حكومة تصريف الأعمال تقيم حفلاً خطابياً بمناسبة العيد 60 لثورة 14 أكتوبر
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
الثورة نت../
شارك عضوا المجلس السياسي الأعلى سلطان السامعي وأحمد الرهوي ورؤساء مجالس النواب الأخ يحيى علي الراعي وحكومة تصريف الأعمال الدكتور عبدالعزيز بن حبتور والقضاء الأعلى القاضي أحمد المتوكل في الحفل الخطابي الذي أقامته الحكومة بمناسبة العيد 60 لثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة.
وألقى عضو السياسي الأعلى الرهوي كلمة بالمناسبة، هنأ فيها جماهير الشعب اليمني في كل أرجاء اليمن الكبير بهذه المناسبة الوطنية المهمة .
وأشار إلى أن ذلك التاريخ النضالي يشد من أزر الشعب اليمني ويرفع من معنوياته لمواجهة عدو جديد حتماً سيرحل عن أرض اليمن كما رحل سابقوه .. لافتاً إلى أنه لولا الثورة الأم 26 سبتمبر لما كانت ثورة 14 أكتوبر لأن المدد بالرجال والسلاح والمال كان يتدفق من المحافظات الشمالية.
واستعرض الرهوي جوانب الروح الوطنية العالية التي سادت مختلف عمليات الكفاح والانتصار لهذه الثورة التي قادها الشهيد غالب بن راجح لبوزة ومعه الأحرار الشرفاء من كل محافظات الوطن، وعمليات التدريب والتأهيل للثوار والتنسيق لنقل السلاح من المحافظات الشمالية لدعم الثورة.
وقال “اليوم يعيش الوطن احتلالاً جديداً يتقدمه للأسف الشديد أبناء جلدتنا الذين يغطّون على الأعمال الإجرامية للمستعمر الجديد وجعلوا من أنفسهم جسراً يمر عليه المحتل والغازي لتكريس وجوده الاحتلالي”.
وأضاف ” اليوم الأمريكي ينزل بقواته في محافظة حضرموت وعدن وكذلك البريطاني بالتزامن مع جلب أساطيلهم الحربية إلى الشرق المتوسط تحت ذرية عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد اليهود الصهاينة”.
ولفت عضو السياسي الأعلى إلى أن المعركة مستمرة في الوقت الذي يقف عملاء الأمريكي والبريطاني وعلى رأسهم الإماراتي إلى جانب كيان العدو الصهيوني ويدافع عنه بكل صلف ودون ذرة من خجل”.
وحيا الموقف المسؤول للجمهورية اليمنية الذي أعلنه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وقوبل بردود أفعال من قبل الصهاينة بأخذه على محمل الجد .. معبراً عن التحية لحزب الله اللبناني الذي أدلى بدلوه ودخل المعركة وينتظر اللحظة المناسبة ليكون السند الحقيقي للثورة الفلسطينية.
وذكر الرهوي، أن الحق أبلج وله قوة والباطل لجلج ولا يمتلك القوة ليصمد أمام قوة الحق وعنفوانه .. مؤكداً أن القوة هي من تصنع السلام أو التحرير.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال، ألقى كلمة رفع في مستهلها أسمى آيات التهاني والتحية والتقدير لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي قاد ثورة الشعب اليمني وتحقيق هذا الانتصار العظيم وكسر الأعداء ووأد مخططهم الإجرامي.
وعبر عن التهنئة لفخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى وأعضاء المجلس بهذه المناسبة الوطنية، متوّجهاً بالشكر لكل أبناء اليمن الأحرار في شمال الوطن وجنوبه الذين عملوا معاً من أجل كسر إرادة المستعمر البريطاني وإجباره على الرحيل.
وأوضح الدكتور بن حبتور أن ثورة 14 أكتوبر حينما انطلقت من جبال ردفان الشماء كان المدد الأقوى بالرجال والسلاح يأتي من صنعاء وتعز وإب والبيضاء ومأرب والحديدة وكل محافظة ومدينة في هذا الوطن، مشيراً إلى أن جميع الثوار والمناضلين الأحرار من كافة مناطق اليمن انصهروا في بوتقة وتحت عنوان واحد هو اليمن ولا شيء غيره.
وقال “حينما نحتفي بمناسبة كهذه نتذكر ذلك الرعيل الأول من شهدائنا الأبرار أمثال الشهيد راجح غالب لبوزة، أول شهداء ثورة 14 أكتوبر المجيدة ورفاقه والعديد من الشهداء الذين ينحدرون من كل أطراف اليمن وناضلوا معاً في صفوف الجبهة القومية وجبهة التحرير وكل الفصائل التي ساهمت في طرد المحتل البريطاني وتحقيق ذلك النصر”.
وأضاف “اليوم يتجدد النصر من خلال تلاحم كل القوى الثورية التي وقفت إلى جانب حركة أنصار الله التي قادت هذا المعترك القوي في مواجهة المعتدي السعودي والإماراتي والأمريكي والبريطاني الذين مارسوا على شعبنا كل أشكال التنكيل وفرض عليه الحصار”.
وتابع رئيس حكومة تصريف الأعمال “الثوار قبل 60 عاماً كانت ترتسم في مخيلتهم قضية الحرية وتحرير عدن وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية من المحتل البريطاني واليوم الثوار من كل ربوع اليمن ناضلوا ويناضلون من أجل تحرير القرار السياسي اليمني بعيداً عن الوصاية التي حاول الأعداء إعادتها من جديد وفرضها على مسيرة ثورة 21 سبتمبر”.
ومضى قائلاً ” اليوم وكما أعلن قائد الثورة بأن القرار قد تم تحريره من الوصاية الخارجية وأصبح اليمانيون هم من يقررون المسار والاتجاه والتحرير”.
وأكد أن الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر و21 سبتمبر، قامت كلها من أجل فرض الإرادة اليمنية الحرة الداخلية وإبعاد شبح هيمنة القرار الخارجي .. موضحاً أن الأعداء منذ 60 عاماً يحاولون مصادرة القرار السياسي الداخلي.
وعبر الدكتور بن حبتور عن الشكر لكل الأحرار الذين استشهدوا منهم والذين ما يزالون يعيشون في الوجدان والضمائر ولكل الذين يواصلون المسيرة التحررية ضد الأعداء.
وخلال الفعالية التي حضرها نائب رئيس الوزراء لشؤون الرؤية الوطنية في حكومة تصريف الأعمال محمود الجنيد ونائب رئيس مجلس الشورى ضيف الله رسام وعدد من الوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشورى، اعتبر وزير الدولة لشؤون مخرجات الحوار الوطني والمصالحة الوطنية في حكومة تصريف الأعمال أحمد الحماطي، ثورة ١٤ أكتوبر المنطلق التاريخي الذي من خلاله ثار الشعب اليمني وانتفض ضد الغازي والمحتل واستطاع أن يهزم بريطانيا ويطردها مدحورة صاغرة إلى غير رجعة.
وقال “وقف المناضلون من الشمال مع إخوانهم في الجنوب في معركة واحدة ضد استعمار بغيض كان يطمح باحتلال العالم كله لكنه وفي اليمن سقط سقوطاً مدوياً وانهزم شر هزيمة وخرج بقوة السلاح مدحوراً يجر أذيال الهزيمة والخيبة”.
وأشار الحماطي إلى أن الاستعمار والاحتلال ولّى إلى غير رجعة، لأن الشعب اليمني لا يقبل أي محتل على أرضه أو يسمح بأي استعمار جديد.
بدوره أكد أمين العاصمة الدكتور حمود عباد أن ثورة الـ١٤ من أكتوبر ثورة مجيدة وعظيمة مثلت حتمية تاريخية بزوال الاحتلال على يد شعب امتلك الإرادة والعزيمة وسعى لنيل حريته بقوة السلاح وتمكن من طرد المحتل الغازي والمستعمر الدخيل.
وأفاد بأن هذا الخيار اختطه الشعب اليمني وأبطاله في كل الجبهات دفاعاً عن الوطن، وصنع الانتصارات والتحولات الكبرى لأنه شعب لا يقبل على أرضه محتلاً أو وصياً، في حين أن مصير من وضعوا أنفسهم رهن العدو والاحتلال إلى زوال.
وقال “في الوقت الذي يحتفل فيه اليمنيون بأعياد الثورة هناك من يسطر ملاحم بطولية ويصنع انتصارات عظيمة في أرض فلسطين أبطال غزة الذين فاجأوا العدو الصهيوني بعملية “طوفان الأقصى” وأحدثوا تحولاً كبيراً في مسار الجهاد والانتصار وأكدوا أن القوة الصهيونية لا شيء أمام إيمان وإرادة وصلابة الشعب الفلسطيني”.
كما أكد عباد أن الشعب اليمني وقيادته الثورية والسياسية جسدوا مواقفهم الثابتة تجاه القضية والشعب الفلسطيني بخروجهم المليوني في كل أرجاء الوطن نصرة للأقصى ومقدسات المسلمين.
وخلال الفعالية سلّم نائب رئيس مجلس الشورى باسم القبيلة اليمنية لعضو المجلس السياسي الرهوي ورئيس حكومة تصريف الأعمال بندق العزاء والوفاء للشهداء من أبناء المحافظات الجنوبية الذين قضوا وهم يقارعون الاستعمار حتى هزموه وطردوه، والتزاما من قبائل اليمن بأن يكونوا يداً وصفاً واحداً في مواجهة المؤامرات والتحديات وتحرير كل شبر من أرض اليمن من رجس الغزاة والمحتلين.
تخللت الحفل قصيدة للشاعر جميل الكامل بعنوان “أكتوبر المجد” وأوبريت لفرقة الأصالة بعنوان ” أكتوبر العز وطوفان الاقصى”.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: حکومة تصریف الأعمال السیاسی الأعلى ثورة 14 أکتوبر الشعب الیمنی من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
أفضل مَن شخّص التغيير واصطراع القوى حوله هو منصور خالد في كتابات له بعد ثورة أكتوبر عام 1964 نشرها في كتابه "حوار مع الصفوة" (1979). فالصراع عنده قائم بين بما قد نصطلح عليه بـ"القوى الكسبية" و"القوى الإرثية". فالقوى الكسبية هي التي اشتهرت بالأفندية وهي طبقة طارئة على المجتمع السوداني أسسها الاستعمار الإنجليزي لأغراضه وتقلدت منزلتها كسباً. وهذا بخلاف الطبقة الإرثية التي قال منصور إنها تليدة وعليها ركائز المجتمع "الوصائي" (الأبوي) في العشائر والطرق الصوفية في الريف بخاصة، وتعلي النسب على الكسب.
مرت الخميس الماضي الذكرى السادسة لثورة الـ19 من ديسمبر عام 2018 في السودان. وربما لم يُعدّها ثورة في يومنا قوم حتى من بين مَن قاموا بها قياساً بأعراف فكرية نزعت صفة الثورة عن ثورات سبقت ثورة 2018، في أكتوبر عام 1964 وأبريل عام 1985. فبين الثورة السودانية وعلمها جفاء، إن لم نقُل خصومة. فكانت صفوة من كتابنا تواضعت على نقد خطأ شائع، في رأيهم، وصف الحراكين المذكورين بالثورة. فالثورة في مفهومهم هي التي لا تسقط النظام القديم فحسب، بل تغير ما بنا تغييراً مشهوداً أيضاً. فالثورتان المزعومتان لم تغيرا ما بنا وإن نجحتا في إزالة النظامين اللذين خرجتا لإسقاطهما.
فقال الأكاديمي والعضو المخضرم في الحزب الجمهوري النور حمد إن ثورة أكتوبر ليست "ثورة" لأنها، وإن نجحت في إسقاط نظام الفريق عبود العسكري (1958-1964)، لم تحدث تحولاً جوهرياً مما نُعدّه نقلةً إلى الأمام في الواقع السوداني. فعادت الأحزاب التقليدية التي حكمت قبل الفريق عبود عودة أسوأ مما كانت قبلاً. واستكثر المؤرخ والوزير والدبلوماسي حسن عابدين أن يسمي أكتوبر "ثورة" وقال إنها "انتفاضة" في خفض لمرتبتها لأنها "لم تكُن ثورة، وإنما انتفاضة لأن الصحيح أن تُحدث الثورة تغييراً في نظام الحكم، وفي حركة المجتمع والدولة والثقافة والاقتصاد، وتغييراً في كل شيء، وهذا لم يحدث في أكتوبر".
وعموماً فالتخليط في علم سياسة الثورة في السودان متفشٍّ. فاشتهر الحراك الذي أسقط نظام الرئيس جعفر نميري عام 1985 بـ "انتفاضة أبريل"، في حين أنها أسقطت نظاماً قديماً مثلها في ذلك مثل "حراك أكتوبر" الذي يسمى "ثورة". بل يكفي أن مفكراً في مقام الوزير والكاتب منصور خالد وصف أكتوبر بأنها "ثورة" و"لا ثورة" في الكتاب نفسه وعلى مسافة 23 صفحة من الصفتين في كتابه "النخبة السودانية وإدمان الفشل، الجزء الأول". فقال في الموضع الأول من الكتاب إن أكتوبر "ثورة لا يعادل خطرها سوى مؤتمر الخريجين (1938)" الذي كان طليعة التحرر الوطني ضد الاستعمار البريطاني. فهي عنده ثورة لأن قوامها "قوى حديثة مصممة على الانعتاق من ربقة القديم إلى رحاب الجديد وهو انتقال إلى لب السياسة". ووصفها في الموضع الآخر بأنها ثورة "من باب التبسيط". فالثورة في قول منصور "صناعة للتاريخ ولها مقومات لم تتوافر في أكتوبر".
شرط التغيير الجذري
لن يجد المرء سنداً لاشتراط هذه النخبة أن تقوم الثورة، متى قامت، بالتغيير الجذري بعد إسقاط النظام مباشرة وإلا صارت "انتفاضة" في أحسن الأحوال. فالثورة تعريفاً ثورة متى أسقطت حكومة النظام القديم. أما التغيير فلا يأتي للتو بعد سقوطه. فهو مما تختلف الآراء فيه وفي سبله بين من ائتلفوا لإسقاط النظام القديم. فمن وقف على الثورة الفرنسية (1789) وتضاريسها رأى أن جماعاتها الثورية اختلفت بعد سقوط النظام القديم حول التغيير محلياً وأوروبياً اختلافاً مضرجاً كبيراً. فلا الجمهورية ولا العلمانية، وهما العقيدتان من وراء الثورة، تحققتا في اليوم العاقب لسقوط النظام القديم كما يزعم بعض صفوتنا. ويكفي أنه جرى استرداد الملكية التي أسقطتها الثورة نفسها للعرش ثلاث مرات ولم تتوطد عقيدة الجمهورية إلا في ثمانينيات القرن الـ19. كما لم يقع فصل الدين عن الدولة إلا في دستور 1905 ولينص دستور 1958 صريحاً على العلمانية للمرة الأولى. وتستغرب هذا التباطؤ في العلمانية من ثورة ألغت الدين المسيحي في طورها الباكر واستبدلته بـ"الربوبية" وهي دين يعترف بالرب الذي سرعان ما توارى عن الكون بعد الخلق.
قلَّ أن تتوقف أقلام هذه النخبة عند ما حال دون الثورة والتغيير الذي تكون به أو لا تكون، وكأن امتناع وقوع التغيير عاهة أصل في الثورة لا نتيجة لخلافات حوله بين قوى الثورة نفسها وقوى النظام القديم رجحت فيه كفة النظام القديم. فذكر النور حمد أن ثورة أكتوبر "أُجهِضت" بعد أربعة أشهر فقط من قيامها وأجهزت عليها الانتخابات التي قامت عام 1965، فعادت بها الأحزاب القديمة للحكم كما كانت قبل انقلاب الجيش عليها عام 1958. ولم يتوقف النور أو غيره عند سياسات ذلك الإجهاض للثورة الذي امتنع به التغيير.
صح السؤال هنا، على ضوء عبارة النور عن إجهاض ثورة أكتوبر من دون إحداث التغيير الجذري الذي انتظره، ما كان ذلك التغيير المنتظر؟ وما هي القوى التي تصارعت حوله في الثورة؟
الصراع حول التغيير
أفضل مَن شخّص التغيير واصطراع القوى حوله هو منصور خالد في كتابات له بعد ثورة أكتوبر 1964 نشرها في كتابه "حوار مع الصفوة" (1979)، فالصراع عنده قائم بين بما قد نصطلح عليه بـ"القوى الكسبية" و"القوى الإرثية". فالقوى الكسبية هي التي اشتهرت بالأفندية وهي طبقة طارئة على المجتمع السوداني أسسها الاستعمار الإنجليزي لأغراضه وتقلدت منزلتها كسباً. وهذا بخلاف الطبقة الإرثية التي قال منصور إنها تليدة وعليها ركائز المجتمع "الوصائي" (الأبوي) في العشائر والطرق الصوفية في الريف بخاصة وتعلي النسب على الكسب. وقال عنها إنها تشكل بتصوراتها وممارساتها عقبة كؤوداً في وجه التطور الذي يقوده المجتمع القومي، مما يجعلها خصماً للعقلانية والفردية التي هي سمة الطبقة الكسبية الحداثية.
وكانت الديمقراطية هي عظمة النزاع بين الطبقة الإرثية والطبقة الكسبية في ما بعد سقوط الأنظمة بالثورة، فتعاني الطبقة الكسبية حيال هذا المطلب محنة يصفها الأعاجم بـ"كاتش 22" أي إنها المأزق الذي لا فكاك منه لأن أحواله إما تناقض واحدها مع الآخر، أو وجِدت معاً لا يستغني أحدها عن الآخر. فبينما تطلب الطبقة الكسبية الديمقراطية إلا أنها مدركة في الوقت نفسه أنها لن تحظى بتمثيل ذي معنى في البرلمان لضآلة عددها في المجتمع، قياساً بغزارة الطبقة الإرثية. وقال منصور عن فرط نفوذ هذه الطبقة الإرثية في الريف أنها جعلته "مستودعاً لاستجلاب الناخبين والهتيفة".
ولا أعرف من سبق إلى تشخيص أزمة هذه الطبقة مع البرلمانية مثل الأكاديمي والوزير محمد هاشم عوض، وفي وقت باكر عام 1968 باستقدامه لمفهوم "البلوتكرسي" إلى طاولة البحث، والمصطلح إغريقي لحكم الأثرياء الوراثي في بلد ما، فدولة الإرث هذه هي ما ساد في النظم البرلمانية عندنا وحال دون الطبقة الكسبية وإطلاق العنان لمشروعها الحداثي. ووصف عوض الحكم في بلدنا بـ"البلوتكرسي" من خلال تحليل اقتصادي واجتماعي نيّر، فنظر إلى عنصر الإرث ومؤسساته في الجماعة الدينية والعشائرية الحزبية، محللاً منازل أهل الحكم عندنا في المجالس النيابية تحليلاً شمل المجلس الاستشاري لشمال السودان (1944) والجمعية التشريعية (1948) والبرلمان الأول والثاني (1954-1958)، فوجدنا دولة للأغنياء سادوا جَامعين تليد النفوذ القبلي والطائفي إلى طريف الجاه والمال.
ونواصل عن الطبقة الكسبية التي لا تريد الديمقراطية ولا تحمل براها.
ibrahima@missouri.edu