محاور : فلسطين .. أيقونة الصمود والمقاومة
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
ما يحدث في فلسطين وفي قطاع غزة تحديدًا لا يمكن تجاهله أبدًا، كيف لأي عاقل ألا يلين قلبه وعواطفه مع إخواننا في هذا القطاع، الذي شكَّلَ أيقونة للصمود ببقائه ومقاومته الشريفة ضد المحتل وعدوانه الغاشم الذي لا يتوقف ويزداد شراسة وشرًّا ضدهم وهم عُزَّل ليس لهم سلاح إلَّا الصبر، وعدوّهم مدجج بكلِّ المعدات والأسلحة العسكرية، بل ويحظى بدعم عالمي يشرع له القتل والتدمير والتهجير والفصل العنصري وممارسة جميع أشكال العنف، وفي المقابل لا يجد أشقاؤنا في فلسطين إلَّا الخذلان والتجاهل للأسف الشديد.
معادلة غير منصفة استمرَّت لعقود طويلة ضد الشعب الفلسطيني المقاوم، وعلى الرغم من ذلك لم يمُت بل ظل يقاوم لأجل كرامته والدفاع عن مقدَّسات المسلمين وعن أرضه وشرفه، وعملية طوفان الأقصى التي بدأت في السابع من أكتوبر والتي جاءت نتيجة للانتهاكات المتكررة من قبل العدوِّ والاقتحامات غير المبررة للمسجد الأقصى والتنكيل بالمصلين رجال ونساء شيوخًا وأطفالًا، تؤكد قوَّة هذا الشَّعب وصلابته وطموحه في استرداد كلِّ حقوقه المسلوبة، وقد جاء الرد من قبل المقاومة الفلسطينية الباسلة بهذه العملية التي فاجأتنا جميعًا وأثلجت صدورنا بنتائجها ونجاحها في إذلال جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي طالما تباهى بقوَّته الاستخباراتية والأمنية وعتاده الذي لا يقهر، إلَّا أنَّه اخترق بعزيمة الفلسطينيين وإرادتهم القوية.
وبعد الإذلال الذي تعرض له المحتل، جاءت ردة فعله كالعادة باستهداف المدنيين العُزَّل في قطاع غزة للضغط على المقاومة التي نجحت في أسْر الكثير من جنود الاحتلال، وهذا ديدن الاحتلال وأخلاقه الرديئة وخطته كما يزعم باستهداف مواقع المقاومة، حيث إنَّه وحسب وزارة الصحة الفلسطينية استشهد حتى الآن أكثر من 2200 نسبة كبيرة منهم أطفال ونساء، ليس هذا وحسب فقد وصلت دناءة الاحتلال بقطع الماء والكهرباء والخدمات العامة عن سكان غزة ضاربًا بالقوانين الدولية عرض الحائط، واستخدم الفسفور الأبيض المحرم دوليًّا في قصف المدنيين العُزّل، وتجاوزات صريحة واضحة وانتهاكات وجرائم حرب أمام العالم، العالم الذي خذل فلسطين ولم يكترث بمآسيها.
كعرب ومسلمين يجب أن نقف مع إخواننا بدعم المحتوى الذي يؤيد موقفهم المشرِّف وتكذيب الروايات الإسرائيلية المزيفة، فـ»إسرائيل» بارعة في صناعة الكذب ولكنَّنا واعون جدًّا لمحاولاتهم البائسة في تغييب القضية الفلسطينية ومدركون للحقيقة التي لن تضيعَ ـ بإذن الله ـ بأنَّ للفلسطينيين حقهم في العودة إلى أراضيهم المغتصبة وحقوقهم المنهوبة، كان الله في عون أشقائنا في غزة الصمود، غزة الإباء، غزة العزة، ونسأل الله أن ينصرهم ويثبت أقدامهم.. آمين يا رب العالمين.
عيسى بن سلام اليعقوبي
Issasallam@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
اليمن.. سِــرُّ الصمود والوفاء
إسماعيل سرحان
عندما نتحدث عن الشعب اليمني، يتبادر إلى الذهن شعور عميق من الفخر والعزيمة، لكن ما هو سر هذا الصمود المذهل، وهذه الإرادَة الفولاذية التي لم تنكسر أمام مثالب الزمان؟ إن هذا السؤال هو ما يجعل القلوب تحنّ للإجَابَة، وتتلهف العقول للبحث عن الخيوط التي تربط بين الماضي والحاضر.
في تجوالٍ بين الآراء، نجد بعض الإخوة يتعجبون، ويحاولون جاهدين فهم سر تلك الوقفة القوية، إنهم يرون في ذلك شيئًا يفوق الوصف، شيئاً قد يبدو لهم بعيدًا عن الواقع أَو مُجَـرّد أساطير.
بينما البعض يعتقد بأن جذور القوة والثبات تعود إلى عصورٍ غابرة مثل (عهد شمر يهرعش ومعد يكرب، وغيرهم من الحضارات القديمة)، لكن علينا أن نكسر هذه الأسس المُتخيلة؛ لأَنَّها ليست صحيحة، فالجذر الحقيقي والسر للصمود والتفاني لا يرتبط بتاريخٍ قديم، ولا جغرافيا معينة، ولا اختلاف طينة عن أُخرى، فنحن كما جميع الشعوب، نعيش في القرن الواحد والعشرين، نأكل كما يأكلون، ونشرب مثلما يشربون، نحلم بتكوين أسر جديدة، وامتلاك منازل وسيارات حديثة، نسعى لتعليم أبنائنا، وتأمين مستقبلهم، نحلم بالمستقبل، نطمح إلى العيش الكريم، نبحث عن التعليم والرعاية الصحية، ونعتمد على التكنولوجيا في حياتنا..
لسنا كائنات من زمن الفتوحات، ولا نحمل جينات تختلف عن جينات الآخرين، نحن، مثل بقية الشعوب العربية، نعيش في عالم اليوم، ببساطة كأي إنسان آخر.
لكن هنا يكمن الفارق: القيادة، نحن نحظى بقيادة ربانية، تتبنى منهجًا قرآنيًّا خالصًا يجسد قيمنا ومبادئنا ويسير بنا نحو الحق، يشدنا إلى الله، ويربطنا به.
قائد يجسد الشجاعة بكل جوانبها، هو من يواجه المجرمين والطغاة والظالمين.
شخص يعرف أمريكا بحجمها الحقيقي من منظور إيماني، لا يعرف الخوف إلا من الله سبحانه وتعالى، فهو بحق سند للمظلومين، وشوكة في حلوق الطغاة والمستكبرين.
ومع كُـلّ ذلك، ليس الغرض من الصمود والوفاء مع المظلومين هو تحقيق مكاسب دنيوية، أَو شهرة، أَو شعبيّة وغيرها، بل إن هذا كله لا يتعدى كونه ابتغاءً لمرضاة الله عز وجل.
فهذا هو السر الجوهري وهذا الأمر ليس حكرًا على اليمنيين فحسب، بل يجب على كُـلّ الأُمَّــة أن تسعى لأن تتمسك به؛ لأَنَّها وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للأُمَّـة كُـلّ الأُمَّــة، كي لا تضل، وهي الثقلان: القرآن والعترة الطاهرة؛ فكم من أُمَّـة خسرَت وذَلَّت، وضلت، وتاهت؛ لأَنَّها ابتعدت عن تلك الوصية، وفارقت النبي وأوامره من اللحظات الأولى، فأصبحت في سقوط وانتكاسات.
في النهاية، إن النصر والغَلَبة والقوة تَتَجذر في ارتباط وثيق مع مَن يتولون الله ورسوله وأعلام الهدى من آل البيت عليهم السلام، كما قال الله في محكم التنزيل: “وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ”.
فلنتمسك جميعًا بهذه المبادئ العظيمة ولنعود إليها، ولنستمد منها القوة في مواجهة التحديات، فالمصير مشترك، والصمود واجب، والإيمان والتولي العملي والصادق هو السلاح الفعال، وسبب رئيسي للغلبة والنصر.