جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-31@07:42:21 GMT

إنها فلسطين

تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT

إنها فلسطين

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

منذ أن بدأنا في تعلم أبجديات القراءة والكتابة في المراحل الدراسية الأولى ما زلنا نحفظ أناشيد وبقيت عالقة في الذهن حتى اللحظة مثل "فلسطين داري.. ودرب انتصاري"، ورغم أننا لم نكن نعرف شيئًا عن فلسطين آنذاك، إلّا أنها حُفرت في مخيلتنا، وصرنا نتغنى بها ونتتبع أخبارها ومع الوقت باتت هذه القضية واضحة ولا تحتاج إلى معاجم لتفسيرها.

ومن القصائد التي ظلت محفورة في الذاكرة كذلك قصيدة إيليا أبو ماضي "وطن النجوم" التي تحمل صورة مثالية للحنين إلى الوطن وترابه؛ إذ يقول في مطلعها وطن النجوم أنا هنا .. حدّق أتذكر من أنا؟. بيد أن هذه القصائد غيبت عن المناهج الدراسية التي أنتجت أجيالًا لا يعرفون شيئًا عن فلسطين، وأحيانًا قد تصلهم الصورة ضبابية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بل ومغلوطة؛ مما أدى إلى ضعف الهمة تجاه هذه القضية الإنسانية العادلة قبل أن تكون عربية وإسلامية، وحق الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه وطرد المحتل الغاشم.

فهل يُلام الفلسطيني إن حّن إلى أرضه وتمسك بها ودافع عنها بكل بسالة، وضحى في سبيل ذلك بالغالي والنفيس؟! والأحداث الأخيرة التي تشهدها غزة العزة ليست سوى حلقة أخرى من مسلسل الظلم والقهر الذي يتعرض له الفلسطينيون وسط تآمر دولي فاضح، وتخاذل عربي واضح، ولن تكون الأخيرة ما لم يصحو ضمير المجتمع الدولي، ويتخلص من الهيمنة الغربية التي تكيل بمكيالين؛ فازدواجية المعايير لديها لم تعد تخفى على أحد، وتسيس المنظمات الدولية لصالح القوى العالمية لا يحتاج إلى دليل أو برهان وليس يصح في الأذهان شيء .. إذا احتاج النهار إلى دليل. 

ومن كان على عينيه غشاوة فالعدوان الغاشم الذي تتعرض له غزة عرّى دعاويهم الباطلة، وفضح مؤامراتهم الدنيئة، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها واستشهاد من فيها من الأطفال والنساء والشيوخ هل يُعد هذا دفاعًا عن النفس كما يزعمون؟ ومن الذي يدافع عن نفسه أساسًا هل هو المحتل؟ أم صاحب الأرض المحتلة؟

وبالتالي لا يمكن التعويل على هؤلاء الذين كانوا سبب نكبة فلسطين منذ عام 1948م بدعمهم اللامحدود لإسرائيل شاهرًا ظاهرًا، وانحيازهم لها في كل محفل، كما لا يمكن التعويل على من أصبحت فلسطين ليست قضيته وباعها بثمن بخس في سوق السياسة مقابل منافع آنية وذاتية ولله الأمر من قبل ومن بعد. وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والشعوب القوية تفرض نفسها في نهاية المطاف فمهما طال الاحتلال فإنِّه لا محالة سيرحل صاغرًا ذليلًا ومن لديه شك في ذلك فليقرأ التاريخ جيدًا.

ختامًا.. لا نملك سوى الدعاء بأن ينصر الله إخواننا المستضعفين في فلسطين، وأن يوحد صفهم ويجمع كلمتهم على الحق. وعلى كل حرّ شريف أن يُساهم بما يستطيع لنصرة هذا الشعب الفلسطيني الأبي "نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" (الصف: 13).. صدق الله العظيم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ليست صدفة

لم يبق أحد حول العالم إلا وتندّر على الرئيس الأمريكي المنصرف جو بايدن، أمام زلة لسانه الشهيرة التي قال فيها: تحدثت قبل قليل إلى الرئيس المكسيكي «سيسي»، في إشارته إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. بايدن آنذاك كان قد استمع على ما يبدو قبل ذلك المؤتمر الصحافي إلى ما تريده الدولة العميقة في أمريكا التي طلبت منه أن يعامل الفلسطينيون في غزة تماماً كما يجب التعامل مع المهاجرين في أمريكا بإلقائهم خلف الحدود وتحديداً في المكسيك.

زلة بايدن، على ما يبدو، ليست صدفة، إذ يعود اليوم دونالد ترامب لينفذ على ما يبدو ما تطلبه الدولة العميقة في أمريكا، من ترحيلٍ للفلسطينيين إلى كل من مصر والأردن، باعتبار أن كلتا الدولتين تتلقيان من أمريكا مساعدات مالية وعسكرية ضخمة، تجعلهما ينصاعان، حسب اعتقاد ترامب، لضغطه وجبروته.

البعض اعتبر تصريحات ترامب بأنها جسٌّ للنبض ليس إلا، ليعود سفيره السابق في تل أبيب ويقول على صفحته على الإعلام الاجتماعي، إن الأردن هي فلسطين وليزيد من وقاحته بأن يسوق سلسلة من الترهات والخزعبلات، ليعقبه بعد ساعات بسيطة ترامب نفسه فيكرر ما سبق أن قاله مؤكداً على أن الأردن ومصر سينصاعان لإرادته في تهجير الفلسطينيين.

ولعل الموقف المشّرف والمعلن للأردن ومصر برفض التهجير، قد استفزا ترامب فقرر أن يكرر التصريحات ذاتها، لكن المشهد الأكبر الذي شغل ترامب حتماً هو رؤية مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى منازلهم، ما دفع من حوله لتذكيره بضرورة تجديد تصريحاته. ترامب بدا وكأنه يستخدم أسلوباً ناعماً وحميمياً في الحديث عن كلٍ من ملك الأردن والرئيس المصري، مستخدماً لغة دبلوماسية فيها الكثير من الإطراء والإشادة التي عادة ما تسبق التلويح بالقوة والعقوبة والضغط والتشديد، بينما وجد الذباب الإلكتروني الفرصة سانحة للترويج لبعض الخطوات العقابية المحتملة وكأنها حقيقة ماثلة. 

ترامب الذي دخل إلى البيت الأبيض مدعياً أنه لا يريد أن يشعل الحروب بل يطفئها، وأنه إنما يريد أن يكون رجل سلام، ربما يكون قد اتخذ قراراً فعلياً بنزع بزته الرئاسية وارتداء ملابس المصارعة، هذه المرة، لا في حلبات المنافسات، بل على حلبات السياسة. فها هو ينسحب تباعاً من المؤسسات العالمية والاتفاقيات الدولية ومنها، منظمة الصحة العالمية وبروتوكول باريس للبيئة، بينما يفرض عقوبات على مؤسسات مختلفة كمحكمة الجنايات الدولية، ويهدد بالانسحاب من أخرى كحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ترامب شطب خليج المكسيك وحوله إلى خليج أمريكا، وفرض عقوبات على بنما لسماحها بتشغيل قناتها من قبل شركة صينية، وأوقف المساعدات الدولية بحجة إعادة تقييمها، ورفع الضرائب الأمريكية على منتجات عدة دول ومنها، الصين وكندا وكولومبيا والقائمة تطول.

واليوم يتحفز ترامب لانتزاع غرينلاند التي تعود للدنمارك لإلحاقها بأمريكا، بينما يطلق العنان لرغبته ضم كندا إلى بلاده. لا ننسى طبعاً قراري رفع العقوبات عن المستوطنين والسماح بتزويد إسرائيل بالقنابل الثقيلة. كل هذا وذاك والذي تم خلال أسبوع واحد من تنصيبه إنما قام به الرئيس الذي يريد أن يطفئ الحروب وأن يكون رجل سلام! معقول؟ كيف لهذا أن يستقيم؟

أهذه غطرسة وغرور وقوة؟ أم شعور بكون ترامب قادرا على أن يكون مزيجاً من سوبرمان، والرجل الوطواط، والرجل العنكبوت، وطرزان، وجيمس بوند، ورامبو، وهالك العجيب، وغرندايزر في آن واحد؟

ترامب يقول إن الفلسطينيين قد عانوا كثيراً وأنهم يستحقون العيش بكرامة من خلال حياة جديدة ينعمون فيها بالأمن والأمان خارج بلدهم، بينما لا يتوانى هو ووزراؤه في تجديد دعمهم لإسرائيل، ساعين لضمان أمنها وأمانها وحقها في الدفاع عن نفسها كما يزعمون، فهل سيقترح ترامب في إطار غيرته على الإسرائيليين وفي السياق ذاته من الحرص بأن يحظوا هم بما يريده هو للفلسطينيين بالعيش خارج إسرائيل أيضاً في رحلة البحث عن الأمن والأمان؟

لقد مل الشعب الفلسطيني التجارب الاستعمارية التي لم تنجح عبر التاريخ لا من حيث الترحيل، ولا من حيث التنازل عن الأرض، ولا القبول بشطب التاريخ والجغرافيا والثقافة والفن والتراث والقائمة تطول.  فترامب العائد إلى الحكم ببزة مصارع، وقفازات ملاكم، وطاقية الكاوبوي، يعتقد أنه في حلبة مصارعة مع الجميع، جاهزٌ للضم والكسر والرفع والفتح والشطب والمحق، بل يبدو وكأنه قد قرر التعامل وفق منظور وزير الدفاع الصهيوني السابق والمأزوم باعتبار الفلسطينيين «حيوانات بشرية»، وباعتبارهم منزوعي الآدمية وهو ما يراه ترامب على أنه ينطبق على رعايا كل الدول التي أعلن عليها الحرب في أسبوعه الأول في السلطة، معتقداً أن القوة ستجعل الجميع يقابل مواقفه بالسمع والطاعة والأمر والتنفيذ!

إن أمريكا على موعد مع أربع سنوات صعبة في حال أراد ترامب الاستمرار في نهجه، أو أنه يعيد النظر فيما يقول ويفعل. أما بالنسبة لتهجير الفلسطينيين فإنني أدعو «أبو دونالد» لتصفح التطبيق الذي يريد حجبه بغرض شرائه، نعم التيكتوك، ليعرف الموقف الحقيقي لكل طفل عاد إلى ركام منزله في غزة عله يستفيق من نزواته… فهل يستفيق؟ ننتظر ونرى.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • الكوميدي الفلسطيني الأمريكي محمد عامر يتحدث عن فلسطين وترامب وعودة مسلسله الناجح
  • زكريا الزبيدي حرا.. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • زكريا الزبيدي حر .. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
  • إعلامي أمريكي بالرياض: المملكة ليست التي كنا نقرأ عنها بالأخبار إنها مختلفة تمامًا .. فيديو
  • "70 عامًا" السيسي يوضح الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني
  • حاج موسى يرد على اهتمام ليل الفرنسي بخدماته
  • ليست صدفة
  • محلل سياسي فلسطيني: تهديدات ترامب الأخيرة ليست موجهة فقط للشعب الفلسطيني والعالم العربي
  • عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة محاكاة ليوم تحرير فلسطين العظيم الذي نراه قريبًا