توتّر الوضع الأمني في جنوب لبنان منذ عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس» في غلاف غزة (السبت 7 اكتوبر)، لكن التوتر هذه المرة اتخذ بُعداً مختلفاً وبدا كأنه يتأرجح بين معادلتيْ: عدم إشعال الجبهة حالياً لحسابات سياسية متعددة، وبين إشغال الاحتلال الإسرائيلي عسكرياً ترجمةً لشعار «وحدة الساحات» في إطار معركة المقاومة الكبرى.



وأطلّت من خلف غبار السخونة على الجبهة اللبنانية مجموعة وقائع لافتة، إلى جانب قيام «حزب الله» بتنفيذ عمليات عسكرية وتبنّيها رسمياً على وقع إعلان «لسنا على الحياد» في معركة «طوفان الأقصى».

فدخول «حماس» على خط العمليات العسكرية انطلاقاً من الجنوب شكّل سابقةً، أقله في إعلان المسؤولية الرسمية، إذ أكدت «كتائب عز الدين القسام» - الجناح العسكري للحركة (الثلاثاء) في بيان، أنها مَن قام بإطلاق الصواريخ على بعض المستعمرات الإسرائيلية مؤكدة «كوننا جزء لا يتجزأ من المعركة مع شعبنا في فلسطين وخصوصاً شعبنا في غزة العزة ومقاومتها العظيمة، خطونا خطوةَ على طريق التحريرِ والعودةِ بقصفٍ صاروخي مُركّز على مغتصبات الجليل الغربي من جنوب لبنان».

هذا البلاغ العسكري رقم واحد، جاء سريعاً وبعد ثلاثة أيام فقط من انطلاق الحرب وحَمَلَ رسالةً واضحةً تؤكد تغيير طبيعة المعركة الحالية مع الاحتلال الإسرائيلي وانخراط القوى الفلسطينية هذه المرة في معركة «طوفان الأقصى»، ربطاً بمجريات التصعيد في غزة من جهة، وتأكيداً على معادلة وحدة الساحات لدى محور المقاومة في المنطقة من جهة أخرى.

وخلال الأعوام الماضية، ومع تنامي قوة «حماس» في الداخل، كانت الحركة في لبنان تصرّ على حضورها سياسياً وخدماتياً وصحياً واجتماعياً من دون إبراز أي وجود عسكري سواء داخل المخيمات أو خارجها، وتُعلِنُ أن معركتَها العسكرية مقتصرة على الداخل فقط، ولكن منذ انضمامها إلى محور المقاومة واليوم مع اندلاع معركة «طوفان الأقصى» تَغَيَّرَ الواقع.

وفيما فضّل ممثل «حماس» في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي عدم التعليق على الهجوم الصاروخي، وقال لـ «الراي» نكتفي بالبيان والتفاصيل التي وردت فيه، قالت مصادر الحركة إنها رسالة مزدوجة «الأولى تحمل عنوان التضامن مع شعبنا الفلسطيني، والثانية موجّهة للعدو الصهيوني بأننا لن نسمح باستفراد المقاومة في غزة»، مؤكدة في الوقت نفسه «إذا أقدم العدو على اجتياح القطاع برياً، فإننا لسنا وحدنا في المعركة، وسيدخل إليها محور المقاومة تحت شعار «تَلاحُم الساحات».

وترى المصادر أن «حماس» حرصتْ في بيانها على رفْع شعار واضح لم يقتصر على الانخراط بمعركة «طوفان الأقصى» والدفاع عن المسجد الأقصى المبارك والقدس، أي بدء معركة التحرير في الداخل، وإنما تضمّن إشارةً إلى العودة من الخارج وهذا ما ينتظره اللاجئون الفلسطينيون منذ 75 عاماً تاريخ نكبة فلسطين في العام 1948، وهم ما زالوا يعيشون في مخيمات يزنّرها الفقر المدقع والبؤس من أجل تحقيق هذين الهدفين (التحرير والعودة).

ولم يقلّ دلالة دخول «الجهاد الإسلامي» على خط الجبهة ذاتها، رغم أنها ليست أولى عملياتها من الجنوب، إذ سبق وقام عنصران منها (3 ديسمبر 2002) وهما غسان محمد الجدع من مخيم المية ومية، ومحمد مصطفى عبد الوهاب من مخيم شاتيلا، بتنفيذ عملية نوعية في مستعمرة شلومي، وقد سقطا فيها من دون أن تعلن الحركة مسؤوليتها عن العملية إلا في 30 يناير 2004، أي بعد نحو عامين.

وأعلنت «سرايا القدس» - الجناح العسكري لحركة الجهاد في بيانها (الإثنين) «تنفيذ هجوم على مواقع الاحتلال الصهيوني قبالة الضهيرة شمال فلسطين المحتلة، ضمن معركة طوفان الأقصى، وقد ارتقى خلال العملية اثنان من هما: رياض محمد قبلاوي من عين الحلوة، وحمزة حسن موسى من البرج الشمالي في منطقة صور، وكلاهما من مخيمات جنوب لبنان وقد قَتلا وجرحا نحو ثمانية جنود إسرائيليين».

ويؤكد عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد» وممثلها في لبنان الحاج إحسان عطايا لـ «الراي» أن العملية العسكرية «كبّدت العدو قتلى وجرحى، وتأتي في إطار وحدة الساحات والجبهات، وتحمل رسالتين، الأولى: قطْع الطريق على مشاريع التوطين في لبنان من خلال إصرار الشعب الفلسطيني على القتال حتى تحرير أرضه والعودة إلى دياره، لأنه على قناعة بأن العدو الإسرائيلي لن يقوم بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ولا سيما القرار 194 الذي ينص على حق العودة والتعويض، وأن القوة هي التي تجبر المجتمع الدولي على الاستماع إلى الحق الفلسطيني وأن الجيل الجديد مصر على العودة حتى لو دفع حياته ثمناً لتحرير الأرض».

أما الرسالة الثانية، يقول عطايا فهي «أن العملية أعادت تصويب بوصلة السلاح الفلسطيني بأنه ليس للاقتتال ولا الفتن ولا لتهديد السلم الأهلي اللبناني أو استقرار المخيمات... وإنما هو سلاح مُقاوِم له وظيفة وعنوان وهدف هو التحرير والعودة»، مشدداً على «أن آلية العمليات العسكرية لدينا في لبنان أن تحصل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ولا تجرّ لبنان أو تورّطه في فتْح معركة أو جبهة بقرارٍ فلسطيني ولا تعطي العدو الإسرائيلي مبرراً لشن عدوان، وإن كان لا يحتاج إلى ذلك»، وموضحاً «أن العمليات تأتي نصرةً لمعركة «طوفان الأقصى» ولا يمكن للأخوة اللبنانيين أن يكونوا حرس حدود للعدو، ونحن نقول إننا لن نوفر جهداً إن استطعنا إليه سبيلاً لدخول الأراضي الفلسطينية والقتال فيها حتى تحقيق هدفنا بالتحرير والعودة».

ويقول المحلّلُ السياسي الكاتب علي هويدي لـ «الراي» إنه «لا يختلف اثنان على أن انخراط القوى الفلسطينية بمعركة طوفان الأقصى سواء»حماس«أو»الجهاد«هو رسالة مفادها آن الأوان لتوحيد جبهات المقاومة ضد العدو الإسرائيلي وعدم الاكتفاء بالمعركة من الداخل، على قاعدة أن الكل معنيّ بها من أجل تحرير الأرض والعودة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «أن الرسالة الأخرى موجهة للمجتمع الدولي بأن تخلّيه عن القضية الفلسطينية وتَجاهُلَ تطبيق القرارات الأممية يعني عدم الاستقرار في المنطقة».

المصدر: الراي

كلمات دلالية: طوفان الأقصى جنوب لبنان فی لبنان

إقرأ أيضاً:

حماس: طوفان الأقصى كسر أسطورة الاحتلال

سرايا - أكد محمد درويش رئيس المجلس القيادي لحركة حماس، أن معركة طوفان الأقصى "كسرت أسطورة الاحتلال الإسرائيلي التي استمرت 76 عاماً، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي".

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها درويش في حفل استقبال الأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية، المبعدين إلى خارج فلسطين والمتواجدين حالياً في العاصمة المصرية القاهرة.

وقال: "خلال 15 شهراً من النزوح والتشرد والويلات وأطنان من القنابل.. برزت بطولات كتائب القسام التي قادت الشعب الفلسطيني نحو النصر والتحرير".

وأكد أن المعركة "أثبتت أن الاحتلال فشل في كسر عزيمة الفلسطينيين وإيمانهم"، مشيراً إلى أن "المقاومة في الأشهر الأخيرة أذاقت العدو مقاومة عنيدة".

وزاد: "المعركة كشفت زيف القوة الإسرائيلية، إذ انهارت منظومة رعاية دولة الاحتلال في ساعة واحدة يوم 7 أكتوبر، ثم هرعت أمريكا بحاملات طائراتها، وترسانتها لتوقف الاحتلال على قدميه".

كما لفت إلى أن المعركة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية، "حيث أصبحت فلسطين القضية الأولى في العالم".

وأوضح أن السلطة الفلسطينية ترفض تشكيل حكومة وحدة وطنية أو لجنة إغاثة لغزة، داعياً إلى توحيد الجهود والتعاون لتحقيق الأهداف المشتركة، دون مزيد من التفاصيل.

إلا أن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد مصطفى أعلن في 19 يناير/كانون ثاني الجاري، تشكيل غرفة عمليات طارئة لقطاع غزة، والعمل على تقديم خطة لإنشاء الهيئة المستقلة لإعادة إعمار غزة.

ودعا درويش الدول العربية "إلى دعم غزة في مرحلة الإغاثة والتعافي"





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1229  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 29-01-2025 05:33 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
مراهقة مصرية تلقي رضيعتها من سطح منزل باكستان .. ضرب امرأة حامل حتى الموت أثناء "طرد الأرواح الشريرة" شاهد لحظة انفجار مقاتلة أميركية داخل قاعدة جوية مقتل 15 شخصاً على الأقل في تدافع خلال مهرجان ديني في الهند البحث عن ولي أمر طالب طعن معلمًا داخل مدرسة في... بالفيديو .. الصفدي يرفض مداخلة لوزير المالية... بالفيديو والصور .. اصابة متوسطة في حادث سير مروع... إحالة مدير عام هيئة تنظيم النَّقل البرِّي علاء... شواغر ومدعوون للتعيين في مؤسسات حكومية .. أسماء ترمب يعتزم سحب القوات الأميركية من سورية وتل أبيب قلقةشولتس: مقترح ترامب لتهجير سكان غزة إلى الأردن ومصر...قاضية أميركية تصدر قراراً بوقف أمر إدارة ترامب...الامم المتحدة تطلب من اسرائيل سحب قرارها بشأن منع...آلاف النازحين يعودون لشمال غزة والاحتلال يواصل حربه...جيش الاحتلال يقتل مستوطنا يعمل لصالحه وسط غزةالأونروا تعلق على اتهامات بأن حماس هي سبب تأخير...إلغاء قانون الأراضي الأردني بالضفة .. مؤشرات الضم...مجلس الشيوخ يعرقل فرض عقوبات على الجنائية الدوليةعودة 376 ألف فلسطيني إلى شمال غزة في يومين سجن مديرة أعمال نجوم تركيا بتهمة "محاولة... زوج فنانة سورية: زوجتي بين الحياة والموت بعد عودته لسوريا .. المخرج الشهير بني المرجة يستعد... تعرف على ضيوف رامز جلال في رمضان وأجورهم المرتقبة محمد صبحي يتحدث عن المشهد الذي يرفض تقديمه في... ميسي يقرر العودة إلى برشلونة الاتحاد السعودي يبرم صفقة مع برشلونة سيتي وباريس أبرز المهددين .. كل ما يهم عن الجولة الأخيرة لأبطال أوروبا بعد 10 سنوات على رحيله .. الأهلي المصري يتعاقد مع تريزيغيه خلال ساعة واحدة .. نفاد تذاكر مباراة ألمانيا وإيطاليا في دوري الأمم مراهقة مصرية تلقي رضيعتها من سطح منزل باكستان .. ضرب امرأة حامل حتى الموت أثناء "طرد الأرواح الشريرة" شاهد لحظة انفجار مقاتلة أميركية داخل قاعدة جوية مقتل 15 شخصاً على الأقل في تدافع خلال مهرجان ديني في الهند لماذا اثار نموذج الذكاء الاصطناعي “ديب سيك” الصيني صدمة في الولايات المتحدة ودق ترامب جرس الإنذار بشأنه البريطانيون يؤيدون عودة عقوبة الإعدام قتلى وجرحى في تدافع بمهرجان ديني شمال الهند تحذير مرعب لـ"ساعة يوم القيامة" .. 89 ثانية تفصلنا عن نهاية العالم وزارة إيلون ماسك تعلن توفير مليار دولار كل يوم نقل الموناليزا لمكان آخر .. تدهور حالة اللوفر بسبب تسربات المياه

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • شاهد | المقاومة الفلسطينية تنتزع حرية أسراها رغماً عن العدو الإسرائيلي
  • محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى
  • القسام تؤكد مقتل قائد أركانها محمد الضيف ونائبه وعدد من أعضاء المجلس العسكري في معركة طوفان الأقصى
  • كتائب القسام تنعى كبار قادتها العسكريين في معركة طوفان الأقصى
  • الإعلان عن مقتل مجموعة قادة فلسطينيين خلال معركة «طوفان الأقصى»
  • القسام تؤكد أن قائدها العام محمد الضيف قضى شهيدا خلال معركة طوفان الأقصى
  • «جيروزاليم بوست» العبرية: كيف ترى إسرائيل المقاومة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى؟.. المروجون الفلسطينيون: سكان غزة أمة من الأسود بعد نجاتهم من الإبادة الكاملة
  • حماس: طوفان الأقصى كسر أسطورة الاحتلال
  • حماس: معركة "طوفان الأقصى" كسرت أسطورة الاحتلال الإسرائيلي
  • حماس: معركة “طوفان الأقصى” أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي