دراما موترة للأعصاب لا تناسب مرضى القلق أو من يعانون من فوبيا الأماكن المغلقة، ومع ذلك يرشحها أغلبية رواد منصات التواصل الاجتماعي للمشاهدة، الأمر الذي جعل فيلم "لا مكان" الأعلى مشاهدة عبر منصة نتفليكس رغم محدودية تكلفة إنتاجه وعدم انتماء أبطاله إلى صفوف المشاهير، فهل استحق العمل تلك الشعبية؟

الفيلم الإسباني من ﺇﺧﺮاﺝ ألبرت بينتو، وتأليف إرنست رييرا وتيريزا دو روزيندو، وبطولة آنا كاستيلو بالاشتراك مع تمار نوفاس وأنطونيو بويل وتوني كورفيلو.

ينتمي العمل إلى فئة الدراما والتشويق والرعب النفسي، إذ تدور الحبكة في إسبانيا حيث يتعرض البلد إلى أزمة اقتصادية طاحنة وبالتالي نقص المستلزمات الضرورية للمعيشة، وهنا تقرر الحكومة التخلص من الحوامل والأطفال، مما يدفع السكان -خاصة السيدات- للهروب سرا عبر حاوية بضائع في المحيط.

من بين الهاربين نيكو وزوجته آنا الحامل بالشهور الأخيرة، واللذان فقدا طفلتهما البكر للتو بعد أن أخذها الجيش.

خلال الرحلة ينفصل الزوجان عن بعضهما عنوة، ورغم خطورة الموقف وما فيه من مأساة يظل الاثنان يأملان أن يلتقيا عند الوصول، وما لم يحسب أحدهما حسابه أن تتعرض حاوية الزوجة للقنص على يد رجال الأمن، لكن آنا تتمكن من الاختباء باللحظة الأخيرة وتبقى وحدها على قيد الحياة.

لكن شبح الموت يقرر ألا يتركها، فبعد ساعات قليلة تسقط الحاوية في البحر وبسبب الثقوب التي خلفتها الطلقات النارية يصبح الأمر مسألة وقت، قبل أن تغرق، وهنا تضطر آنا البحث عن وسيلة للنجاة، خاصة بعد أن يأتيها المخاض وتضطر لولادة ابنتها في تلك الظروف.

 اللعب على غريزة البقاء

تشبه أجواء الفيلم ما سبق أن شاهدناه في فيلم "منبوذ" عام 2000، ومحاولات توم هانكس البقاء على قيد الحياة بعد أن وجد نفسه وحيدا في جزيرة إثر سقوط الطائرة التي كان على متنها.

الفارق هنا أن البطلة تمتلك دافعا قويا لمواجهة كل المخاطر والأحداث الدامية التي تقابلها، من بينها التغلب على الجوع والعطش والبرد والتكيف مع كل جديد وطارئ لفترة غير معلومة نهايتها دون أن يدع لها مجالا للاستسلام.

هذا الدافع لم يكن سوى الأمومة، ذلك لأن الأم وإن لم تكن تتمتع بقوى خارقة لكنها لا تتوانى عن تحمّل كل درجات الألم في سبيل صغارها حتى لو كان الثمن حياتها شخصيا.

البطولة الاستثنائية التي تمتعت بها آنا وخوضها منفردة معركة ضارية كانت شديدة الوطأة على المشاهدين في مقاعدهم المنزلية، فما بال حال من عايشها، وهو ما أكسب العمل شعبيته وجعله مستحقا للمشاهدة، إذ اتسمت الحبكة بالإثارة إلى حد انقطاع الأنفاس في بعض المشاهد.

بداية جذابة أم غير موفقة؟

بدأ العمل بداية ذكية وإن كانت غير جيدة فنية، وهي اللعب على وتر الهجرة غير النظامية التي باتت مكررة وربما مملة، ومع ضعف الإنتاج ومحدودية العناصر الفنية يمكن القول إنها لم تقدَّم بشكل جيد على مستوى التمثيل والإخراج والتصوير.

لكن إرجاع الأمر برمته إلى حدوث أزمة اقتصادية كبرى مع خلفية الحكومة المستبدة والجهات الأمنية ذات البطش والقسوة إلى حد استهداف النساء والأطفال لم يجبر المشاهد فقط على التعاطف، وإنما جعله يضع نفسه مكان البطلة متسائلا: ما الذي كان سيفعله في وضع مماثل؟ هل ينشد النجاة بكل هذا الجهد والإصرار أم يستسلم لليأس والموت منجرفا نحو نهاية أسرع وأكثر احتمالا للحدوث؟

كذلك جاء اختيار حاوية في عرض البحر كمكان للأحداث موفقا، فمن جهة لن يتطلب ذلك ميزانية مرتفعة، ومن جهة أخرى يملك المقومات والعناصر البيئية التي تصلح لخلق الإثارة.

انهيار مجتمعي ودراما مثيرة للشفقة، كانت تلك بعض الدوافع التي حثت المشاهدين على استكمال المتابعة رغم المستوى الفني المتوسط للعمل، خاصة أن العالم من حولهم الآن شبه مشتعل في كل مكان بشكل مثير للرعب ويسمح بطرح أسوأ الاحتمالات عن المستقبل.

رأي النقاد

أما النقاد فقد وجدوا العمل مليئا بالصدف السخيفة والساذجة التي مكنت البطلة من النجاة من كوارث وإصابات عدة بأبسط الموارد ودون التعرض لأي عدوى أو أزمة كبرى بعد كل ما لاقته من أهوال وخسائر.

يذكر أن النهاية حظيت بتفسيرات عدة مختلفة، فبينما ارتضى البعض ما فيها من مباشرة معتبرين الفيلم انتهى بنجاة البطلة وطفلتها مال آخرون إلى منح الأمر طابع الغموض، معللين ذلك بأن القدر ليس بهذا اللطف وأن بقاء البطلة على قيد الحياة لا يعني كونها نجت بالفعل نظرا لحالة الغليان الجارية في العالم، إذ لا يدري أحد كيف ستتمكن من بدء حياتها من الصفر على الضفة الأخرى بعد أن خسرت طفلتها الأولى وفقدت زوجها، وما الذي قد تلاقيه هي ورضيعتها من أذى أو قسوة، وهي التي ذاقت العلقم في وطنها الأصلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

«A Quiet Place».. مكان هادئ

أبوظبي (الاتحاد)
بعد أحداث الجزء الأول الذي عُرض عام 2018، والجزء الثاني الذي عُرض عام 2020، يعيدنا الجزء الثالث من سلسلة أفلام (A Quiet Place) إلي البدايات، ويستعرض أحداث اليوم الأول (Day One)، الذي هبطت فيه المخلوقات الفضائية إلى الأرض، والصراع المحموم الذي يواجهه البشر من أجل البقاء على قيد الحياة.
يشارك في بطولة (A Quiet Place: Day One)، الذي يُعرض حالياً في السينما المحلية، كل من لوبيتا نيونجو، دجيمون هونسو، أليكس وولف، جوزيف كوين وجينيفر وودوارد، تأليف مايكل سارنوسكي وجون كراسينسكي، وإخراج مايكل سارنوسكي.

اليوم الأول
شاهد اليوم الأول الذي أصبح فيه العالم صامتاً.. هكذا تبدأ أحداث الفيلم الذي يمزج بين الدراما والرعب والتشويق، حول الظهور المفاجئ لعدد من الكائنات الفضائية عديمة الرؤية، التي تمتلك قدرة على سماع الترددات فوق الصوتية، التي تمكنها من سماع أصوات البشر، ومهاجمتهم، الأمر الذي يضطر العالم إلى العيش في صمت تام، من دون إصدار أدني صوت.

مصادفة
تبدأ الأحداث بظهور «سميرة» التي تجسدها لوبيتا نيونجو، وهي تسير في أنحاء منطقتها مع قطتها، وفي لحظة ما، يهبط من السماء عدد كبير من الكائنات الغريبة على الأرض، لتبدأ في مهاجمة البشر، على عكس الجزأين الماضيين، حيث كانت تحارب فيهما امرأة وعائلتها عدداً قليلاً منهم، إلى أن تكتشف ابنتها الصغيرة التي تعاني الصمم  عن طريق المصادفة، الوسيلة التي تقتل بها هذه الكائنات.

أخبار ذات صلة 5 أفلام إماراتية تنافس في صالات العرض ظافر العابدين.. معالج ومدرب يوغا

نقطة ضعف
وفي ظل غزو هذه الكائنات، تحاول «سميرة»  النجاة بحياتها بعد معرفتها بأن الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هو التزام الصمت، مع محاولتها لمعرفة نقطة ضعف هذه المخلوقات المرعبة.

تمثيل احترافي
الجزآن الأول والثاني اللذان تربعا على عرش الإيرادات، لعب بطولتهما الممثلة إيميلي بلانت، فيما تولت الممثلة لوبيتا نيونجو الحائزة جائزة الأوسكار، والتي اشتهرت بدورها في فيلم الرعب (Us)، بطولة الجزء الثالث، وأدت الدور ببراعة، خصوصاً أنه يتطلب أداء تمثيلياً احترافياً، لا سيما أن أغلب مشاهد الفيلم صامتة، كما تولى جون كراسنسكي مخرج الجزأين الأول والثاني من السلسلة، المشاركة في كتابة السيناريو للجزء الثالث إلى جانب مشاركته في العملية الإنتاجية، ما أسهم في الثراء الدرامي للأحداث في الجزء الجديد، الذي فضل فيه أن يعيد مشاهدي السلسلة، إلى الوراء لمعرفة الأحداث الأولية لظهور هذه الكائنات.

مقالات مشابهة

  • «اللعب مع العيال» يحافظ على المركز الثاني في إيرادات الأفلام (صور)
  • «A Quiet Place».. مكان هادئ
  • مشعوذ إلكتروني يثير الجدل على مواقع التواصل في الأردن
  • نجوم «نقطة سوداء» يكشفون أدوارهم وكواليس تصوير المسلسل
  • «القاهرة الإخبارية» تعرض قصة البطلة أماني ربيع: حصدت ميداليات ذهبية في عمر الـ62
  • تنياهو: نخوض هذه الحرب من أجل البقاء وحماية حريتنا
  • نظام غذائي يعزز معدلات البقاء على قيد الحياة لمرضى السرطان
  • لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما
  • فيرجسون يثير الشكوك حول نهاية رونالدو
  • "اللعب مع العيال" يحقق إيرادات قوية تصل إلى 31.9 مليون جنيهًا