منتدى بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة يشهد أمسية شعرية..
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
سام برس
قصائد تفيض بالشجن والحب...و المقدي و دمير وهنداوي يجسدون الحنين والفقد شعرا..
شمس الدين العوني
ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء ، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 3 أكتوبر 2023، تفاعل معها الجمهور الذي يتزايد بشكل ملموس مع كل فعالية تضج بالشعراء وفاض بحضوره وتفاعله، وشارك في الأمسية الشعراء:
عمر حسين المقدي، محمد نور دمير، حسين هنداوي، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي، وقَدَّمَت الأمسية الإعلامية الريان الظاهر، التي بدورها تحدثت عن نموذج بيت الشعر في توسيع دائرة اهتمامه بتقديم شعراء على منصته من مختلف الأعمار، ومن ثم إبراز تجاربهم بشكل حيوي أمام الجمهور، ما يبرهن على أن إبداع الشعر بمختلف تجاربه في الوقت الراهن ينهمر بشكل جمالي، وينتقل إلى الآخر من خلال انتقاء تجارب حقيقية تحفل بها أمسيات الشارقة في منتدى الثلاثاء الذي يضئ بشكل أو بآخر على النصوص الشعرية الفائقة، في ظل دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للشعر والشعراء، وإطلاق العديد من المبادرات المهمة التي تعمل على إبراز الطاقات الشعرية من مختلف البيئات، بما يسهم في تطويره وتعميقه لدى المتلقين .
وقد تفاعل الجمهور مع وقائع الأمسية بصورة كبيرة، بخاصة أن الشعراء المشاركين ترجموا خلال نصوصهم الشعرية حالاتهم الوجدانية، فجاءت كلماتهم معبرة عما تجيش به نفوسهم من شجن وحب، فجسدوا بمشاعرهم المتقدة الحنين والفقد والعواطف الداخلية، والألم، بلغة مغايرة وأساليب شعرية عذبة.
وافتتح القراءات الشاعر عمر حسين المقدي بقصيدة حملت عنوان" محاولة للابتسام" التي زاد فيها الألم عن حاجة قلبه من الألم واللوعة وهو يتذكر وفاة أخيه، ليقطر حرفه شعوراً حزينا، فيقول:
أَلَّا تـُخَـدِّشَ يَوْمًا كِبْـرِيَـاءَ أَبِـي
نَاشَدْتُكَ اللهَ يَا دَمْعًا تَشَـرَّبَ بـِي
بِالأُمْنِيَاتِ وَظَنٍ خَائِبٍ كَذِبِ
خُـذْنـِي إِلَى قِمَّةِ الأَحْـزَانِ مُـتَّـشِـحًا
أَشَفُّ رُوحًا وَجُـرْحِي بَـعْدُ لَـمْ يَـطِـبِ
لِأَيِّ جُرْحٍ أَعِرْنِي بَلْسَمًـا فَأَنَا
لِـيُـقْنِعَ النَّارَ أَنْ تَـخْشَـى مِنَ الـحَـطَـبِ
كُنْتُ اخْـضِـرَارًا يُـمَـارِي بِالـحَيَاةِ مَضَى
تُكَحِّلُ اللَّـيْلَ بِالأَفْلَاكِ وَالشُّهُبِ
وَكُنْتَ يَـا أَيُّـهَا البَـرَّاقُ فِي أَلَـقٍ
ثم ألقى قصيدة أخرى بعنوان "تلويحة" التي يستثير من خلالها كوامن الذكريات، ويدعوه الأمل إلى العودة لقريته مبرزاً إشارات عابرة عن اغترابه، ومن ثم شوقه لأبنائه، بما يطلق العنان لهذا الفيض الداخلي أن يتجدد فيقول:
مُحلِّقًا في سماءِ الوجدِ منسربا
وللمسافاتِ أنْ تُسميكَ مُغتربا
تسابقُ الآنَ نحوَ الذَّكرياتِ على
ظلٍّ تشظَّى ليلقى خطوَكَ التَّعِبا
حقائبُ الدَّمعُ في كفَّيكَ مثقلةٌ
بالأمنياتِ وللأشواقِ أنْ تَثِبا
لقريةٍ تلبسُ الآصالَ في يَدِها
وضحكةُ الماءِ تكسو خدَّها الرَّطِبا
ثم كان الجمهور مع موعدٍ آخر مع إبداعات الشاعر محمد نور دمير الذي قرأ في البداية من قصيدة " النور المبين" التي عبر فيها بمفردات متجددة وحيوية عن محبته للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فحلق في فضاء نوراني من الصور والأخيلة:
حباكَ اللهُ منزلةً
تعزُّ بها على البشرِ
وقبل مجيئك المشهودِ
فاض الكونُ بالخطرِ
بوجهٍ ناضرٍ والنورُ
محجوبٌ عن القمرِ
فلاةُ العمرِ جدباءٌ
وأنت وردتَ كالمطرِ
وقد أظهر في قصيدة أخرى في أثناء القراءة أمام الجمهور شكوى المحبين، وهو يصف حاله مع من أحب، ليروي عن حلمه ويصور شجنه ببصيرة وعمق فيقول:
أنا الذي أورثتني الحزنَ سيدةٌ
فيها من االفتنةِ الأحلامُ والصدفُ
والحزنُ يمتدّ في العشاق أزمنةً
يشفُّ جسم الذي يهوى ويقترفُ
فأين أبحثُ عن عينيك
إن رمقت عيناك ثانيةً أدنو وأعتكفُ
وأين أمضي وكل الأرض تجهلني
أنا الغريبُ الذي ضاقت بهِ العرفُ
ثم كان ختام القراءات مع الشاعر حسين هنداوي الذي قرأ قصيدة "إني ملاقٍ حسابيا" حيث صاغها بعيون الحلم والوجد، وهو ينثر عطر الشوق بأسلوب بديع فيقول:
ألا يا نسيم الروض بلـغ سلامــيا
لشمس الضحى آياً ونمقْ جوابِــــيا
سلامٌ يضوع المسك منه وشـــــذوه
أفانينُ ريحـانٍ يمــسنَ رواض…
المصدر: سام برس
إقرأ أيضاً:
الأدب الشعبي.. مرآة الثقافة والتراث
علي بن سهيل المعشني (أبو زايد)
asa228222@gmail.com
تُعدُّ محافظة ظفار في سلطنة عُمان إحدى المناطق التي تزخر بثراء ثقافي وتاريخي فريد، يُجسّده الأدب الشعبي المتنوع والمتأصل في وجدان أهلها. يمزج هذا الأدب بين الشعر، والأغاني، والحكايات، والأمثال الشعبية، والأساطير، مما يعكس العلاقة العميقة بين الإنسان الظفاري وبيئته الطبيعية والاجتماعية.
الشعر الشعبي في ظفار
يُعدُّ الشعر من أبرز أشكال الأدب الشعبي في ظفار، ويتميز بعفويته وارتباطه بحياة الناس اليومية. تتنوع أغراض الشعر بين الغزل، والرثاء، والحماسة، إضافة إلى وصف الطبيعة، حيث تظهر الجبال والصحارى والسهول والبحر كعناصر متكررة في الأبيات الشعرية.
كما تمتاز الفنون الشعرية في ظفار، وخاصة تلك المرتبطة بالجبال والبادية، بأسلوب أدائي يُعرف بـ"الصورة الأدائية"، وهو نمط إنشادي يعتمد على الصوت البشري النقي، من خلال الإبداع الفطري. كان الإنسان يصنع ألحانه وموسيقاه من مفردات الطبيعة المحيطة به.
الأغاني الشعبية
تُشكِّل الأغاني الشعبية جزءًا أصيلًا من الأدب الظفاري، حيث تُؤدى في مناسبات متعددة، مثل الأعراس، والحصاد، وليالي السمر، وليالي خطال الإبل في أودية ظفار.
وتتميز الأغاني بطابعها الخاص الذي يعكس الهوية الثقافية والانتماء للبيئة. ومن أشهر أنواع الغناء في ظفار:
الهبوت: أداء جماعي يجمع بين الغناء والحركة، ويُعبر عن الفرح أو الاحتفال بالنصر.
البرعة: فن يُمارس بعد تحقيق الانتصارات.
النانا والدبرارت وإيلي مكبور والمشعير: وغيرها من الفنون الأصيلة التي تحمل في طياتها عمقًا ثقافيًا.
الحكايات والأساطير
تمثل الحكايات والأساطير الشعبية في ظفار إرثًا ثقافيًا غنيًا بالمعاني والقيم،و تُبرز الحكايات قيم البطولة، والكرم، والشجاعة، وتعد وسيلة لنقل الحكمة والمعرفة من جيل إلى آخر. كما أنها تُظهر التداخل بين الواقع والخيال في المخيلة الظفارية.
ومن بين تلك الحكايات ما يُعرف بـ"إكيلث" أو حكايات الأطفال، التي كانت تُروى قبل النوم لتوسيع مدارك الأطفال، وتعزيز مخيلتهم عبر صور ذهنية ورسائل ثقافية عميقة.
الأمثال الشعبية
تعكس الأمثال الشعبية تجارب الناس ومواقفهم في الحياة، فهي قصيرة وبليغة، تُستخدم في الحديث اليومي لإيصال الحكمة والموعظة. تُعتبر الأمثال بمثابة مرآة ثقافة الشعوب، حيث تُقاس قوة الحضارات بثقافة أمثالها وحكمة أقوالها وشجاعة أفعالها.
دور الأدب الشعبي في حفظ الهوية
يُعدُّ الأدب الشعبي الرحم الذي يحفظ الهوية الثقافية والتراثية. فهو ليس مجرد كلمات تُروى أو تُغنّى، بل هو تعبير حيّ عن القيم والمعتقدات ومرآة للحياة الاجتماعية والتاريخية للمنطقة. إن توثيق هذا الأدب ودراسته أكاديميًا يُعد خطوة أساسية لضمان استمراره ونقله للأجيال القادمة.
ختامًا.. إنَّ الأدب الشعبي في ظفار يُمثل كنزًا ثقافيًا يُحافظ على الصلة بين الماضي والحاضر، ويبرز خصوصية المنطقة وتنوعها الثقافي. إنه صوت الناس البسطاء الذي يعكس حياتهم وأحلامهم وطموحاتهم، ويُشكل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية العُمانية.