مع دخول الصراع بين إسرائيل وحماس أسبوعه الثاني، تتنافس الجهات الفاعلة الإقليمية على القيام بدور الوساطة للمساعدة في تهدئة التوترات، ومن بين هذه الجهات الفاعلة تركيا، التي تحافظ على علاقاتها مع الطرفين المتنازعين.

أشارت تقارير يوم الأربعاء إلى أن أنقرة شاركت في التوسط لإطلاق سراح الرهائن التي احتجزتهم حماس، بما في ذلك كبار الضباط والمدنيين، ونظرًا للتحسن الأخير في علاقاتها مع إسرائيل وعلاقاتها الوثيقة مع الفصائل الفلسطينية، وتحديدًا فتح وحماس، تعتقد القيادة التركية أنها في وضع جيد للعب دور وساطة في هذا التصعيد المستمر.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أطلقت تركيا منتدى أنقرة كآلية لبناء الثقة بين فلسطين وإسرائيل.

في ذلك الوقت، وصف القادة الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء المنتدى بأنه "فرصة كبيرة" لإحلال السلام في المنطقة، ومع ذلك، مثل جميع المبادرات السابقة لإنهاء هذا الصراع الطويل الأمد، فإن منتدى أنقرة أيضًا لم يحقق السلام، وتواجه محاولة تركيا الحالية للوساطة تحديات أكبر، حيث يشهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر مراحله خطورة وتدميرا منذ عقود.

فتركيا لاعب إقليمي على دراية وثيقة بالأطراف المتصارعة، مما يجعلها لاعبا مؤثرا، خاصة فيما يتعلق بحماس، وبعد انتفاضة 2011 في سوريا، انتقلت القيادة السياسية لحماس إلى تركيا.

ولطالما اتهمت إسرائيل أنقرة بالحفاظ على علاقات وثيقة مع حماس وعدم تصنيف الحركة الفلسطينية كمنظمة إرهابية، وبينما تشير بعض التقارير إلى أن العديد من مسؤولي حماس قد تم طردهم مؤخرًا من تركيا بعد المصالحة التركية الإسرائيلية، إلا أن هذه القضية تظل نقطة خلاف بين أنقرة وتل أبيب.

والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو شخصيا للمرة الأولى، أثناء إجراء مناقشة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبل أيام قليلة من هذا اللقاء، استضاف أردوغان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حماس إسماعيل هنية في محاولة لتوحيد الفصائل الفلسطينية.

إن تركيا لا تدير عملية توازن دقيقة بين إسرائيل وفلسطين فحسب، بل إنها تحقق أيضًا توازنًا بين المجموعتين الفلسطينيتين الرئيسيتين، وتهدف أنقرة أيضًا إلى ممارسة نفوذها على حماس لتقليل ارتباط الأخيرة بإيران وحزب الله، وتواصل تركيا الدعوة إلى حل الدولتين مع تطوير علاقاتها مع إسرائيل على مختلف الجبهات، بما في ذلك المسائل الاقتصادية والطاقة والسياسية.

وتحدث أردوغان مع كل من عباس والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وعرض التوسط بناءً على طلبهما، لكن إسرائيل تعتقد أنه من السابق لأوانه إجراء مثل هذه المحادثات، وتحدثت تركيا أيضًا مع جهات فاعلة إقليمية أخرى، بما في ذلك قطر والمملكة العربية السعودية وإيران ومصر، بشأن سبل إنهاء الصراع.

بالنسبة لأنقرة، هناك عدة أسباب لتولي هذا الدور.

أولًا، تريد حقًا منع الصراع من التصاعد وربما التحول إلى حرب إقليمية، الأمر الذي قد يضر بمصالحها الخاصة.

ثانيًا، تشعر أنقرة بالقلق إزاء الآثار غير المباشرة المحتملة للصراع، وخاصة على سوريا.

وثالثا، تدرك مدى تعقيد الصراع، مع وجود جهات فاعلة ودوافع مختلفة، بما في ذلك دور إيران ومصالح نتنياهو الداخلية، وهو ما يعني ضرورة اتباع نهج حذر.

وأخيرًا، تسعى إلى الحصول على مكانة على الساحة الإقليمية من خلال القيام بهذا الدور.

على الرغم من أن تركيا كانت من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل في عام 1948 – وهو الأمر الذي انتقدها العالم العربي لسنوات عديدة – إلا أنها ظلت دائمًا حساسة تجاه حقوق القضية الفلسطينية.

وعلى الرغم من اختلاف دوافعهم وأفكارهم حول أفضل السبل للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن جميع الأحزاب السياسية في تركيا تتحد تحت راية واحدة لدعوة العالم إلى اتخاذ موقف من أجل الحقوق الفلسطينية.

ولطالما كان أردوغان مناصرًا للقضية الفلسطينية شخصيًا، وكثيرًا ما كان يلفت انتباه العالم إليها ويصطدم مع نتنياهو، ومع ذلك، في الحلقة الحالية، كان من الملاحظ أن تركيا اعتمدت في البداية خطابًا أكثر اعتدالًا مقارنة بالتصعيد السابق، مع التركيز بشكل أكبر على تخفيف التوترات.

ودعت أنقرة الجانبين إلى ممارسة ضبط النفس والتصرف بشكل معقول، مؤكدة أن السلام العادل سيفيد الجميع.

لكن بعد أيام قليلة، خفف أردوغان من لهجته بعض الشيء، واصفا الإجراءات الأخيرة في غزة بأنها “ليست حربا، إنها مجزرة”، وفي حين أن هذا التصريح قد يختبر التقارب الأخير بين تركيا وإسرائيل، فإنه يحافظ على صورة الرئيس كزعيم عالمي يدعم القضية الفلسطينية.

ومن المرجح أن التغيير في لهجته كان مرتبطًا بضغوط من الجمهور التركي وأحزاب المعارضة،وكان ذلك مرتبطًا أيضًا بالديناميكيات المتغيرة في الصراع، والتي تسببت في قدر هائل من إراقة الدماء والمعاناة.

وكما تفاجأ العالم بهجوم حماس على إسرائيل، تفاجأت تركيا بالمثل، ولا تزال أنقرة غير متأكدة من الكيفية التي ستتطور بها الأحداث، وهو ما ينعكس في نهجها الحذر.

تواجه تركيا تحديات سياسية واقتصادية داخلية، وخطر توسع الصراع إقليميا، وضغوطا من شرائح المجتمع التي تدعم القضية الفلسطينية، وكلها تحثها على إيجاد طريقة للتصرف بشكل استباقي، ومع ذلك، مع تصاعد الصراع، قد يكون من الصعب على أي جهة فاعلة أن تقوم بدور الوساطة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احمد ياسر سوريا اردوغان فلسطين غزة الشرق الأوسط السعودية ايران مصر تركيا اخبار فلسطين بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

تركيا: نحن مقبلون على مستقبل مشرق بشأن سوريا

أكد  وزير خارجية تركيا، هاكان فيدان، أنهم  مقبلون على مستقبل مشرق بشأن سوريا، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل.

 

المرشد الإيراني: أمريكا وإسرائيل أحدثوا الفوضى في سوريا ويتوهمون تحقيق الانتصار سوريا.. إدارة العمليات العسكرية تفتتح مركز تسوية لعناصر النظام السابق في القنيطرة

وفي إطار آخر،استقبل قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، الأحد، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في قصر الشعب بالعاصمة دمشق.

 

ووفقاً لما أوردته وكالة أنباء الأناضول، فقد حضر اللقاء نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز والقائم بأعمال سفارة أنقرة بدمشق برهان كور أوغلو، ووزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال السورية أسعد حسن الشيباني.

 

وقال أوغلو، الأحد، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيزور  دمشق قريباً.

 

وأضاف لوسائل إعلام تركية: "بعد زيارة وزير الخارجية هاكان فيدان، يفكر رئيسنا أردوغان أيضاً في القدوم إلى دمشق".

 

وعلى صعيد آخر، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اليوم، أن: "تركيا ستفعل كل ما يلزم” لضمان أمنها إذا لم تتمكن الإدارة السورية الجديدة من معالجة مخاوف أنقرة بشأن الجماعات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة والتي تعتبرها جماعات إرهابية".

 

وتابع  فيدان في مقابلة مع قناة فرانس 24، إن الخيار المفضل لدى أنقرة هو أن تعالج الإدارة الجديدة في دمشق المشكلة بما يتماشى مع وحدة الأراضي السورية وسيادتها وسلامتها، مضيفا أنه يتعين حل وحدات حماية الشعب على الفور.

 

ورداً على سؤال عن كيفية حماية الأمن القومي التركي وامكانية أن يشمل ذلك عمل عسكري، قال فيدان: " سنفعل كل ما يلزم"، "يتعين علينا حماية أمننا القومي".

 

وردا على سؤال حول تصريحات قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي حول إمكانية التوصل إلى حل تفاوضي مع أنقرة، قال فيدان إن المجموعة يجب أن تسعى إلى مثل هذه التسوية مع دمشق، لأن هناك واقعا جديدا هناك الآن.

 

وأضاف فيدان: "نأمل أن يعالج الواقع الجديد هذه القضايا، ولكن في الوقت نفسه، تعرف وحدات حماية الشعب الكردية/حزب العمال الكردستاني ما نريده، لا نريد أن نرى أي شكل من أشكال التهديد العسكري لنا، ليس التهديد الحالي، ولا أيضا التهديد المحتمل".

 

مقالات مشابهة

  • باحث إسرائيلي: قد نجد أنفسنا فجأة في ساحة حرب مع تركيا في سوريا
  • هذه هي كلمة العام في تركيا
  • بلومبرغ: حدود سوريا اصبحت ضبابية من جهتي تركيا واسرائيل
  • تركيا: نحن مقبلون على مستقبل مشرق بشأن سوريا
  • الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
  • كاريكاتير ياسر أحمد
  • أحمد ياسر يكتب: أزمة النازحين تزداد سوءً
  • تركيا تعلن القضاء على مسلحين أكراد في العراق
  • أحمد ياسر يكتب: سوريا.. نداء للوحدة والاستقرار
  • إيران وحـماس: من مرج الزهور إلى طوفان الأقصى.. فَـخْـرُ مسار.. كتاب جديد