لجريدة عمان:
2024-11-23@14:18:22 GMT

الصين والهند على الحبل في حرب غزة وإسرائيل

تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT

«ترجمة: أحمد شافعي»

في الوقت الذي شن فيه مقاتلو حماس هجوما مفاجئا عبر حدود غزة، كانت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في بكين. وعندما أصدرت وزارة الخارجية الصينية بيانا حول الهجوم، جاء محايدا بشكل مدروس، واكتفى بالدعوة إلى «الهدوء» والوقف الفوري لإطلاق النار.

فانتقد تشاك شومر ـ وهو أكبر أعضاء مجلس الشيوخ في الرحلة وزعيم الأغلبية الديمقراطية في المجلس ـ البيان عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو لا يزال في البلد، قائلا إنه كان يأمل في إدانة أقوى لحماس.

تجاهلت الصين انتقاده، ولكن هذا الانتقاد يشير إلى واقع صعب يواجه الدول الآسيوية التي تسعى إلى الاضطلاع بدور قوى الوساطة في الشرق الأوسط، ذلك الواقع يقول إن السياسة لم تختف بعد.

كثيرا ما نظرت دول آسيا القوية إلى النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط نظرة الحاسد، وتحاول الاستيلاء على شريحة منه. ولكن حسبما يتبين من الحرب المتصاعدة في إسرائيل، ثمة توترات سياسية صعبة لم تزل غير محلولة في المنطقة. وعندما تتفجر هذه التوترات، لا يكون كافيا أن تراقب الدول الآسيوية من الخطوط الجانبية، فدول الشرق الأوسط تتوقع الدعم.

تمثل الدبلوماسية الصينية عملية توازن صعبة بشكل خاص، فقد سعت إلى تعميق العلاقات مع كل من إسرائيل والفلسطينيين. فقد زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الصين في يونيو، ومن المقرَّر أن يزورها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق من هذا العام.

والأمر نفسه ينطبق أيضا على الهند، التي كانت تقترب من إسرائيل سياسيا في ظل حكم ناريندرا مودي، ولكن لها تاريخيا علاقات فلسطينية قوية. ويبدو أن كلا البلدين يعتقد أنه قادر على «الفوز من بعيد»، سعيا إلى تحقيق مكاسب دبلوماسية، مع اجتناب التورط في تعقيدات حروب الشرق الأوسط.

فكلاهما يسير على حبل صعب، محاولا أن يتجنب الانجرار بعمق كبير إلى جولة جديدة من الصراعات، مع التشبث بالانتصارات السياسية التي يعتقد كل منهما أنه قد حققه. ولكن مع تصاعد الحرب، سوف يتطلب البقاء على هذا الحبل توازنا ذكيا.

سوف يكون تحرك دبلوماسية الصين أصعب بكثير من دبلوماسية الهند، لأن بكين سعت إلى تقديم نفسها بوصفها القوة العظمى القادمة وبوصفها دولة تختلف دبلوماسيتها عن دبلوماسية الولايات المتحدة. وكلا الأمرين يطرح تحدياته.

لو أن الصين تطمح إلى أن تصبح قوة عظمى، فسوف تحتاج إلى التدخل أو أن تثبت ـ على الأقل ـ قدرتها على تشكيل الواقع السياسي لبلاد أخرى. ولو أنها تريد أن تكون مختلفة عن الولايات المتحدة، فسوف تحتاج إلى سياسة أكثر دقة أو حتى إلى سياسة تميل قليلا إلى المعسكر الفلسطيني - وهذا في الوقت الذي لم تزل فيه الصور الصادمة للمختطفين الإسرائيليين من الرجال والنساء متداولة.

لقد لجأت، حتى الآن، إلى الحياد المدروس. ولكن مع بدء الحرب البرية، ومع ازدياد وضوح ما إذا كان مواطن صيني بين الرهائن الذين تحتجزهم حماس، فسوف يكون من الصعب الحفاظ على هذا الحياد.

ومع مزيد من التعمق في المعسكر الإسرائيلي سوف تتساءل الدول خارج الغرب عما لو أن لدى الصين أي شيء مختلف لتقدمه، ومع مزيد من التعمق في المعسكر الفلسطيني سوف تعرض بكين لانتقادات بسبب وقوفها الفعلي إلى جانب مقاتلي حماس. فالحياد يستبعد العديد من الخيارات.

سيكون السيناريو برمته غير متوقع لبكين، التي ربما انزلقت إلى شعور زائف بالأمان من خلال التوسط في التقارب السعودي الإيراني في بداية العام. ولكن في تلك الحالة، كان الدبلوماسيون يدفعون بابا مفتوحا من الأساس، إذ كان كلا البلدين يريد علاقات أفضل. أما إسرائيل وحماس فعدوان منذ أمد بعيد، وهما الآن في حالة حرب.

لن يكون احتضان الصين للرئيس الفلسطيني في يونيو مانعا لدعم إسرائيل، ولا لإدانة حماس، لكنه سوف يعني أن من المتوقع أن تشارك بكين في تفاصيل السياسة الفلسطينية والإسرائيلية، بدلا من الاكتفاء بإصدار دعوات من أجل السلام.

ولا يقتصر الأمر على هذا فقط. فقد أدى أيضا سعي بكين إلى أن يكون لها حلفاء في الشرق الأوسط إلى احتضانها الشهر الماضي لبشار الأسد، الذي قام برحلة نادرة خارج حدود سوريا.

وهنا أيضا يظهر واقع التورط في صراعات بعيدة. وبقدر ما عرض الرئيس شي جين بينج على الأسد استثمارا ماليا وقال إن العلاقات بين البلدين وصلت إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، فهل يعتقد أحد أن الصين سوف تقف إلى جانب سوريا إذا ما تصاعدت حرب غزة وامتدت إلى خارج نطاقها الحالي؟

والهند بدورها قد تجد كلمات دعم قوية تلوح بها إذا ما قامت إسرائيل بغزو بري ـ وهو أمر متوقع ـ وبدأت الخسائر البشرية في التصاعد. فقد يؤثر هذا في الرأي العام في الداخل وفي العالم - بل إنه قد يستجلب الإدانة من الدول العربية التي تستضيف أعدادا كبيرة من العمال الهنود، بما يزيد من تعقيد موقف مودي.

وبعيدا عن التفاصيل، فإن الوضع يسلط الضوء على القضية الأوسع بالنسبة للبلاد التي أقامت سياستها الخارجية على فكرة أن الاستقرار مضمون في الصراعات المستعصية.

عندما تم الإعلان عن ممر تجاري جديد في قمة مجموعة العشرين الشهر الماضي يربط أوروبا بدول الخليج العربي والهند، أعلن مودي أن المشروع سيكون «أساس التجارة العالمية لمئات السنين». وهو الآن يواجه عقبة كبيرة، وفي غضون أسابيع من الإعلان. لأن الممر يستوجب علاقات جيدة بين السعودية وإسرائيل، وهو أمر يمكن أن تعرضه حرب طويلة للخطر.

هذه إذن هي معضلة العملاقين الآسيويين. لكي تكون قوة وساطة في الشرق الأوسط ثمة متطلبات تتجاوز المصافحات، فالأمر يقتضي في بعض الأحيان الانخراط في السياسة. بالنسبة للصين، التي تنافس أمريكا، وبالنسبة للهند، التي تنافس الصين، كان المقصود من توسيع تواجدهما في الشرق الأوسط هو أن يكون وسيلة لاستعراض القوة على المسرح العالمي.

وما لا يبدو أن أيا منهما مستعدة له هو حقيقة أنهما قد يحتاجان في يوم من الأيام إلى القيام بما هو أكثر من تقديم الكلمات الدبلوماسية، ومن شأن حرب طويلة في المنطقة أن ترغمهما على مواجهة هذه الحقيقة. فالدول التي تطمح إلى أن تصبح قوى عظمى لا يمكنها أن تقف على الهامش.

فيصل اليافعي يعمل حاليا على تأليف كتاب عن الشرق الأوسط، وله كتابات كثيرة في هذا الصدد. وقد سبق له العمل في الجارديان وهيئة الإذاعة البريطانية.

عن آسيا تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

سفير مصر في سراييفو يلتقي وزير خارجية البوسنة والهرسك

التقى السفير وليد حجاج، سفير مصر لدى سراييفو، مع السيد "علم الدين كوناكوفيتش"، وزير خارجية البوسنة والهرسك، حيث بحثا مجمل علاقات التعاون بين مصر والبوسنة والهرسك وسبل تطويرها على الصعيد الثنائي إلى جانب عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الإهتمام المشترك.

 

وأكد السفير المصري من ناحيته على إعتزاز مصر بالعلاقات الثنائية الوثيقة التي تربطها بالبوسنة والهرسك، وإلتزامها بمواصلة العمل مع الجانب البوسني في كل ما يخدم المصالح والأهداف المشتركة للبلدين، وخاصة عبر البناء على النتائج التي تمخضت عن الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس مجلس رئاسة البوسنة والهرسك إلى القاهرة في أبريل الماضي. 

 

كما نقل لوزير الخارجية إلتزام مصر بالإستمرار في جهودها لمساندة البوسنة والهرسك في مسار تعزيز مؤسساتها الوطنية وبناء قدرات كوادرها المختلفة، وخاصة من خلال برامج الدعم والدورات التدريبية التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وغيرها من أجهزة ومؤسسات الدولة المصرية.

 

وقد أثنى الوزير "كوناكوفيتش" على علاقات الصداقة الممتدة بين مصر والبوسنة والهرسك، وتميز علاقات التعاون والتبادل التي تربط بين البلدين، مشيراً إلى حرصهم على مواصلة العمل من أجل الإرتقاء بمستوى هذه العلاقات إرتكازاً على أهمية شراكاتهم مع مصر والدور المحوري الذي تضطلع به مصر في دفع الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفي القارة الأفريقية.

 

وقد تناول اللقاء أيضاً مجمل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، حيث أعرب وزير الخارجية عن تقديرهم العالي للجهود التي تبذلها مصر من أجل تأمين وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وتثبيت دعائم الأمن والإستقرار في المنطقة، مؤكداً على إلتزام البوسنة والهرسك الثابت بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتحقيق السلام والأمن الدائم والشامل في الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • الصين: سنواصل تعزيز العلاقات مع إيران تحت أي ظرف
  • غزة وإسرائيل على طاولة ترامب.. هل يتغير النهج الأمريكي تجاه الشرق الأوسط؟
  • مصدر سياسي: إيران “تترجى” أمريكا عبر بغداد بتنفيذ كل مطالبها وإسرائيل مقابل عدم استهدافها
  • بارزاني وأوغلو يبحثان أوضاع الشرق الأوسط والتهديدات الإرهابية
  • سفير مصر في سراييفو يلتقي وزير خارجية البوسنة والهرسك
  • محمود المشهداني: ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط مجال حيوي للنكبة الثانية
  • لطيف رشيد: التصعيد في المنطقة يهدد أمن الشرق الأوسط والتجارة العالمية
  • بوتين يهاتف السوداني بشأن توترات الشرق الأوسط
  • عضو «الشرق الأوسط للسياسات»: واشنطن منحت إسرائيل الضوء الأخضر للتصعيد في غزة
  • كيف أصبح قطب العقارات ستيف ويتكوف رجل ترامب الأول في الشرق الأوسط؟