صدرت مؤخرا عن دار النهضة العربية طبعة جديدة ثالثة من كتاب "حماية الشعوب في زمن الحروب" للمستشار الدكتور خالد القاضي رئيس محكمة الاستئناف والباحث في القانون الدولي.   ويتزامن صدور الكتاب في التوقيت الهام ليدق ناقوس الخطر على ضرورة حماية المدنيين أثناء الحروب الدائرة رحاها الآن في بلاد كثيرة من العالم المعاصر .

  والكتاب هو دراسة قانونية دولية فقهية مقارنة ، موثقٌ ومؤسسٌ على فقه القانون الدولي على مستوى العالم منطلقاً من نظرة تاريخية شاملة ، ومنهج فقهي مقارن ، ودراسات إحصائية كاملة.    وتم تقسيم الكتاب إلى أربعة أبواب رئيسة هي: أصول القانون الدولي ومبادئه، وعدم مشروعية الحرب  في القانون الدولي المعاصر، ودور القانون الدولي في حماية الشعوب في زمن الحرب، ودور الشريعة الإسلامية في حماية الشعوب في زمن الحرب، والقانون الدولي المعاصر والحرب ضد الإرهاب وملحق حول وثيقة الأخوة الإنسانية .   كتب مقدمة الكتاب الدكتور فؤاد رياض القاضي السابق في المحكمة الجنائية الدولية في طبعته الأولى الصادرة عام 2012 ، وذكر فيها أن المؤلف الدكتور خالد القاضي قد اختار موضوعاً مهماً في هذه اللحظة الحضارية التي تشابكت فيها العلاقات والمصالح واندلعت فيها الأهواء والصراعات في خريطة العالم، وبمسئولية الباحث الملتزم بمنهجيته وضع القانون الدولي مرجعية علمية يتخذ منها القواعد الكلية التي تحتم على الإنسانية احترام حق البشر في الحياة والأمن.   وأضافت مقدمة الكتاب لرياض، أن المؤلف قرأ تجارب الأمم في سياقاتها الحضارية التي تقدم لإنسان العصر مادةً تاريخيةً تفيد في صياغة أسس احترام الروح التي جعلها الله سراً من أسراره، وطالب الإنسان باحترامها في الكائنات كافة، واستطاع المؤلف أن يطرح قضية حماية الشعوب بوصفه داعية سلام دولي يشارك في صياغة خطاب عالمي ينذر الإنسانية ، ويحذرها من مغبة النزق وقصور الرؤية والانسياق لانفعالات التدمير والخراب.   واختتم رياض مقدمة الكتاب بوصفه أنه عمل مستنير من عالم جليل بذل فيه خالص جهده ليرسي مبدأ احترام الحياة والكون والسلام، هذا المبدأ الذي حثت عليه الأديان، وشغل الفلسفة الإنسانية على مر الزمن، من الكونفوشية الشرقية إلى الأفلاطونية الإغريقية، ومجّد الشعراء كل الداعين إليه "وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم" وقد ذاقت الإنسانية ويلات متوالية كأمواج البحر الأسود لكنها مازالت تتلمس سبل السلام التي يحث عليها بوعيٍ ومنطقيةٍ ومنهجية.   تبلغ عدد صفحات الكتاب  460 من القطع المتوسط بغلاف فاخر ، ويتم توزيعه بدار النهضة العربية والمعارض الدولية والمكتبات الكبرى داخل وخارج مصر .    





المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: دار النهضة العربية محكمة الاستئناف القانون الدولي القانون الدولی

إقرأ أيضاً:

مبادرة الحضارة العالمية: شراكة جديدة بين الحضارتين الصينية والعربية

د. غادة كمال
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

في هذا التوقيت الصعب، والعالم يتجه نحو الحروب وانتشار الفوضى من غزة ولبنان إلى اليمن، وأوكرانيا، والسودان، وتهب رياح الحرب الباردة من جديد، وتتعزز التحالفات والتكتلات في آسيا وأوروبا، ويشتد الصراع في أفريقيا، وتهتز أسس الاقتصاد العالمي، وتتسع الفجوة بين الطبقات، ويبدو وكأن العالم على حافة حرب عالمية جديدة، إن حدثت، لن يتعافى منها قبل مئات الأعوام.
وتأتي أهمية "مبادرة الحضارة العالمية" التي تهدف إلى استرداد مفاهيم التعايش السلمي، ومنع الحروب، وتخفيف التوتر الدولي الحالي. وهي نداء لتعزيز الحوار بين الشعوب، والتبادل الثقافي والفكري بين الحضارات، والتمسك بالقيم، وتفهُّم تقاليد وأنماط الحضارات المختلفة واحترامها، وتبادل المصالح، واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم تدخل دولة في شؤون دولة أخرى أو فرض هيمنتها عليها، وبناء التوافق السياسي، وتعزيز التعاون والمواءمات الاستراتيجية التي تحقق آمال الشعوب، وإرساء أسس سليمة لبناء تقدم الحضارات، وتعزيز الاستفادة المتبادلة بين مختلف الثقافات.
ولا شك أن مبادرة الحضارة العالمية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية خطوة هامة نحو تعظيم التقارب والتفاهم بين الثقافات المختلفة.

1. الصين والدول العربية

تمثل العلاقات الصينية العربية نموذجًا مهمًا في إطار العلاقات الخارجية لكل من بكين والدول العربية، حيث تتشابه الصين مع العالم العربي في انتماء كل منهما إلى أمة ذات حضارة تاريخية عريقة. وقد دعا الجانبان إلى تعزيز الحوار بين مختلف الحضارات والشعوب، ويجري التعاون بينهما في أنشطة متنوعة في مجالات التبادل الإنساني والثقافي من خلال منصات وآليات مثل منتدى التعاون الصيني-العربي ومنظمة التعاون الإسلامي، مما عزز التفاهم والصداقة بين الشعوب في العالم العربي والإسلامي والصين.
وقد شهدت العلاقات تطورًا كبيرًا خلال العقدين الأخيرين، إذ تواصل الصين والدول العربية تعزيز التعاون الاستراتيجي في كافة المجالات، حيث تدعم الدول العربية الجهود التي تبذلها الصين للحفاظ على مصالحها الجوهرية، وتلتزم دائمًا بمبدأ الصين الواحدة. في المقابل، تدعم الصين جهود الدول العربية لتعزيز الاستقلال الاستراتيجي والحفاظ على السيادة وتسوية النزاعات بالحوار.
لذا، أصبح تعزيز التعلم المتبادل بين الحضارتين الصينية والعربية أمرًا بالغ الأهمية لدفع الاستقرار والتنمية في الجنوب العالمي، وتحقيق ازدهار الحضارات. كما أن الحوار الحضاري والثقافي بين الجانبين ضرورة عصرية، ووسيلة لتحقيق المنفعة المشتركة بعيدًا عن منطق الهيمنة والمصلحة الضيقة.

2. آليات التعاون بين الحضارتين الصينية والعربية

شهدت مجالات التعاون تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصة في المجالات الثقافية والتعليمية والتكنولوجية. ومنها:

• منتدى التعلم والاستفادة المتبادلة

عُقد "منتدى أعمال الحوار الحضاري لخطة التعاون 10+10 بين الجامعات الصينية والعربية" في أكتوبر 2024 بجامعة شانغهاي، كأحد مخرجات الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، وأكّد عليه الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ويُعد المنتدى قرارًا استراتيجيًا يهدف إلى تعميق التعاون الأكاديمي والثقافي والابتكار والتنمية المستدامة، لمواجهة التحديات العالمية، وتعزيز بناء مجتمع المصير المشترك.

• منتدى التعاون العربي-الصيني

يُعد المنتدى إطارًا فعالًا للحوار والتعاون في مختلف المجالات (السياسية، الاقتصادية، الثقافية). ويضم 19 آلية، منها المؤتمرات الوزارية والحوارات الاستراتيجية، وأصدر 85 وثيقة لتعزيز التعاون المشترك، خاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية، مع توقيع اتفاقيات تبادل العملات مع دول عربية.
كما يشهد الجانبان نشاطًا كبيرًا في تعليم اللغتين الصينية والعربية، مما يعزز التفاهم الثقافي المتبادل.

• مبادرة الحزام والطريق

تمتد جذور التواصل الحضاري بين العرب والصينيين منذ طريق الحرير القديم، وتواصلت عبر "مبادرة الحزام والطريق"، التي نفذ الجانبان في إطارها أكثر من 200 مشروع تعاون.
ورغم الطابع الاقتصادي للمبادرة، إلا أنها تشمل أبعادًا ثقافية واستراتيجية عميقة، تعزز الاحترام المتبادل والترابط الحضاري بين الشعوب.

3. العلاقات المصرية-الصينية "نموذجًا"

العلاقات بين مصر والصين تاريخية، تعود إلى طريق الحرير القديم، واليوم تشهد هذه العلاقات نقلة نوعية في ظل شراكة استراتيجية شاملة.
وُقعت اتفاقيات متعددة تشمل التعاون الإعلامي والثقافي والتعليمي والاقتصادي، وتم تضمين اللغة الصينية في المناهج الدراسية المصرية، بجانب تبادل الزيارات، والبرامج الثقافية، وتوقيع برامج تنفيذية مشتركة.
تجسد هذه العلاقة نموذجًا للتعاون الثقافي بين الصين والدول العربية، وشراكة تسهم في بناء مجتمع المصير المشترك.

التحديات

صعوبة التواصل اللغوي.

ضعف الدراسات الأكاديمية عن الصين.

ضعف حركة الترجمة.

قلة الباحثين المتخصصين.

ضعف التعاون الإعلامي والثقافي.

اعتماد الإعلام على مصادر غربية.

التوصيات

تشجيع الترجمة بين اللغتين.

إنشاء آلية تواصل فعالة.

تنفيذ مشروعات بحثية مشتركة.

إنشاء قاعدة بيانات للخبراء.

تفعيل المراكز الثقافية وزيادة المنح الدراسية.

تنويع وسائل الإعلام وتبادل الوثائق والرؤى.

ختامًا

تمثل "مبادرة الحضارة العالمية" والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية خطوة ضرورية لبناء عالم أكثر فهمًا وتسامحًا، وتُعد دعوة لمواجهة خطابات الكراهية، وإرساء أسس السلام. وهو ما يستدعي إيجاد صيغة ملائمة للتعاون بين جميع الشعوب لصناعة مستقبل أكثر استقرارًا وإنسانية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: المساعدات الإنسانية التي نقدمها في غزة تتم وفق مبادئ الإنسانية
  • نسيمة سهيم… نموذج المرأة المناضلة التي وضعت الإنسانية فوق كل اعتبار
  • فضيحة نفق رفح تذكّر بحروب اندلعت من خلال أكاذيب.. تعرف عليها
  • منصة عين تدشّن أربعة كتب جديدة ضمن مشروع الكتاب الصوتي
  • مبادرة الحضارة العالمية: شراكة جديدة بين الحضارتين الصينية والعربية
  • مقدمة إذاعة مدرسية جديدة عن عيد تحرير سيناء.. أفضل تعبير عن البطولة المصرية
  • أبرز أوجه الشبه بين سياسيين دمّروا العالم بطموحهم
  • حروب خاسرة
  • إطلاق فعالية وتوقيع كتاب “الهوية الوطنية” لجمال السويدي بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط
  • مستشفى الكلية الجراحي بدمشق يتسلم مساعدات طبية مقدمة من منظمة “‌ميدغلوبال” الإنسانية