على طريقة «كوهين ينعى ولده ويصلح ساعات» تخطط إسرائيل من خلال حرب الإبادة التى تشنها على الشعب الفلسطينى لإجبار سكان غزة «حوالى مليون فلسطينى» على النزوح إلى الجنوب للإقامة فى الأراضى المصرية بسيناء! وهى تحاول من خلال خطتها للتهجير القسرى للفلسطينيين تحقيق حلمين: الأول وهو التقدم خطوة نحو تحقيق حلم دولة إسرائيل من النيل للفرات، والحلم الثانى هو تنفيذ خطة صفقة القرن التى تسعى إليها الولايات المتحدة الأمريكية.
لا حجر على الحلم، ولكن حلم إسرائيل فى بلوغ أهدافها هو من أحلام اليقظة التى لن تتحقق، وواضح أن إسرائيل مستمرة فى الغطرسة الصهيونية، وتحاول أن تنسى أننا فى شهر أكتوبر الذى تحطم فيه أنفها وانكسر غرورها وانهار فيه جيشها الذى كان يعتقد أنه لا يقهر وخط بارليف الذى كانت تعتقد أنه منيع ولكن أذاب رماله الجيش المصرى فى مياه القناة بـ«الخراطيم» فى مثل هذا الشهر منذ 50 عاما!
حلم إسرائيل لن يبارح مخدات ومراتب قادتها، فسكان غزة لن يتزحزحوا عن أرضهم لأن خروجهم إلى أى وجهة معناه تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء دولة فلسطين من الوجود، وإذا كانت إسرائيل تخيرهم بين الموت تحت القصف أو النزوح عن أراضيهم، فإنهم سيختارون المقاومة حتى آخر نفس فى الدفاع عن وطنهم وعرضهم ومالهم. وعن مصر فإنها لن تتنازل عن شبر واحد من سيناء، ولن تستجيب لمخططات معدة سلفاً بأن يتم تقسيم الأراضى العربية وأن تكون البداية من مصر، إن هذا الموقف الذى اتخذته القيادة الساسية المصرية لا يعنى تخليها عن القضية الفلسطينية وعن دعم الأشقاء الفلسطينيين، فيعلم الشعب الفلسطينى والقادة والمقاومة ما قدمته مصر ومازالت تقدمه للقضية الفلسطينية منذ ما يقرب من مائة عام، ولن تتخلى عن دورها ومطالباتها بضرورة إحلال السلام والأمن فى المنطقة عن طريق حل الدولتين الذى يؤدى إلى إقامة دولة فلسطين على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وبدون ذلك لن تنعم إسرائيل ولا المنطقة بأسرها بالأمن و الاستقرار.
فى مصر يقيم حوالى 9 ملايين لاجئ من حوالى 60 دولة معظمهم من دول الجوار ومنهم فلسطينيون هم من ضحايا الصراعات والخلافات والتدخلات الأجنبية فى دولهم، تعاملهم مصر على أنهم مواطنون وليسوا لاجئين، لهم نفس حقوق المصريين، يعيشون بيننا ويسكنون فى منازلنا ونلقى عليهم كل يوم تحية الصباح، ويعملون معنا، ويأكلون من طعامنا، ولا يشعرون بأى تفرقة، ولكن بالنسبة للأشقاء الفلسطينيين الذين تخطط إسرائيل لطردهم بالقوة المسلحة من غزة للفرار إلى مصر، فالوضع مختلف، مصر تريد أن يبقوا فى وطنهم ولا يرضخوا للتهديدات الإسرائيلية لأن فى خروجهم ضياعاً لفلسطين إلى الأبد. مصر فى السابق كانت تحظر منح أبناء الأم الفلسطينية الجنسية المصرية استجابة لقرار من جامعة الدول العربية للحفاظ على النسل الفلسطينى وزيادة أعدادهم وتعمير وطنهم وعدم تركه لليهود، وبالتالى فإن الأراضى المصرية هى للمصريين فقط.
وإذا اقترب منها معتد فإن 100 مليون مصرى مستعدون للزحف إلى الحدود للدفاع عن تراب الوطن إلى جانب القوات المسلحة المصرية الباسلة درع الوطن وسيفه البتّار، ولكن مصر دولة سلام وجيشها جيش سلام، وهى تدعو للسلام، وتقبل أن تحصل على أراض خارج أراضيها لأنها دولة ليست معتدية، وعند اللزوم فإنها قادرة على حماية سمائها وأرضها.
إن التهجير القسرى الذى تخطط له إسرائيل لطرد الفلسطينيين من أرضهم مخالف للقانون الدولى الإنسانى، ويعتبر ضمن جرائم حرب ضد الإنسانية وهو جزء من سياسة ممنهجة تستخدمها إسرائيل لتغيير الأوضاع الديمغرافية فى المناطق التى تسيطر عليها وخطتها لإخلاء أكثر من مليون فلسطينى من غزة ينذر بوضع كارثى، ويحتاج الأمر إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولى الذى لا يحتاج إلى إثبات جديد بأنه يكيل بمكيالين عندما تغمض الدول الكبرى، خاصة الاتحاد الأوروبى أعينها عن جرائم إسرائيل التى ترتكبها فى الأراضى المحتلة من عمل انتقامى بشع واستخدام غاشم للقوة العسكرية ويتحرك عندما يتلقى تقارير مفبركة تزعم انتهاك حقوق الإنسان فى دولة خارج نطاق رعايته.
إن المبادئ التى يقوم عليها المجتمع الدولى هى صون السلم والأمن الدوليين وإيصال الإغاثة الإنسانية، واحترام القانون الدولى. لابد أن يظل الهدف الأسمى للمجتمع الدولى تحقيق التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية وهو الأمر الذى يتطلب وقف الاقتحامات للمدن الفلسطينية وتجنيب تعرض المدنيين للمزيد من المخاطر بدلاً من أن يقف المجتمع الدولى موقف المتفرج أمام الأطروحات الفاسدة تاريخياً وسياسياً سعى إليها الاحتلال الإسرائيلى لطرحها على مدى الصراع العربى الإسرائيلى بتوطين أهالى غزة فى سيناء وهو ما رفضته مصر وما زالت ترفضه ولن تسمح به.
المجتمع الدولى مطالب الآن بالتدخل الفورى لوقف التصعيد الجارى فى الأراضى المحتلة، وحث إسرائيل على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطينى، ومطالبتها بالالتزام بقواعد القانون الدولى الإنسانى فيما يتعلق بمسئوليات الدولة القائمة بالاحتلال، ولتعلم إسرائيل أنها لن تنعم بالأمن إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية حرة وإن طال الزمن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كوهين حكاية وطن تخطط إسرائيل حرب الإبادة الشعب الفلسطيني الأراضي المصرية المجتمع الدولى
إقرأ أيضاً:
تعزيز التعايش السلمي .. مؤتمر بـ المغرب بحضور مدير مكتبة الإسكندرية
شارك الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية فى المؤتمر الدولي والذي نظمته منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالعاصمة المغربية الرباط تحت عنوان "الوئام بين أتباع الديانات: تعزيز التعايش السلمي"، لمناقشة دور الدين في بناء المجتمعات السلمية، وسبل مواجهة تحديات تعزيز التعايش والحوار بين أتباع الأديان كأداة لحل النزاعات.
عقد المؤتمر بالشراكة مع اللجنة الحكومية للشؤون الدينية بأذربيجان وبمشاركة خبراء ومختصين من مصر وأذربيجان وليبيا والسنغال.
فى البداية أشاد الدكتور أحمد زايد بالدور الذى تلعبة ال "إيسيسكو" فى نشر ثقافة التسامح من خلال ما يسمى ب "سفراء السلام"، وقال أننا نحتاج فى عالمنا المعاصر إلى التأكيد على نشر مبادىء السلام والتسامح والعدل والتبادلية والحوار والاحترام المتبادل، والعمل على أن تكون السعادة هى الهدف الأساسى للإنسان وليس الظلم والقهر والتطرف الذى نشهده فى عالم اليوم بسبب الفهم الخاطىء للدين.
وأكد الدكتور زايد خلال مشاركته فى الجلسة الأولى للمؤتمر على أهمية الحديث عن الوئام بين أتباع الديانات فى العالم المعاصر الذى يعانى فيه الإنسان من حالة من عدم اليقين والشعور بالخطر وتفشى التطرف والغلو وانتشار الحروب والصراعات التى تجعل الإنسان المعاصر يعيش فى خطر، مشيرًا إلى أهمية الدور الكبير للدين، لأن الكثير من أتباع الأديان يميلون للتشدد وبعض الحركات تميل إلى إستخدام الدين لتحقيق مصالحها وأهدافها، وتنحرف بالدين عن أهدافه السامية. وأضاف أن النتيجة لكل هذا هى دخول العالم كله فى موجة من التطرف وضياع المبادىء العامة والفضيلة، وهو ما ينعكس فى دخول المجتمعات نتيجة لذلك من حالة من التشظى وعدم اليقين، مؤكداً على أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه الأديان السماوية، وتناول فى كلمته الطريقة التى يمكن أن تتوافق الأديان فيما بينها وأهمية أن تتلاقى فيما بينها بناء على الخبرات والتجارب الحية، ومنها تجربة الأزهر الشريف والعلاقات الحميمية التى تربط المسلمين بالمسيحيين فى مصر، من خلال الفهم الوسطى للدين، والدعم الكبير الذى تلقاه الكنيسة من قبل فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى ومن قبل الدولة المصرية بشكل عام.
النموذج المصري
وأضاف زايد أنه لابد من تكرار النموذج المصرى الذى يؤسس على المشترك بين الثقافات المختلفة وما بين أتباع الديانات المختلفة، وأكد أنه علينا أن ننشىء أجيالًا جديدة تأخذ على عاتقها فهم الدين بشكل مختلف عن الأجيال السابقة وأن ترى الأديان معين على العمل والانجاز والحضارة وبناء المعرفة والقيم الفاضلة، وأنها تشجيع على التسامح واحتواء الآخرين الذين يعيشون معنا فى بيئة مشتركة، وقال أن هذا طريق عملى لبناء علاقات جيدة تبادلية بين أتباع الديانات المختلفة، مشيرأ الى أهمية ألا تكون هناك وصاية من أصحاب دين على آخر، أو من جماعة على جماعة، وأن يفتح باب الاجتهاد لأطياف المثقفين والعلماء لكى يدلى كل بدلوه وليس فقط العاملين فى المؤسسة الدينية، وإنما أيضا من خارجها.