خبراء لـ «عمان»: نتائج إدارة الفوائض المالية تلوح في الأفق مع تحسن الوضع الاقتصادي
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
أكد خبراء اقتصاديون على نتائج إدارة الفوائض المالية التي بدأت تلوح في الأفق، فقد شهدت الأوضاع الاقتصادية في سلطنة عمان تحسنا تدريجيا وانخفض الدين العام إلى 16.3 مليار ريال عماني وبنسبة 36٪ من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من العام الجاري، ورفعت وكالات التصنيف الائتماني العالمية تصنيف سلطنة عمان، مما يظهر تقدما إضافيا في الوضع الاقتصادي.
وقالوا لـ «عمان»: إدارة الفوائض المالية تشكل إحدى أولويات الحكومة، حيث تهدف إلى توجيه جزء منها نحو المشاريع التنموية والنمو الاقتصادي من أجل تحقيق كيان مالي مستدام، وإيجاد اقتصاد قوي ورواسخ مالية ثابتة، لبناء مستقبل أفضل للوطن والمواطنين وتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضحوا أن الحكومة اتخذت سلسلة من الإجراءات لتوجيه الفوائض المالية نحو الاستدامة والاستقرار، كإبقاء مستويات التضخم منخفضة، والاحتفاظ بقوة العملة الوطنية، والتحكم في التوازن المالي وحوكمة الأداء المالي من خلال إدارة الخزينة الموحدة، والتحوط من تقلبات أسعار النفط والأوضاع الجيوسياسية من خلال التنوع الاقتصادي.
وخلال الفترة الماضية تم إطلاق صندوق عُمان المستقبل برأس مال يبلغ ملياري ريال عُماني، بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص للدخول في شراكات أو تمويل مشاريع الاستثمارات المجدية في قطاعات التنويع الاقتصادي التي تستهدفها «رؤية عُمان2040»، وتخصيص قرابة مليار ريال عماني للمشاريع الإنمائية، وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية وترقية بعض موظفي القطاع الحكومي.
إشارة إيجابية
أكدت الدكتورة شمسة بنت مسعود الشيبانية خبيرة اقتصادية وعضوة في الجمعية الاقتصادية العمانية أن سلطنة عمان وضعت أولويات واضحة ومحددة لإدارة الفوائض المالية لإيجاد اقتصاد مستدام وتحقيق رفاهية المواطنين على المدى المتوسط والبعيد، ولعل أبرز هذه الأولويات خدمة الدين العام مما يخفف من الأعباء المالية على المستقبل ويقلل من تكلفة الفوائد على الدين، حيث انخفض الدين العام إلى 16.3 مليار ريال عماني بالنصف الأول من العام الجاري، وبنسبة 36٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 20.8 مليار ريال عماني وبنسبة 67.9٪ في عام 2020.
وأوضحت أن الفوائض المالية تمثل فرصة لتمويل مشاريع تنموية وبنية أساسية تعزز من إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتوفير فرص عمل، وتعزيز النمو الاقتصادي، كتطوير البنية الأساسية للنقل والطاقة والمياه، وتوفير التعليم والرعاية الصحية، وتعزيز الصناعات المحلية.
وقالت الشيبانية: وجود فائض مالي بالميزانية العامة للدولة يعد إشارة إيجابية تدل على صحة مالية الدولة، مشيرة إلى أن الميزانية العامة للدولة سجلت فائضا ماليا بقيمة 702 مليون ريال عماني في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، موضحة أن جزءا من الفوائض المالية تم توجيهها أيضا إلى برامج الحماية الاجتماعية وبرامج التنمية والتنويع الاقتصادي، حيث تم تخصيص حوالي ملياري ريال عماني لصندوق عمان المستقبل، بالإضافة إلى تخصيص 20 مليون ريال عماني لكل محافظة لاستثمارها على مدى الخطة الخمسية العاشرة.
وأشارت إلى أن سلطنة عمان حافظت على مستويات منخفضة من التضخم، حيث بلغ مستوى التضخم أقل من 1٪، ومن الناحية الاقتصادية، سجلت سلطنة عمان نموا اقتصاديا بنسبة 4.3٪ في عام 2022، مما يشير إلى تحسن تدريجي في الأوضاع الاقتصادية في السلطنة واستدامة الفوائض المالية لتعزيز الاستقرار وتحقيق التنمية.
وأوضحت أن إدارة الفوائض المالية تتطلب توازنا بين سداد الدين وتعزيز التنمية وتحفيز الاقتصاد، حيث إن تحقيق هذا التوازن يعزز الاستقرار المالي ويسهم في تحسين جودة حياة المواطنين والنمو الاقتصادي.
وبينت أن انعكاسات الفوائض المالية على جودة حياة المواطنين تحتاج إلى الوقت للتحسن، حيث تعمل الحكومة على إدارة الفوائض المالية بشكل مناسب وتوجيهها نحو المشاريع الإنمائية المستدامة، لتصبح لديها أداة قوية للتحسين المستمر في جودة الحياة. مشيرة إلى أن بوادر فوائض المالية بدأت تدريجيا تنعكس على رفاهة المجتمع بصفة إيجابية، حيث تم تعزيز صندوق الحماية الاجتماعية وترقية بعض الموظفين، ودعم الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والوقود.
تقدم الوضع الاقتصادي
وأكد الدكتور محمد بن حميد الوردي خبير اقتصادي أهمية استغلال فوائض العائدات النفطية في سلطنة عمان لتحقيق أولويات استراتيجية متعددة، ومن بين أهم هذه الأولويات تخفيض الدين العام، مشيرا إلى أن سلطنة عمان حققت نجاحا كبيرا في هذا المجال، حيث تم تخفيض الدين العام بشكل ملموس من 20.8 مليار ريال عماني في نهاية عام 2020 إلى 16.3 مليار ريال عماني في النصف الأول من العام الحالي. كما تمكنت سلطنة عمان من تقليل مدفوعات الفوائد على الدين العام بمقدار كبير منذ عام 2020، مما يعزز من صحة الميزانية ويوفر المزيد من الموارد للاستثمار في مجالات أخرى ذات أهمية استراتيجية.
وأشار إلى أن الفائض المالي يُسهم أيضا في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال دعم مشاريع التنمية، حيث قامت الدولة بتخصيص حوالي مليار ريال عماني لمشاريع البنية الأساسية مثل المدارس والمستشفيات والطرق. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق صندوق عمان المستقبل بقيمة ملياري ريال عماني بهدف تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل وتعزيز القطاع الخاص.
وأوضح أن جزءا من الفائض المالي يخصص لتعزيز الجانب الاجتماعي من خلال دعم الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه والوقود، وذلك في ظل ارتفاع مستوى التضخم العالمي. بالإضافة إلى قيام الدولة بتخصيص حوالي 400 مليون ريال عماني كمنافع اجتماعية سيتم تنفيذها اعتبارا من بداية العام المقبل. وتم أيضا إصدار أوامر سامية بترقية بعض موظفي القطاع الحكومي، ومن المتوقع أن يستفيد من هذه الترقيات أكثر من 60 ألف موظف.
وأكد أن هذه الجهود أسفرت عن العديد من النتائج الإيجابية، أبرزها استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت نسبة النمو بالأسعار الجارية 4.6٪ خلال العام الماضي، وبلغ إجماليه 44 مليار ريال عماني. كما شهد الاقتصاد العماني نموا بنسبة حوالي 2٪ بالأسعار الثابتة في النصف الأول من العام الحالي، حيث بلغ إجماليه حوالي 14 مليار ريال عماني. وتم رفع تصنيف وكالات التصنيف الائتماني العالمية لسلطنة عمان، مما يظهر تقدما إضافيا في الوضع الاقتصادي.
رواسخ مالية ثابتة
وقال الدكتور قيس بن داود السابعي خبير اقتصادي: إدارة الفوائض المالية لها دور بارز في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، موضحا أهمية توجيه جزء من الفوائض المالية نحو خدمة الدين العام من أجل سداد الديون في موعد استحقاقها أو حتى قبله، مما يسهم في المحافظة على الميزان التجاري والمدفوعات للدولة. ويحقق توازنا ماليا ويقوي القدرة على التعامل مع التحديات الاقتصادية.
كما بيّن السابعي أن توجيه الفائض يمكن أن يسهم في تحسين التصنيف الائتماني للدولة، الذي يعكس مدى قدرة الدولة على سداد الديون والاستدانة بأسعار فائدة أقل، مشيرا إلى أن توجيه الفوائض المالية يوجد بيئة خصبة للاستثمار ونمو النشاط التجاري، فعندما يعلم المستثمرون أن الحكومة قادرة على إدارة ماليتها بكفاءة وتعزز من استقرار البيئة الاقتصادية، فإن البيئة تصبح جاذبة لهم.
وقال: بين أولويات إدارة الفوائض المالية توجيه جزء منها نحو المشاريع التنموية والنمو الاقتصادي من أجل تحقيق كيان مالي مستدام، وإيجاد اقتصاد قوي ورواسخ مالية ثابتة، لبناء مستقبل أفضل للوطن والمواطنين وتحقيق التنمية المستدامة، موضحا أن من بين المشاريع التنموية التي أعلنتها الحكومة خلال الفترة الماضية تشمل إنشاء المدارس والمستشفيات والمرافق والخدمات العامة والبنية الأساسية في القطاعات الحيوية.
وأشار إلى أن الفوائض المالية تمثل فرصة لرفع مستوى الرفاهية في المجتمع من خلال تطوير مجموعة من المبادرات الرئيسية، كترقية الموظفين وبناء منظومة قوية للحماية الاجتماعية تسهم في تحفيز القوة الشرائية وتعزيز الاستهلاك، مما يساهم في تحريك الدورة الاقتصادية وزيادة النمو الاقتصادي.
وأكد أن الفائض المالي في سلطنة عمان يظهر كخطوة استباقية مهمة نحو بناء اقتصاد قوي ومستدام، حيث انتهجت الحكومة عددا من الخطوات لتوجيه الفوائض المالية نحو الاستدامة والاستقرار، كإبقاء مستويات التضخم منخفضة مقارنة بدول المنطقة والعالم أجمع، والاحتفاظ بقوة العملة الوطنية، والتحكم في التوازن المالي الذي يدعم الاستدامة على المدى البعيد، كما تمت حوكمة الأداء المالي من خلال إدارة الخزينة الموحدة، والتحوط من تقلبات أسعار النفط والأوضاع الجيوسياسية من خلال التنوع الاقتصادي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ملیار ریال عمانی الوضع الاقتصادی وتحقیق التنمیة الأول من العام الدین العام سلطنة عمان من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
أبوصلاح: الحوكمة وإصلاح الدعم خطوات ضرورية وسط مخاطر اقتصادية محتملة
ليبيا – مسؤول بمصرف ليبيا المركزي يؤكد أهمية الإصلاحات الهيكلية والحوكمة في القطاع العام
الحوكمة والإصلاحات الهيكلية ضرورة أساسية
أكد مدير إدارة البحوث والإحصاء بمصرف ليبيا المركزي، علي أبوصلاح، أن إجراء إصلاحات هيكلية بالأجهزة الحكومية، خصوصاً في مجال الحوكمة على مستوى القطاع العام، يعد أمراً ضرورياً، مشيراً إلى أهمية تنفيذ إصلاحات موازية لدعم الطاقة في ليبيا.
إشادة دولية بدليل الحوكمة
أوضح أبوصلاح في تصريحات خاصة لموقع “إرم نيوز” أن خبراء صندوق النقد الدولي أثنوا على جهود مصرف ليبيا المركزي في إعداد دليل حوكمة شامل. جاء ذلك خلال مباحثات جرت على مدى 5 أيام في تونس، ترأسها فريق خبراء الصندوق بقيادة ديمتري غيرشينسون.
توقعات نمو الاقتصاد الليبي والمخاطر المحتملة
وأشار أبوصلاح إلى أن خبراء الصندوق توقعوا نمواً في إجمالي الناتج المحلي في ليبيا بحلول العام 2025، مدفوعاً بالارتفاع المستمر في إنتاج النفط منذ أكتوبر الماضي. لكنه نبه إلى أن هذه التوقعات ترافقها مخاطر سلبية تتعلق باحتمالية انخفاض أسعار النفط بشكل مفاجئ أو تجدد التوترات السياسية، مما قد يقلص الحيز المالي المتاح للميزانية العامة للدولة.