ثورة 14 أكتوبر.. المنطلقات والأهداف الاستراتيجية
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
تعد ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م من أهم الثورات العربية التي انتصرت للحرية والكرامة بعد سنوات من الكفاح المسلح ضد الاحتلال الانجليزي قدم فيها اليمنيون أرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل تحرير البلاد والتي رزحت تحت المستعمر لأكثر من 130 عاماً تعرضوا فيها لشتى صنوف القهر والإذلال والاستنزاف والعبودية.
جاءت الثورة حصاد سنوات من النضال المتواصل في مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية من مختلف تيارات المجتمع القومية والإسلامية والقبلية ومن كل اليمنيين في الشمال والجنوب.
وأكدت الثورة بقيامها واحدية الثورة اليمنية ووحدوية اليمنيين عبر التاريخ في حقائق لا تقبل الشك أو الجدال مهما حاول البعض ممن لم يعيشوا عصر الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والأحداث التي رافقتهما أن يزرعوه في نفوس الأجيال من عوامل التشطير وإثارة العنصرية والمناطقية المقيتة.
تفجرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر في جبال ردفان الشامخة وذلك بعد نضجها ثورياً وعسكرياً في الشطر الشمالي من اليمن خاصة في صنعاء وتعز وإب والحديدة، حيث مثلت هذه المحافظات ملاذاً آمناً للثوار استطاعوا خلالها أن يرسموا مخططاتهم الثورية بدقة بمساعدة رفقائهم من عناصر المد الثوري في الشمال وذلك بعد أن قاتل الجميع في دعم الثورة السبتمبرية والتي كان لها الدور الأساسي في تفجير ثورة الرابع عشر من أكتوبر.
وساعد نجاح ثورة سبتمبر في تسريع الخطى نحو استقلال الجنوب، فبعد أن استضافت عدن لعقود الأحرار المناهضين للحكم الإمامي مثلت ثورة سبتمبر الحاضن الكبير لانطلاق ثورة أكتوبر.
ظل الثوار في عدن وبقية المحافظات الجنوبية في صراع دائم مع الاستعمار البريطاني، غير أن بداية الثورة الحقيقية كانت عندما لوحت حركة القوميين العرب في اليمن بتبني فكرة الكفاح المسلح ضد الاستعمار وعملائه في المنطقة وهي الفكرة التي قربها قادة الحركة إلى أذهان الرئيس السلال والقيادة العربية في اليمن.
وبعد قيام ثورة سبتمبر قامت الحركة بأول مبادرة عملية من خلال فرع الحركة في الشمال، حيث كثفت الحركة من نشاطها الإعلامي والتنظيمي في أوساط أبناء الجنوب المشاركين في الحرس الوطني والحرس الشعبي في الشمال للدفاع عن ثورة سبتمبر وفي أوساط اليمنيين الذين كانوا يتوافدون تباعاً من تعز وصنعاء وإب، والذين التحقوا بالجمعية التي بدأت تتشكل بعلم القيادي الأول للحركة فيصل عبداللطيف الذي كان أقدم عضو فيها منذ كان طالباً في القاهرة.
مثلت مدينة عدن قبيل ثورة أكتوبر شرارة نار أخرى أطلقها الثوار في وجه المستعمر البريطاني، حيث بدأت التشكيلات التنظيمية للعمل الفدائي في عدن أوائل عام 1946م وتشكلت قيادة للمدينة مكونة من القطاع العسكري والقطاع الشعبي الذي كان يضم قطاعات العمال والمرأة والطلاب والتجار، وتحمل المسؤولية في بداية العمل لعدة أشهر الشهيد نور الدين قاسم ثم تعرض للاعتقال وأسندت المسؤولية فيما يعد لعبدالفتاح إسماعيل الذي استمر يقودها حتى ما قبل الاستقلال بأشهر.
وكانت العمليات التي شكلت البداية هي قصف مبنى المجلس التشريعي في كريتر وضرب برج المطار وغيرها من الأعمال الفدائية التي استخدمت فيها القنابل على بعض الأهداف في المدينة وتزايدت تلك الأعمال حتى إن الجماهير في عدن، كما يقول راشد محمد ثابت، كانت قد اعتادت على سماع الانفجارات والاشتباكات الليلية بين الفدائيين والقوات البريطانية وتحولت الجماهير إلى حارس أمين للفدائيين في كل زقاق وبيت وشارع وكانت البيوت والمحلات التجارية والدكاكين مفتوحة لكل فدائي يريد النفاذ من مطاردة الدوريات البريطانية أو الاختفاء عن أعين المخبرين والجواسيس المنتشرة في الأحياء والأزقة الشعبية.
وكانت تلك العمليات الفدائية تتم بالتنسيق بين فرع الجبهة في عدن والثوار في الشطر الشمالي من اليمن حيث كانت ملامح الثورة قد بدأت تتبلور.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ثورة سبتمبر فی الشمال فی عدن
إقرأ أيضاً:
ثورة ١١ فبراير… من مبادئ الجمهورية انطلقت ولأجل مكتسباتها اندلعت
يمن مونيتور/عبد الإله الحود
ثورة ال ١١ من فبرير حلم الشعب بمستقبل مشرق، وأمل اليمنيين بدولة مدنية، لم يخفت صوت فبراير ولن يتراجع الثوار، لم يبرحوا اماكنهم ولازالوا على العهد والوعد، الثورة السلمية، والمطالب المشروعة، والروح الوطنية التي رفضت عسكرة الثورة، وظلت تواجه الرصاص والقمع بصدور عارية، ولما كانت فبراير بمشروعها الوطني ومشروعيتها المنطلقة من مبادئ الجمهورية والساعية لإعادة لها، فبراير لازالت متوهجة، حاضرة في الوعي ومترسخة في الضمير، تزيد بريقاً، والقاً، بعيد عن التآمر والشيطنة التي لم تتوقف يوم واحدا منذ انطلقت قبل ١٤ عام حتى اليوم، فبراير ثورة لازالت تتجذر في ضمير اليمنيين بما كشفته من سوأة النظام واخرجت للعلن ثعابينه وازماته التي حكم الشعب بها ليواجه اليمنيون حقيقة نظام طالما كانت شعاراته ” انا ومن ورائي الطوفان”.
11 فبراير القضية والمشروعية
انطلقت 11 فبراير في العام 2011م من مشروعية دستورية، مستمدة من النظام جمهوري الذي اشرق في 26 من سبتمبر 1962م بعد اسقاط الحكم الامامي الكهنوتي، من الجمهورية استمدت مشروعيتها ولأجلها اندلعت، اذاً نحن امام استعادة حق مسلوب، بل أكثر من ذلك فالأمر أصبح اعادة اعتبار للجمهورية، المكتسب اليمني الأهم في التأريخ الحديث، بعدما تعرض خلال عقود الى مصادرة وتكريس وشخصنة، لقد تحرك الشعب وكسر حاجز الخوف، وصار لديه من الوعي القدر الكافي ليدفعه نحو الثورة وادراك مستوى الخطر في التفريط بالمكتسب الوطني وضرورة حماية حقه وحقه اجياله في ترسيخ حكم جمهوري عادل.
يصف القيادي في الثورة “وليد العماري” مشروعية فبراير فيقول ” انها لحظة فاصلة في إعادة تعريف العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وترسيخ مفهوم الجمهورية كحكم للشعب وليس حكم الفرد أو العائلة،
ويضيف” كان شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” تعبيرًا عن وعي جديد بأن الشرعية لا تُكتسب إلا من التفويض الشعبي وليس من منطق القوة أو التحالفات القبلية أو العسكرية.
ويعتبر “العماري” أن ثورة 11 فبرير أسهمت في تعزيز مفاهيم المواطنة المتساوية، حيث شاركت مختلف الفئات في المجتمع في ساحات الثورة، ما شكل لحظة تحوّل في نظرة اليمنيين لأنفسهم كأصحاب حق في تقرير مصيرهم بعيدًا عن الوصاية. كما دفعت باتجاه إنهاء هيمنة الأسرة الحاكمة وإخضاع السلطة للمساءلة، وهو ما أزعج القوى التقليدية التي استفادت من النظام السابق”
المليشيا الحوثية.. الثورة المضادة
انجزت خطوتها الأولى، واثمرت انتقال السلطة، تشاركت قوى الثورة بحكومة مناصفة وما قدمته خلال عامان، لا ينساهما الجيل الحاضر، ارتبطت حكومة الثورة بالأستاذ محمد سالم باسندوه ودمعته المحترقة على البلد، يتذكر اليمنيون مؤتمر الحوار، الوثيقة الابرز في التاريخ الحديث، والمنجز الأهم لثورة فبراير بوقت قياسي، ولم يأتي 21 سبتمبر2014م حتى كانت تحالفات المتضررين من الثورة داخليا وخارجيا قد استكملت حلقات المؤامرة، واسقطت الدولة وسلمت صنعاء لمليشيا الحوثي.
كان الانقلاب الحوثي ثورة مضادة استهدفت ثورة 11 فبراير، وكانت المليشيا اليد التي ارادت وأد ثورة فبراير، لم يكن الانقلاب مجرد إسقاط لحكومة، بل كان محاولة لإلغاء مكتسبات الثورة والعودة إلى الحكم الفرد
عضو منسقية الثورة “وليد العماري” يؤكد أن الانقلاب كان انتقامًا واضحًا من فبراير ومن الحلم الجمهوري الذي أعادت إحياؤه، حيث تلاقى المشروع السلالي الطائفي لمليشيات الحوثي مع حقد النظام المخلوع ورغبته في الانتقام.
فبراير والمعركة الوطنية
أكدت ثورة ١١ فبراير منطلقها الوطني وتحرك الشعب الثائر في مواجهة الثورة المضادة، وخاض ولا يزال معركة وطنية في مواجهة المليشيا الحوثي الانقلابية، لقد تعرضت فبراير لشيطنة وتحميلها تبعات الحرب والانقلاب، رغم انها نادت للجميع بحرية وكرامة، وما حصل في ٢٠١٤م كان تجليا واضحا للنظام الذي طبق مقولته المشهورة ” عليي وعلى اعدائي” ارضاء لأحقاده، واشباع رغبته في الانتقام من الشعب الذي يرى انه لا يستحق حرية ولإكرامه.
الناشط في ساحة الحرية سابقا “مازن عقلان” يقول ” من سوء التقدير أن يحمّل البعض ثورة 11 فبراير مساوئ الانقلاب انتقاما من الفعل الثوري السلمي ضد النظام السابق، متناسيا خطورة الانقلاب على مشروع الجمهورية، وعداوة المليشيات السلالية لكافة اليمنيين دون استثناء”.
ويضيف “الناشط مازن عقلان” لم تكن ثورة الـ 11 من فبراير السلمية حفرة ماضوية يرمي فيها البعض سخطه من انهيار الوضع، ولا محطة ظلامية يحملها البعض تبعات انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على مشروع الدولة واعلان الردة عن الجمهورية وعودة الإمامة الظلامية، بل كانت نافذة عبور الى المستقبل مستلهمة وهجها من ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين”.
فبراير ثورة وعي
مثلت ثورة ١١ فبراير وعي متراكم في ضمير الشعب، الذي قرر الخروج لاستعادة حقه في تعيين من يحكمه، وعي بأن الإرادة الشعبية تأتي بالحاكم وليس العكس، ويصف ” العماري” وعي ثورة فبراير بلحظة عي جمعي ونقطة تحول في مسيرة اليمنيين نحو استعادة دولتهم وكرامتهم، رغم كل المحاولات لطمس أهدافها، والانقلابات التي سعت للانتقام منها، لا تزال روح فبراير حاضرة في كل معركة يخوضها الأحرار دفاعًا عن الجمهورية، وفي كل حلم يتجدد لبناء دولة العدل والمواطنة المتساوية.
فبراير.. العهد والوعد
ويختم ” العماري” حديثه فيقول الثورات لا تموت، وأعداؤها وإن تأخر سقوطهم فإنهم زائلون، فبراير باقٍ ما بقيت قضيته حية في وجدان من حملوا حلم الدولة العادلة، وفي مقاومة من رفضوا الخضوع، وفي أصوات الذين يؤمنون بأن اليمن يستحق مستقبلاً أفضل.
في هذه الذكرى، نجدد العهد على أن فبراير لم يكن يومًا ملكًا لحزب أو جماعة، بل كان نداء وطن، وما ضحى لأجله شبابه لن يكون هباءً. المجد للشهداء، الحرية للأسرى، والنصر للجمهورية التي لن تسقط أبدًا ما دام هناك من يؤمن بها ويناضل من أجلها.