الوطن.. بين النقد وجلد الذات
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
يُحكى أنَّ رجلًا صينيًا أراد الانتحار فتوجه إلى أحد الجبال وفي الطريق لقي كهلًا يعيش في كوخ وحيدًا، فدعاه للمبيت معه، وبعد تردد وافق الرجل ودخل الكوخ، لكنه ظل مستيقظًا، فسأله الكهل عن قصته، ردَّ عليه الرجل وطلب منه أن يدعه في حال سبيله، ولمّا أصرّ عليه، حكى له قصته، وقال له حين ولدتُ توفيت والدتي، وما إن وصلت أنا وأبي إلى البيت حتى توفي هو الآخر، ثم أُخِذتُ إلى دار للأيتام لأنَّ عائلتي أرادوا التخلص مني لاعتقادهم بالنحس الذي يُرافقني بعد أن أصابتهم الرهبة، وفي دار الأيتام، أبتعد الكُل عني وكنتُ وحيدًا لأنني كلما عقدتُ صداقةً مع أحدهم أصيب بمكروه، إلى أن كبرتُ وتزوجتُ ظنًا مني أنَّ هذا النحس سيتركني، لكن في ليلة زفافي مرضت زوجتي مرضًا شديدًا وخشيتُ عليها الموت، فغادرتُ بلدتي ومن يومها وأنا أحاول ألّا أقترب من أحد حتى لا يُصاب بمكروه، طلب الكهل منه أن ينام وفي الصباح سيتحدثون، نام الرجل وفي الصباح وجد الكهل أمامه يبتسم ويقول له ها أنا ذا أمامك لم يُصبني أي مكروه؛ بل إن حتى دجاجتي التي لا تبيض باضت اليوم، لقد رسّخت في عقلك الباطن أنك سيئ الحظ لذلك صدقت نفسك وأصبحت تربط كل ما هو سيئ بك، ولو أنَّك نظرت للأمور الإيجابية التي حدثت لك في حياتك لوجدتها أكثر من السيئة، لقد نسيت أن هناك شيء اسمه قضاء وقدر وأخذت تجلد ذاتك دون رحمة.
كم من شخص بيننا يمارس جلد الذات ولوم النفس على كثير من الأمور لمرحلة أصبح البعض فاقدًا لتقديره لذاته؟ إن أسوأ ما يقدمه جلد الذات للفرد هو إيصاله لمرحلة السخط والسوداوية وتوقع الأسوأ والنظر إلى الجزء الفارغ من الكأس وعدم الإيمان بقابلية الأوضاع للتبدل، وهل لهذا الأمر انعكاس سلبي على تقدير الفرد لذاته وتقديره لغيره فيصل به الحال إلى المعاناة المستمرة؟!
إننا- كأفراد- ربما نمارس جلد الذات دون أن نشعر حتى على مستوى الوطن فندخل دائمًا في مقارنات مع الغير وننظر للنواقص بعدسة مكبرة ونضخمها لدرجة تصبح الرؤية من خلالها منعدمة، ونبالغ في النقد السلبي بحسن ظن في أحيان كثيرة لدرجة نرى أن كل منجز خلفه الكثير من الفساد والشك والتأويل ونبحث من خلاله عن عثرة نضعها في إطار مزخرف باسم الرأي وحريته وأحقية ممارسته وفق ما أقرته القوانين، هذه الممارسة تعود بالضرر علينا في الدرجة الأولى؛ حيث إن القيم الوطنية تنمو إذا ما عززت ورويت بمشاعر الفخر والاعتزاز والتباهي بالأوطان وإعلاء قيم الانتماء والرضا بما لدينا وتنتقل هذه المشاعر للأجيال عندما يشاهدونها ويحسونها لدى الكبار والعكس صحيح فمشاعر السخط والنقمة تنمي لدى الفرد الحقد والغضب والشعور بالظلم والكراهية مما يؤثر سلبًا على الأجيال التي تشاهد كل ذلك أمامها.
إنَّ للأوطان حقوقًا علينا، ومهما حدث لا بُد من الفصل بين الأوطان والممارسات التي تصدر من الأفراد.. ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي "وللأوطان في دم كل حر // يد سلفت ودين مستحق"، فإن كان للوطن حق الدم علينا فمن الأجدر أن نوفِّي حقه في الحفاظ عليه من خلال توجيه مشاعر الرضا والبذل والعطاء في سبيل رفعته ووضعه في مكانته المستحقة، والإخلاص في العمل حتى لا يصل بنا الحال للإساءة له من خلال ممارساتنا التي تنتهي بوقوع الظلم على الفرد أو الجماعة؛ فالمُستغِل لسلطته دون وجه حق هو أحد أسباب تنامي الشعور بعدم الرضا والوصول بالمواطن إلى جلد الذات والمقارنة وتقزيم المنجزات، وعليه أن يعرف أنه مساهم في هذا الحال.
لا أدعو لعدم تقديم النقد؛ بل على العكس تمامًا، فأي مجتمع لا يمارس النقد بشكله الصحيح هو مجتمع متهالك زائل لا محالة، ويدمر ذاته تلقائيًا، لأن النقد مفتاح لتجويد العمل والرقي بالأهداف، وسبيلًا للوصول إلى الغايات بشكل أسرع وأتقن..
وأخيرًا.. النقد الحقيقي ينطلق من قيم عالية تتمثل في الإخلاص والتفاني والتضحية وإنكار الذات، ولا يُتقِن النقد إلّا من يسعى لصلاح مجتمعه ورفعته بصدق.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دفتر أحوال وطن «٢٩٨»
«مصر القوية» والضبعة النووية وحكاية شعب وثأر!
«هى حكاية شعب وتار.. بينا وبين الاستعمار» نعم هى حكاية شعب وتار بيننا وبين كل من يريد خيانة هذا الوطن، نعم هى «حكاية شعب» نبت من بين ترابه خير أجناد هذه الأرض، رجال تم فطامهم على صون هذا الوطن، وعرضه،وكما قالها لهم الرئيس عبدالفتاح السيسى «اوعوا تفتكروا أن الجيش اللى بتشوفوه فى الشارع ده هو جيش مصر»، نعم الحكاية أكبر مما يتصوره أحد،والآن، الآن فقط، أستطيع أن أؤكد أنه لولا هذا الشعب العظيم، وثقته ووقوفه خلف جيشه العظيم وقيادته، لتحولت مصر إلى سوريا، أو ليبيا أوعراق آخر، الآن فقط انكشف المخطط الغربى لفرط عقد العالم العربى، وفى مقدمتها مصر، ولولا يقظة الصقور المصرية من أبناء هذا الشعب، وبجانبهم قوة هذا الشعب، لكانت أمريكا تتجول الآن فى المنطقة لبحث سبل إعادة الإعمار فى مصر!! نعم كان المخطط كسر مصر باعتبارها قلب هذا الوطن العربى، لتبدأ بعدها عمليات التدخل والتقسيم، ولكن ماذا حدث؟ مصر كانت كلمة السر، نعم كانت البداية مصر، وكان المخطط هو تصدير الفوضى، وزرع الإحباط واليأس فى نفوس المصريين، فى ظل وجود أزمة اقتصادية طاحنة، ومحاولات لفرض السيطرة على سيناء، ولكن لأن مصر أنجبت رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فقد استطاعوا فى فترة وجيزة، وطبقاً لاستراتيجية كبرى أول أهدافها صيانة هذا الوطن، والحفاظ على سلامته، ووحدة أراضيه، أن يتصدوا وبقوة لهذا المخطط، بل واستطاعت مصر أن تقلب كل الأوضاع لصالحها، وتم إفشال المخطط بإعادة تسليح الجيش المصرى بما يشبه المعجزة، وتقوية ترسانته المسلحة جوًا، وأرضًا،وبحرًا للهيمنة على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر وحماية حدوده ومصالحه الإقليمية، نعم كان المنهج الاستراتيجى للرئيس عبدالفتاح السيسى هو «القوة المسلحة»، قبل الطعام والشراب، القوة التى لا تجعل هذا الوطن ذليلاً لأى ضغوط، ويستطيع أن يأخذ قراره دون أى إملاءات، أو شروط، وانظروا إلى الحرائق والدمار من حولنا، بل بكل اتجاهات مصر شرقًا،وغربًا، وجنوبًا! نعم كانت استراتيجيته هى مصر القوية أولًا وكأنه كان ينظر من بعيد لما سيحدث بالمنطقة، فكان الاتجاه إلى تنويع مصادر السلاح من كافة الدول، حتى لا تستطيع قوة لى ذراعنا،وانهالت على مصر سلسلة من الضغوط، تفوقت عليها بفضل صمود هذا الشعب على الوضع الاقتصادى، والذى يشيد به الرئيس فى كل مناسبة، وبدأت مصر تخوض الحرب ضد الإرهاب، وتضحى بخير أبنائها من رجال الجيش والشرطة من أجل أن تبقى حرة، مرفوعة الرأس، بل وبدأت حربا أخرى فى البناء والتنمية، حتى أصبحت اليوم مصر القوية الحديثة، التى تبنى الجمهورية الجديدة، ومن شاهد منذ أيام بشائر الخير التى اعلنها الدكتور أمجد الوكيل رئيس مجلس إدارة هيئة محطات الطاقة النووية فى العيد الرابع للطاقة النووية عن بدء تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الرابعة،بمحطة الضبعة النووية، وان العمل يسير بخطى ثابتة وقبل الازمنة المحددة لتشغيل المفاعل النووى الأول لإنتاج الكهرباء، وكأنها خلية نحل داخل الضبعة النووية،من ينظر للتوقيت،وخطوة الضبعة النوويةمع الشريك الروسى منذ سنوات يعى كيف كانت تفكر القيادة السياسية،وهى تنظر لآفاق التنمية عن بعد زمنى يجعل مصر فى جهة اخرى، وقوة اخرى، من عاصمة ادارية تضاهى اعظم عواصم العالم، ومحاور تنمية فى كل مكان، وجيش يحمى كل ذرة تراب من أرض مصر الغالية، وكانه يثأر لكل عوامل الإنهزام، واليأس، نعم هى حكاية شعب وتار،وستظل، ومن هنا كانت البداية، ومازالت مصر تروى الحكاية.
وزير التعليم العالى وجامعة الإسكندرية إيه الحكاية؟
أثق جداً فى الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى، الذى أحترمه واقدره كعالم جليل، وأثق فى قدرته على كشف حقائق ماحدث فى جامعة الاسكندرية الأهلية خلال حادث سقوط سقف احدى قاعات الدراسة،وما ارسله اولياء الأمور حول خطورة ماحدث،وفيديوهات الحادثة، وكيف غرقت الشوارع حول المنشأت فى المياه، وان الحادث لن يمر مرور الكرام،وان جهات التحقيق ستكشف الحقيقة الكاملة عن سلامة الإنشاءات المقامة، وأيضًا عن كم الشكاوى التى وصلت الوزارة عما يحدث فى كلية التربية الرياضية بنين، وان الوزارة لن تكتفى فقط برد مسئول الكلية الذى يشتكيه أولياء الأمور، وان الوزارة ستستمع لأولياء الأمور المتضررين للتحقيق فى شكواهم، أثق جداً فى ذلك حفاظاً على العملية التعليمية، وحفاظًا على مستقبل الطلبة.
︎وزارة الداخلية والإدارة العامة للمرور.. شكرًا
ما أراه هذه الأيام من جهد غير عادى لرجال الشرطة فى كافة قطاعات الداخلية، من تحقيق الإنضباط بالشارع المصرى فى مواقع عديدة،وبخاصة فى مساعدة الجهات التنفيذية خلال إزالة الأسواق والمواقف العشوائية بالأسكندرية، وبعض المحافظات،وكذلك الإنضباط المرورى على كافة الطرق والمحاور، وتأهيل الطرق المرورية بمزيد من الرادارات، واللوحات الإرشادية الإلكترونية للحد من حوادث الطرق، بإشراف اللواء أمجد مساك، مدير الإدارة العامة للمرور، يجعلنى أتقدم بشكر خاص إلى اللواء محمودتوفيق وزير الداخلية الذى يطبق منهج تحقيق الإنضباط الأمنى،والحفاظ على الأمن العام،بالتوازى مع التوجيه المستمر بتيسير خدمات المواطنين داخل أقسام الشرطة، والقطاعات الخدمية من أحوال مدنية، وجوازات، ومرور، والتحقيق فى أى تجاوزات فردية ضد أى مواطن، شكرًا وزارة الداخلية.