إنَّ مِن بَيْنِ الوقائع التي أفرزتها الأحداث الأخيرة الكبرى في فلسطين، أنَّ خيارات اليمين «الإسرائيلي» بشقَيْه: «التوراتي الحريدي: أحزاب الصهيونيَّة الدينيَّة، وحزب شاس ويهوديت هتوراه» وما يُسمَّى عِندهم باليمين «القومي العقائدي وعلى رأسه حزب الليكود»، قَدْ تهاوت تمامًا، وبانَتْ عوراتها الفاقعة في ظلِّ حكومة ألوان اليمين الفاشي في نهاية المطاف بقيادة بنيامين نتنياهو.

فقَدْ سقطت من ساعات الصباح الأولى ليوم السادس من تشرين أول/أكتوبر 2023، كُلُّ خيارات حكومة نتنياهو، ومن قَبله الحكومات التي قادت «إسرائيل» خلال العقود الأخيرة والتي كانت تعتقد بإنهاء وإماتة الحقِّ الفلسطيني عَبْرَ فرض الحلِّ الذي تراه، إلى درجة هرع نتنياهو مهرولًا لإنقاذ حاله وحكومته، مُبديًا استعداده لحكومة «وحدة وطنيَّة» وأسماها في تصريحٍ آخر «حكومة طوارئ» مُتذرِّعًا بما جرى على جبهة قِطاع غزَّة، وبالصَّاعقة التي ضربت الدماغ السِّياسي والعسكري والأمني داخل «إسرائيل». ومُشيرًا إلى أنَّ «تل أبيب» تعمل على تأمين الحدود الإسرائيليَّة مع لبنان والضفَّة الغربيَّة المحتلَّة». وتابع قائلًا: «إنَّني أدعو زعماء المعارضة إلى تشكيل حكومة طوارئ وطنيَّة على الفور، كما تمَّ تشكيلها مع مناحيم بيجن في مرحلة سابقة». وبالفعل تمَّ ليلة الخميس 12 تشرين أول/أكتوبر الجاري الإعلان بَيْنَ نتنياهو ورئيس العارضة بيني جانتس عن إقامة «حكومة طوارئ»، أو بمُسمَّى آخر: حكومة «إدارة الحرب». إنَّ «إسرائيل» وحكوماتها المُتتالية، التي قادت سياساتها، وخصوصًا بعد انطلاق قطار التسوية منذ مؤتمر مدريد في أيلول/سبتمبر1991، كانت تعتقد أنَّ على الفلسطينيِّين الرضوخ تمامًا لرؤيتها للحلِّ، بعد أن كانت ترفض تمثيل فلسطين في مدريد إلَّا عَبْرَ وفد مشترك مع الأردن، وهو ما كان، حتَّى اضطرَّ «الإسرائيليون» بقيادة إسحاق شامير ومن بعده إسحق رابين للاعتراف بالفلسطينيِّين كشَعبٍ، في إطار يُمثِّل هو منظَّمة التحرير الفلسطينيَّة، وليس وفدًا مشتركًا مع الأردن.لكنَّ لُغة الصَّلف والغُرور «الإسرائيليَّة»، و»الغنج والدلال الأميركي» لها، دفع باتِّجاه إعادة توليد أصوات التطرُّف داخلها وبصوتٍ أعلى، وسياساتٍ حمقاء، أصابت البَشَر والحَجَر في فلسطين من خلال توسيع عمليَّات التهويد واقتلاع الشجر وبناء المستعمرات وتوسيع القائم مِنْها، وانفلات عصابات المستوطنين كالثيران الهائجة في القدس ومحيطها، والاعتداء اليومي على النَّاس المقدسيِّين وكُلُّ ذلك تحت بَصَر، وبل وإشراف أجهزة أمن وجيش الاحتلال، والميليشيات التي شكَّلها مؤخرًا، وبرعاية وميزانيَّة حكوميَّة، الوزير المهووس العراقي الأصل إيتمار بن جفير. إنَّ «إسرائيل» تَدفَع الآن الثَّمن من خلال مقاومة الشَّعب الفلسطيني بأسلحته المتواضعة، بل وجسَده العاري أمام جبروت قوَّتها الطاغية، وتقنيَّة القتل والتدمير التي تملكها، وبكائيَّات الرئيس الأميركي المنحاز جدًّا، ومعه إدارته، والتي تتضامن مع نهج الأرض المحروقة التي يقوم بها جيش الاحتلال «الإسرائيلي» في مواجهة شَعب مظلوم ومحاصر في القِطاع وعموم الأرض المحتلَّة عام 1967. الفلسطينيون يدفعون الثَّمن أيضًا بتضحياتهم، وحياتهم وأملاكهم ودَوْرهم، وأرزاقهم، لكنَّه الخيار شِبْه الوحيد أمامهم، في ظلِّ استمرار الاحتلال. وهنا يترتب على المُجتمع الأُممي، وعموم الأُسرة الدوليَّة، اللذَيْنِ يعرفون حقَّ المعرفة، حقيقة الأمور، التحرُّك لإجبار الاحتلال على الخروج من الأرض الفلسطينيَّة فهو سبَب البلاء، وسبَب النَّار المشتعلة، وهو ما يترتَّب على المُجتمع الدولي التحرُّك الفعلي للضغط على دَولة الاحتلال لدفعها لتطبيق قرارات الشرعيَّة الدوليَّة التي تخصُّ القضيَّة الفلسطينيَّة. وتطبيق «حلِّ الدولتَيْنِ» مع حقِّ اللاجئين بالعودة وفق قرار الشرعيَّة الدوليَّة الرقم 194 لعام 1949.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: حکومة طوارئ

إقرأ أيضاً:

جانتس: حكومة نتنياهو لا تستحق إدارة الحرب وعليها الاستقالة

أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل، اليوم الإثنين، عن بيني جانتس رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، أن حكومة نتنياهو لا تستحق إدارة الحرب وعليها الاستقالة ومن اتخذ قرار الإفراج عن أبو سلمية يجب أن يقال فورا.
 

الأرصاد: ارتفاع جديد في درجات الحرارة اعتبارا من اليوم حتى نهاية الأسبوع الأونروا: الأوضاع في قطاع غزة كارثية الوضع في غزة

قالت إيناس حمدان، القائم بأعمال مدير إعلام أونروا، إن الأوضاع في قطاع غزة كارثية جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة.

وأضافت خلال مداخلة عبر برنامج "صباح جديد" الذي تقدمه شيرين غسان وفادي غالي عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، أن الطرق البرية هي الأكثر فاعلية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، كما أن ما يدخل من وقود إلى قطاع غزة يمثل 14% فقط مما تحتاج إليه الوكالة.

وتابعت القائم بأعمال مدير إعلام أونروا، أن هناك تعاونا مشتركا بين الوكالة والمنظمات الأممية الأخرى لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، مؤكدة أن الوكالة لم تصل بعد إلى الحد المطلوب من المساعدات بقطاع غزة من مواد غذائية ووقود ومستلزمات طبية.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يدمر أبراج الاتصالات لحجب مأساة غزة عن العالم
  • نتنياهو يشدّد على رفض الاستسلام لالرياح الانهزامية ووجوب تحقيق أهداف الحرب
  • محللون: انتخابات مبكرة واردة ومصير حكومة نتنياهو بأيدي حماس
  • التفاصيل الكاملة لنتنياهو واستراتيجياته تجاه غزة بعد الحرب بين الظاهر والخفي
  • مسؤولون إسرائيليون: نتنياهو تراجع في الأسابيع الأخيرة عن معارضته لمشاركة أفراد مرتبطين بالسلطة الفلسطينية في إدارة غزة بعد الحرب
  • ليبرمان ينتقد إدارة الحرب في غزة.. "مواجهة إيران لا مفر منها"
  • خبير أمني فلسطيني للجزيرة نت: إسرائيل فشلت في القضاء على حماس وستعجز عن احتلال غزة
  • جانتس: حكومة نتنياهو لا تستحق إدارة الحرب وعليها الاستقالة
  • جانتس: نتنياهو لا يمكنه مواصلة الحرب على غزة.. وحان الوقت لتحديد موعد الانتخابات
  • «الرئاسة الفلسطينية» تعلق على فكرة إدخال قوات أجنبية في غزة: نتنياهو موهوم