تاسعًا «دمج الأندية الرياضيَّة في السَّلطنة».
تستطيع الأندية أن تحدثَ نهضة رياضيَّة ـ ثقافيَّة، فإلَيْها تنضمُّ المواهب وفي رعايتها تنشأ وتنمو. ومن المجحف أن ننظرَ إلى الأندية من زاوية ضيِّقة لا ترى هدفًا من وجودها أبعد من اللعب واللهو وسدِّ الفراغ، وممارسة هوايات كرة القدم والسلَّة والسهر وخلافه… فعِندما أتذكَّر الدَّوْر الريادي الذي كان يضطلع به «نادي المضيرب»، ومَن في حُكمه من الأندية الأخرى في مناطق وولايات سلطنة عُمان، في تعميق الوعي، في نهاية السبعينيَّات وبدايات الثمانينيَّات، وأنا في مقتبل مرحلة الشَّباب، أتحسَّر اليوم على هذا التراجع الكبير والانكماش المتواصل والضعف الذي وصلت إليه الأندية، درجة أنَّ أدوارها المُجتمعيَّة وتأثيرها المتنوِّع اضمحلَّ ولَمْ يَعُد محسوسًا كما هو عَلَيْه الحال في الماضي.

لقَدْ كان نادي «المضيرب»، كما أتذكَّره، يُشكِّل حاضنة حقيقيَّة لمُجتمع البلدة وقرى الولاية والمنطقة التي يمتدُّ نشاطه إليها، فكان على تواصل مستمرٍّ وتنسيقٍ فاعل مع أفراد هذا المُجتمع، في تعزيز التعاون والقيام بالأعمال والمبادرات الخيريَّة ومدِّ يَدِ المساعدة والعون في تعميق الوعي، والقيام بحملات التنظيف وصيانة المرافق. وكانت تُنظَّم في مقرِّه الأمسيات الثقافيَّة والفعاليَّات الأدبيَّة والمسابقات الشعريَّة التي تجذب الشّعراء والأدباء والمثقَّفين وعموم المواطنين من كُلِّ مناطق السَّلطنة. وأطلق مجلة «الغدير»، التي صُنفت في وقتها من أبرز المجلَّات الأدبيَّة والثقافيَّة التي شكَّلت إضاءة مُهمَّة في طرح وتناول مواضيعها المتميِّزة، وإشعاعًا معرفيًّا استقطبت أقلام وإبداعات العشرات من الشخصيَّات البارزة في سلطنة عُمان وعموم العالَم العربي، للكتابة ونَشْرِ مساهماتهم وإنتاجهم في صفحاتها. وبذَلَ النادي جهدًا ملموسًا في دعم وتشجيع المُبدعين وأصحاب المواهب في مختلف الفنون والآداب، ونَشْر وتشجيع أعمالهم المختلفة أو عرضها في مقرِّ النَّادي. وعلى المستوى الرياضي كانت الأنشطة والبرامج مصحوبة بالشغف وقوَّة الإرادة وعُمق الإيمان بأهمِّية ودَوْر النَّادي في هذا الجانب، الأمْرُ الذي كان دافعًا في تحقيق مكاسب ونجاحات بارزة ومشهودة، فقَدْ نظَّم العديد من البطولات والمنافسات واللقاءات والمباريات الأخويَّة، وجذب خلفه جماهيره التي وقفت مسانِدةً ومُشجِّعة ومساهمة حتَّى بالمال. ومن النَّادي تأسَّست فِرق رياضيَّة، واكتُشفت وتخرَّجت مواهب في مختلف المجالات احتضنتها مؤسَّسات خاصَّة وحكوميَّة وأندية أخرى… فالمواهب الرياضيَّة والفنيَّة والأدبيَّة في عالَم اليوم تُمثِّل مكسبًا وطنيًّا عالي القِيمة. ففوز رياضي أو روائي أو شاعر أو ممثِّل أو رسَّام… والمنتخب الوطني، بميداليَّات وجوائز وشهادات عالَميَّة يقدِّم عُمان ويُسهم في إعلاء شأنها ويرفع اسمها في المحافل الدوليَّة، ويُروِّج لها سياحيًّا ويُعرِّف بتاريخها ودَوْرها الحضاري، ويُعبِّر عن الكفاءات العُمانيَّة وما تجده من دعم وتشجيع محلِّي. تراجع دَوْر الأندية في الحاضر تَعُودُ أسبابه ـ في نظري ووفقًا لتقييمي المتواضع ـ إلى: إطلاق وإشهار الكثير مِنْها، بما يزيد ويفوق الحاجة والجدوى، ما سبَّب تشتُّتًا وضعفًا في الدَّعم المالي والجهد المُجتمعي وعدد المنضوين، ومنافسة شرسة بَيْنَ الأندية من ناحية، وبَيْنَ المتنافسين على المناصب وعضوية إداراتها من جانب آخر، دخلت فيه كُلُّ وسائل الصراع المعلنة والمخفيَّة المشروعة وغيرها. ثانيًا: غياب أولئك المؤسِّسين الكبار المؤمنين بدَوْر الأندية ومكانتها وأهدافها الواسعة ودعمهم السَّخي غير المحدود. ثالثًا: غياب النظرة الاستثماريَّة والتخطيط النَّاجح لاستثمار أموال الأندية وتعزيز مواردها والبحث عن مصادر جديدة تغذِّي احتياجاتها المادِّيَّة النَّامية. رابعًا: ضعف التشجيع الحكومي وإهمال الدَّوْر الواسع الذي يُمكِن أن تضطلعَ به الأندية في مُجتمعاتها وتأثيرها الإيجابي الواسع. أخيرًا: انشغال أفراد المُجتمع بالوظائف والأعمال وتوفير الحياة الكريمة وللتغلُّب على متطلبات المعيشة التي أصبحت تستهلك مُعْظم الوقت اليومي للنَّاس. مجلس الشورى الذي أعدَّ وقدَّم عشرات الدِّراسات المتخصِّصة عَبْرَ مَسيرته الطويلة، وبأسلوب أخَذ في الاعتبار الشموليَّة والاستفادة من جميع الخبرات والالتقاء بالمسؤولين وأصحاب الاختصاص… لَمْ يتجاهل مكانة الأندية ضِمْن خريطة المشهد الوطني، وأهمِّيتها في قائمة الموضوعات والقضايا المحلِّيَّة التي يجِبُ أن تدرسَ وتُقدَّمَ حَوْلَها توصيات ومرئيَّات تعالج أوضاعها، فاستخلص بأنَّ دمجها وتقوية أدوارها ورفع مخصَّصاتها الماليَّة وتوحيد الجهود وإقناع مجالس إداراتها بفوائد الدَّمج سوف يُعزِّز مكانتها ويُحقِّق أهدافها بشكلٍ أكبر مقارنة بالتشتُّت الحاصل وتبعثُّر الجهود، فقدَّم دراسة شاملة باسم «دمج الأندية الرياضيَّة في السَّلطنة»، وهي من بَيْنِ الموضوعات التي أحالها المقام السَّامي إلى المجلس، فشكَّل لها لجنة خاصَّة ممثَّلةً بأعضاء من جميع محافظات سلطنة عُمان، ووضعت اللجنة «خطَّة عمل مُحْكمة بمراحل دراستها شملت القيام بزيارات ميدانيَّة لأغلب أندية السَّلطنة والتقت بمجالس إدارات هذه الأندية وبعدد من ذوي الرأي والخبرة من أهالي الولايات في مختلف محافظات السَّلطنة، وخلصت إلى إقرار مبدأ الدَّمج ودَوْره في النهوض بقِطاع الشَّباب والرياضة وتطويره، على أن يكُونَ طرحه وتطبيقه ضِمْن استراتيجيَّة متكاملة للارتقاء بقِطاع الشَّباب والرياضة بما تتطلبه من تحديد الأهداف المتوخاة من الكيانات الفاعلة في هذا القِطاع، والبحث عن مصادر تمويل بديلة من خلال إيجاد مصادر للتمويل الذَّاتي، وتأسيس المرافق واستكمال التجهيزات والبنية الأساسيَّة الضروريَّة لتسيير هذا القِطاع الحيوي، وتجميع ومراجعة وتطوير التشريعات المتعلِّقة به. وتطرَّقت اللجنة كذلك، إلى الأُسُس والضوابط التي يعتمد عَلَيْها في تطبيق سياسة الدمج…»، مع العِلم أنَّ دراسة المجلس رُفعت إلى السُّلطان في أكتوبر 1994م، فيما لا يزال هذا القِطاع المُهمُّ متعثرًا حتَّى اليوم، والانتقادات الحادَّة تنمو من قِبل المُجتمع على أدائه.

سعود بن علي الحارثي
Saud2002h@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة التی

إقرأ أيضاً:

محافظ الفيوم يتابع معدلات الآداء بملفي التقنين والتصالح وموقف المتغيرات المكانية‎

تابع الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، معدلات ونسب الآداء بملفي تقنين أراضي أملاك الدولة، والتصالح في بعض مخالفات البناء، وموقف الرد على المتغيرات المكانية، والشكاوى الحكومية، وتراخيص البناء والمحال التجارية، مؤكداً على أهمية تكثيف عمل اللجان وتضافر الجهود لتسريع وتيرة العمل لنهو كافة الملفات فى المواعيد المقررة، مشدداً على استرداد أراضي الدولة من غير الجادين والأراضي المرفوض تقنينها، في إطار الحفاظ على ممتلكات الدولة وحق الشعب.

جاء ذلك خلال الاجتماع الدوري مع رؤساء مجالس المدن، وممثلي الجهات ذات الصلة، والذي عُقد بحضور الدكتور محمد التوني نائب المحافظ، وكامل غطاس سكرتير عام المحافظة، و أحمد شاكر السكرتير العام المساعد، والدكتور أسامة دياب وكيل وزارة الزراعة، والمهندس محمد عبد الوهاب وكيل وزارة الإسكان، ومصطفى زين العابدين مدير عام أملاك الدولة بالمحافظة، و هاني الحسيني مدير الدعم الفني ومتابعة المراكز التكنولوجية، وأحمد خضر مدير عام الشئون المالية والإدارية، ومحمد عبد المعز مدير عام الشئون القانونية، والمهندسة أمل حسين رئيس وحدة البنية المعلوماتية المكانية، و أمل نادى مدير المنظومة الإليكترونية لتقنين أراضى أملاك الدولة، والمهندسة مي فوزي مديرعام التخطيط العمراني بالمحافظة، ومديري إدارات الأملاك والمراكز التكنولوجية بمجالس المدن، وممثلي الجهات ذات الصلة.

تكثيف عمل اللجان

خلال الاجتماع، تابع محافظ الفيوم، معدلات الأداء بملف تقنين أراضي أملاك الدولة، مؤكداً على أهمية تكثيف عمل اللجان وتضافر الجهود لتسريع وتيرة العمل لنهو كافة الملفات فى المواعيد المقررة، مشدداً على استرداد أراضي الدولة من غير الجادين والأراضي المرفوض تقنينها، في إطار الحفاظ على ممتلكات الدولة وحق الشعب، مشدداً على سرعة التعامل مع طلبات التقنين غير الجادة، وتحصيل المبالغ المالية المستحقة "ما عاد بالنفع" على أصحاب الأراضي المرفوض تقنينها والعمل على سرعة استردادها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتعدين عليها حفاظاً على المال العام.

وأكد المحافظ، على سرعة إنهاء الدورة المستندية والإجراءات الإدارية البسيطة، التي قد تعيق نهو العديد من الملفات الخاصة بتقنين أراضي أملاك الدولة، بما يسهم فى الارتفاع بمعدلات آداء المحافظة فى هذا الملف الحيوي المهم، بجانب سرعة نهو وتقفيل جميع المعاينات المتعلقة بهذا الملف، مشدداً على سرعة تسجيل كافة البيانات والإجراءات والمراحل المتعلقة بملف تقنين أراضي أملاك الدولة على المنظومة الإليكترونية المعدة لهذا الشأن بديوان عام محافظة الفيوم، والعمل على الارتفاع بنسب الإنجاز فى هذا الملف، وتكثيف الأعمال وتضافر الجهود بمختلف مراكز المحافظة.

كما تابع محافظ الفيوم، خلال الاجتماع، معدلات ونسب الأداء بملف التصالح في بعض مخالفات البناء بمختلف قرى ومراكز المحافظة، مؤكداً على تكثيف عمل اللجان الفنية، وتسريع وتيرة العمل بهذا الملف لنهو جميع الطلبات المقدمة في أقرب وقت ممكن، موجهاً بسرعة نهو ملفات التصالح المتوقفة على الإجراءات الخاصة بالجهة الإدارية بكل مجلس مدينة، مع دعم مجلس طامية بلجنة عمل إضافية لسرعة نهو الملفات والطلبات الموجودة بالمجلس.

كما تم خلال الاجتماع، استعراض تقرير المتغيرات المكانية، وعدد المتغيرات التي تم رصدها بكل مركز، ووجه المحافظ، رؤساء المدن، بسرعة الرد على المتغيرات غير القانونية التي تم رصدها، والتعامل الفوري مع المتغيرات الحديثة وسرعة إزالتها إن وجدت تعديات، مع اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيال المخالفين، مؤكداً على سرعة الرد على كافة المتغيرات، وكذا الرد على كافة الشكاوى الحكومية الواردة لمجالس المدن، في إطار التخفيف على المواطنين والاستجابة الفورية لمطالبهم ووضع الحلول المناسبة لشكاواهم.

كما تناول الاجتماع، استعراض موقف حملات إزالة التعديات على أراضي أملاك الدولة، ضمن الموجة 27 للإزالات، وأكد المحافظ، على تحقيق مستهدفات الحملة واسترداد أراضي الدولة من المتعدين، فضلاً عن إزالة كافة التعديات غير المرخصة على الأملاك الخاصة والأراضي الزراعية، كما تم استعراض موقف تراخيص البناء والمحال التجارية، وأعداد الطلبات بكل مجلس مدينة، وعدد المحال التي لم تتقدم بطلبات ترخيص، وعدد الطلبات الجاري فحصها، وعدد طلبات التراخيص التى تحتاج لاستيفاءات، وطلبات الترخيص التى تم الرد عليها.

1000296662 1000296656 1000296659

مقالات مشابهة

  • 6 جولات و10 أوزان لكل فئة في دوري الأندية للمصارعة
  • محافظ الفيوم يتابع معدلات الآداء بملفي التقنين والتصالح وموقف المتغيرات المكانية‎
  • الظواهر الجوية المتوقعة اليوم الخميس
  • عمرو موسى: معاناة الفلسطينيين فجّرت 7 أكتوبر.. وموقف مصر منع التهجير
  • محافظ العقبة: مبادرة “تنظيم الظواهر الاجتماعية” تجسّد وعيًا مجتمعيًا راشدًا وتوازنًا بين القيم الأصيلة
  • بيراميدز يتصدر.. تفوق على الأهلي والزمالك في تصنيف الأندية الجديد
  • حوارية في جرش تناقش تنظيم الظواهر الاجتماعية
  • اتصال هاتفي فوري من محافظ المنيا لرئيس «مياه الشرب» لإنهاء معاناة أهالي قرية بلة المستجدة.
  • محافظ الفيوم يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة» وموقف تسليم المنتهي منها
  • بيراميدز يتصدر والأهلي ثانيًا.. ناقد يكشف ترتيب الأندية الأفريقية بالتصنيف العالمي