عمّان/بيروت "رويترز": أثارت الدعوات لإنشاء ممر إنساني أو طريق فرار للفلسطينيين من غزة مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ردود فعل حادة من الدول العربية المجاورة.

وحذرت مصر الدولة العربية الوحيدة التي لها حدود مشتركة مع غزة، والأردن المتاخمة للضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل من إجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم.

ويعكس هذا المخاوف العربية عميقة الجذور من أن الحرب الدائرة في الوقت الراهن بين إسرائيل وحماس في غزة قد تؤدي إلى موجة جديدة من النزوح الدائم من الأراضي التي يريد الفلسطينيون بناء دولتهم المستقبلية عليها.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الخميس "هذه قضية القضايا وقضية العرب كلها"، وأضاف "من المهم أن يبقى الشعب (الفلسطيني) صامدا وحاضرا على أرضه".

وبالنسبة للفلسطينيين فإن فكرة الرحيل أو إجبارهم على الخروج من الأرض التي يريدون إقامة دولتهم عليها تحمل أصداء "النكبة" عندما فر الكثير من الفلسطينيين من منازلهم خلال حرب عام 1948 التي صاحبت قيام إسرائيل.

وفر نحو 700 ألف فلسطيني، أي نصف السكان العرب في فلسطين التي كانت تحت الحكم البريطاني، أو طُردوا من منازلهم ونزح الكثير منهم إلى الدول العربية المجاورة حيث يقيمون هم أو العديد من أحفادهم. ولا يزال العديد منهم يعيشون في مخيمات اللاجئين.

وترفض إسرائيل الاعتراف بحقيقة أنها طردت الفلسطينيين، مشيرة إلى أنها تعرضت لهجوم من خمس دول عربية في اليوم التالي لإنشائها.

ومنذ أن شنت إسرائيل قصفها المكثف على غزة بعد الهجوم الكاسح الذي شنه مسلحو حماس في السابع من أكتوبر، فر مئات الآلاف من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم، لكنهم ما زالوا يقيمون داخل القطاع.

منع امتداد الأزمة

نبه الجيش الإسرائيلي الجمعة على المدنيين في مدينة غزة، الذين يزيد عددهم عن مليون نسمة، إلى الانتقال جنوبا خلال 24 ساعة حفاظا على سلامتهم، في إشارة إلى أن إسرائيل قد تشن غزوا بريا قريبا.

وتطلق المساجد في غزة نداءات تقول "تمسكوا ببيوتكم، تشبثوا بأرضكم"، وذلك في ظل توجه عشرات الآلاف صوب جنوب القطاع. وتعهد آخرون بالبقاء. وقال محمد (20 عاما) أمام مبنى تعرض للقصف في غزة "الموت أفضل من الرحيل".

وردا على ذلك، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني "من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم، مشددا على عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين".

وناشد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة على نحو عاجل، إدانة هذه المحاولة الإسرائيلية غير العقلانية لنقل السكان.

وقالت الولايات المتحدة قبل أيام إنها تجري محادثات مع إسرائيل ومصر بخصوص فكرة الممر الآمن للمدنيين من غزة.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة "المدنيون بحاجة إلى الحماية. لا نريد أن نرى نزوحا جماعيا لسكان غزة".

وقال مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إن التحذير بالإخلاء يهدف إلى "نقل (الناس) جنوبا مؤقتا... للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين". وكان يتحدث خلال فعالية في الأمم المتحدة مع عائلات الإسرائيليين الذين اختطفتهم حماس.

وقال إردان لدبلوماسيي الأمم المتحدة في الحدث الذي استضافته إسرائيل "يتعين على الأمم المتحدة أن تشيد بإسرائيل لاتخاذ هذه الإجراءات الاحترازية".

وأضاف "على مدى سنوات، وضعت الأمم المتحدة رأسها في الرمال في مواجهة حشد حماس للإرهاب في غزة".

ويشكل مصير اللاجئين الفلسطينيين إحدى القضايا الشائكة في عملية السلام المتداعية. ويقول الفلسطينيون والدول العربية إن الاتفاق يجب أن يشمل حق هؤلاء اللاجئين وأحفادهم في العودة، وهو أمر ترفضه إسرائيل دائما.

وأثارت بعض التصريحات الإسرائيلية مخاوف عربية.

وقال متحدث عسكري إسرائيلي يوم الثلاثاء إنه سينصح الفلسطينيين "بالخروج" عبر معبر رفح على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر. وأصدر الجيش الإسرائيلي توضيحا يفيد بأن المعبر كان مغلقا في ذلك الوقت.

ويعد معبر رفح البوابة الرئيسية بين سكان غزة والعالم الخارجي. وتؤدي جميع المعابر الأخرى إلى إسرائيل.

وفي خان يونس بجنوب غزة، قالت مريم الفرا، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 36 عاما، إن النازحين داخل القطاع يتكدسون دون ماء أو كهرباء أو وصلات إنترنت.

وأضافت "الناس يقولون فقط إننا سنذهب جميعنا إلى سيناء، وإننا سنُهجَّر قسرا. لا علاقة لنا بأي من هذا. نريد فقط أن نعيش في سلام."

السلام البارد

منذ أن سيطرت حركة حماس الإسلامية على غزة في عام 2007، ساعدت مصر في الحفاظ على حصار القطاع، وأغلقت حدودها إلى حد كبير وفرضت ضوابط مشددة على مرور البضائع والأشخاص عبر رفح.

وواجهت مصر تمردا إسلاميا في شمال سيناء بلغ ذروته بعد عام 2013 قبل أن تستعيد قوات الأمن سيطرتها، وتقول مصادر أمنية ومحللون إنها تريد منع تسلل مسلحين من حماس، التي تشترك في أيديولوجيتها مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة محظورة في مصر.

وتقول مصر إن معبر رفح مفتوح وإنها تحاول تأمين توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة، على الرغم من أن القصف الإسرائيلي بالقرب من الحدود يعرقل ذلك. كما أشارت القاهرة إلى أن حل القضية من خلال أي نزوح جماعي للفلسطينيين أمر غير مقبول.

وتضرب معارضة التهجير الجديد للفلسطينيين بجذورها العميقة في مصر، إذ تضمنت معاهدة السلام مع إسرائيل قبل أكثر من أربعة عقود انسحابا إسرائيليا من شبه جزيرة سيناء، لكنها لم تؤد أبدا إلى المصالحة على المستوى الشعبي.

وقال إتش إيه هيلير، وهو زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة "سيرى الرأي العام المصري بأغلبية ساحقة أن هذا مقدمة للتطهير العرقي، والتهجير القسري، والطرد بشكل أساسي، حيث من المتوقع حينها أنهم لن يعودوا أبدا".

كما أثار الصراع حول غزة مخاوف طويلة الأمد في الأردن، موطن عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، من أن اندلاع صراع أوسع نطاقا من شأنه أن يمنح الإسرائيليين الفرصة لتنفيذ سياسة نقل لطرد الفلسطينيين بشكل جماعي من الضفة الغربية.

وبعد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية يوم الأربعاء، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن جميع الدول العربية اتفقت على مواجهة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من وطنهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدول العربیة الأمم المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

بالقرب من القصر الرئاسي.. مقتل شخص في انفجار خارج محكمة بالبرازيل

قالت الشرطة البرازيلية إن انفجارًا وقع يوم الأربعاء خارج المحكمة العليا في العاصمة برازيليا، وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام محلية جثة ملقاة على الأرض.
وقال خورخي ماسيدو، الموظف في المحكمة العليا في البرازيل، لوكالة أسوشيتد برس، إنه سمع انفجارين، ما أدى إلى إخلاء المبنى.
أخبار متعلقة في عهد ترامب.. لافروف يستبعد أي تغيير في السياسة الأمريكية تجاه روسيا وأوكرانياأسفر عن مقتل شخصين.. انفجار في مصنع بولاية كنتاكي الأمريكيةوأضاف أن الشخص الملقى على الأرض خارج المحكمة يبدو ميتا.القصر الرئاسيوأكد رجال الإطفاء في وقت لاحق وفاة شخص واحد لكنهم لم يحددوا هويته.
وقال خوسيه كريسبينيانو، المتحدث باسم الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إن الرئيس لم يكن في القصر الرئاسي المجاور وقت الانفجار.

مقالات مشابهة

  • مسؤول سابق بالأونروا: إسرائيل تستهدف الوكالة لمحو الوجود الفلسطيني
  • بعد سعي إسرائيل لضم الضفة الغربية.. مصطفى بكري: مخطط التهجير لن يقف عند حدود غزة
  • باحث في العلاقات الدولية لـ«الأسبوع»: «مايك هاكابي» ينفذ الأجندة الأمريكية التي تخدم إسرائيل
  • هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة حرب عبر التهجير الجماعي في غزة والجيش الإسرائيلي يرد
  • بالقرب من القصر الرئاسي.. مقتل شخص في انفجار خارج محكمة بالبرازيل
  • بين الاتهام والإصرار.. هل ستتمكن مارين لوبان من الصمود أمام القضاء؟
  • برلماني: مصر حريصة على دعم الأشقاء الفلسطينيين والقضايا العربية والإسلامية
  • مدبولي: مصر والدول الإفريقية تواجه تحدي توافر التمويل المناسب
  • المندوبة الأمريكية بالأمم المتحدة: يجب ألا تتبع إسرائيل التهجير القسري بغزة
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم المجاعة كأداة حرب ضد الفلسطينيين