا وقود لغزة"، فيما هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه سيحول "جميع الأماكن التي تختبئ فيها حماس إلى أنقاض".

وأبلغت إسرائيل الأمم المتحدة أن أكثر من مليون شخص يعيشون في شمال غزة يجب أن ينتقلوا إلى جنوب الأراضي الفلسطينية خلال الساعات القادمة، فيما دعت الأمم المتحدة إلى سحب الأمر لأسباب إنسانية.

وهذا الحصار والقصف والإبادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة -والذي دخل أسبوعه الثاني فقط- خلّف أكثر من ألفي شهيد -بينهم أكثر من 500 طفل- وآلاف الجرحى، بينهم 1600 طفل.

ويعتمد سكان القطاع إلى حد كبير على إسرائيل للحصول على الطاقة، إما بشكل مباشر عبر خطوط الكهرباء الإسرائيلية أو بشكل غير مباشر عن طريق الوقود الذي يتم توفيره عبر إسرائيل ومصر لمحطة توليد الكهرباء التي تعتمد على الديزل في غزة.

والأربعاء الماضي، قُطعت الكهرباء عن غزة، وستكون لذلك آثار غير مباشرة قريبا، مثل تفاقم نقص المياه الصالحة للشرب إذا لم يكن هناك ما يكفي من الطاقة لتشغيل محطات تحلية المياه في المنطقة وترك المستشفيات المكتظة مع أيام فقط من الطاقة التي تغذيها المولدات.

نحو مليون قتيل في لينينغراد خلال أشهر وأكثر من ألفين في غزة بأيام معدودات (وكالات) دعم أميركي

ويذكر موقع "فوكس" الأميركي أنه "بعد وابل نيران المدفعية والصواريخ واحتمال العملية البرية على غزة لاستهداف مقاتلي حماس يبدو القطاع المدمر بالفعل كمناطق الحرب المدمرة من الذاكرة الحديثة، مثل حلب بسوريا، أو ماريوبول بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا".

وتدعم الولايات المتحدة إسرائيل بشكل كامل، فقد أكد الرئيس جو بايدن أنه "في هذه اللحظة المأساة أريد أن أقول لهم وللعالم وللإرهابيين في كل مكان إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل".

أما وزير خارجيته أنتوني بلينكن فصرح بأن "تركيزنا الأول هو التأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاجه للتعامل مع الوضع في غزة، وأيا كان ما تفعله إسرائيل في غزة -كما هو الحال دائما- فإننا نتطلع إلى بذل كل ما في وسعنا لتجنب المدنيين وسقوط ضحايا، وهو أمر لا تفعله حماس بالطبع".

ويشعر المدافعون عن حقوق الإنسان والخبراء في شؤون الشرق الأوسط بالقلق من أنه في غياب دعوة أوضح لضبط النفس من جانب المسؤولين الأميركيين فإن مثل هذه اللغة يمكن أن تكون بمثابة تشجيع ضمني لهذا النوع من التكتيكات التدميرية التي مارستها إسرائيل على غزة مرات عدة.

لكن غزة تعيش تحت حصار منذ 15 عاما، فإسرائيل ومصر تسيطران على المعابر الحدودية لقطاع غزة، ويتحكم الاحتلال بمنفذ القطاع على البحر الأبيض المتوسط ويقفل مجاله الجوي، ويخنق أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في بقعة جغرافية تبلغ مساحتها ضعف مساحة واشنطن فقط.

ومنذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007 فرضت إسرائيل حصارا على القطاع، مما أثر بشكل كبير على نوعية الحياة:

زيادة في معدلات الفقر المدقع. أكثر من 60% من السكان يحتاجون للمساعدات الغذائية. الحصول على الرعاية الصحية محدود للغاية. يعاني نحو ربع الفلسطينيين في غزة ونحو 80% من الشباب من البطالة.

ووصف خبراء الأمم المتحدة هذا الحصار بأنه "عقاب جماعي".

الدمار الذي لحق بغزة مشابه لما حصل في لينينغراد (وكالات) تدمير المدينة لإنقاذها

ولم تسمح إسرائيل ومصر بدخول ما يكفي من مواد البناء لإعادة إعمار غزة بعد الحروب الإسرائيلية عليها، فخلال عدوان مايو/أيار 2021 دمر نحو 58 ألف منزل.

وأجرت سارة روي الباحثة في جامعة هارفارد بحثا ميدانيا في القطاع أظهر أن إسرائيل تعيق عمدا تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

وفي السياق نفسه، كشفت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية الحقوقية أن "قطاع غزة مسرح لكارثة إنسانية لا علاقة لها بالأسباب الطبيعية، لأنها من صنع الإنسان بالكامل، وهي نتيجة مباشرة للسياسة الإسرائيلية الرسمية".

وإذا كان ما جرى في لينينغراد -التي كانت عبارة عن مقاومة روسية للاحتلال النازي- فنعرج على الحرب الأميركية على فيتنام ليكون فيها إسقاط تاريخي على يجري في غزة، فقد حذرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية من مغبة تحول غزة إلى فيتنام ثانية ورفع شعار أميركي قديم "أصبح من الضروري تدمير المدينة لإنقاذها".

وقدمت الصحيفة الأميركية -التي عانت بلادها من خسائر ثقيلة خلال حرب السنوات الثماني (عشرات آلاف القتلى وآلاف المصابين والأسرى)- "نصيحة ثلاثية من الصعب اتباعها" إلى الاحتلال قبل أن يقرر غزو غزة بريا مفادها:

"لإسرائيل الحق في ملاحقة الذين هاجموها". "سِجل القتال في المناطق المأهولة ضعيف في تحقيق أهدافه، ولديه تاريخ طويل من الخسائر المروعة". "إذا كانت بوصلتك الأخلاقية متوافقة مع معاناة جانب واحد فقط فإنها ستنكسر وتخسر إنسانيتك".

وزيادة على النصيحة الأميركية تقول القاعدة العسكرية إنه في حالة الحروب الجوية فإن المهاجم تكون لديه قوة تعادل ضعف أو 3 أضعاف قوة المدافع، لكن في الحرب البرية فإن الأمور تكون لصالح المدافع بنسبة 10 مرات، وهذه القاعدة كانت جلية في لينينغراد وفيتنام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی لینینغراد أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

ضحاياه يفوقون العدوان العسكري.. تداعيات الحصار الصهيوني على غزة

يمانيون../
يواصل العدوّ الصهيوني ارتكابَ المجازر الجماعية في قطاع غزة لقرابة شهرين على التوالي منذ نكثه وقف إطلاق النار، موقعاً الآلاف من الشهداء والمصابين.

وبالرغم من خروقات العدوّ الصهيوني لبنود وقف إطلاق النار منذ بدء إعلان الاتفاق في 19 يناير 2025م وحتى نكثه الشامل لبنود الاتفاق في 18 مارس 2025م، معلناً العودة مجدداً للحرب، إلا أن الجولة الثانية من العدوان الإسرائيلي على غزة أكثر ضراوة وإجراماً من الجولة السابقة، حيثُ يمارس الكيان الصهيوني حربَ إبادة جماعية وتدمير شامل للقطاع، في مخطط إجرامي يعكس النوايا الصهيونية في السيطرة الكاملة على قطاع غزة وتهجير من تبقى من أبنائه وبالتالي تطبيق مخطط التهجير الأمريكي.

ووفق وزارة الصحة الفلسطينية فإن عشرات الشهداء والمصابين يسقطون يومياً بفعل العدوان الصهيوني على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر2023م.

وأفادت الوزارة في آخر تقدير إحصائي لها بأن 51 شهيدًا منهم شهيد تم انتشاله و113مصاباً وصلوا مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة ماضية، وهو ما يثبت إمعان العدوّ الصهيوني في ارتكاب الجرائم الوحشية بحق المدنيين والتي ترتقي إلى حرب إبادة جماعية.

ولا يقتصر الإجرام الصهيوني على ما سبق وحسب، بل يعمد العدوّ على استهداف المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة، ويعمد العدوّ أيضاً استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني، في مؤشرات خطيرة تثبت النوايا الإسرائيلية في تعميق الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

وفي جديد الإجرام الصهيوني أكّدت مراسلة قناة “المسيرة” بقطاع غزة، دعاء روقة، ارتقاء 21 شهيدًا منذ فجر اليوم الأربعاء بفعل غارات العدوّ الإسرائيلي على منازل ومخيمات المواطنين في القطاع.

وأوضحت روقة أن العدوّ الإسرائيلي منذ فجر اليوم أغار على العديد من الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في خان يونس جنوبي القطاع وجباليا والنصيرات؛ ما أدى إلى ارتقاء العشرات من الشهداء، مؤكدة أن عدداً من الشهداء ارتقوا متأثرين بجراحهم.

وأشارت روقة إلى أن العدوّ الصهيوني يقصفُ بالمدفعية بشكل متواصل منازَل ومخيمات المواطنين في حي الزيتون والشجاعية وحي التفاح، لافتة إلى أن طيران العدوّ يحلّق بشكل مكثف في أجواء القطاع.

ونوهت إلى أن العدوّ الصهيوني يسيطر كلياً على مدينة رفح، مؤكدة أن العدوّ أقام منطقةً عازلةً تفصل رفح عن جنوب خان يونس.

ولفتت إلى أن العدوّ الصهيوني دمّر منازل المواطنين في رفح بنسبة 95 % كما دمرت نسبة 85 % من البنى التحتية في المدينة ذاتها.

وفيما يواصل العدوان الصهيوني مجازره المروّعة في قطاع غزةَ، مستهدفاً كلّ مقومات الحياة تزداد الأوضاع الإنسانية سوءاً في القطاع؛ بفعل حصار الصهيوني المطبق على القطاع وإغلاقه الكامل للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء.

العدو الصهيوني يعتقل 360 كادراً صحياً

ومنذ عودة العدوان على قطاع غزة في 18 مارس 2025م وحتى الآن والعدوّ الصهيوني يمنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية بشكل نهائي للقطاع؛ الأمر الذي يسهم في مفاقمة المعاناة الإنسانية لدى أهالي غزة.

وأكّد المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، الدكتور منير البرش، أن العدوّ الصهيوني يهدف من خلال المجازر الجماعية والحصار المطبق على القطاع إبادة النسل الفلسطيني.

وأوضح في تصريح إعلامي له أن قطاع غزة يواجه أزمة كبيرة جدًّا، الأطفال والحوامل الأكثر تأثراً بها.

وقال البرش: “العدوّ الإسرائيلي يمنع الماء والغذاء عن أبنائنا، مردفاً القول: “إن الأطفال يموتون من نقص الغذاء”.

وأشار المدير العام لوزارة الصحة إلى أن إغلاق المعابر زاد حالة التدهور في القطاع، لا سيَّما المستشفيات، لافتاً إلى أن 20 مستشفى تعمل بشكل جزئي من أصل 38 في القطاع.

وتطرق إلى أكثر من 40 ألف طفل في القطاع باتوا أيتاماً، مشيرًا إلى أن العدوّ الإسرائيلي اعتقل أكثر من 360 عنصراً من كوادرنا الصحية، مؤكدًا أن 100 طفل ماتوا وهم ينتظرون فتح المعبر.

وشدّد البرش بأن نحو مليون طفل في القطاع محرومون من المساعدات المنقذة للحياة، لافتاً إلى أن عدد ضحايا التبعات غير المباشرة للعدوان على قطاع غزة أكثر ممن قتل بنيران العدوّ.

ولا تقتصر على الانتهاكات الصهيونية على المدنيين وحسب، بل امتدت لتطال موظفي وكالة الأونروا، حيثُ أفاد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بأن العدوّ الإسرائيلي اعتقل أكثر من 50 موظفاً من الوكالة بينهم معلمون وأطباء.

وكانت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي قد وصفت الوضع في قطاع غزة بالصعب للغاية، مؤكدة نفادَ مخزون الغذاء.

محمد ناصر حتروش | المسيرة

مقالات مشابهة

  • آلاف المغاربة يطالبون برفع الحصار عن غزة
  • مكتب نتنياهو: لم نرفض المقترح المصري.. وحماس هي العقبة الأساسية
  • زعيم الدروز في إسرائيل لشكر نتنياهو
  • غزة تجوع.. كيف صنع الاحتلال الإسرائيلي أولى مجاعات القرن الـ 21؟
  • العفو الدولية: حصار إسرائيل لقطاع غزة عقاب جماعي وجريمة حرب
  • نتنياهو يصف تدمير حماس أكثر أهمية من تحرير الرهائن
  • نتنياهو: تدمير حماس أكثر أهمية من تحرير الرهائن
  • ضحاياه يفوقون العدوان العسكري.. تداعيات الحصار الصهيوني على غزة
  • عندما تغفو العدالة.. الحرب المنسية على المدنيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • يحبون اللساتك أكثر من منازلهم. لم يظهروا عندما نُهبت ممتلكاتهم، وعندما شُردت أسرهم