أثير- مكتب أثير في تونس

إعداد: محمد الهادي الجزيري

ككلّ محبّ للحياة ..أجابه هذه الهجمة الصهيونية بالصهيل ..باستحضار أجمل مقاطع شعرية قيلت في الصمود والمقاومة ضدّ أبشع احتلال عرفته الإنسانية ، ولديّ بين يديّ وفي ذاكرتي وفي حنجرتي آلاف الأسطر الهادرة بالغضب والطافحة بعشق فلسطين، وعليّ أن أنتقي منها ما يزيح عنّي هذه الغمامة المنسدلة على روحي .

.، جرّاء هذا القصف الهمجيّ على المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ ..، سأعمد إلى تأجيل سيل الشتيمة لغزاة هذا العصر إلى مساحة أخرى، وأرتدي من مدونة الشعر الفلسطيني الحديث ..أروع ما قيل من شعر حسب ذائقتي ..وإن دمّروا كلّ شيء بدءا بالذائقة والذاكرة والبيت والحيّ وغزة ..إلاّ هذه الروح المنتفضة فيّ وفيكم وخاصة فيهم ..هؤلاء شعب الجبّارين.

لنبدأ من أوّل الجرح النازف ..، من مقطع من قصيدة “الشهيد ” التي حبّرها الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود حوالي عام 1939 (أي قبل استشهاده بقرابة 10 سنوات) وقد ولد سنة 1913م في بلدة عنبتا التي تقع قرب طولكرم، واستشهد في معركة الشجرة عام 1948م..:

سأحمل روحي على راحتي * * وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق * * * وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
ونفسُ الشريف لها غايتان * * * ورود المنايا ونيلُ المنى
وما العيشُ؟ لاعشتُ إن لم أكن * مخوف الجناب حرام الحمى

ولنوغل أكثر في ذاكرتي المهدّمة مثل هذا الخراب المطلّ علي من شاشة التلفزة، سأبصر في الرؤيا معين بسيسو.. ابن الزنزانة وملهم الثورة وشاعر المقاومة، مازلت أذكره وأذكر قصيدته ( سفر سفر ) وكم تغنّيت بها رفقة أبناء جيلي ..فقد كانت تعبّر عنّا وعن اندفاعنا الكبير ..، رحمه الله لقد كتب كثير القصائد والمتون السردية لكنّه باض بيضته الأولى والأخيرة ..ففيها قال كلّ شيء ..، وأنصح الشبّان أن يبحثوا عنه وعنها في جوجل:
” حَاوَلْتُ وَصْفَكَ فِي المَوَانئ
مَا الذِي أَصِفُ
وَلاَ أَصِفُ؟
يَا أَيُّهَا القُرْبَانُ فَوْقَ أَصَابِعِي
يَقِفُ
وَالرِّيحُ عَاتِيَةٌ وَالكَفُّ تَرْتَجِفُ
وَأَنْتَ تَرْتَجِفُ
يَا أَيُّهاَ الصَوَّانُ وَالخَزَفُ
ياَ أيها الدم يطفو فوقه الصدفُ
حاولت وصفكَ فِي المَوانِئ
ما الذِي أَصفُ
ولاَ أصِفُ؟
وذِراعُكَ العَنْقودُ
كَمْ عَصَرُوا
كَمْ قَطَفُوا ”
أمّا الهائج السائل في كلّ صوب ..، فهو الشاعر الكبير سميح القاسم ..رفيق درب محمود درويش ..، ما يزال صوته مرعبا وهو يقرأ قصيدته ” تقدّموا ” وكم حضرت له من قراءة مذهلة في مدينة تونس العتيقة وفي فضاءات أخرى ..، لكم كان مخلصا لقضيته الفلسطينية ورحل مشتاقا ليوم مثل هذا اليوم ..، فهو تاريخي بما في الكلمة من معنى ..، وها إنّنا نستحضر قصيدته حبّا فيه وفي فلسطين المتروكة لقدرها ..:
” تقدموا

تقدموا
كل سماء فوقكم جهنمُ
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلمُ
وتسقط الام على ابنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدموا
تقدموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهددوا
وشردوا
ويتموا
وهدموا
لن تكسروا اعماقنا
لن تهزموا اشواقنا
نحن القضاء المبرمُ ”
ثمّة شاعر فحل ورهيف ..يفرض نفسه عليّ ..هو عزّ الدين المناصرة الذي كرّس حياته للدفاع عن فلسطين ..وكنّا قد كتبنا عليه في ( قامات مضيئة ) ، وكان قد قال قبل رحيله بعشرة أعوام :
” سأواصل ثقافة المقاومة حتى الرحيل، فإما إلى القبر وإما إلى فلسطين “، لكنّه مات جرّاء إصابته بداء كوفيد يوم 5 أفريل 2021، ولم يمت فمازال فينا شعره هادرا وصارخا بنا أن هبّوا ..فإمّا حياة وإمّا فلا :

” طفتُ المدائنَ : بعضهمْ قذفَ القصائدَ
من عيونِ الشعرِ ،
يرثي والدي
والآخرونَ تنكروا : ( اذهبْ وربّكَ قاتلا )
وكأنّهم ما مرّغوا
تلك الذقون
على فُتاتِ موائدي
“والله لا يذهب مُلكي باطلا”
وبكى حصاني ، فارتميتُ من التَعَبْ
وسمعتُ والينا يقولُ وعينُهُ فيها القذى:
لا يسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى
حتى تُقالَ على مسامعهِ الخُطَبْ ”
يا محمود درويش أنجدني الآن فقد جفّ الريق وارتعدت كلّ المفاصل ..وما يزال العربيد الصهيوني يفعل ما لا أستطيع وصفه ..، إنّه القتل المبرمج ..إنّها عملية إبادة جماعية في وضح النهار أمام العالم ( الحرّ ) ..

” أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي

حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي “

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مكتب تونس

إقرأ أيضاً:

كرواتيا.. العثور على قبر “مصاص دماء”

كرواتيا – اكتشف قبر غير عاد في موقع “راستس” الأثري الواقع بالجزء الشرقي من كرواتيا، حيث تم العثور تحت أرضية الكنيسة بالقرب من جدارها الجنوبي على جثة مغطاة بحجرين كبيرين.

وفي مقال علمي نشر في إطار مؤتمر Military Orders and Their Heritage، أظهر تحليل الهيكل العظمي أن الجثة تعود لرجل، وعلى الأرجح تم فصلها عمدا بعد الوفاة، حيث كان جذعه ممدودا إلى الأسفل، بينما كانت أجزاء أخرى من الجسم مرفوعة. ويشير هذا الاكتشاف إلى دفن رجل “مصاص دماء”.

واعتقد علماء الآثار أولا أن الحجارة سقطت من الجدار القريب. ومع ذلك، فإن التحليل الإضافي كشف حقيقة مذهلة تفيد بأن الهيكل العظمي كان مقطوع الرأس، حيث كانت الجمجمة منفصلة عن باقي العظام.

وأظهر التحليل الأنثروبولوجي أن الرجل توفي عن عمر يتراوح بين 40 و50 عاما، وتم العثور على علامات في عموده الفقري وأطرافه السفلية تدل على العمل البدني الشاق. وتشير الإصابات التي تم شفاؤها إلى حياة صعبة، وتوفي الرجل بسبب إصابات في الرأس.

ويعود تاريخ المقبرة التي دفن فيها المتوفي إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر. ويشير الدفن غير العادي إلى أن الرجل ربما كان يعتبر “شخصا منحرفا” اجتماعيا خلال حياته، مما أثار مخاوف من عودته من العالم الآخر.

وجاء في المقال أن عزبة “راستس” كانت منذ القرن الثالث عشر وحتى القرن السادس عشر مملوكة لفرسان الهيكل، ثم لفرسان الإسبتارية، وأخيرا للنبلاء المحليين.

وانطلاقا من الموقع وتضاريس المنطقة، فإن كل الأدلة تشير إلى أنها كانت قلعة، لكن الأبحاث تشير أيضا إلى وجود كنيسة هناك. ومن عام 2012 إلى عام 2023، كشفت الأبحاث الأثرية عن 181 دفنا هيكليا في المقبرة. وبشكل عام، كان الموتى مدفونين على ظهورهم باتجاه الشرق والغرب، مع وضع أيديهم على الوركين أو البطن أو ممدودة على طول الجسم. وتم العثور على أجزاء صغيرة من الحلي في عدد قليل من القبور فقط.

المصدر: Naukatv.ru

مقالات مشابهة

  • بن زكري يرفض عروضًا مغرية ويتمسك بالخلود
  • “المسند” يكشف عن أدنى درجة حرارة تم تسجيلها في مكة
  • الحكومة تتعامل مع شكوى الحماية الاجتماعية والمعاشات والكهرباء
  • مفتي الجمهورية: نصائح هامة للاستعداد لشهر رمضان المبارك روحيًا وجسديًا
  • وستبقى “غزة” عصّية على ترامب
  • تعيين زعيم روحي جديد لـ«طائفة الإسماعيليين» حول العالم
  • سنعود للمقاومة.. رد قوي من الفصائل على مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة.. عاجل
  • كرواتيا.. العثور على قبر “مصاص دماء”
  • صفقة القرن بعد خمس سنوات.. فشل أمريكي وخذلان عربي وانتصار للمقاومة
  • اكتشاف جثة رجل مسن داخل “كراج” بحي گنون في مراكش