هزيمة اقتصادية.. كيف ضربت المقاومة تجارة التجسس الإسرائيلية
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، كان العميد الهولندي روب باور، رئيس اللجنة العسكرية لحلف الناتو، في زيارة للأراضي الفلسطينية المحتلة، استعرض خلالها مسؤولو دولة الاحتلال الإسرائيلي قدراتهم التقنية على حدود غزة، حيث عرضوا عليه طرق استخدامهم للذكاء الاصطناعي وأساليب المراقبة بأحدث التقنيات المتطورة. وفقا لبيان حلف الناتو، كان أحد أهداف زيارة العميد الهولندي هو التعلم من خبرات دولة الاحتلال العسكرية و"السعي وراء قدرات عسكرية مبتكرة" (1).
بعد مرور 10 أيام على تلك الزيارة، وفي ساعات الصباح الأولى من يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تضرب المقاومة الفلسطينية ضربة قاسية وموجعة للكيان الصهيوني، هي الأكبر منذ حرب أكتوبر عام 1973، وتفشل كل هذه الأنظمة الحديثة، وتقنيات المراقبة والتجسس الجديدة، في تقديم أي تحذير مسبق حول عملية "طوفان الأقصى"، ليصبح هذا فشلا استخباراتيا شاملا بامتياز، وفي الغالب سوف يُدرس لسنوات طويلة قادمة.
اقتصاد حرب!خلال العقدين الماضيين، وجهت دولة الاحتلال اهتمامها نحو التقنيات العسكرية المتطورة، وبرمجيات التجسس السيبراني، ووضعت كل هذه التقنيات العسكرية في الصفوف الأمامية أثناء حروبها داخل الأراضي الفلسطينية. من الطائرات بدون طيار، التي تستخدم تقنيات التعرف على الوجوه، إلى نقاط التفتيش الحدودية وعمليات التنصت الإلكتروني على الاتصالات، ستجد أن عمليات التجسس لدولة الاحتلال على قطاع غزة هي الأكثر كثافة وتعقيدا وضراوة مقارنة بأي مكان في العالم.
صاحَب هذه الجهود العسكرية التقنية آلة إعلامية هائلة الضخامة، تعمل على مدار الساعة بلا توقف، لتُشكِّل الرأي العام العالمي وتوجهه نحو الاعتراف بقوة وبراعة وتمكن تقنيات الكيان المحتل، بجانب أنه أكبر مصدر للتقنيات الحديثة حاليا في الشرق الأوسط. لكن كل هذه الصورة التي تحاول إسرائيل رسمها وتشكيلها منذ سنوات طويلة محتها ضربة المقاومة المنظمة الأخيرة تماما من الوجود. قد لا يظهر هذا التأثير فورا على المدى القريب، لكن الأمور ستبدأ في الانكشاف بعد فترة، وستبدأ الدول والشركات التي تتعامل مع الكيان المحتل في الشك في قدراته، وقدرات التقنيات التي يقدمها، حتى إن كانت تلك التقنيات متقدمة فعلا، لأنهم ببساطة سيفقدون الثقة في قدرات مَن يصنع ويبيع تلك التقنيات.
يقوم جزء أساسي من اقتصاد الاحتلال في الوقت الراهن على تصدير الأسلحة وتقنيات التجسس الإلكتروني التي اكتسبت شهرة واسعة عالميا خلال السنوات القليلة الماضية. فمثلا وصلت قيمة صادرات دولة الاحتلال من الأسلحة إلى 12.5 مليار دولار خلال عام 2022، وهذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 50% عن السنوات الثلاث السابقة، وبنسبة 100% مقارنة بالعقد السابق (2). وفي شهر مايو/أيار الماضي، صرّح إيال زمير، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن بلاده "تهدف إلى استغلال مهارتها التقنية لتتحول إلى قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي"، متوقعا تطورات قادمة في الحروب الآلية وسهولة في عملية صنع القرار داخل أرض المعركة (3). هذا دون أن نذكر القبة الحديدية التي روجت لها دولة الاحتلال دائما على أنها ستار حديدي لا يُقهر.
"بيغاسوس" (Pegasus)، برمجية للتجسس طورتها شركة "إن إس أو غروب" الإسرائيلية، تستخدمها مخابرات وأجهزة أمنية لأكبر دول العالم المتقدم ومنها المخابرات الأميركية. (شترستوك)على صعيد التجسس السيبراني، وخلال السنوات الأخيرة، انفجر سوق المرتزقة السيبرانيين، وهو مصطلح يشير إلى مجموعة متنوعة من الشركات التي تعمل بمجال الأمن الإلكتروني وتطور وتبيع أجهزة ومعدات وخدمات إلكترونية لأغراض اختراق أجهزة الضحايا. تشير بعض التقديرات إلى وصول قيمة هذا السوق إلى أكثر من 12 مليار دولار عالميا. هذا النمو كان مدفوعا، في جزء كبير منه، بسبب الحكومات التي تسعى إلى الوصول بسهولة لهذا النوع من الأدوات، والأهداف المعلنة هي محاربة الإرهاب والعصابات الإجرامية الكبيرة، أما الأهداف غير المعلنة فهي مراقبة النشاط الإلكتروني بشكل عام. مثلا أشارت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إلى 74 حكومة على الأقل تعاقدت مع هذه الشركات، بين أعوام 2011-2023، لتحصل على برمجيات التجسس وتقنيات التحقيقات الجنائية الرقمية.
دولة الاحتلال الإسرائيلي هي أكبر مصدر لهذا النوع من الشركات والبرمجيات الخاصة بالتجسس، إذ اشترت 56 حكومة، من أصل 74 حكومة، تلك البرمجيات والتقنيات الرقمية من شركات مقرها إسرائيل أو على صلة بها، مثل الشركة التي اشتهرت منذ أعوام قليلة "إن إس أو غروب" (NSO Group)، التي طورت برمجية التجسس الشهيرة "بيغاسوس" (Pegasus)، تلك البرمجية التي تستخدمها مخابرات وأجهزة أمنية لأكبر دول العالم المتقدم ومنها المخابرات الأميركية (4).
قد لا تخسر دولة الاحتلال كل هذا الاقتصاد فجأة، لكنه حتما سيتأثر، ببساطة لأن الصورة الزاهية نفسها التي حاولت رسمها طوال سنوات عن مدى تقدمها التقني والاستخباراتي الخارق لن تعود كما كانت، وتلك هزيمة معنوية كبيرة على جميع المستويات والأصعدة. لكن لماذا وصل الحال بعقلية الكيان الصهيوني إلى الاعتماد المفرط على التقنية، لدرجة الغرور والزهو بالنفس والاطمئنان التام لهذه القدرات الحديثة؟
حكم بشري! الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي ربما يؤدي إلى نتائج عكسية. (الصورة: شترستوك)التقنيات المتطورة في حد ذاتها لا تزيد من خطر الرضا الزائف عن النفس، أو الغرور المفرط، لكنها تؤثر بصورة واضحة على عملية صنع القرار عند الاعتماد عليها بالكامل. فمثلا أصدر مجموعة من علماء الاجتماع ورقة بحثية جديدة، أجروا فيها تجربة مع مستشاري إحدى أشهر الشركات الاستشارية في العالم، وهي "مجموعة بوسطن للاستشارات" (Boston Consulting Group)، استخدم المستشارون نسخة روبوت المحادثة "GPT-4" في عملهم، وتفوقوا على نظرائهم ممن لم يستخدموا الروبوت، وهذا التفوق كان بنسبة فارقة وواضحة، في كل الجوانب، وبكل الأساليب التي قاس بها الفريق أداء هؤلاء المستشارين في الشركة.
لكن الفريق البحثي اختبر فكرة أخرى، وهي تصميم مهمة جديدة، واختيارها بعناية ليضمنوا ألا يصل نموذج "GPT-4" إلى الإجابة الصحيحة، ولا يتمكن من تنفيذها بنجاح. تمكن الفريق من تحديد مهمة تستفيد من النقاط العمياء لنموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، بحيث يقدم إجابة خاطئة ولكنها تبدو منطقية ومقنعة، وتحتاج إلى شخص خبير ليتمكن من حلها. بالطبع نجح المستشارون في إيجاد الحل الصحيح بنسبة 84% من الحالات دون مساعدة من نموذج الذكاء الاصطناعي، ولكن عندما استعانوا بالنموذج، كان أداؤهم أسوأ، وتمكنوا من إيجاد الحل الصحيح بنسبة 60% إلى 70% فقط من الحالات (5).
يخبرنا هذا أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي ربما يؤدي إلى نتائج عكسية، وهو ما أطلقت عليه ورقة بحثية أخرى مصطلح "النوم أثناء القيادة" (falling asleep at the wheel)، إذ وجدت حينها أن مَن اعتمدوا بالكامل على نموذج الذكاء الاصطناعي القوي تكاسلوا وأهملوا وانخفضت مهاراتهم القائمة على حكمهم البشري، بالإضافة إلى أن قراراتهم كانت أسوأ ممن استخدموا نماذج أقل في الإمكانيات، أو لم يستعينوا بأي مساعدة من تلك النماذج.
عندما يكون نموذج الذكاء الاصطناعي قويا ويقدم إجابات مفيدة، فلن يملك البشر حافزا لبذل أي مجهود عقلي إضافي، وبهذا يسمحون للذكاء الاصطناعي بتولي القيادة بدلا منهم، في حين أنه مجرد أداة مساعدة، ولا ينبغي منحه تلك القوة بإصدار الأحكام النهائية أو اتخاذ قرارات تخص العمل. وهو ما حدث في تجربة مجموعة بوسطن للاستشارات، إذ استسهل هؤلاء المستشارون الأمر ووثقوا في إجابات النموذج، ومن ثمّ وقعوا في فخ "النوم أثناء القيادة". موثوقية نماذج الذكاء الاصطناعي قد تكون خادعة إذا لم تعرف أين تقع حدود إمكانياته تحديدا (5).
بالطبع المثال السابق لمجرد توضيح فكرة امتلاك تقنية متطورة تساعدك على صنع القرار، ونحن هنا نتحدث عن شركة تعمل في الاستشارات. بينما في حالة الحروب، فإن صناعة القرار تحتاج إلى حكم بشري وتفكير منطقي وتخطيط إستراتيجي واضح، لهذا فإن الاعتماد المفرط على التقنيات المتطورة قد يؤثر على تقدير صنّاع القرار في تحديد التكاليف المحتملة للعمليات والقرارات العسكرية، وبالتأكيد يمنحهم شعورا بالتفوق، خاصة إذا كان الخصم لا يملك تقنيات مكافئة. التاريخ خير شاهد على خلق التقنيات المتطورة لهذا الإحساس الزائف بالتفوق، وحرب أكتوبر عام 1973 خير دليل؛ حينها تفاخر الكيان الصهيوني، وتراقص طربا في كل محفل، بمدى قوة وبراعة ومناعة خط بارليف، ليأتي الجندي المصري حاملا خرطوم مياه، ويدك هذا الحصن في ظرف ساعات معدودة.
على الجهة المقابلة، استفادت المقاومة الفلسطينية من التقنيات البسيطة والرخيصة التي تتوافر لديها لتنفيذ هذا الهجوم، مستغلة تقنيات مثل الطيران المظلي بمحرك، أو ما يُعرف بـ"Powered paragliding"، التي لم يعتقد أحد بإمكانية استخدامها لأغراض عسكرية إلا في نطاقات ضيقة. ومع ذلك، تحتاج هذه التقنية إلى تدريب جيد، لأن التدريب الضعيف سيشكل خطرا شديدا عند استخدام الآلة إذا ساءت الظروف الجوية. بالتدريب والمثابرة والتخطيط الإستراتيجي الجيد، تمكن الفلسطينيون من تحويل مظلات الهواة إلى أدوات لاختراق دولة الاحتلال (6).
لن تصمم متاهة وأنت بداخلها!ينبغي أن توضع التقنية دائما في إطارها الصحيح وفقا لأقل إمكانات تقدمها وأكثرها محدودية؛ فهي في النهاية مجرد وسيلة وليست غاية في حد ذاتها. لكن الاحتلال الإسرائيلي تختل لوهلة أن الذي يمتلك التقنية الأقوى سينتصر مهما كانت الظروف والأحداث، وأن العالم الذي يخلقه حوله سيجعله كيانا لا يُقهر.
بجانب الكم الهائل من المعضلات الأخلاقية في هذا المفهوم، فإنه من الناحية العملية غير مستدام، ويقدم وعدا زائفا ومبالغا فيه بإمكانيات التقنية والأدوات الحديثة، وأنها ستوفر حلا متكاملا وسحريا لكل شيء. لكن على الجانب العملي فعلا، فإن هذا جزء من الصورة فقط، كأن تدخل المتاهة بنفسك وتحاول تصميمها وتخيل شكلها بالكامل وأنت بداخلها. هذا التفكير ببساطة يغفل أمورا إنسانية كثيرة كالخيال والإصرار والمثابرة والتدريب والتفكير المنطقي والقدرة على حل مشكلات معقدة بالنظر إلى الصورة الأكبر.
في عالم جديد أفرط في جرعة المادية، وضاعت في متاهات صراعاته معظم المعاني، وأصبحنا جميعا نفكر بمنطق رأس المال (مصلحة أو لا مصلحة)، ربما كان الدرس المستفاد هنا هو الرجوع ولو قليلا لتلك الصفات الإنسانية البسيطة جدا، البديهية جدا، الواضحة جدا. تفكير وتخطيط سليم، تدريب جيد على الأدوات المتاحة، دراسة دقيقة للعدو وتوقع ما سيفعله، والأهم اللعب على نقطة غروره المعتادة، كما فعل المصريون عام 1973، بأنه الأقوى بكل هذه التقنيات الحديثة التي يملكها جيشه؛ أمور بسيطة وواضحة ودون تعقيدات كثيرة، تماما مثل التقنيات والأدوات البسيطة التي استخدمتها قوات المقاومة في هذه المعركة الذكية.
ببساطة أكثر، ما حدث هنا هو انتصار للإنسان والإنسانية بمفهومها الأوسع على الآلة، أو ربما ليست الآلة نفسها، بل يمكننا أن نطلق عليه "الإنسان السايبورغ"، الذي اعتقد لوهلة، وصوّر له غروره، أن امتلاكه التقنيات المتطورة سيمنحه ذكاء خاصا ويجعلها تؤدي دوره في التفكير والتخطيط والاستنتاج، لأنه اندمج وتكامل تماما مع هذه التقنية للدرجة التي نسي معها إنسانيته، هذا إن كان يملكها من الأساس!
____________________________________________
المصادر:
1) Chair of the NATO Military Committee visits Israel 2) Israel reports record $12.5 billion defence exports 3) Israel aims to be ‘AI superpower,’ advance autonomous warfare 4) المرتزقة السيبرانيون.. من هم؟ وكيف تستخدمهم الشركات والدول للقضاء على الخصوم؟ 5) تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي الآن.. أو سيسبقك الجميع 6) "ليلة سقوط النمر الورقي".. كيف حوّل الفلسطينيون مظلات الهواة إلى أدوات لاختراق دولة الاحتلال؟المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: نموذج الذکاء الاصطناعی التقنیات المتطورة دولة الاحتلال کل هذه
إقرأ أيضاً:
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في مكافحة الاتجار بالبشر؟
انتقد براين دريك، المدير السابق للذكاء الاصطناعي في "وكالة استخبارات الدفاع" ورئيس قسم التكنولوجيا في Accrete.AI Government، العلاقة العدائية التي تتطور بين صناعة التكنولوجيا ودعاة مكافحة الاتجار بالبشر.
القضية الحقيقية تكمن في سوء تطبيق الاستراتيجية الأمريكية
وقال دريك، في مقاله بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، في حين أن التكنولوجيا، خاصة الذكاء الاصطناعي، تتحمل من اللوم الكثير عن تفاقم الاتجار بالبشر، فإن القضية الحقيقية تكمن في سوء تطبيق الاستراتيجية الأمريكية والاستخفاف بإمكانيات الذكاء الاصطناعي في مكافحة هذه الجريمة.السياق التاريخي والتحديات
وسلط الكاتب الضوء على الطبيعة المستمرة للإتجار بالبشر، ويعود بأصوله إلى "قانون حمورابي". ورغم آلاف السنين من الجهود، ما يزال الاتجار بالبشر مشروعاً غير قانوني مربحاً، حيث يدر حوالي 236 مليار دولار من الأرباح، وفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية. وعلى عكس الاتجار بالمخدرات أو الأسلحة، يوفر العمل القسري إيرادات متكررة بتكلفة ضئيلة للمتاجرين.
With AI assistance, law enforcement could examine blockchain transactions from cryptocurrency wallets tied to digital trafficking. https://t.co/YhkLfyUCi7
— National Interest (@TheNatlInterest) February 1, 2025غالباً ما يخدع الضحايا بوعود العمل أو الهجرة الآمنة. ويستخدم المتاجرون تكتيكات مثل مصادرة جوازات السفر وعزل الضحايا واستخدام العنف أو الإكراه للحفاظ على سيطرتهم على الأوضاع. إنهم ينظرون إلى عملياتهم على أنها لعبة، ويستغلون الأفراد المعرضين للخطر، ويبنون البنية الأساسية لدعم أنشطتهم، ويراهنون على تقاعس الحكومة المحلية أو استجاباتها البطيئة.
استراتيجيات الحكومة الأمريكية
وانتقد دريك الاستثمارات الحالية للحكومة الأمريكية في مكافحة الاتجار بالبشر، مشيراً إلى أنه في السنة المالية 2022، تم تخصيص 75% من ميزانية وزارة العدل الأمريكية البالغة 361 مليون دولار أمريكي لخدمات الضحايا.
وفي حين أن دعم الضحايا يعد أمراً ضرورياً، يقول الكاتب إن هذا النهج يعكس استراتيجيات الحرب على المخدرات، مع التركيز على معالجة "المنتج" بدلاً من الحد من الطلب. وفي الاتجار بالبشر، يعني هذا مساعدة الضحايا بعد الاستغلال دون استهداف المتاجرين أو عملائهم بشكل كافٍ.
وأشار الكاتب إلى أن القوانين الفيدرالية والمحلية غالباً ما تعاقب الضحايا وليس الجناة. على سبيل المثال، يواجه الأفراد المتاجر بهم الذين يتم تهريبهم إلى الولايات المتحدة الترحيل السريع، ويتم مقاضاة العاملات في مجال الجنس المنزلي بشكل أكثر عدائية من عملائهن.
Six months of research, interviews, and in-person encounters has culminated in this article. Thank you to the @StimsonCenter and @TheNatlInterest for publishing my work. #artificalintelligence #HumanTrafficking #technology #TechnologyNews #data #slaveryhttps://t.co/4CyzuVtHiZ
— Brian Drake (@thedrake) January 31, 2025ونوه الكاتب إلى تعثر الجهود التشريعية الرامية إلى تحويل التركيز نحو معاقبة المتاجرين، وقال إنه لا تستفيد سوى قِلة من المنظمات غير الحكومية من التكنولوجيا للحد من الطلب.
التطور الرقمي للإتجار
وتكيف المتاجرون مع العصر الرقمي، مستخدمين الأساليب الإلكترونية لإجراء المعاملات وغسل الأموال. وتُعد العملات المشفرة وأنظمة الدفع من نظير إلى نظير وسائل مفضلة لقدرتها على تجاوز المراقبة المالية التقليدية. ومن المزعج أن بعض الضحايا يحملون وشماً على شكل شريط أو رمز الاستجابة السريعة، مما يتيح للمتاجرين تعقبهم والتحقق من المدفوعات وتحليل أداء الأعمال.
يتم استغلال المنصات عبر الإنترنت، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي ولوحات الوظائف ومواقع المواعدة، لتجنيد الضحايا وخدمات الإعلان. ويمكن للمستهلكين حتى تقييم ومراجعة الأفراد المستغلين، مما يعزز من تسليع البشر في الاقتصاد الرقمي.
فرص تدخل الذكاء الاصطناعي
وأوضح الكاتب أن رقمنة الاتجار تقدم فرصاً لإنفاذ القانون. ومع ذلك، تظل أساليب التحقيق الحالية تقليدية، وتركز على المتاجرين الأفراد والمعاملات المحددة. وتستخدم قِلة من الوكالات نهجاً يركز على الشبكة، ويشوب العمليات اليدوية القصور مقابل النطاق الهائل للبيانات الرقمية المعنية.
وأشار دريك، مستشهداً ببيانات من "المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين"، إلى أنه في عام 2023، تم تلقي أكثر من 36 مليون تقرير عن استغلال جنسي مشتبه به للأطفال، مع 27800 تقرير عن الاتجار الجنسي بالأطفال في عام 2024. ومن المرجح أن تقلل هذه الأرقام من تقدير النطاق الإجمالي للنشاط الرقمي المرتبط بالاتجار، مما يؤكد الحاجة إلى أدوات تحليلية متقدمة.
الدعوة إلى حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي
ودافع دريك عن دمج الذكاء الاصطناعي والاستيعاب الآلي للبيانات لتعزيز قدرات إنفاذ القانون، معترفاً بمخاوفه من التحيزات الخوارزمية، منوهاً إلى أن هذه القضايا تنشأ عن التطبيقات الموجهة بشكل خاطئ للذكاء الاصطناعي والتي تركز على الضحايا بدلاً من الجناة.
ومن خلال تركيز جهود الذكاء الاصطناعي على أنشطة المتاجرين والبنية الأساسية والآثار الرقمية، يمكن لإنفاذ القانون الكشف عن العقد الحرجة في شبكات الاتجار. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل معاملات سلسلة كتلة بيانات من محافظ العملات المشفرة المرتبطة بإعلانات الاتجار عبر الإنترنت، وكشف المواقع وطرق الاتصال. ويمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أيضاً جعل عملية إنشاء المستندات القانونية تلقائية، مما يقلل من الأعباء الإدارية وتسريع الملاحقات القضائية دون إخضاع الضحايا لصدمات متكررة.
الخلاصة
وخلص الكاتب إلى أن الاتجار بالبشر، مثل غيره من المهن غير المشروعة، يتبع أنماطاً يمكن تعطيلها باستخدام الأدوات المناسبة. وأكد أن اعتماد جمع البيانات الآلي والتحليلات القائمة على الذكاء الاصطناعي ليس مفيداً فحسب، بل ضروري لمعالجة هذا التهديد للكرامة الإنسانية والأمن الدولي. ودون مثل هذه التطورات، سيستمر المتاجرون في استغلال التقنيات الرقمية، وستظل الجهود المبذولة لمكافحة العبودية الحديثة غير كافية.
ودعا الكاتب إلى إحداث تحول نوعي في استراتيجيات مكافحة الاتجار بالبشر، وحث حكومة الولايات المتحدة وشركائها على تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لاستهداف المتاجرين بشكل فعال وتفكيك شبكاتهم. ومن خلال القيام بذلك، يمكن للمجتمع أن يقترب من القضاء على هذه الآفة الدائمة.