أحمد ياسر يكتب: فك رموز تركيا من الصراع بين إسرائيل وحماس
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
مع دخول الصراع بين إسرائيل وحماس أسبوعه الثاني، تتنافس الجهات الفاعلة الإقليمية على القيام بدور الوساطة للمساعدة في تهدئة التوترات، ومن بين هذه الجهات الفاعلة تركيا، التي تحافظ على علاقاتها مع الطرفين المتنازعين.
أشارت تقارير يوم الأربعاء إلى أن أنقرة شاركت في التوسط لإطلاق سراح الرهائن التي احتجزتهم حماس، بما في ذلك كبار الضباط والمدنيين، ونظرًا للتحسن الأخير في علاقاتها مع إسرائيل وعلاقاتها الوثيقة مع الفصائل الفلسطينية، وتحديدًا فتح وحماس، تعتقد القيادة التركية أنها في وضع جيد للعب دور وساطة في هذا التصعيد المستمر.
وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أطلقت تركيا منتدى أنقرة كآلية لبناء الثقة بين فلسطين وإسرائيل.
في ذلك الوقت، وصف القادة الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء المنتدى بأنه "فرصة كبيرة" لإحلال السلام في المنطقة، ومع ذلك، مثل جميع المبادرات السابقة لإنهاء هذا الصراع الطويل الأمد، فإن منتدى أنقرة أيضًا لم يحقق السلام، وتواجه محاولة تركيا الحالية للوساطة تحديات أكبر، حيث يشهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر مراحله خطورة وتدميرا منذ عقود.
فتركيا لاعب إقليمي على دراية وثيقة بالأطراف المتصارعة، مما يجعلها لاعبا مؤثرا، خاصة فيما يتعلق بحماس، وبعد انتفاضة 2011 في سوريا، انتقلت القيادة السياسية لحماس إلى تركيا.
ولطالما اتهمت إسرائيل أنقرة بالحفاظ على علاقات وثيقة مع حماس وعدم تصنيف الحركة الفلسطينية كمنظمة إرهابية، وبينما تشير بعض التقارير إلى أن العديد من مسؤولي حماس قد تم طردهم مؤخرًا من تركيا بعد المصالحة التركية الإسرائيلية، إلا أن هذه القضية تظل نقطة خلاف بين أنقرة وتل أبيب.
والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو شخصيا للمرة الأولى، أثناء إجراء مناقشة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبل أيام قليلة من هذا اللقاء، استضاف أردوغان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حماس إسماعيل هنية في محاولة لتوحيد الفصائل الفلسطينية.
إن تركيا لا تدير عملية توازن دقيقة بين إسرائيل وفلسطين فحسب، بل إنها تحقق أيضًا توازنًا بين المجموعتين الفلسطينيتين الرئيسيتين، وتهدف أنقرة أيضًا إلى ممارسة نفوذها على حماس لتقليل ارتباط الأخيرة بإيران وحزب الله، وتواصل تركيا الدعوة إلى حل الدولتين مع تطوير علاقاتها مع إسرائيل على مختلف الجبهات، بما في ذلك المسائل الاقتصادية والطاقة والسياسية.
وتحدث أردوغان مع كل من عباس والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وعرض التوسط بناءً على طلبهما، لكن إسرائيل تعتقد أنه من السابق لأوانه إجراء مثل هذه المحادثات، وتحدثت تركيا أيضًا مع جهات فاعلة إقليمية أخرى، بما في ذلك قطر والمملكة العربية السعودية وإيران ومصر، بشأن سبل إنهاء الصراع.
بالنسبة لأنقرة، هناك عدة أسباب لتولي هذا الدور.
أولًا، تريد حقًا منع الصراع من التصاعد وربما التحول إلى حرب إقليمية، الأمر الذي قد يضر بمصالحها الخاصة.
ثانيًا، تشعر أنقرة بالقلق إزاء الآثار غير المباشرة المحتملة للصراع، وخاصة على سوريا.
وثالثا، تدرك مدى تعقيد الصراع، مع وجود جهات فاعلة ودوافع مختلفة، بما في ذلك دور إيران ومصالح نتنياهو الداخلية، وهو ما يعني ضرورة اتباع نهج حذر.
وأخيرًا، تسعى إلى الحصول على مكانة على الساحة الإقليمية من خلال القيام بهذا الدور.
على الرغم من أن تركيا كانت من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل في عام 1948 – وهو الأمر الذي انتقدها العالم العربي لسنوات عديدة – إلا أنها ظلت دائمًا حساسة تجاه حقوق القضية الفلسطينية.
وعلى الرغم من اختلاف دوافعهم وأفكارهم حول أفضل السبل للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن جميع الأحزاب السياسية في تركيا تتحد تحت راية واحدة لدعوة العالم إلى اتخاذ موقف من أجل الحقوق الفلسطينية.
ولطالما كان أردوغان مناصرًا للقضية الفلسطينية شخصيًا، وكثيرًا ما كان يلفت انتباه العالم إليها ويصطدم مع نتنياهو، ومع ذلك، في الحلقة الحالية، كان من الملاحظ أن تركيا اعتمدت في البداية خطابًا أكثر اعتدالًا مقارنة بالتصعيد السابق، مع التركيز بشكل أكبر على تخفيف التوترات.
ودعت أنقرة الجانبين إلى ممارسة ضبط النفس والتصرف بشكل معقول، مؤكدة أن السلام العادل سيفيد الجميع.
لكن بعد أيام قليلة، خفف أردوغان من لهجته بعض الشيء، واصفا الإجراءات الأخيرة في غزة بأنها “ليست حربا، إنها مجزرة”، وفي حين أن هذا التصريح قد يختبر التقارب الأخير بين تركيا وإسرائيل، فإنه يحافظ على صورة الرئيس كزعيم عالمي يدعم القضية الفلسطينية.
ومن المرجح أن التغيير في لهجته كان مرتبطًا بضغوط من الجمهور التركي وأحزاب المعارضة،وكان ذلك مرتبطًا أيضًا بالديناميكيات المتغيرة في الصراع، والتي تسببت في قدر هائل من إراقة الدماء والمعاناة.
وكما تفاجأ العالم بهجوم حماس على إسرائيل، تفاجأت تركيا بالمثل، ولا تزال أنقرة غير متأكدة من الكيفية التي ستتطور بها الأحداث، وهو ما ينعكس في نهجها الحذر.
تواجه تركيا تحديات سياسية واقتصادية داخلية، وخطر توسع الصراع إقليميا، وضغوطا من شرائح المجتمع التي تدعم القضية الفلسطينية، وكلها تحثها على إيجاد طريقة للتصرف بشكل استباقي، ومع ذلك، مع تصاعد الصراع، قد يكون من الصعب على أي جهة فاعلة أن تقوم بدور الوساطة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر سوريا اردوغان فلسطين غزة الشرق الأوسط السعودية ايران مصر تركيا اخبار فلسطين بما فی ذلک
إقرأ أيضاً:
تركيا ترفض استضافة قادة “حماس” على أراضيها والحركة تبحث عن بديل وهذه الدول الـ 3 المتبقية - تفاصيل
سرايا - يبدو أن حركة “حماس” حتى هذه اللحظة لم تجد دولة جديدة توافق على استضافة مكتبها السياسي، بعد الحديث عن توجه قطر إلى إغلاق مكتب الحركة بعد سنوات طويلة من الاستضافة والحماية.
الكثير من وسائل الإعلام ركزت على أن تركيا قد تكون الدولة المفضلة لقادة “حماس” في الوقت الراهن بعد قطر، إلا أن المعلومات المتوفرة وكذلك التحذير الأمريكي الصريح الذي خرج في الساعات الماضية قلص من واقعية هذا الأمر، وأن على “حماس” البحث عن دول بديلة أخرى غير تركيا.
ورغم أن العلاقات بين “حماس” وتركيا متمثلة برئيسها رجب طيب أردوغان، تمر بمرحلة “إيجابية جدًا”، إلا أن أنقرة حتى هذه اللحظة لم تبلغ الحركة رسميًا بقرار الموافقة، وهو ما يعزز أن تركيا تتعرض لضغوطات أمريكية وإسرائيلية كبيرة لرفض استضافة قادة حركة “حماس” بشكل دائم على أراضيها.
وأمام حركة “حماس” ستكون الدول التي من الممكن أن توافق على استضافة مكتبها السياسي تقلصت إلى 3 دول وهي “اليمن، إيران، العراق”.
وأمس حذرت وزارة الخارجية الأمريكية تركيا من إيواء حركة “حماس”، وسط تقارير تفيد بأن القادة السياسيين للحركة قد انتقلوا من قطر إلى الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وردا على سؤال عن تقارير تفيد بأن بعض قادة حماس انتقلوا إلى تركيا من قطر، لم يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر هذه التقارير، لكنه قال إنه ليس في موقف يسمح له بتفنيدها، وقال إن واشنطن ستوضح للحكومة التركية أنه لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس.
وأضاف ميلر أنه لا يستطيع تأكيد أو نفي التقارير التي تفيد بأن مسؤولين من القيادة السياسية للجماعة الفلسطينية المسلحة قد انتقلوا من قطر إلى دولة حليفة لحلف الناتو. لكنه قال: “لا يمكن أن يكون هناك المزيد من العمل كالمعتاد مع حماس.”
وأشار ميلر إلى لائحة الاتهام التي كشفت عنها وزارة العدل الأمريكية في سبتمبر ضد عدد من كبار مسؤولي حماس، بمن فيهم خالد مشعل، الذين وجهت إليهم تهمة التآمر لقتل مواطنين أمريكيين في 7 أكتوبر، وكان اثنا عشر أمريكيًا قد اختطفوا خلال هجوم حماس على جنوب إسرائيل، وقد تم إطلاق سراح العديد منهم العام الماضي. ومن بين المواطنين الأمريكيين السبعة الذين لا يزالون في غزة، تأكد مقتل ثلاثة منهم.
وأضاف ميلر أن بعض قادة “حماس” يواجهون اتهامات أمريكية، وتعتقد واشنطن أنه يجب تسليمهم إلى الولايات المتحدة، وقال ميلر في إفادة صحفية دورية “نعتقد أنه يجب ألا يعيش زعماء منظمة في راحة في أي مكان، وهذا يشمل بالتأكيد… مدينة كبيرة في أحد حلفائنا وشركائنا الرئيسيين”.
ونفى مصدر دبلوماسي تركي يوم الاثنين التقارير التي تحدثت عن نقل حركة حماس لمكتبها السياسي إلى تركيا، مشيرا إلى أن أعضاء من الحركة يزورون البلاد بين الحين والآخر فقط.
وقالت الدوحة الأسبوع الماضي إنها أبلغت حماس و "إسرائيل" بأنها ستجمد جهود الوساطة التي تبذلها للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى لحين إظهارهما الجدية والإرادة الحقيقية لاستئناف المحادثات. ووصفت الدوحة تقارير إعلامية عن أنها أبلغت حماس بمغادرة البلاد بأنها غير دقيقة.
وقال المصدر الدبلوماسي “أعضاء المكتب السياسي لحماس يزورون تركيا من وقت لآخر. الادعاءات التي تشير إلى أن المكتب السياسي لحماس انتقل إلى تركيا لا تعكس الحقيقة”.
فأين ستقيم “حماس” بعد قطر؟ ومن هي الدول القادرة على استضافة مكتبها السياسي؟ وما هو الثمن؟
رأي اليوم
إقرأ أيضاً : “أوهن من بيت العنكبوت” .. هل دحضت مشاهد احتراق “تل أبيب” فكرة أن الحرب ضد "إسرائيل" مستحيلة؟إقرأ أيضاً : ترامب يعين هاورد لوتنيك وزيرًا للتجارةإقرأ أيضاً : “نرجسية” ترامب وهوسه بـ”الولاء الشخصي” يُطيحان باستقرار السياسة الخارجية .. فهل يستبدل “بن غفير الأمريكي”؟تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #ترامب#إيران#قطر#مدينة#أمريكا#تركيا#الدولة#العمل#غزة
طباعة المشاهدات: 4246
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 20-11-2024 11:03 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...